هدى إلى صراط مستقيم ورواه في أماليه بسند آخر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ورواه ابن الأثير في الجامع عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهو مع شهرته في شرط أهل الحديث متلقى بالقبول عند علماء الأصول ولكن المبتدعة يرون تصانيفهم أهدى منه لبيانهم فيها على زعمهم المحكم من المتشابه فمنهم من صرح بذلك وقال أن كلامه أنفع من كلام الله تعالى وكتبه أهدى من كتب الله وهم الحسينية أصحاب الحسين بن القاسم العناني وقد حمله الامام المطهر بن يحيى على الحنون وقيل لم يصح عنه ومنهم من يلزمه ذلك وإن لم يصرح به فهذا الأمر الاول من المتشابه وهو التحكم بالنظر في ذات الله تعالى وما يؤدي اليه
الأمر الثاني من المتشابه الواضح تشابهه والمنع منه هو النظر في سر القدر السابق في الشرور مع عظيم رحمة الله تعالى وقدرته على ما يشاء وقد ثبت في كتاب الله تعالى تحير الملائكة الكرام عليهم السلام في ذلك وسؤالهم عنه بقولهم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني أعلم ما لا تعلمون ثم ساق خبر آدم وتعليمه الاسماء وتفضيله في ذلك عليهم إلى قوله ألم أقل لكم اني أعلم غيب السموات والارض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون وفي ذلك إشارة واضحة إلى ما سيأتي بيانه من أن مراد الله بالخلق هم أهل الخير فالخلق كلهم كالشجرة وأهل الخير ثمرة تلك الشجرة واليه الاشارة بقوله وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون وفي حديث الخليل عليه السلام حين دعا على العصاة قال الله له كف عن عبادي إن مصير عبدي مني احدى ثلاث إما أن يتوب فأتوب عليه أو يستغفرني فأغفر له أو أخرج من صلبه من يعبدني رواه الطبراني
وقال الغزالي في كتاب العلم في الاحياء في أقسام العلوم الباطنة ولا يبعد أن يكون ذكر بعض الحقائق مضرا ببعض الخلق كما يضر نور الشمس (1/94)
أبصار الخفافيش وكما يضر ريح الورد بالجعل وكيف يبعد هذا وقولنا أن كل شيء بقضاء من الله وقدر حق في نفسه وقد أضر سماعه بقوم حيث أوهم ذلك عندهم دلالة على السفه ونقيض الحكمة والرضا بالقبيح والظلم وألحد ابن الراوندي وطائفة من المخذولين بمثل ذلك وكذلك سر القدر لو أفشي أو هم عند أكثر الخلق عجزا إذ تقصر أفهامهم عن ادراك ما يزيل هذا الوهم عنهم
وقال في شرح اسماء الله الحسنى في شرح الرحمن الرحيم والآن أن خطر لك نوع من الشر لا ترى فيه خيرا أو أن تحصيل ذلك الخير من غير شر أولى فاتهم عقلك القاصر في كلا الطرفين فانك مثل أم الصبي التي ترى الحجامة شرا محضا والغبي الذي يرى القصاص شرا محضا لأنه ينظر إلى خصوص شخص المقتول وانه في حقه شر محض ويذهل عن الخير العام الحاصل للناس كافة ولا يدري أن التواصل بالشر الخاص إلى الخير العام خير محض لا ينبغي حكيم أن يهمله هذا أو قريب من هذا
وفي بعض كلامه نظر قد أوضحته في العواصم والسر في ذلك أن الله تعالى لا يريد الشر لكونه شرا قطعا وإنما يريده وسيلة إلى الخير الراجح كما قال ولكم في القصاص حيوة يا أولي الالباب وكما صح في الحدود والمصائب أنها كفارات فهذا هو سر القدر في الجملة وإنما الذي خفي تفصيله ومعرفته في عذاب الآخرة وشقاوة الاشقياء فمن الناس من كبر ذلك عليه وأداه إلى الحكم بنفي التحسين والتقبيح فصرحوا بنفي حكمة الله تعالى وهم غلاة الاشعرية إلا بمعنى إحكام المصنوعات في تصويرها لا سواه ومن الناس من أداه ذلك إلى القول بالجبر ونفي قدرة العباد واختيارهم ومنهم من جمع بينهما ومن الناس من جعل الوجه في تحسين ذلك من الله عدم قدرته سبحانه على هدايتهم وهم جمهور المعتزلة لكنهم يعتذرون عن تسميته عجزا ويسمونه غير مقدور كما سيأتي ومنهم من جعل العذر في ذلك أن الله لا يعلم الغيب وهم غلاة القدرية نفاة الاقدار (1/95)
وقد تقصيت الردود الواضحة عليهم والبراهين الفاضحة لهم في العواصم وجمعت في ذلك ما لم أسبق إليه ولا إلى قريب منه في علمي فتمت هذه المسألة في مجلد ضخم وبلغت أحاديث وجوب الايمان بالقدر اثنين وسبعين وأحاديث صحته مائة وخمسة وخمسين الجملة مائتان وسبعة وعشرون حديثا من غير الآيات القرآنية والأدلة البرهانية
وصنف ابن تيمية في بيان الحكمة في العذاب الأخروي وتبعه تلميذه ابن القيم الجوزية وبسط ذلك في كتابه حادي الارواح إلى ديار الافراح فافردت ذلك من جزء لطيف وزدت عليه ومضمون كلامهم أنه لا يجوز اعتقاد أن الله يريد الشر لكونه شرا بلا لابد من خير راجح يكون ذلك الشر وسيلة اليه وذلك الخير هو تأويل ذلك الشر السابق له على نحو تأويل الخضر لموسى وطردوا ذلك في شرور الدارين معا ونصر ذلك الغزالي في شرح الرحمن الرحيم ولنورد في ذلك حديثا واحدا مما يدل على المنع من الخوض في تعيين الحكمة في ذلك فنقول قال البيهقي في كتابه الاسماء والصفات عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس لما بعث الله موسى وكلمة قال اللهم أنت رب عظيم ولو شئت أن تطاع لأطعت ولو شئت أن لا تعصى لما عصيت وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى فكيف هذا يارب فأوحى الله اليه لا أسأل عما أفعل وهم يسئلون فانتهى موسى ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد وعزاه إلى الطبراني وزاد فيه فلما بعث الله عزيزا سأل الله مثل ما سأل موسى ثلاث مرات فقال الله تعالى له أتستطيع أن تصر صرة من الشمس قال لا قال أفتستطيع أن تجيء بمكيال من الريح قال لا قال أفتستطيع أن تجيء بمثقال أو بقيراط من نور قال لا قال فهكذا لا تقدر على الذي سألت عنه أما أني لا أجعل عقوبتك إلا أني أمحو اسمك من الأنبياء فلا تذكر فيهم (1/96)
فلما بعث الله عيسى ورأى منزلته سأل عن ذلك كموسى وأجيب عليه بمثل ذلك وقال الله تعالى له لئن لم تنته لأفعلن بك كما فعلت بصاحبك بين يديك فجمع عيسى من معه فقال القدر سر الله تعالى فلا تكلفوه
وروى الطبراني عن وهب عن ابن عباس أنه سئل عن القدر فقال وجدت أطول الناس فيه حديثا أجهلهم به وأضعفهم فيه حديثا أعلمهم به ووجدت الناظر فيه كالناظر في شعاع الشمس كلما ازاد فيه نظرا ازداد قلت ويشهد لهذه الآيات ما جاء في كتاب الله من قول الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها والجواب الجملي عليهم كما مر وأما أحاديث النهي عن الخوض في القدر فعشرة أحاديث رجال بعضها ثقات وبعضها شواهد لبعض كما أوضحته في العواصم وأقل من هذا مع شهادة القرآن والبرهان لذلك يكفي المنصف وما حدث بسبب الخوض من الضلالات زيادة عبرة وحيرة
الأمر الثالث من المتشابه الحروف المقطعة أوائل السور فان الجهل بالمراد بها معلوم كالألم والصحة والفرق بينها وبين أقيموا الصلاة ونحو ذلك ضروري ودعوى التمكن من معرفة معانيها تستلزم جواز أن ينزل الله سورة كلها كذلك أو كتابا من كتبه الكريمة ويستلزم جواز أن يتخاطب العقلاء بمثل ذلك ويلوموا من طلب منهم بيان مقاصدهم ونحو ذلك وهذا هو اختيار زيد بن علي عليه السلام والقاسم والهادي عليهما السلام وهو نص في تفسيرهما المجموع وكذلك الامام يحيى عليه السلام ذكره في الحاوي وقولهم أنا مخاطبون بها فيجب أن نفهمها مقلوب وصوابه أنا لا نفهمها فيجب أن لا نكون مخاطبين بفهمها وقد ذكرت في الحجة على أنها غير معلومة أكثر من عشرين حجة في تكملة ترجيح أساليب القرآن
الامر الرابع من المتشابه المجمل الذي لا يظهر معناه بعلم ولا ظن سواء كان بسبب الاشتراك في معناه أو لغرابته أن عدم صحة تفسيره في اللغة والشرع أو غير ذلك وقد وقع الوهم في المجمل لنوح عليه السلام (1/97)
فلما بعث الله عيسى ورأى منزلته سأل عن ذلك كموسى وأجيب عليه بمثل ذلك وقال الله تعالى له لئن لم تنته لأفعلن بك كما فعلت بصاحبك بين يديك فجمع عيسى من معه فقال القدر سر الله تعالى فلا تكلفوه
وروى الطبراني عن وهب عن ابن عباس أنه سئل عن القدر فقال وجدت أطول الناس فيه حديثا أجهلهم به وأضعفهم فيه حديثا أعلمهم به وجدت الناظر فيه كالناظر في شعاع الشمس كلما ازاد فيه نظرا ازداد ا قلت ويشهد لهذه الآيات ما جاء في كتاب الله من قول الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها والجواب الجملي عليهم كما مر وأما أحاديث النهي عن الخوض في القدر فعشرة أحاديث رجال بعضها ثقات وبعضها شواهد لبعض كما أوضحته في العواصم وأقل من هذا مع شهادة القرآن والبرهان لذلك يكفي المنصف وما حدث بسبب الخوض من الضلالات زيادة عبرة وحيرة
الامر الثالث من المتشابه الحروف المقطعة أوائل السور فان الجهل بالمراد بها معلوم كالألم والصحة والفرق بينها وبين أقيموا الصلاة ونحو ذلك ضروري ودعوى التمكن من معرفة معانيها تستلزم جواز أن ينزل الله سورة كلها كذلك أو كتابا من كتبه الكريمة ويستلزم جواز أن يتخاطب العقلاء بمثل ذلك ويلوموا من طلب منهم بيان مقاصدهم ونحو ذلك وهذا هو اختيار زيد بن علي عليه السلام والقاسم والهادي عليهما السلام وهو نص في تفسيرهما المجموع وكذلك الامام يحيى عليه السلام ذكره في الحاوي وقولهم انا مخاطبون بها فيجب أن نفهمها مقلوب وصوابه انا لا نفهمها فيجب أن لا نكون مخاطبين بفهمها وقد ذكرت في الحجة على أنها غير معلومة أكثر من عشرين حجة في تكملة ترجيح أساليب القرآن
الأمر الرابع من المتشابه المجمل الذي لا يظهر معناه بعلم ولا ظن سواء كان بسبب الاشتراك في معناه أو لغرابته أو عدم صحة تفسيره في اللغة والشرع أو غير ذلك وقد وقع الوهم في المجمل لنوح عليه السلام (1/97)