قال في الإقبال: وكتب بعض علماء الشافعية إلى المؤيد بالله يحيى بن حمزة فسأله عن طريق حديث رواه صاحب شمس الأخبار، فقال في جوابه: اعلم أيها الفقيه أن الزيدية من أعلم فرق الإسلام وأئمتهم الدعاة إلى الدين وقد نقلوا هذا الحديث في كتبهم وهو من أحاديث الوعظ والتذكير والترغيب وظاهره الصحة، وليس ينبغي رده بالوهم والاستبعاد، وليت شعري من أي وجه الضعف فيه أمن جهة كونه لم يدون في كتب الصحاح السبعة؟ فالذي فيها محصور مضبوط والمقبول عن النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم ألف ألف حديث فلعل هذا الحديث مما لم يعد في الصحاح بل هو من جملة هذه المعدودة... إلى آخر كلامه عليه السلام، انتهى.(1/31)


قال في شرح البالغ المدرك بعد أن ذكر كلاماً عن شأن كتب أصحاب الحديث، قال: فأما تصنيف الأبواب عندهم فإنه يقول ذكر ما صح وثبت عن رسول اله صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم في أبواب الطهارة والصلاة وغير ذلك من العبادات فعلى شرطهم لا يبلغ عدد الأحاديث على ذلك عشرة آلاف حديث، فكيف يقال لا يبلغ حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم عشرة آلاف حديث وقد رووا بالاتفاق أنَّه روى عنه من أصحابه أربعة آلاف رجل وامرأة صحبوه نيفاً وعشرين سنة بمكة قبل الهجرة والمدينة بعد الهجرة حفظا عنه أقواله وأفعاله واجتهاده وعبادته وسيرته ومغازيه ومراحله وحطه وملاعبته أهله وتأديبه فرسه وكتبه إلى المسلمين والمشركين وعهوده ومواثيقه صلوات اللّه عليه وآله وسلامه، وألحاظه وألفاظه وصفاته فهذا سوى ما حفظوا عليه من أحكام الشريعة وما سألوه من العبادات الحلال والحرام وتحاكموا فيه إليه... إلى أن قال فيه: ذكر عن الحافظ ابن عبد اللّه أنَّه كان يحفظ خمس مائة ألف حديث، وكان أحمد بن حنبل يقول: صح من الحديث سبع مائة ألف حديث، وذكر عن أبي زرعة ست مائة ألف حديث، وروي أن إسحاق بن زاهويه يملي سبعين ألف حديث حفظاً، وكان أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ يقول: أحفظ لأهل البيت عليهم السلام ثلاث مائة ألف حديث، انتهى.
قال في جواب الأسئلة ما لفظه: ولقد حكي عن جابر الجعفي أنَّه كان يحفظ عن الباقر عليه السلام ثمانين ألف حديث. وعن الحافظ بن عقدة أنَّه كان يحفظ ثلاثمائة ألف حديث من حديث أهل البيت وبني هاشم، انتهى.
[أهمية رواية الشيعة في الحديث](1/32)


قال في الإقبال في ذكر ان الصحاح أكثرها من روايات الشيعة وأن أهل الحديث يأتوا بالمتناقضات حيث قالوا: إن الصحيحين أصح الكتب بعد القرآن مع جرحهم للشيعة، قال ما لفظه: فلو لا الشيعة لم يكن صحاح، ألا ترى إلى قول الذهبي في الميزان: لو تركت روايات ثقات الشيعة لذهب جملة من الآثار النبوية ولما تصلف العقيلي فذكر علي بن عبد اللّه بن المديني في الضعفاء، قال الذهبي: بئس ما صنع قد شحن البخاري صحيحه بحديثه، قال البخاري: ما استصغرت نفسي بين يدي أحد إلاَّ بين يدي علي بن المديني، قال ولو ترك علي وصاحبه محمد وشيخه عبد الرزاق وعثمان بن أبي شيبة وإبراهيم بن سعيد وعفان وأبان العطار وإسرائيل وأزهر السمان وبهر بن أسد وثابت البناني وجرير بن عبد الحميد لغلقنا الباب وانقطع الخطاب ولماتت الآثار ولخرج الدجالون أفمالك عقل يا عقيلي، انتهى.
قال في الرسالة المنقذة: ولم ينصف الفقيه العلامة محمد بن يحيى بهران سادته وأئمته الذي عني بمذهبهم وحرض على تشييد فقههم بما ذكر في ديباجة كتابه تخريج البحر من قوله: وقد اثرت رواية الكتب الستة على غيرها من كتب الأحاديث... إلى أن قال فيها: ثُمَّ التزم أن يقول فيما هو من كتب الحديث أخرجه فلان ومافي كتب أهل البيت أن يقول حكاه، وهكذا في أصول الأحكام والشفاء والانتصار ونحو ذلك من الصيغ المؤذنة بعدم التعويل عليها والرجوع إليها لولا الضرورة.(1/33)


قال العلامة أحمد بن سعد الدين رضي اللّه عنه في رسالته المنقذة: وما شأن مافي أصول الأحكام والشفاء والانتصار إلاَّ شأن جامع الأصول وكتاب عبد العظيم وما التفرقة إلاَّ بأن أولئك يقولون مثلاً قال النبي وهؤلاء يقولون: قال البخاري، وأما نحو العنعنة فأنت خبير أنها أمر اصطلاحي فإن قالوا: قد عرف أن إليهما طرقاً مسندة وهما قد أسندا قلنا كذلك أصول الأحكام والشفاء والانتصار إليها طرق مسندة وهم قد أسندوا وقد حقق ذلك العيان للعالم المتتبع كما يزعمونه في السنة أنَّه حققها العيان للعالم المتطلع، فأما القاصر فالجميع في حقه سواء من غير خفاء، أما أصول الأحكام فقد ذكر أصوله وكلها بأسانيدها غالباً في شرح التجريد الذي صرح الإمام يحيى بن شرف الدين سلام اللّه عليه بأن له رواية بسنده المعروف، وبأنه أشد شرطاً من البخاري ومسلم، وأنه ممن لا يقبل المراسيل وذلك صريح في خطبة الكتاب لمن طلبها وأما الشفاء فقد صرح بأنه روى ما صحت أسانيدها ومتونها وتشعبت أفانينها وشجونها، وأما الانتصار فقد صرح الإمام شرف الدين عليه السلام بطرقه إليه وأنها تتصل بما يوصلها إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إلى رسول اللّه صلى اللّه وعلى آله وسلم... إلى أن قال فيها: وإن كان المرجع بذلك إلى الرجال ففي رجال كل من الفريقين أقوال منها الحق ومنها الباطل إلاَّ أن لتزكية أئمة آل محمد صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم الذي شهد اللّه لهم ورسوله بإقرار الخصوم أنهم مع الحق فضل اللّه الذي آتاهم دون غيرهم، وأنهم ممن لا مجال لقادح فيهم دون سواهم وغيرهم من أئمة الحديث هؤلاء ما فيهم إلاَّ من قال فيه من هو على طريقته، ومثل منهجه وسبيله وعلى نحو نحلته، وإن اختلفوا في وجه الجرح واضطربوا في مواقع التعديل، اهـ.(1/34)


قال سيدنا العلامة أحمد بن سعد الدين المسوري: هذه ديباجة شرح التجريد... إلى أن قال: أخبرنيها قراءة مني عليه مولانا أمير المؤمنين وسيد المسلمين المؤيد بالله محمد ابن أمير المؤمنين المنصور بالله القاسم بن محمد سلام اللّه عليهما ثُمَّ ساق السند(1) والديباجة إلى أن قال في الديباجة: قال أي المؤيد بالله قدس اللّه روحه: حدثني أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني رحمه اللّه، قال: حدثني أبي رحمه اللّه، قال أخبرني حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك عن محمد بن منصور المرادي، عن محمد بن عمر المازني، عن يحيى بن راشد، عن نوح بن قيس، عن سلامة الكندي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم جميع هذه الأخبار في كتابنا هذا (الذي هو شرح التجريد)(2) وقال قدس اللّه روحه: حدثني شيخنا علي بن إسماعيل الفقيه رحمه اللّه عن الناصر للحق الحسن بن علي رضي اللّه عنه عن بسر بن هارون، عن يوسف بن موسى القطان، قال: سمعت جرير بن عبد الحميد يقول: عن مغيرة الضبي، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام جميع هذه الأخبار(3).
__________
(1) ـ الذي في الإجازات له رضي اللّه عنه، تمت. لعلها من المؤلف.
(2) ـ ما بين القوسين حاشية.
(3) ـ التي في شرح التجريد.(1/35)

7 / 12
ع
En
A+
A-