وهو عشرة أصناف لأن القدح في كون الوصف علة لحكم الأصل إما في وجوده وإما في عليته وهو إما بنفي العلية صريحاً بالمنع المجرد أو ببيان عدم التأثير وإما بنفي لازمها واللازم المختص بالمناسبة أربعة الإفضاء إلى المصلحة وعدم المفسدة المعارضة والظهور والانضباط ؟ فنفي كل واحد سؤال وغير المختص إما الطرد فنفيه بعد إلغاء قيد كسر وبدونه نقض وإما عدم المعارضة بمعنى آخر فثبوتها سؤال فأولها هو
( السادس ) من الإعتراضات
(منع وجود المدعى علة في الأصل مثاله أن يقال في الكلب حيوان يغسل من ولوغه سبعاً فلا يقبل جلده الدباغ كالخنزير فيقول المعترض لا نسلِّم أن الخنزير يغسل من ولوغه سبعاً )
[الجواب ]
(وجوابه بإثبات) وجود الوصف بما هو طريق ثبوت مثله فإذا كان الوصف حسياً فبالحس أو عقلياً فبالعقل أو شرعياً فبالشرع فإثبات (ذلك في الخنزير) بالشرع . ومثال ما يجمع الثلاثة أن يقال في القتل بالمثقل قتل عمد عدوان فيوجب القصاص كالمحدد فيقال لا نسلِّم أنه في الأصل قتل أو عمد أو عدوان . فيقول المستدل هو قتل حساً وعمد عقلاً بأماراته وعدوان شرعاً لتحريمه
وثانيها هو
( السابع ) من الاعتراضات
(منع كون ذلك الوصف) المدعي علِّيّته (علة)
( مثاله أن يقال في المثال السابق أن كون الخنزير يغسل من ولوغه سبعاً هو العلة في كون جلده لا يقبل الدباغ غير مسلَّم) واختلف في قبوله فذهب بعض إلى أنه لا يقبل لتمام القياس بأركانه والمختار قبوله لأن رده يصحح كل وصف طردي ولا إلحاق إلا بجامع يظن صحته
[الجواب ](1/231)


(وجوابه) حينئذٍ (بإثبات العلة) أي علِّيّة ذلك الوصف (بإحدى الطرق) من الإجماع والنص ونحوهما ويرد على كل من تلك المسالك ما يليق به من الأسئلة فيرد على ظني الإجماع كقولنا أجمعوا على أنه لا يجوز رد الثيب الموطوءة مجاناً لأن علياً عليه السلام منع الرد وعمر وزيداً أوجبا نصف عشر القيمة وفي البكر عشرها من غير نكير منع وجود الإجماع لصريح المخالفة أو منع دلالة السكوت على الوفاق أو الطعن في سنده إمَّا بالمطالبة بتصحيحه أو بأن ناقله فلان وهو ضعيف لخلل عدالته أو ضبطه أو نحو ذلك أو معارضته إما بإجماع مثله أو متواتر ظني الدلالة أو آحادي قطعيها(1/232)


ويرد ـ على ظاهر الكتاب إذا استدل بعموم البيع في قوله تعالى ?وأحل الله البيع وحرم الربا ? [البقرة275] على جواز بيع الغائب ـ الاستفسارُ كأن يقال ما معنى أحل . فإنه بمعنى الجعل في المحل وبمعنى جعل الشيء حلالاً غير حرام ومنع ظهوره في الدلالة لخروج صور لا تحصى أو منع عمومه كأن يقال لا نسلِّم أن اللام للعموم لمجيئها للعموم والخصوص . وتأويله بأنه وإن كان ظاهراً في شمول ذلك البيع لكنه يندرج تحت نهي عن بيع الغرر وهذا أقوى لعدم التخصيص فيه أو لقلته فصار به اَلْمَحْمَلْ المرجوح راجحاً وإلا فلا أقل من أن يعارض ظهوره فيبقى مجملاً والمعارضة بآية أخرى أو حديث آخر متواتر والقول بالموجب كأن يقال حل البيع مسلَّم ولكنه لا يقتضي صحته ويرد على ظاهر السنة كما إذا استدل بقوله :(أمسك أربعاً وفارق سائرهن) على أن النكاح لا ينفسخ ما ورد من الأسئلة على ظهار الكتاب الاستفسار عن معنى الإمساك والمفارقة أمَّا لو قال إن أردت بلا تجديد عقد فممنوع أو معه فغير مفيد فليس باستفسار بل سؤال تقسيم ومنع الظهور إذ ليس في الخبر صيغة العموم لأنه خطاب بإمساك غيلان (1) أربعاً من نسوته أو لأنه ورد على سبب خاص ويجوز أن يكون تزوجهن مرتباً فأمر بإمساك الأوائل ومفارقة الأواخر والمعارضة بنص آخر والقول بالموجب كأن يقال سلمنا الإمساك لكن بشرط تجديد عقد . وأين الدلالة على نفي هذا الاشتراط والطعن في السند كما سبق
__________
(1) ـ غيلان بن سلمة الثقفي أسلم يوم الفتح وتحته عشر نسوة فأمره النبي أن يختار منهن أربعا مات في آخر خلافة عمر بن الخطاب وقيل أسلم بعد فتح الطائف وكان أحد وجوه ثقيف واسلم وأولاده عامر وعمار ونافع وبادية وقيل انه أحد من نزل فيه على رجل من القريتين عظيم وقد روى عنه بن عباس شيئا من شعره قال أبو عمر هو ممن وفد على كسرى وابنه عبد الله بن عَمرو بن غَيْلان من كبار رجال مُعاوية, وكان أميراً له علىَ البَصْرة بعد موت زياد.(1/233)


وهذا حيث أثبت العلية بما ذكر من الإجماع وظاهر الكتاب والسنة فإن أثبت بتخريج المناط ورد عليه ما سيأتي من عدم الإفضاء وعدم الظهور وعدم الإنضباط والمعارضة و أنه مرسل أو غريب أو شبه
[ الثامن من الاعتراضات]
وثالثها هو (الثامن) من الاعتراضات (عدم التأثير وهو أن يبدي المعترض في قياس المستدل) أن (وصفاً) من أوصافه أو جزءاً منه (1) (لا تأثير له في إثبات الحكم)
وأقسامه عند الجدليين أربعة (2) ؛ لأنه [1]إما أن يظهر عدم تأثير الوصف مطلقاً ويسمى عدم التأثير في الوصف وهو أقوى مما بعده نحو الصبح لا يقصر فلا يقدم أَذَانَهُ كالمغرب . فيقال عدم القصر لا تأثير له في عدم تقديم الأذان . ولذا استوى المغرب وغيره مما يقصر في ذلك
[2]وإما أن يظهر عدم تأثيره في ذلك الأصل بالاستغناء عنه بوصف آخر ويسمى عدم التأثر في الأصل نحو الغائب مبيع غير مرئي فلا يصح بيعه كالطير في الهواء فإن كونه غير مرئي وإن ناسب نفي الصحة فلا تأثير في مسألة الطير إذ العجز عن التسليم كافٍ في نفيها ضرورة استواء المرئي وغيره في نفيها
[3]وإما أن يظهر في الوصف المعلل به عدم التأثير لقيد من قيوده في الحكم ويسمى عدم التأثير في الحكم وهو المشار إليه بقوله:
(ومن أمثلته) ولم يقل مثاله إشاره إلى تعدد أقسامه كما فعل في الاستفسار وغيره (قول الحنفية في المرتدين إذا أتلفوا أموالنا مشركون أتلفوا أموالاً في دار الحرب فلا ضمان عليهم كسائر المشركين فيقول المعترض دار الحرب لا تأثير لها في عدم الضمان عندكم) لاستواء الإتلاف في دار الحرب ودار السلام في عدم وجوب الضمان
__________
(1) ـ ظاهر عبارة المصنف اشتراط إظهار المعترض وصفاً آخر لا تأثير له في الحكم وما ذكرت يدفع هذا الوهم والله أعلم تمت منه
(2) ـ في نسخة المؤلف ثلاثة وفي نسخة أخرى أربعة على ما أثبتناها وهي الأصوب(1/234)


[4]وإما أن يظهر عدم تأثير الوصف المذكور في الفرع بأن لا يطرد في جميع صور النزاع وإن كان مناسبا ويسمى عدم التأثير في الفرع نحو زوجت المرأة نفسها من غير كفو[ بغير إذن وليها] فلا يصح كلو زوجها وليها من غير كفو فإن كونه غير كفو لا تأثير له في عدم صحة تزويج المرأة نفسها وإن ناسبه إذ النزاع في تزويجها نفسها من كفو ومن غير واقع والحكم فيهما واحد
وإنما قيد كل واحد من أقسام عدم التأثير الأربعة بما سمي به تمييزاً لبعضها عن بعض وتسهيلاً للتعبير عنها باختصار ومرجع الأول إلى المطالبة بكون عدم القصر علة والثالث إلى المطالبة بعلية كونه في دار الحرب ومرجع الثاني والرابع إلى المعارضة في الأصل فإن كونه غير مرئي عورض بإبداء علة أخرى وهي العجر عن التسلم وتزويج المرأة نفسها من غير كفو عورض بتزويجها نفسها مطلقاً والمطلق غير المقيد فجواب كل من أقسامه جواب ما رجع إليه
[ التاسع من الاعتراضات]
ورابعها هو : (التاسع) من الاعتراضات (القدح في إفضاء المناسب إلى المصلحة المقصودة) من شرع الحكم وهو محتمل لمنع الافضاء ولبيان عدمه فهو سؤالان
(مثاله أن يقال في علة تحريم مصاهرة المحارم) كأم الزوجة (على التأبيد إنها الحاجة إلى ارتفاع الحجاب ووجه المناسبة أن التحريم المؤبد يقطع الطمع في الفجور) لارتفاع الطمع المفضي إلى مقدمات الهم والنظر المفضية إليه
(فيقول المعترض لا نسلِّم ذلك) أي أن التحريم على التأبيد يفضي إلى رفع الفجور (بل) ذلك (قد يكون أفضى إلى الفجور لسده باب النكاح) لأن النفس حريصة على ما منعت عنه وقوة داعي الشهوة مع اليأس عن المحل مظنة الفجور ولذا قال :(لو منع الناس من فت البعرة لفتوها ) رواه في شرح النيسابوري على المنتهى وقال الشاعر
أحب شيءٍ إلى الإنسان ما منعا

منعت شيئاً فأكثرت الولوع به

[ الجواب](1/235)

47 / 108
ع
En
A+
A-