[الجواب]
(وجوابه) بأحد أمور إمَّا (أنه) أي لفظ النكاح (ظاهر) في مقصوده وهو الوطء لانتفاء الحقيقة الشرعية عند من ينفيها أو أنه ظاهر في عرف الشارع لظهوره (في العقد شرعاً) لهجر الحقيقة اللغوية
(أو) بأنه ظاهر فيه لقرينة (لأنه مسند إلى المرأة) فإن لفظ النكاح بمعنى الوطء لا يستد إلى المرأة وعلى هذه التقادير فقد منع الإجمال وكذا يكفي في دفعه أن يقال قرينة الإسناد إلى المرأة تعيّ أحدهما وإن لم يكن كافياً في مقصود المستدل
ومن أمثلة الاستفسار للغرابة قولهم في الكلب غير المعلم الذي يأكل صيده أيّل لم يُرض فلم تحل فريسته كالسْيد . فيسأل عن كل واحد منها وجوابه بأن المراد بالأيّل الكلب وبلم يرض لم يعلم وبالفريسة الصيد وبالسْيد الأسد ومنها أن يقال في قبلة الصائم مبدأ مجرد عن الغاية فلا تفسد كالمضمضة فيسأل عن المبدأ والغاية فإنه ليس من موضوعات اللغة ولا اصطلاح الفقهاء وإنما هو اصطلاح الفلاسفة فإنهم يسمون السبب مبدأ والمقصود غاية والفقيه إذا ادعى أنه لا يعرفه صدق وجوابه ببيان ظهور اللفظ في مقصوده ينقل أئمة اللغة أو عرف عام أو خاص حقيقة أو مجازاً ولا يجيب بكل شيءٍ لئلا يصير لعباً ولا بالطريق الإجمالي كأن يقول الإجمال خلاف الأصل وليس ظاهراً في غير ما قصدت اتفاقاً فلو لم يظهر فيه لزم الإجمال لعدم إفادة كون الأصل عدم الإجمال بعد الدلالة عليه ولأنه لا يندفع بالطريق الإجمالي دعوى عدم فهمه ولأنه لا يبقى للسؤال حينئذٍ فائدة وتفسير الإِيَّل في كتب الأصول بالكلب شائع وفي الصحاح(1) الأيل الذكر من الأوعال ولم يذكر من مسمياته الكلب
النوع الثا ني من الاعتراضات
__________
(1) ـ بفتح الصاد اسم مفرد بمعنى الصحيح يقال صححه الله فهو صحيح وصحاح بالفتح والجاري على لسان الأكثر بالكسر على أنه جمع صحيح وأنكره بعضهم بلا سند إلا أن يثبت عن مصنفه أنه سمَّاه الصحاح بالفتح لا الكسر ذكر معناه الشلبي تمت منه .(1/226)


وهو باعتبار كون المدعى محلاً للقياس وقابلاً له فإن منع محلية تلك المسئلة لمطلق القياس فهو فساد الاعتبار وإن منع محليتها لذلك القياس فهو فساد الوضع فكان صنفين أولهما (فساد الاعتبار وهو مخالفة القياس للنص) فلا يصح الاحتجاج به حينئذٍ في المدعى أو الحكم
[الجواب]
وجوابه من وجوه إمَّا بالطعن في سنده إن لم يكن قطعياً بأنه موقوف أو مرسل أو منقطع أو في راويته قدح بضعف راويه لخلل عدالته أو ضبطه أو تكذيب شيخه أو غير ذلك أو بمنع ظهوره في المدعى كمنع عموم أو مفهوم أو كدعوى إجمال أو بأن يسلم ظهوره ويدعي أنه مؤول والمراد غير ظاهره لتخصيص أو مجاز أو إضمار بدليل يرجحه على الظاهر أو بالقول بالموجب بأن يقول أنه باقٍ على ظاهره وادعى أن ظاهره لا ينافي حكم القياس أو بترجيح للقياس على النص إمَّا بخصوصه وعموم النص أو بثبوت حكم أصله بنص أقوى مع القطع بوجود العلة في الفرع أو بالمعارضة لنص السائل بنص آخر ليسلم القياس ولا يفيد معارضة السائل بنص ثالث لأن نصاً واحداً يعارض نصين كما أن شهادة الاثنين تعارض شهادة الأربعة ولا يعارض النص النص والقياس لأن الصحابة كانوا إذا تعارضت نصوصهم يرجعون إلى القياس وإذا اعتبر ذلك في النظر والاجتهاد لزم اعتباره في البحث والمناظرة لاشتراكهما في القصد إلى إظهار الصواب وليس للمعلل أن يقول عارض نصك قياسي ويسلم نصي . لأنه انتقال وأي شيءٍ في المناظرة أقبح منه ولم يوجبوا عليه بيان مساواة نصه لنص السائل لتعسره والله سبحانه أعلم .(1/227)


وهذه الأجوبة لا تجب كلها بل يؤتى منها بما أمكن فإن تعذرت أجمع فالدائرة على المستدل مثاله أن يقول في ذبح تارك التسمية عمداً ذبح من أهله في محله كذبح ناسي التسمية فيقول المعترض هذا فاسد الاعتبار لمخالفته قوله تعالى ?ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه?[ الأنعام 121] فيقول المستدل هذا مؤول بذبح عبدة الأوثان بدليل قوله (ذكر الله على قلب المؤمن سمى أو لم يسم) رواه ابن عدي والدار قطني من طريق مروان بن سالم الجزري وقد رمي بالوضع
(ونحو ذلك) كأن يقول هذا القياس راجح على ما ذكرت من النص لأنه قياس على الناسي المخصص عن هذا النص بالإجماع لما ذكرنا من العلة وهي موجودة في الفرع قطعاً وفرق السائل بأن العامد مقصر والناسي معذور يخرجه عن فساد الاعتبار إلى المعارضة لما سيأتي إن شاء الله تعالى من أن الفرق ابداء خصوصية أمَّا في الأصل هي شرط فيكون معارضة فيه أو في الفرع هو مانع فيكون معارضة فيه فيوقعه في فسادين الانتقال والاعتراف بصحة اعتباره لأن المعارضة بعد ذلك .
[الإعتراض الثالث]
وثانيهما هو (الثالث) من الاعتراضات (فساد الوضع وحاصله إبطال وضع القياس المخصوص في إثبات الحكم المخصوص بأنه قد ثبت بالوصف الجامع) الذي ثبت به الحكم (نقيض ذلك الحكم) المثبت أولاً بنص أو إجماع فيكون القياس فاسد الوضع إذ الوصف الواحد لا يؤثر في النقيضين وإلا لم يكن مؤثراً في أحدهما لثبوت كل من النقيضين مع الوصف بدلاً من الآخر فلو فرض ثبوتهما للزم انتفاؤهما لأن ثبوت كل يستلزم انتفاء الآخر فالجار في قوله في إثبات الحكم متعلق بوضع وفي قوله بأنه بإبطال والباء سببية
(مثاله أن يقال في التيمم مسح فيسن فيه التكرار كالاستجمار فيقول المعترض المسح لا يناسب التكرار لأنه ثبت اعتباره في كراهة التكرار في المسح على الخف) .
[الجواب](1/228)


والجواب على هذا الاعتراض ببيان وجود مانع في أصل المعترض ككون التكرار في مسح الخف معرضاً للتلف (فيقول المستدل إنما كره التكرار في المسح على الخف لمانع وهو التعريض لتلفه) واقتضاء المسح للتكرار باقٍ وهذا الاعتراض يعود إلى منع كون الوصف علة لانتقاضه وذلك خلل شرط وهذا الجنس ليس بنقض ولا قلب ولا قدح في المناسبة وإن كان مشبهاً لكل واحد منها من وجه فهو يفارقة من آخر فيشبه النقض من جهة كونه يبين فيه ثبوت نقيض الحكم مع الوصف ويفارقه من جهة إثبات الجامع بنفسه النقيض والنقيض لا يتعرض فيه لذلك بل يقنع فيه بثبوت نقيض الحكم مع الوصف فتغايرا عموماً وخصوصاً ويشبه القلب من جهة إثبات النقيض بعلة المستدل ويفارقه من جهة إثبات النقيض بأصل آخر وفي القلب بأصل المستدل ويشبه القدح في المناسبة من حيث تنتفي مناسبة الوصف للحكم لمناسبتة لنقيضه ويفارقه من جهة أنه لا يقصد هنا إلا بناء النقيض على الوصف في أصل آخر بلا بيان لعدم المناسبة فلو بين مناسبته لنقيض الحكم بلا أصل كان قدحاً فيها . النوع الثالث من الاعتراضات وهو الوارد على حكم الأصل ولا مجال للمعارضة فيه لأنها غصب لمنصب الاستدلال فينقلب المستدل معترضاً والمعترض مستدلاً وذلك ممَّا منعوه ضماً لنشر الجدال أو لئلا يفوت المقصود من المناظرة فتعيَّن إمَّا ابتداء أو بعد تقسيم فانحصر بحسب الوجود في صنفين أولهما هو :

[الإعتراض الرابع ]
(الرابع) وهو (منع) ثبوت (حكم الأصل) مطلقاً من غير تقسيم
(مثاله أن يقول المستدل جلد الخنزير لا يقبل الدباغ للنجاسة الغليظة كالكلب فيقول المعترض لا نسلِّم أن جلد الكلب لا يقبل الدباغ) أو لم قلت أنه لا يقبل الدباغ لأن حاصل منع حكم الأصل طلب دليله ككل منع . والمختار أنه مسموع لأن غرض المستدل لا يتم مع منعه وأنه لا قطع بمجرده وإنما ينقطع بظهور عجزه عن إقامة الدليل لأن إثبات حكم الأصل مما يتوقف عليه إثبات المطلوب
[الجواب](1/229)


(و) حينئذٍ (جوابه بإقامة الدليل) على ثبوت حكم الأصل فإذا أقام المعلل الدليل فإنه لا ينقطع السائل أيضاً على المختار إذ لا يلزم من صورة دليل صحته فيطالب بصحة كل مقدمة من مقدماته وهو معنى المنع . وقيل ينقطع لأن انشغاله بما أقامه المعلل دليلاً على المقدمة الممنوعة اشتغال بالخارج عن المقصود وربما يفوته . قلنا لا نسلِّم إذ المقصود لا يحصل إليه طال الزمن أو قصر

[الاعتراض الخامس]
وثانيهما هو (الخامس) من الاعتراضات (التقسيم) وقد سبق أنه مما يعم وروده على جميع المقدمات (وحقيقته أن يكون اللفظ متردداً بين أمرين) مستويين في ظاهر النظر (أحدهما ممنوع) إمَّا مع السكوت عن الآخر إذ لا يضره أو مع تسليمه وبيان أنه لا يضره . واختلف في قبوله فقال قوم لا يقبل لجواز أن يكون الممنوع غير مراده . والصحيح قبوله إذ به يتعين مراده وله مدخل في التضييق عليه بشرط أن يكون منعاً لما يلزم المستدل بيانه
(مثاله أن يقال في الصحيح الحاضر إذا فقد الماء وجد سبب التيمم وهو تعذر الماء فيجوز التيمم فيقول المعترض أتريد أن تعذر الماء مطلقاً سبب لجواز التيمم أم تعذره في السفر أو المرض فالأول ممنوع) وحاصله أنه منع بعد تقسيم والمختار أنه مسموع أيضا .
[ الجواب ]
(وجوابه) مثله (بإقامة الدليل) على إثبات الممنوع حيث يكون دالاً (على الإطلاق) ومثال ما لم يحصل فيه شرط القبول أن يقال في الملتجئ إلى الحرم القتل العمد العدوان سبب للقصاص فيقال أمع مانع الالتجاء أو دونه ؟ الأول ممنوع وإنما لم يقبل لأنه طالب المعلل ببيان عدم كونه مانعاً وذلك لا يلزم لأن دليله أفاد الظن ويكفيه أن الأصل عدم المانع فكان بيان المانعية على السائل
النوع الرابع من الاعتراضات
وهو الوارد على المقدمة القائلة : وعلته كذا .(1/230)

46 / 108
ع
En
A+
A-