الإمامية والنظام (1) والجاحظ (2) وجماعة من معتزلة بغداد كيحيى الاسكافي (3) وجعفر بن مبشر (4)
__________
(1) ـ تاريخ بغداد ج: 6 ص: 97براهيم بن سيار أبو إسحاق النظام ورد بغداد وكان أحد فرسان أهل النظر والكلام على مذهب المعتزلة وله في ذلك تصانيف عدة وكان أيضا متأدبا وله شعر دقيق المعاني على طريقة المتكلمين
(2) ـ قال في لسان الميزان ج: 4 ص: 355عمرو بن بحر الجاحظ صاحب التصانيف روى عنه أبو بكر بن أبو داود فيما قيل قال ثعلب ليس بثقة ولا مأمون قال المسعودي توفي سنة خمس وخمسين وقيل سنة ست وخمسين مات الجاحظ بالبصرة ولا يعلم أحد من الرواة وأهل العلم أكثر كتبا منه إهـ وقال السيد العلامة عبد السلام الوجية في تراجم رجال الإعتبار ص314عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء الليثي أبو عثمان الشهير بالجاحظ من أئمة الأدب العربي ورئيس الفرقة الجاحظية المعتزلية من اهل البصرة مولدا ووفاة ..فلج آخر عمره ومات والكتب على صدره قتلته مجلدات من كتب وقعت عليه إهـ بتصرف
(3) ـ ينظر في يحيى الإسكافي بحثت عنه فلم أجده ولعله محمد بن عبدالله كما في إرشاد الفحول ج: 1 ص: 340 حيث قال مالفظه: واما المنكرون للقياس فأول من باح بإنكاره النظام وتابعه قوم من المعتزلة كجعفر بن حرب وجعفر بن حبشة ومحمد بن عبدالله الاسكافي وتابعهم على نفيه في الاحكام داود الظاهري إهـ أولعله أبو يحيى الاسكافي كما في المسودة ج: 1 ص: 329 حيث قال ومنعه مثل أبى يحيى الاسكافي وجعفر ابن مبشر وجعفر بن حرب والنظام وحكاه القاضي والحلواني إهـ
(4) ـ سير أعلام النبلاء ج: 10 ص: 549 جعفر بن مبشرالثقفي المتكلم أبو محمد البغدادي الفقيه البليغ له تصانيف جمة وتبحر في العلوم صنف كتاب الأشربة وكتابا في السنن وكتاب الاجتهاد وكتاب تنزيه الأنبياء وكتاب الحجة على أهل البدع وكتاب الإجماع وكتاب الرد على المشبهة والجهمية والرافضة والرد على أرباب القياس وكتاب الاثار الكبير توفي سنة أربع وثلاثين ومئتين وله أخ متكلم معتزلي يقال له حبيش بن مبشر دون جعفر في العلم(1/176)


وجعفر بن حرب (1) والظاهرية والقاساني والنهرواني فمنعوا كونه متعبداً به من جهة السمع فليس دليلاً ثم اختلفوا فقيل لأنه لم يوجد في السمع ما يدل على عليه . وقالت الإمامية بل لوروده بإبطاله .
(وهو) أي من منع التعبد به سمعاً (محجوج) أي قائم عليه الحجة [*]بالسنة كخبر القبلة والخثعمية وتفريق قضاء شهر رمضان والصوم عن الأم الآتي إن شاء الله تعالى .
وما روي أن عليّاً (عليه السلام) قال لعمر لَمّا شك في قود القتيل الذي اشترك في قتله سبعة أرأيت لو اشترك نفر في سرقة أكنت تقطعهم ؟ (2) قال نعم . قال وذلك. وهو قياس للقتل على السرقة
وقوله (عليه السلام) لَمّا استشار عمر الناس في حد شارب الخمر أرى أن تجعلها بمنزلة حد الفرية إن الرجل إذا شرب هذى وإذا هذى افترى وقد تقدم تخريجه في الإجماع عن القياس فقاس (عليه السلام) الشارب على القاذف وقوله (عليه السلام) عندنا حُجَّة لما تقدم .
__________
(1) ـ سير أعلام النبلاء ج: 10 ص: 549 أبو الفضل جعفر بن حرب الهمذاني المعتزلي العابد كان من نساك القوم وله تصانيف توفي سنة ست وثلاثين ومئتين عن نحو ستين سنة وله كتاب متشابه القران وكتاب الاستقصاء وكتاب الرد على أصحاب الطبائع وكتاب الأصول وله من التلامذة الإسكافي وهو العلامة أبو جعفر محمد بن عبد الله السمرقندي ثم الإسكافي المتكلم وكان أعجوبة في الذكاء وسعة المعرفة مع الدين والتصون والنزاهة وكان في صباه خياطا وكان يحب الفضيلة فيأمره أبواه بلزوم المعيشة فضمه جعفر بن حرب إليه
(2) ـ عبد الرزاق في مصنفه ج9ص476(1/177)


وأما الاستدلال بأدلة الاجتهاد كحديث معاذ وشريح فقد عرفت في مستند الإجماع أن في النسبة بينه وبين القياس ثلاثة مذاهب الترادف والتباين والعموم المطلق من جانب الاجتهاد ولا يستقيم إلا على الأول(1) لا الآخرين (2) أمَّا على التباين فظاهر وإمَّا على العموم كما هو الحق فلأنه لا دلالة للأعم على الأخص (وبإجماع الصحابة) والتابعين (إذ) تواتر عنهم أنهم (كانوا بين قائس) عامل بالقياس راجع إليه عند عدم النص والإجماع متكررٌ أ(وساكت) عنه (سكوت رضا) لم ينكره عليهم والعادة تقضي بأن إجماع مثلهم في مثله لا يكون إلا عن قاطع فيوجد قاطع على حجيَّته قطعاً
من ذلك ما جاء في الصحيح أنه قيل لعمر أن سمرة قد أخذ الخمر من تجار اليهود في العشور وخللها وباعها قال قاتل الله سمرة ! أما علم أن رسول الله قال لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وأكلوا أثمانها!؟ (3)قاس الخمر على الشحم في تحريمها تحريم لثمنها .
__________
(1) ـ أي الترادف تمت
(2) ـ أي التباين والعموم تمت
(3) ـ أخرجه مسلم في صحيحه و البخاري في صحيحه و ابن حبان في صحيحه و ابن ماجه في سننه و ابن حنبل في مسنده و الحاكم في مستدركه و الطيالسي في مسنده(1/178)


ومنه قياس بعض الصحابة تحريم الزوجة الآتي في شرح ألا يرد فيه نص . ومن كتاب لعمر إلى أبي موسى الأشعري ثم الفهم الفهم فيما أدى إليك ممَّا ليس في كتاب ولا سنة . ثم قايس الأمور عند ذلك وأعرف الأمثال والأشباه رواه الدار قطني والبيهقي وابن عساكر [*] وما يقال في كون هذه الأخبار آحادية لا يثبت بها مثل هذا الأصل ولو سلم فالإجماع سكوتي ظني كذلك فمردود بأن بين تلك الآحاد قدراً مشتركاً هو العمل بالقياس وذلك متواتر ولا يلزم تواتر الجزئيات كشجاعة علي عليه السلام والإجماع السكوتي في مثله ليس بظني إذ السكوتي الظني محله المسائل الظنية (و) مثل هذا السكوتي قطعي لا ظني إذا (المسئلة القطعية) لأن العادة تقضي بأن السكوت في مثله من الأصول العامة الدائمة الأثر وفاق ووفقاهم حُجَّة قاطعة لن إثابته دليلاً كالكتاب والسنة أصل من أصول الشريعة وأصول الشريعة لا تثبت إلا بدليل قاطع . قال في الفصول ولا يفسق منكره خلافاً للباقلاني وإن قطع بخطئه .
وما روي عن بعضهم من التهجين في استعماله محمول على ما كان صادراً عن الجهال ومن ليس له رتبة الاجتهاد وما كان مخالفاً للنص والقواعد الشرعية أو لم يكن له أصل يشهد له بالاعتبار أو مستعملاً فيما تعبدنا فيه بالعلم دون الظن أو كان وصفه طردياً جمعاً بين النقلين .
واعلم أن مختار أئمتنا عليهم السلام والجمهور أنه يجري في الأسباب لعموم الدليل وللوقوع كالقياس المثقل إذا قتل به في كونه سبباً للقصاص على المحدد إذا قتل به بجامع القتل العمد العدوان وكقياس اللواطة على الزنا في كونها سبباً للحد بجامع الإيلاج المحرم المشتهى(1/179)


(و) أنه يجوز التعبد في جميع الأحكام بالنصوص لأنه يجوز أن ينص الله تعالى على صفات المسائل في الجملة فيدخل تفصيلها فيها ويجوز أن يكون في ذلك مصلحة كأن ينص تعالى على أن الربا في كل موزون وأنه يجوز أكل ما تنبت من الأرض وأن كل مائع مطهر وأن كل حيّ لا يجوز ذبحه ولا أكله ونحو ذلك من معاقد التحليل والتحريم العامة بقيد يشملها
فأمَّا التعبد بالقياس في جميعها فالصحيح أنه (لا يجري القياس في جميع الأحكام) لا باعتبار الجموع من حيث هو مجموع ولا باعتبار كل فرد فرد أمَّا الأول فلأنها إمَّا أن تقاس على أمور شرعية وهو خلاف الفرض . [*]
وإما على أمور عقلية باعتبار وجه حسنها أو قبحها ولزم كونها عقلية لا شرعية وأيضاً فإنَّا لم نجد في العقل أصلاً لوجوب الصلاة وأعداد ركعاتها وسجداتها وشروطها وأوقاتها ولم يعلم وجه وجوبها كذلك من جهة العقل حتى يقع القياس لها على غيرها .
وإمَّا على الثاني (1) فلا يصح (إذ فيها ما لا يعقل معناه) كما ذكرنا في الصلاة وكضرب الدية على العاقلة والقسامة ومعظم التقديرات (والقياس فرع تعقل المعنى) أي العلة الجامعة فلا يصح مع عدم معرفتها
(ويكفي) في القياس (إثبات حكم الأصل) المقيس عليه (بالدليل) من الكتاب والسنة قولاً أو فعلاً أو تركاً أو تقريراً قطعياً كان أو أمارة فإنه يطلق على ما هو أعم منهما ولا يشترط في إثباته اتفاق الأُمَّة أو العترة أو الخصمين بل للقائس أن يثبته بما تقدم ثم يثبت العلة بمسلك من مسالكها الآتية إن شاء الله تعالى. (وإن لم يكن مجمعاً عليه) كذلك (ولا اتفق عليه الخصمان) .
__________
(1) ـ أي الأمور العقلية تمت(1/180)

36 / 108
ع
En
A+
A-