وقال أبو بكر الباقلاني (1) بل هم كغيرهم فيهم العدول وغيرهم فيحتاج إلى التعديل والبحث عن أحوالهم .
__________
(1) ـ لسان الميزان أبو بكر الباقلاني المقري هو عبد الله بن منصور وهو ممن روى تهنئة عمر لأمير المؤمنين علي عليه السلام بالولاية ففي تاريخ دمشق لابن عساكرالجزء : 4الصفحة : 220 أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك أنا أبو طاهر أحمد بن محمود نا أبو بكر بن المقرىء نا أبو العباس بن قتيبة نا ابن أبي السري نا عبد الرزاق أنا معمر عن علي بن زيد بن جدعان عن عدي بن أبي ثابت عن البراء بن عازب قال خرجنا مع رسول الله حتى نزلنا غدير خم بعث مناديا ينادي فلما اجتمعنا قال ألست أولى بكم من أنفسكم قلنا بلى يا رسول الله قال ألست أولى بكم من أمهاتكم قلنا بلى يا رسول الله قال ألست أولى بكم من ابائكم قلنا بلى يا رسول الله قال ألست أولى بكم ألست ألست ألست قلنا بلى يا رسول الله قال فمن كنت مولاه فإن عليا بعدي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فقال عمر بن الخطاب هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت اليوم ولي كل مؤمن إهـ(1/126)


قلت وهو الأظهر لأن منهم المطيع والعاصي قطعاً ومنهم المجهول حاله فإذا احتيج إلى تعديل مجهول من بعدهم لما تقدم من إيمانهم بالغيب طوعاً ورغبة والتزامهم طريق السنة مع فساد الزمان وانقضاء زمن مشاهدة آثار الوحي وظهور المعجزات المشار إلى بقوله تعالى ?الذين يؤمنون بالغيب...? الآية ولذا قال وقد قالوا يا رسول الله أحد خير مِنَّا آمنا بك وقاتلنا معك ؟ قال : (نعم قوم من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني )(1)وقال : (واشوقاه إلى إخواني) فقالوا أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ فقال : (أنتم أصحابي وإخواني قوم يأتون بعدكم يؤمنون بي ولم يروني ) أو كما قال. وقال (كيف تعجبون من إيمان الملائكة وهم عند ربِّهم ؟ وكيف تعجبون من إيمانكم وأنا بين أظهركم ؟ إنما العجب من قوم يأتون بعدكم يؤمنون بي ولم يروني ) أو كما قال (2).
وروي أن أصحاب عبد الله ذكروا أصحاب رسول الله وأيمانهم فقال ابن مسعود إن أمر محمَّد كان بيِّناً لمن رآه والذي لا إله غيره ما آمن أحد أفضل من إيمان بغيب .
__________
(1) ـ أخرجه الحاكم في مستدركه وابن حنبل في مسنده و الطبراني في معجمه الكبير و ابن عمرو الشيباني في الآحاد والمثاني و أبو يعلى في مسنده و الدارمي في سننه
(2) ـ وفي معناه ما رواه محمَّد بن عبد الرحمن السخاوي المصري في شرحه لهداية الجزري في علم الرواية عن ابن كثير مستدلاً للعمل بالوجادة بحديث أي الخلق أعجب إليكم إيماناً ؟ قالوا الملائكة . قال وكيف لا يؤمنون وهم عند ربِّهم . وذكروا الأنبياء فقال وكيف لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم ؟ قالوا فنحن . قال وكيف لا تؤمنون وأنا بين أظهركم ؟ قالوا فمن يا رسول الله ؟ قال قوم يأتون بعدكم يجدون صحفاً يؤمنون بما فيها أهـ والله أعلم تمت منه(1/127)


احتيج إلى تعديل غيرهم (1)والله أعلم .[*] فهذا الذي ذكرنا إنما هو (على) المذهب (المختار في جميع ذلك) المتقدم ذكره من قوله ولا يفيد إلا الظن ما عدا ما أحاله على الاختلاف نحو قوله وفيما تعم به البلوى عملا ً ..إلخ ، واختلف في قبول رواية فاسق التأويل ..إلخ وإلا لزم أن يكون المعنى على المختار من وقوع الخلاف في هاتين المسألتين وذلك فاسد وما كان ينبغي هل هذا الإطلاق سيما مع قوله في جميع ذلك والله أعلم
[طرق الرواية ]
(وطرق الرواية) أي مستند جوازها الموصل للحديث إلى رسول الله (أربع) : تتفاوت قوتها، فأعلاها عند الجمهور (قراءة الشيخ) والتلميذ يسمع لأنه كثيراً ما يذهل الشيخ عمَّا يعرض عليه بخلاف ما يمليه فإن قصد إسماعه وحده أو مع غيره فله أن يقول حدثني وأخبرني وحدثنا وأخبرنا وقال لي وسمعته . وإن لم يقصد إسماعه لم يجز إلا أن يقول حدث أو أخبر أو سمعته لا نحو قال لي فراراً من الكذب والأصل في ذلك أنه كان يقرأ القرآن على الناس ويعلمهم السنن
(ثم قراءة التلميذ أو غيره بمحضره) أي الراوي قائلاً لشيخه هل سمعت ويقول الشيخ سمعتُ ما قرأت عليّ أو الأمر كما قري عليّ أو نحوه ممَّا يفهم التقرير فله أن يروي عند عامة المحدثين والفقهاء فيقول حدثنا وأخبرنا مقيداً بلفظ قراءة عليه . وأجود العبارات وأشملها أن يقول قرأت على فلان . وفي الإطلاق خلاف فأجازه الجمهور
(ثم) يتبع ما تقدم في القوة (المناولة) وصورتها أن يقول قد سمعت ما في هذا الكتاب أو هو من سماعي أو من روايتي عن فلان . أو يطلقه ولا يسند فاروه عني وسُمّيت مناولة لأن الغالب مناولة الشيخ للتلميذ الكتاب المروي ويكفي التعيين بالإشارة مع أمن التحريف والله أعلم . فيقول الراوي بها حدثني وأخبرني وحدثنا وأخبرنا مقيداً بقوله مناولة أو إذناً أو نحو ذلك
__________
(1) ـ قوله احتيج هو جواب لإذا المتقدمة وهي قوله فإذا احتيج إلى تعديل مجهول من بعدهم .. إلخ(1/128)


(ثم) يتبع ما تقدم في القوة أيضاً (الإجازة) من الاستاذ المعين أو عام في معين أو عام لا لمعدوم سواء قلنا أنها أخبار أو إذن إذ لا يصح إخباره ولا الإذن له والذي عليه جمهور المحدثين وغيرهم إباحة الرواية بها لأنه قد أخبره بما أجازه له جمله فهو كما لو أخبره به تفصيلاً ولأن الغرض حصول الإفهام وهو يحصل بها ومنعها أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي وجماعة من المحدثين والأصوليين حتى قال بعضهم : إن قول المحدث أجزت لك أن تروي عني تقديره قد أجزت لك ما لا يجوز في الشرع لأن الشرع لا يجيز رواية ما لم يسمع ويجوز أن يقول في الرواية بها أنبأني باتفاق متأخري المحدثين لأن العرف إطلاق الأنباء على مطلق الإذن بالشيء والإعلام به يقال هذا الفعل ينبي عن المحبة أوالعداوة
وزاد بعضهم طريقاً خامساً تسمى الوجادة (1)وهي أن يقف على كتاب بخط شيخ فيه أحاديث يرويها ولم يلقه أو لقيه ولم يسمع منه فيقول وجدت أوقرأت بخط فلان ويسوق الإسناد والمتن وقد اشتهر عليه العمل قديماً وحديثاً وهو من باب المنقطع والمرسل غير أنه أخذ شوباً من الاتصال بقوله وجدت بخط فلان فيجوز العمل والرواية بغير ما يوهم السماع نحو وجدت بخط فلان أو بخط ظننته خط فلان والله سبحانه أعلم.
(فرع)
__________
(1) ـ بكسر الواو مصدر يجد مولد لم يرد عن العرب . ذكر معناه في الغيث الهامع(1/129)


على طرق الرواية (و) هو أنه (من) علم ألفاظ القراءة جميعها و(تيقن) ذلك و(أنه قد سمع جملة كتاب معين) كالشفاء بأحد طرق الرواية المتقدمة (جازت له روايته) إن كان عدلاً وإلا فلا على القول بأن عدم العدالة سلب أهلية (والعمل بما فيه ) (1) مطلقاً إذ ذلك ثمرة العلم والمراد من الجواز ما يعم أنواعه الشرعية (وإن لم يذكر) سماعه (كل حديث بعينه) حيث كانت النسخة مأمونة التحريف والتصحيف في ضبطها وإلا فلا وأمَّا إن ظن سماعه جملة كذلك فكذلك يجوزان عند المنصور بالله عبد الله بن حمزة عليه السلام والقاضي جعفر والشافعي وأبي يوسف ومحمَّد وهو في نسخة من نسخ المتن لعمل الصحابة بحسب كتب النبي رواية وفعلاً . وقال أبو طالب عليه السلام وأبو حنيفة لا يجوزان . وجوَّز الإمام يحيى بن حمزة عليه السلام العمل دون الرواية والله سبحانه أعلم .
تنبيه
هو لغةً الإيقاظ . واصطلاحاً عنوان البحث الآتي بحيث يعلم من البحث السابق إجمالاً ووسمه بالتبنيه لسبق ذكره في الأخبار ضمناً (2) الكلام : إمَّا إنشاء أو خبر فالإنشاء : لفظ مركب تام لا يحتمل الصدق ولا الكذب ، ومنه ألفاظ العقود نحو بعت شريت إن قصد بها الحدوث إذ يحسن مع عدم المخاطب ولا خارج لها ولا تحتمل الصدق والكذب بخلاف الخبر
__________
(1) ـ فيستعمل ما يمكنه استعماله من الحديث في أي أنواع العبادات والآداب فذلك زكاته ولذا قال بشر الحافي لأصحاب الحديث أدوا زكوة هذا الحديث إعملوا من كل مائتي حديث بخمسة أحاديث . وقال عمرو بن قيس الملاي إذا بلغك شيءٌ من الخبر فاعمل به ولو مرة تكون من أهله بل ويكون العمل به سبباً لحفظه كما قال وكيع إذا أردت حفظ الحديث فاعمل به إهـ .
(2) ـ إشارة إلى أن التنبيه إنما يستعمل فيما تعلق به ضرب من العلم سابقاً أو كان في حكمه كالبديهيات .(1/130)

26 / 108
ع
En
A+
A-