وقال ابن الصلاح روينا عن شعبة عن موسى السيلاني قال أتيت أنس بن مالك فقلت هل بقي من أصحاب رسول الله أحد غيرك ؟ قال قد بقي ناس من الأعراب قد رأوه أما من صحبه فلا ؛ لأن أنس بن مالك آخر من مات من الصحابة قيل أنه بقي إلى زمن عبد الملك (1) وقيل : أبو الطفيل بن عامر بن واثلة الليثي (2).
وقيل هو من طالت مجالسته للنبي مع روايته الحديث عنه ذكره القاضي عبد الله بن زيد .
وقال ابن المسيب هو من أقام معه سنة أو سنتين أو غزا معه غزوة أو غزوتين لحصول الملازمة والمكث مع ذلك .
__________
(1) ـ هو ابن مروان بن الحكم أنى له العدالة وقد سفك الدماء وفعل الأفاعيل
(2) ـ وفي الهداية للجزري وشرحها للسخاوي أن آخرهما موتاً أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي فإنه على الصحيح مات بمكَّة سنة مائة وقيل سنة اثنتين وقيل سبع وقيل عشرين وهو الذي صححه الذهبي وحينئذٍ فيكون آخر المائة التي أشار إليها النبي بقوله أرايتكم ليلتكم هذه فإنه ليس من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة وهو حديث صحيح رواه مسلم ثم ذكر الخلاف في جماعة لم يذكر معه أنساً والله أعلم تمت منه(1/121)
وقال أهل الحديث وبعض الفقهاء هو من رآه ومات مؤمناً على دين الإسلام طالت صحبته أم لا . والمراد بالرؤية أعم من أن يكون حقيقة أو حكما ليشمل مثل ابن مكتوم من عميان الصحابة (1)
[ الطريق إلى معرفة الصحابي ]
__________
(1) ـ وأبدل بعضهم الرؤية باللقاء تحرزاً عن استعمال المجاز في التعريف ونظِّر بأنه مجاز مشهور والتقيد بحاله الإيمان يخرج من رآه قبل الإيمان سواءً آمن في حياته ولم يره أو بعد وفاته واختلفوا فيمن رآه مؤمناً بأنه سيبعث ولم يدرك البعثة كورقه بن نوفل وبقيد الموت خرج من ارتد ومات على ارتداده كابن أخطل فإن آمن بعد الارتداد وصحبه فالحد صادق عليه كأشعث بن قيس فإنه ارتد كما روى واسر إلى أبي بكر فعاد إلى الإسلام وزوجه أخته واعتبروا الرؤية من قبل الصحابي دون النبي ليخرج من كشف له ليلة الأسرى فإنه رأى النبي من لم يره ذكر معناه في شرح النخبة لابن حجر تمت منه(1/122)
وطريق معرفته :أمَّا التواتر كالعشرة (1) فإن من بحث عن حاله وحالهم علم بالتواتر أنهم صحابيون وأمَّا الآحاد كأسامة بن احدري (2) وحكيم بن معاوية النميري (3) ومطربن عكامش(4) من غير المشهود له بالصحبة اتفاقاً ومنه بأن يخبر عن نفسه بأنه صحابي فيقبل عند بعض لأن عدالته مستند القبول فإخباره بما يخصه وما لا يخصه سواءً ومنع أهل الظاهر من قبوله لأنه يثبت لنفسه منزلة فلا يقبل كالشاهد لنفسه وفرق بأن الشاهد يثبت لنفسه حقاً على غيره بخلاف المخبر بأنه صحابي ولا يرد لزوم قبول أنه عدل لانتفاء التساوي بينه وبين ما ذكرنا لأنها لا تقبل روايته عن نفسه ولا عن غيره إلا بعد معرفة عدالته (5)
__________
(1) ـ علي ، أبو بكر ، عمر ، عثمان ، عبد الرحمن بن عوف ،أبو عبيدة ، سعيد بن زيد ، طلحة ، الزبير ، سعد
(2) ـ في الأم أجدري وفي تهذيب التهذيب أُسَامَةُ بن أَخْدَرِيّ التّمِيمِيّ, ثم الشّقَرِي (د).له صحبة, نزل البصرة, له حديث واحد في ذكر أصرم وأن النبي قال له: «أنت زرعة». وعنه: ابن أخيه بشير بن ميمون. وقيل: عن أسامة عن أصرم. قلت: ذكر الأزدي أنه لم يرو عنه غير بشير بن ميمون. .
(3) ـ في تهذب الكمال :حَكِيْمُ بنُ مُعَاوِيَةَ النّمَيْرِيّ. مُخْتَلِفٌ فِي صُحْبَتِهِ. .
(4) ـ في الأم عكامش بالمعجمة وفي تهذيب التهذيب : مَطَرُ بنُ عُكَامِس السّلَمِيّ, له صحبة . يعدّ في الكوفيين.روى عن: النبي حديث: «إذا قضى الله تعالى لعبد أن يموت بأرض جعل الله تعالى له إليها حاجة». وعنه: أبو إسحاق السبيعي. قال عثمان الدارمي: سألت ابن معين هل له صحبة؟ قال: لا. وعن عبد اللّه بن أحمد: سألت أبي عنه أله صحبة؟ قال: لا يعرف له صحبة. وقال الطبراني: اختلف في صحبته. وقال ابن حبان: له صحبة.
(5) ـ فمتى عرفت عدالته قبل قوله بأنه أو غيره صحابي ومتى كان مجهول العدالة لم يقبل قوله أنه صحابي كما لا يقبل قوله أنه عدل والله أعلم تمت منه(1/123)
فلو قبلنا قوله : إنه عدل استلزم الدور
وفائدة بيانه تتعلق بما نحن فيه :
منها الفصل بين المتصل والمنقطع من الأخبار وقد تقدما [*](1)
ومنها معرفة انقراض العصر المشترط في الإجماع عند بعضهم فإذا انقرض آخر الصحابة من غير ظهور مخالف لهم فيما اتفقوا عليه انعقد إجماعهم وحرمت مخالفتهم .
ومنها معرفة التاريخ ولمعرفته فوائد تظهر في الترجيح الآتي إن شاء الله تعالى .
(و) منها الخلاف فيما يرد من أقواله وأفعاله لأن من الناس من يرى أنها حُجَّة ومنهم من يرى أنه إذا عمل الصحابي بخلاف ما روى [كان] (2)الاعتماد على عمله دون روايته .
ومنها الخلاف في عدالته بمعنى هل كونه صحابياً يغني عن تعديله أو لا ؟
__________
(1) ـ فإذا قال الصحابي قال رسول الله - فالظاهر الاتصال لنصهم على أن أحداث الصحابة الذين لم يسمعوا النبي إذا رووا عنه كان منقطعاً والله أعلم تمت منه
(2) ـ لفظة كان غير ثابتة في نسخة المؤلف والظاهر كما في الطبعة الأولى تمت(1/124)
فقال الأكثر (كل الصحابة عدول) لقوله تعالى ?محمَّد رسول الله والذين معه? [ الفتح 48]فوصفهم تعالى بأوصاف من لازمها العدالة وقوله :(طوبى لمن رآني )(1)ونحو ذلك فاقتضى ذلك أنهم عدول كلهم (إلا من أبى) أي عصا اقتباس(2)من الحديث الذي أخرجه البخاري من رواية أبي هريرة من قوله : (كل أمتي يدخلون الجَنَّة إلا من أبى .فقالوا ومن يأبى ؟ فقال من أطاعني دخل الجَنَّة ومن عصاني فقد أبى )(3) انتهى وذلك كمن منع الوصي عليه السلام حقه أو قاتله أو ثبط عنه .
وقال جمهور الفقهاء والمحدثين بل عدول مطلقاً إلى وقت الفتنة وهو آخر أيام عثمان .
__________
(1) ـ أخرج الطيالسي في مسنده عن أبي امامة قال سمعت النبي ( ) يقول طوبى لمن رآني وآمن بي وطوبى سبعا لمن لم يرنى وآمن بي وأخرجه ابن حبان في و ابن حنبل في و الطيالسي في مسنده و الطبراني في معجمه الكبير و أبو يعلى في مسنده و الطبراني في معجمه الأوسط
(2) ـ هو أن يضمن الكلام نظماً كان أو نثراً من القرآن أو الحديث لا على طريقة أن ذلك الشيء من القرآن أو الحديث يعني على وجه لا يكون فيه إشعار بأنه منه كما يقال في أثناء الكلام قال الله تعالى كذا أو قال النبي كذا فإنه يكون اقتباساً ذكره في التلخيص وشرحه تمت منه
(3) ـ أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن رسولَ اللّه قال: «كلّ أمتي يَدخلونَ الجنة إلا من أبى. قالوا: يا رسولَ اللّه ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخلَ الجنة, ومن عصاني فقد أبى». وأخرجه ابن حبان في صحيحه و ابن حنبل في مسنده و الحاكم في مستدركه و الطبراني في معجمه الكبير و الطبراني في مسند الشاميين و الطبراني في معجمه الأوسط(1/125)