نيل الأوطار/ لمحمد بن علي الشوكاني/ دار الفكر ـ بيروت.
الهداية في تخريج أحاديث البداية/ لأحمد بن محمد بن صدي الغماري/ عالم الكتب ـ بيروت.
وسائل الشيعة/ محمد بن الحسن العاملي/مؤسة آل البيت ـ قم.

i

فهرس المواضيع

مرجحات الإرسال
وإضافة إلى ما ذكرنا من الأدلة فهنالك مرجحات شتى تؤيد القول بالإرسال، منها:
1 . المشهور عن أهل البيت عليهم السلام الإرسال، وقد أمرنا بالإقتداء بهم.
2 . كان كبار التابعين كالحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن المسيب، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير وغيرهم يرجحون الإرسال ولا يعملون إلا به، ولا يعرفون الضم في الصلاة، حتى قال إمام أهل البيت جعفر الصادق حين سئل عنه: لا تفعله!!
وقال إمام أهل السنة مالك بن أنس، حين سئل عن الضم: لا أعرفه!!
وقال إمام أهل الحديث محمد بن سيرين، حين سئل عنه: إنما فعل ذلك من أجل الدَّم!! يعني عندما ينزل إلى الأصابع.
وقصد سعيد بن جبير رجلاً يضع إحدى يديه على الأخرى في صلاته ففرق بينهما!
ومن البعيد أن يكون سادات التابعين جهلوا روايات الضم، وقد رُوي بعضها من طريقهم.
3 . الأخبار الفعلية الواردة في شرعية الضم مهما كَثُرَت فإنها لا تدل إلا على أنه فُعل ذلك، والفعل لا ظاهر له، وما صح من الأخبار القولية لا ينص على شرعية الضم في الصلاة المفروضة، إذ يحتمل أن يكون في غير الفرض، أو أنه منسوخ، أو أنه خاص بالأنبياء، كما هو ظاهر الروايات.
4 . أحاديث الضم بين مُرْسَل وموقوف ومسند ومرفوع، فالمرسل والموقوف لا يستدل بهما عند أهل الحديث، والمسند والمرفوع بين مضطرب وضعيف. وسيأتي الكلام في ذلك.
5 . أحاديث الضم إن صحت فهي أخبار عن وقوعه، وأحاديث الإرسال نهي عنه نص في الإرسال، وعند الترجيح يرجح النهي على الأمر والإخبار، كما هو معلوم في مواضعه من أصول الفقه.(1/96)


6 . تضاربت روايات الضم في تحديد مكانه وهيأته، مما أدى إلى تضعيفها أو سقوطها، وإذا لم يبق إلا الروايات التي ليس فيها ذكر الموضع، فيحتمل أن يكون المراد منها غير الضم المعروف، قال الأمير الحسين بن بدر الدين ـ بعد ذكر الضم ـ: (( ويجوز أن يكون المراد به التطبيق ـ وهو وضع الكف على الكف بين الفخذين ـ وقد ثبت نسخه ))( ).

(8) - أن الله قد أمرنا بالقيام في الصلاة، والأصل عد القيام هو إرسال اليدين، فعلينا أن نبقى على الأصل، حتى يأتيِ دليل صحيح يخرج عن الأصل. والروايات الواردة في ذلك ضعيفة ومتضاربة، فلا تنقل عن الأصل خصوصا مع وجود المعارض.
ولا يصح قول من يقول: إن ما روي من اختلاف في روايات الضم لا يؤثر، لأنه إنما يفيد أن المصلي مخير بين الوضع على الصدر، أو تحت السرة وأنه موسع فيه؛ لأن التخيير يحتاج إلى ثبوت دليل عليه، أو صحة الشيئين المختلفين مع الإشارة إلى عدم الحرج في ذلك.
قال شيخنا العلامة بدر الدين الحوثي: ((إذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعله في موضع معين، فالمشروع الإقتداء به في محله، وأن لا يثبت التخيير إلا بدليل، إما أن يثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يضع تارة على صدره وتارة تحت سرته، ولكن ليس هذا في شيء من روايات الضم، وإما أن يثبت التخيير بالقول، كأن يقول: ضع اليمنى على اليسرى على الصدر أو فوق السرة أو تحتها، ولا يوجد هذا في شيء من الروايات، أو تثبت رواية صحيحة تدل على أنه وضعها على صدره، ورواية أخرى صحيحة تدل على أنه وضعها فوق السرة، فتقبل الروايات كلها، وتُحمل على أنه تارة يفعل ما في رواية الصدر، وتارة يضعهما على السرة، وتارة تحتها ))( ).
وقد أشار إلى ذلك العلامة يوسف بن أحمد بن عثمان بقوله: (( قال أهل المذهب: اختلاف الرواية فيما لا يجوز فيه الاختلاف يوجب اطِّراحها، والرجوع إلى الأصل، وهو أن الأفعال غير مشروعة وأن الفعل الكثير مفسد ))( ).(1/97)


وأكد ذلك الأمير الحسين، فقال: بعد ذكر حديث علي وأبي هريرة: (( فأحد الخبرين بلفظ الأخذ، وهو القبض، والثاني بلفظ الوضع، والفعلان المتنافيان إذا ورد بهما الخبر ولم يحصل الترجيح لأحدهما على الآخر، ولم يصح القول فيهما بالتخيير، سقط العمل بهما؛ ولأنه لم يعين في أي الأركان يفعل ذلك، أفي حال القيام؟ أم في حال القعود؟ أم في حال الركوع؟ أم في حال السجود؟ فصار تعيين الحال مجملاً يحتاج إلى بيان من حيث لم يتضمن بيان الموضع، فلا يصح الاستدلال به ))( ).(1/98)


20 / 20
ع
En
A+
A-