وقال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: عاصم بن كليب، عن أبيه، عن جده، ليس بشيء، الناس يغلطون يقولون: كليب عن أبيه، ليس هو ذاك(1).
وليس كليب من الصحابة كما زعم بعضهم، قال ابن حجر: وقد بينت في (الإصابة) سبب زعمهم في ذلك(2).
* وأما مولى آل أبي وائل، وأهل بيت وائل، وأهل بيت عبد الجبار، فمجاهيل لا تعرف أسماؤهم ولا أحوالهم، فلا عبرة بشيء من رواياتهم.
* أما وائل بن حجر، فهو الذي تورط في دم (حجر بن عدي) رضي الله عنه، وذلك حين شهد عليه شهادة أوجبت سفك دمه عند السلطة الأموية، وهو الذي أخرج حجراً وأصحابه من الكوفة إلى الشام، ليقدمهم للأعدام بدون أي حق.
إن وائلاً الذي كان لا يألو جهداً في نصرة المذهب الأموي وتمكينة، وكان جندياً أميناً للسلطة الأموية، حطم شرف صحبته لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد ذُكر أن وائل كان مع علي يوم صفين لا لينصره، ولكن ليكتب بأسراره إلى معاوية بن أبي سفيان، ولما قدم معاوية الكوفة أتى وائل إليه، وبايعه على السمع والطاعة، ولكي تعرف من هو وائل انظر مصادر ترجمته(3).
قال الإمام القاسم بن إبراهيم في تعليقه على حديث التأمين: والحديث الذي جاء فيها إنما هو عن وائل بن حجر، ووائل الذي فعل ما فعل(4).
وبهذا يتبين أن حديث وائل هذا الذي هو أشهر أحاديث الضم هو من أهزلها.
أما حديث ابن مسعود
فرواه الدار قطني(5)، من طريق إسماعيل بن أبان الوراق، حدثنا مندل، عن ابن أبي ليلى، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأخذ شماله بيمينه في الصلاة.
تقييم الحديث
__________
(1) تهذيب الكمال 24/212.
(2) تهذيب التهذيب 8/400.
(3) انظر تاريخ الطبري 4/186 ـ 213، تاريخ ابن الأثير 3/239 ـ 240، سير أعلام النبلاء 2/572، الجداول ـ خ ـ.
(4) الجامع الكافي 1/ مسألة في التأمين.
(5) سنن الدار قطني 1/283.(1/61)


إسناده ضعيف، فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقد تقدم الكلام فيه.
* وفيه مندل بن علي العَنَزِيّ، قال ابن أبي حاتم: قال أحمد: ضعيف الحديث(1). وكذبه شريك في بعض أحاديثه(2).
وسئل الدار قطني عن مندل وأخيه فقال: متروكان(3).
وقال ابن حبان: كان ممن يرفع المراسيل ويسند الموقوفات ويخالف الثقات في الروايات من سوء حفظه، فاستحق الترك(4).
وقال أبو زرعة: لين(5).
وعن ابن معين: مندل وحبان فيهما ضعف(6).
وقال يعقوب: أصحابنا يحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهما من نظائرهما يضعفونه(7).
وقال الجوزجاني: مندل وحبان واهيا الحديث(8). وفي (تاريخ بغداد): ذاهبا الحديث(9). وقال الساجي: ليس بثقة، روى مناكير(10).
وضعفه النسائي وابن قانع وابن حجر(11). وقال الطحاوي: ليس من أهل التثبت في الرواية بشيء، ولا يحتج به(12).
وأما مرسل طاووس
فرواه أبو داود(13)، قال: حدثنا أبو توبة، حدثنا الهيثم ـ يعني ابن حميد ـ، عن ثور، عن سليمان بن موسى، عن طاووس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى، ثم يشد بينهما على صدره وهو في الصلاة.
تقييم الحديث
حاول بعض القائلين بأن الضم فوق السرة التشبث بهذا الحديث، فذكر إنه أصح ما روي في ذلك، ولكنه إلى جانب كونه مرسلاً لا يحتج به، قد تضمن إسناده مجموعة من المجروحين.
__________
(1) العلل ومعرفة الرجال 1/135.
(2) التاريخ الصغير للبخاري 2/151.
(3) هامش تهذيب الكمال عن سؤلات البرقاني.
(4) المجروحين 3/25.
(5) الجرح والتعديل 8/434.
(6) تاريخ يحيى بن معين 2/36 رقم (3057).
(7) تاريخ بغداد 13/ 250.
(8) أحوال الرجال 70 (82)
(9) تاريخ بغداد 13/ 250.
(10) تهذيب التهذيب 10/266.
(11) تهذيب التهذيب 10/266، تقريب التهذيب 2/280.
(12) نصب الراية 11/318.
(13) سنن أبي داود 1/198 رقم (759).(1/62)


* ففيه: سليمان بن موسى الدمشقي الأموي، ذكره البخاري في الضعفاء وقال: عنده مناكير(1). وقال في التاريخ الصغير: عنده أحاديث عجائب(2).
قال أبو أحمد الحاكم: في حديثه بعض المناكير(3).
وذكره العقيلي في الضعفاء، وروي عن ابن المديني أنه قال: سليمان بن موسى مطعون عليه(4).
وروى الترمذي في العلل الكبير عن البخاري أنه قال: منكر الحديث، أنا لا أروي عنه شيئاً، روى سليمان بن موسى أحاديث عامتها مناكير(5).
وذكره النسائي في (الضعفاء)، وقال أحد الفقهاء، وليس بالقوي في الحديث(6).
وذكره ابن عدي في الضعفاء(7).
* وفيه: الهيثم بن حميد، قال ابن خيثمة: لم يكن في الأثبات ولا من أهل الحفظ(8).
وعن أبي مسهر قال: حدثنا الهيثم بن حميد، وكان صاحب كتب، ولم يكن من الأثبات، ولا من أهل الحفظ، وقد كنت أمسكت الحديث عنه، استضعفته( ).
* وفيه: ثور بن يزيد الكلاعي الحمصي.
قال ابن سعد: ((كان قدرياً، وكان جده قتل يوم صفين مع معاوية، فكان ثور إذا ذكر علي قال: لا أحب رجلاً قتل جدي ))( )!! فأين يذهب ثور من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق )).
وقال أبو مسهر: كان الأوزاعي يتكلم فيه ويهجوه، وقدم المدينة فنهى مالك عن مجالسته( ).
وذكره العقيلي في الضعفاء، وقال: كان ابن أبي داود يقول: اتقوا ثوراً لا ينطحنكم بقرنه( ).
وذكره ابن عدي في الضعفاء( ).
وقال أبو مسلم الفزاري: كان الأوزاعي سيء الراي في ثور( ).
وقال الذهبي: يحكى عن ابن أبي داود أنه كان إذا أتاه من يريد الشام قال: إن بها ثوراً فاحذروه( ).
وقال دحيم: ما رأيت أحداً يشك أنه قدري، ثم قال: وكان يرمى بالنصب أيضاً.
__________
(1) الضعفاء الصغير 110.
(2) التاريخ الصغير 1/340.
(3) تهذيب تاريخ ابن عساكر 6/287.
(4) الضعفاء الكبير 2/140.
(5) تهذيب الكمال 12/97.
(6) الضعاء والمتروكين 122.
(7) الكامل في الضعفاء 3/1119.
(8) تهذيب التهذيب 11/82.(1/63)


وقال يحيى بن معين: كان يجالس قوماً ينالون من علي( ).
الرواية الثالثة:
أن النبي صحح وضع اليدين على الصدر
تذكر بعض الروايات أن رجلاً كان يصلي واضعاً يسراه على يمناه، فأصلح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بجعل اليمنى على اليسرى. وهذه مروية عن ابن مسعود، أوجابر بن عبد الله.. إضطرب فيها الرواة.
أما حديث ابن مسعود
فرواه النسائي( )، ومن طريقه الدار قطني( )، أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا هشيم، عن الحجاج بن أبي زينب قال: سمعت أبا عثمان يحدث عن ابن مسعود قال: رآني النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد وضعت شمالي على يميني في الصلاة فأخذ بيميني فوضعها على شمالي.
قال أبو عبد الرحمن النسائي: غير هشيم أرسل الحديث.
ورواه ابن ماجة( )، حدثنا أبو إسحاق الهروي إبراهيم بن عبد الله بن حاتم، أنبأنا هشيم، أنبأنا الحجاج بن أبي زينب السلمي، عن أبي عثمان النهدي، عن عبد الله بن مسعود، قال: مرَّبي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا واضع يدي اليسرى على اليمنى، فأخذ بيدي اليمنى فوضعها على اليسرى.
ورواه أبو داود( ) ومن طريقه البيهقي( ) حدثنا محمد بن بكار الريان، عن هشيم بن بشير، عن الحجاج بن أبي زينب، عن أبي عثمان النهدي، عن ابن مسعود أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى فرآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى.
ورواه العقيلي( ) عن جده وعلي بن عبد العزيز قالا: حدثنا حجاج بن المنهال، حدثنا هشيم، عن حجاج بن أبي زينب، حدثنا أبو عثمان، عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم زار رجلاً وهو يصلي واضعاً يده اليسرى على اليمنى، قال: فنزع اليسرى عن اليمنى، ووضع اليمنى على اليسرى.
تقييم الحديث
زعم النووي أن هذا حديث صحيح، فقال: إسناده صحيح على شرط مسلم( ).(1/64)


فقوله: صحيح. دعوى، وقوله: على شرط مسلم. غير صحيح، فإن مسلماً لم يرو لحجاج هذا إلا حديثاً واحداً في الخَلّ، ولم يروه عنه إلا بعد عدة روايات من طرق أخرى( )، وهذا مما يؤكد أن حجاجاً ليس ممن يصحح مسلم حديثه عند انفراده.. ولو قال النووي: رجاله رجال الصحيح، لكان أدق.
هذا وقد انتقد النوويَ غيرُ واحد من الحفاظ، مؤكدين على أنه حديث ضعيف لا يصح الاعتماد عليه( ).
ثم إن فيه عللاً تمنع الاعتماد عليه:
الأولى ـ أن في ألفاظه اختلافاً، ففي بعضها أن الذي كان يضع يده على يده هو ابن مسعود، وفي آخر أن الواضع غير ابن مسعود، وإنما هو رجل آخر. وهذا اضطراب بيّن في لفظ الحديث، وقد أشار إليه ابن عدي( ).
الثانية ـ أن طرق الحديث تجتمع عند حجاج، وقد تكلم في حجاج هذا غير واحد، فقال الحسن بن شجاع البلخي: سألت ابن المديني عن الحجاج بن أبي زينب، فقال: شيخ من أهل واسط ضعيف( ).
وذكره النسائي في (الضعفاء والمتروكين)، وقال: ليس بالقوي( ).
وقال الدار قطني: ليس بقوي ولا حافظ( ).
وقال أحمد بن حنبل: أخشى أن يكون ضعيف الحديث( ).
وذكره العقيلي( )، وابن عدي( )، في الضعفاء، وقال الذهبي: لين( ).
الثالثة ـ أن فيه اضطراباً، فقد رواه الدار قطني من طريق الحجاج، عن أبي عثمان، عن ابن مسعود، ورواه عن الحجاج، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله، وسيأتي الكلام عليه.
ورواه ابن عدي( ) في الكامل عن أبي عثمان عن النبي مرسلاً، وفيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرَّ برجل وهو قائم يصلي.. إلخ.
الرابعة ـ أن هشيماً ممن اشتهر بالتدليس، فقد ذكر ذلك عنه ابن المبارك وابن القطان والجوزجاني والنسائي وابن العجمي وابن حجر( )، وقد جاء الحديث في بعض رواياته معنعناً.
الخامسة ـ أن من الحفاظ من ضعفه، ولعله ضعفه لعلة لم نعرفها، فقد رواه العقيلي في الضعفاء من طريق حجاج وقال: لا يتابع عليه( ).(1/65)

13 / 20
ع
En
A+
A-