ورواه ابن أبي شيبة(1)، ومن طريقه أحمد(2)، ورواه الدار قطني(3)، والبيهقي(4)، كلهم من طريق وكيع عن سفيان عن سماك بن حرب، عن قبيصة بن هلب الطائي، عن أبيه، قال رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم واضعاً يمينه على شماله في الصلاة.
ورواه أحمد(5) من طريق يحيى بن سعيد، عن سفيان ، عن سماك به، بلفظ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يضع هذه على صدره، وصف يحيى اليمني على اليسرى فوق المفْصِل.
وقد غلط بعضهم فرواه من طريق سماك عن تميم بن طرفة كما في (الإصابة)(6)، قال إبن أبي حاتم في (العلل)(7) : سألت أبي عنه فقال إنما هو سماك عن قبيصة بن هلب عن أبيه.
تقييم الحديث
هذا الحديث معلول بعلل شتى تمنع صحة الاحتجاج به.
الأولى ـ أن في صحبة هلب نظر، لأن من زعم أنه من الصحابة لم يستند في إثبات ذلك إلا إلى هذه الرواية وروايتين أخريين كلها من طريق سماك عن قبيصة، وسماك ضعيف، وقبيصة مجهول. ثم أنهم اختلفوا في اسمه فقيل اسمه هلب، وقيل: يزيد، وهلب لقب. وهذا ما جعل الصغاني يدرجه فيمن في صحبته نظر(8). فكيف يتسنى له أن يقول رأيت النبي .. الخ.
الثانية ـ أضطرب في نقله، ففي بعضها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يؤمُّهم، وفي بعضها لم يذكر ذلك، واكتفى بأن قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي بعضها حدَّد مكان الوضع بأنه على الصدر. وهذا الاضطراب في اللفظ يؤدَّي إلى الاختلاف في المعنى.
وقد أنكر المباركفوري ما ورد في رواية أحمد من زيادة تحدد مكان الوضع وأطال في الاحتجاج على ردِّها(9).
__________
(1) المصنف 1/341 رقم (3934).
(2) مسند أحمد 5/226 من طريق ابن أبي شيبة.
(3) سنن الدار قطني 1/285.
(4) سنن البيهقي 2/29.
(5) مسند أحمد 5/ 226.
(6) الاصابة 2/517.
(7) علل ابن أبي حاتم 1/142.
(8) أنظر: جامع التحصيل 1/294 . التحصيل 1/333.
(9) راجع تحفة الأحوذي 2/92 ـ 95.(1/51)
الثالثة ـ تفرد به سماك عن قبيصة، وقد قال النسائي: إذا تفرد سماك بأصل لم يكن بحجة لأنه كان يلقن فيتلقن(1). وقال أحمد: مضطرب(2).
وقال ابن أبي مريم: كان شعبة بن الحجاج يضعفه(3).
وقال ابن المبارك: ضعيف في الحديث، وروي عن سفيان الثوري أنه كان يضعفه(4)
وقال صالح جزرة: يضعف(5). وقال ابن خراش: في حديثه لين(6).
وقال الدار قطني: سيئ الحفظ(7).
وذكره ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين، وقال: كان شعبة وسفيان يضعفانه(8).
الرابعة ـ فيه قبيصة بن هلب، وهو مجهول، قال ابن المديني والنسائي: مجهول لم يرو عنه غير سماك(9). ومثله قال الذهبي(10)، والشوكاني(11).
وقد حاول أبو الطيب الأبادي وغيره تصحيح هذا الحديث، وبرَّرَ ما قيل في اضطراب سماك وضعَّفه، بأنه خاص بروايته عن عكرمة، وليس الأمر كذلك كما ترى، فإنهم إنما ذكروا أنه أشد اضطراباً في روايته عن عكرمة.
وبرر جهالة قبيصة بأن حديث مجهول العين مقبول إذا وثَّقه غير المنفرد عنه.. قال: وقد عرفت أن أحمد العجلي وابن حبان من أئمة الجرح والتعديل وثقاه فكيف يكون مجهولاً(12)؟
أقول: أما العجلي فمعروف بأن منهجه ذكر كل التابعين في كتابه (الثقات)، حتى أنه ذكر فيه عمر بن سعد قاتل الحسين عليه السلام. وأما ابن حبان فمعروف بتوثيق المجاهيل.
__________
(1) ميزان الاعتدال 2/233، تهذيب التهذيب 4/204.
(2) الجرح والتعديل 4/279.
(3) تاريخ بغداد 9/215.
(4) تهذيب الكمال 12/120. المغني في الضعفاء 1/285.
(5) تاريخ بغداد 9/216.
(6) تاريخ بغداد 9/216.
(7) هامش تهذيب الكمال عن العلل.
(8) الضعفاء والمتروكين 2/26.
(9) الخلاصة 315، تهذيب التهذيب 8/314.
(10) ميزان الاعتدال 3/384.
(11) نيل الأوطار 2/200.
(12) عون المعبود 2/461.(1/52)
قال ابن حجر: ((هذا الذي ذهب إليه ابن حبان ـ من أن الرَّجلَ إذا انتفت جهالة عينه، كان على العدالة إلى أن يتبين جرحه ـ مذهب عجيب، والجمهور على خلافه، وهذا هو مسلك ابن حبان في كتابه الثقات ))(1)، لذلك يعتبر بعض المحدثين انفراد ابن حبان بالتوثيق، جرح. وعلى هذا فتوثيق العجلي وابن حبان لا يخلص قبيصة من الجهالة.
وأما حديث وائل بن حجر
فهو أشهر أحاديث الضم وأكثرها طرقاً، وهو الذي عول عليه كثير من القائلين بالضم، ولكنه في نفس الوقت أكثر أحاديث الباب اضطراباً واختلافاً في أسانيده ومتونه، وقد حاولت أن أعرضه هنا بما أمكنني من أسانيده ومتونه ليكون المطلع أمام حقائق يمكنه التأمل فيها .
(1) ـ ما روي من طريق علقمة ومولى لهم.
ـ روي من طريق محمد بن جحادة، عن عبد الجبار بن وائل، عن علقمة بن وائل ومولى لهم أنهما حدثاه عن أبيه وائل: أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبَّر (وصف همام حيال أذنيه)، ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى. رواه مسلم(2)، وأحمد(3)، وأبو عوانة(4)، والبيهقي(5)، والطبراني(6).
ـ ومن طريق محمد بن جحادة، عن عبد الجبار، عن أبيه، بلفظ: أن النبي كان إذا دخل في الصلاة رفع يديه وكبَّر ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى. رواه الطبراني(7).
ـ ومن طريق موسى بن عمير العنبري وقيس بن سليم (قالا): حدثنا علقمة بن وائل، عن أبيه، بلفظ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان قائماً في الصلاة قبض بيمينه على شماله. رواه النسائي(8)، والدار قطني(9).
__________
(1) لسان الميزان 1/14.
(2) صحيح مسلم 1/301 (401).
(3) مسند أحمد 4/317 ـ 318.
(4) مسند أبي عوانة 2/97.
(5) السنن الكبرى 2/28.
(6) المعجم الكبير 22/27 (60).
(7) المعجم الكبير 22/27 (60).
(8) السنن الكبرى للنسائي 1/309 (961).
(9) سنن الدار قطني 1/286.(1/53)
ـ ومن طريق موسى بن عمير (بمفرده) عن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه بلفظ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واضعاً يمينه على شماله في الصلاة. رواه أحمد(1) والدار قطني(2).
وبلفظ: كان إذا قام في الصلاة قبض على شماله بيمينه، رواه الطبراني(3)، والبيهقي(4)، وابن المنذر(5).
ـ ومن طريق حجر أبي العنبس، عن علقمة، عن وائل بن حجر، بلفظ: وضع يده اليمنى على يده اليسرى. رواه أحمد(6).
(2) ـ ما روي من طريق أم عبد الجبار
ـ وروي من طريق محمد بن حجر، حدثنا سعيد بن عبد الجبار بن وائل بن حجر، عن أبيه، عن أمه، عن وائل، بلفظ: حضرت صلاة رسول الله إذا (أو حين) نهض إلى المسجد فدخل المحراب ثم رفع يديه بالتكبير، ثم وضع يمينه على يساره على صدره. رواه البيهقي(7).
ـ ومن طريق المسعودي، عن عبد الجبار بن وائل، عن أهل بيته، عن أبيه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ووضع اليمنى على اليسرى ويحبس كفيه. رواه أحمد(8) والطبراني(9).
(3) ما روي من طريق عبد الجبار
ـ وروي من طريق أبي إسحاق عن عبد الجبار بن وائل عن وائل:
* بلفظ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة قريباً من الرسغ. رواه الطبراني(10).
* وبلفظ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل في الصلاة فكبر ثم وضع ساعده اليمنى على ساعده اليسرى. رواه الطبراني(11).
__________
(1) مسند أحمد 7/316.
(2) سنن الدار قطني 1/286.
(3) المعجم الكبير 22/9 (1).
(4) السنن الكبرى 2/28.
(5) الأوسط 3/90 رقم (1282)، ولفظه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل الصلاة يأخذ شماله بيمينه.
(6) مسند أحمد 4/317.
(7) السنن الكبرى 2/30.
(8) مسند أحمد 4/316.
(9) المعجم الكبير 22/32 ـ 33 (76). إلا أن فيه: عن ناس من أهله، بدل: أهل بيته.
(10) المعجم الكبير 22/25 (52).
(11) المعجم الكبير 22/25 (50).(1/54)
* وبلفظ: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرأيته وضع اليمنى على الأخرى. رواه الطبراني(1).
* وبلفظ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة قريباً من الرسغ. رواه أحمد(2) والطبراني(3).
* وبلفظ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعتمد بإحدى يديه على الأخرى في الصلاة. رواه الطبراني(4).
* وبلفظ: يضع يده اليمنى في الصلاة على اليسرى. رواه أحمد(5).
(4) ـ ما روي من طريق كليب بن شهاب
ـ ومن طريق عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، بلفظ: قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيف يصلي فنظرت إليه فقام فكبر ورفع يديه حتى حاذتا بأذنيه ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد. رواه أحمد(6)، والدارمي(7)، والنسائي(8)، وابن خزيمة(9)، وابن الجارود(10)، والبيهقي(11)، والطبراني(12).
* وبلفظ: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يضع يده اليمنى على اليسرى. رواه أحمد(13)، والطبراني(14).
* وبلفظ: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي فأخذ شماله بيمينه. رواه ابن ماجة(15).
__________
(1) المعجم الكبير 22/25 (51).
(2) مسند أحمد 4/318.
(3) المعجم الكبير 22/25 (52).
(4) المعجم الكبير 22/25 (53).
(5) مسند أحمد 4/318.
(6) مسند أحمد 4/318.
(7) سنن الدارمي 1/314. وليس فيها: والرسغ والساعد.
(8) سنن النسائي 2/126. وليس فيها لفظ: ظهر.
(9) صحيح ابن خزيمة 1/243، رقم (480).
(10) المنتقى 62 رقم (208). وفيه: ثم وضع كفه اليمنى..
(11) السنن الكبرى 2/28. وفيها: الرسغ من الساعد..
(12) المعجم الكبير 22/ 35 (82). وفيه: بين الرسغ والساعد.
(13) مسند أحمد 4/319. وفيه: ووضع يده اليمنى على اليسرى..
(14) المعجم الكبير 22/33 (78).
(15) سنن ابن ماجة 1/266 (810).(1/55)