ويحيى بن أبي بكر العامري الشافعي التهامي، العلامة المحدث، والمؤرخ الشهير، شيخ الإمام عز الدين بن الحسن، وصاحب (بهجة المحافل، والرياض المستطابة، وغربال الزمان). توفي سنة (892 هـ/1487م).
وأحمد بن محمد بن داود الخالدي، الفقيه العلامة الشهيد، قال زبارة: نادرة زمانه لاسيما في الفرائض، له (شرح على الفرائض للناضري، وشرح للتذكرة، وكتاب في المنطق)، وكان ممن استشهد مع الإمام عز الدين في (نسرين) بالقرب من مدينة صعدة على أيدي الحمزات سنة (880 هـ/1475م).
وغير هؤلاء العلماء كثير، لا يمكن استقصاؤهم في هذه العجالة، وإنما المقصود الإشارة.
صارم الدين في ميدان المعرفة
حرص السيد الإمام صارم الدين على أن يكون بعيداً عن الصِّراعات السياسيَّة، والنزاعات العقيمة، فانطلق نحو تحصيل المعارف، وقرأ بمدينتي (صعدة) و(صنعاء) على عدة من مشاهير مشايخ عصره في شتى الفنون.
فكان من أشهر مشايخه:
ـ أبو العطايا عبد الله بن يحيى بن المهدي وهو من العلماء المبرزين في عصر المؤلف، قال الإمام عز الدين: "كان مجتهد زمانه". توفي سنة ( 873 هـ/1468م). ورثاه السيد صارم الدين بقصيدة منها:
ويا بقية أخيار وأحبار
فلا يجاريه ذو علم بمضمار
ياشيبة الحمد من أبناء فاطمة
علامة العصر فرد الدهر واحده
ـ الإمام المطهَّر بن محمد بن سليمان الحمزي وهو أحد الأئمة أيام شباب المؤلف، له مؤلفات غلب على بعضها الطابع السياسي، توفي سنة (879 هـ/1474م).
ـ جمال الدين علي بن موسى الدَّوَّاري قرأ عليه المؤلف بصنعاء وصعدة. وهو علامة كبير أكثر عنه الإمام عز الدين بن الحسن، توفي في صفر سنة (881 هـ/1476م).
ـ والده محمد بن عبد الله بن الهادي بن إبراهيم الوزير الذي كان أحد تلامذة الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير، توفي سنة (897 هـ/1491م).(1/26)
ـ جَمَال الدين علي بن محمد بن المرتضى بن المفضل بن منصور بن المفضل بن الحجاج، قال في (طبقات الزيدية): كان له معرفة حسنة، وشعر وافر ، ولم يذكر له تاريخ وفاة.
ـ مطهَّر بن كثير الجمل الصنعاني. عالم متبحر، أخذ عن أحمد بن محمد بن إدريس بن الإمام يحيى بن حمزه، وبرع في علم الكلام، مات بصنعاء في محرم سنة (863هـ/1458م).
ـ إسماعيل بن أحمد بن عبد الله بن عطية النجراني، أخذ عن أبي العطايا، وكان شيخاً واسع المعرفة خصوصاً في اللغة العربية والتفسير، قال الهادي الصغير (ولد المؤلف): كان منفرداً في ذلك لا يشق له غبار. لم يؤرخ في الطبقات وفاته.
ـ أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عطيَّة، ذكره في مشايخ السيد صارم الدين ولدُه الهادي، وقال إنه ابن أخي إسماعيل بن أحمد، وعلى هذا فهو غير أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عطية الذي قرأ على قاسم بن أحمد بن حميد المحلي؛ لأنه من أقران عبد الله الدواري المتوفى (800 هـ/1398م)، وقد ذكر في الطبقات أنه قتل غيلة شهيداً في العشر التي بعد الثمان المائة أو بعدها. فتأمل.
ـ شمس الدين أحمد بن سليمان العِسْكَبَة. ذكره ابن أبي الرجال وقال: كان عالماً صالحاً ذكره صاحب (الصِّلة).
ـ محمد بن سليمان الحجي، قال ابن أبي الرجال: علامة الفقهاء، وفقيه العلماء، أستاذ المحققين.
ـ محمد بن سليمان النحوي، قال ابن أبي الرجال: العلامة الفاضل، إمام المعقول والمنقول، من أعيان العلماء، كان مدرساً.
ـ والغَزُولي، الواصل إلى صنعاء من الديار المصريَّة، لم أعرف اسمه، وقد ذكر السيد صارم الدين في (الفلك الدوار) أنه أخذ عنه في علم الحديث (نخبة الفكر) التي سمعها على مؤلفها الحافظ ابن حجر.
وذكر ولده الهادي الصغير، شيخين آخرين هما: إبراهيم بن يحيى المذحجي، ويحيى بن قاسم العذرِي. ولم أوفق لمعرفتهما.
من أشهر تلاميذه(1/27)
وبعد الأخذ والطلب بَرَع صارم الدين حتى صار علماً من الأعلام، يشار إليه بالبنان، وأصبح المرجع في وقته، والمعوَّل عليه في حل المشكلات، وكشف المبهمات، فقصده طلاب العلم من كل مكان، فتخرج على يديه جملة من العلماء الأعلام اشتهر منهم:
ـ ولده الهادي بن إبراهيم بن محمد. العلامة الكبير، والمؤرخ الشهير، المعروف بـ(الهادي الصغير)، توفي صباح يوم الجمعة خامس عشر شهر محرم الحرام سنة (923 هـ/1523م) أسيراً بتعز.
ـ الإمام المتوكل على اللّه يحيى شرف الدين بن شمس الدين، من العلماء الأجلاء، وأحد مشاهير أئمة الزيدية في اليمن، توفي في جمادى الآخرة سنة (965هـ/1558م) ودفن بحصن الضفير.
ـ وعبد الله بن مسعود الحوالي، ذكره ابن أبي الرجال وأثنى عليه.وقال زبارة : أخذ عنه الإمام شرف الدين، وكان إمام المعارف بلامدافع. توفي في صنعاء سنة (936 هـ/1529م)، وقبره في مقبرة خزيمة.
ـ الفقيه العلامة أحمد بن قاسم بن أحمد بن صبرة الحميري، قرأ على السيد صارم الدين (جامع الأصول) وأجازه، وأثنى عليه كثيراً. ذكره في (مطلع البدور).
ـ السيد الباقر بن محمد بن يحيى بن القاسم رحمه الله، قرأ عليه علوم العربية، قال في (مطلع البدور): قال في تاريخ السادة: وكان سيداً منظوراً.
ـ ولده أحمد بن إبراهيم، ذكره زبارة وقال: كانت له معرفة تامة وفصاحة ووجاهة، وكان من أعظم أعوان الإمام محمد بن علي الوشلي. توفي بتعز سنة (916 هـ/1510م).
وغيرهم من العلماء والفضلاء الذين لم تنقل إلينا أخبارهم.
مؤلفاته(1/28)
وإلى جانب التدريس وتخريج الطلاب، عكف السيد صارم الدين على التأليف والتصنيف، فاعتصر فكره، ولخص معارفه وتجاربه، ودونها على صفحات الأوراق؛ لترثها الأجيال من بعده، فتضيء العقول، وتنعش الأرواح، وبذلك خلف لنا سلسلة من المؤلفات المميزة، التي اعتبرها العلماء من الأمهات والأصول التي يُعْتَمَد عليها، لِمَا اشتملت عليه من الدقة والتحقيق، ولِمَا أودعها من الفوائد، وقيد فيها من الشوارد، ووضح فيها من الاستدراكات، حتى صارت منهجاً دراسياً يفيد منه العلماء وطلاب العلم، ومن تلك المؤلفات:
هداية الأفكار إلى معاني الأزهار في فقه العترة الأطهار، في الفقه، وهو كتاب قيم، أضاف أشياء كثيرة إلى الأزهار، ونقح بعض ألفاظه. وهو الآن تحت التحقيق في (مركز التراث والبحوث اليمني)، ضمن مكتبة السيد صارم الدين.
الفصول اللؤلؤية في أصول فقه العترة الزكية، في أصول الفقه، وهو هذا الذي بين يديك.
التلخيص على التلخيص، في علم المعاني والبيان. قال الوجيه: يوجد نسخة منه في مكتبة السيد المرتضى بن عثمان الوزير في (السر ببني حشيش) في أوراق غير مجلدة خطت سنة (909هـ/1504م) وعليها سماع من ناسخها على المؤلف سنة (886هـ/1481م)، أخرى في نفس المكتبة ـ خ ـ سنة (922هـ/1516م).
الفلك الدوار في علوم الحديث والفقه والآثار، وهو كتاب قيم، قال العلامة القاسمي: " لم يسبق إلى مثله". وكان المؤلف ينوي أن يجعله موسوعة في المقارنة بين أدلة المسائل الفقهية، ولكنه توفي رحمه الله، ولم ينجز منه إلا المقدمة التي ضمنها الكلام على علوم الحديث وقواعده، وذكر المؤلفات فيه، والإشارة إلى بعض رجاله، ثم شرع في كتاب الطهارة إلى أن وصل إلى الكلام عن أعضاء الوضوء، وقد قمت بتحقيقه ونشر عام (1414هـ/1994م)، ويجري الآن إعادة طباعته ضمن مكتبة السيد صارم الدين.(1/29)
منقح الأنظار الموصل إلى هداية الأفكار. في الفقه، وهو (شرح للهداية)، ذكر الأستاذ الوجيه: أن منه نسخاً في مكتبة آل الهاشمي، ومكتبة المتحف البريطاني رقم (3951)، ومكتبة السيد محمد بن محمد الكبسي، ومكتبة السيد محمد عبد العظيم الهادي.
مسائل الإمامة. وهي رسالة صغيرة عبارة عن تعليق على ما دار من حوار بين الإمام عز الدين والعلامة النجري، والعلامة البكري حول مسألة قطعية الإمامة. وقد حققتها ضمن ذلك الحوار، وهي حين كتابة هذه السطور جاهزة للطبع.
الجوهر الفائق واللفظ الرائق، في الرد على بعض العلماء، قال الوجيه: منه نسخة في مكتبة الجامع الكبير الغربية (89 مجاميع) كما في مصادر الفكر الإسلامي في اليمن 135، للحبشي.
الفصول المنتخبة والطرازات المذهبة. قال الوجيه: منه نسخة مصورة في مكتبة السيد محمد عبد العظيم الهادي في 324 صفحة.
وله بحوث ورسائل وفتاوى كثيرة لم نقف عليها، ولكن مترجميه ينقلون منها ويشيرون إليها.
الشعر والأدب
حاز السيد صارم الدين جانباً من الأدب، فكانت له أشعار رائقة، ومقامات فائقة، وقد سخر قدرته في هذا الجانب على نظم الفوائد، وتقييد الشوارد، فقد ذكر ولده الهادي وابن أبي الرجال أن له كتاباً حسناً في (الحروف العربية)، ونشر له المحقق الحبشي مقامة بعنوان: (المقامة النظرية والفاكهة المخبرية والحديقة العنبرية)، ضمن كتابه (مقامات من الأدب اليمني).
وله القصيدة المشهورة بـ(جواهر الأخبار)، وتعرف بالبسامة، وهي منظومة، تشتمل على مائتين وأربعين بيتاً مطلعه:
الدهر ذو عبر عظمى وذو غِيَر ... وصرفه شامل للبدو والحضر
ذكر فيها طرفاً من السيرة النبوية، ثم سير الأئمة الدعاة، ابتداءً من الإمام علي، وانتهاء بالإمام عز الدين بن الحسن المعاصر له، والمتوفى سنة (900هـ/1494م).(1/30)