[1] اتصاله بالمستثنى منه لفظاً، أو حكماً، بتخلل وقت يسير كتنفس أو بلع ريق أو عطاس أو بدورِ قَيْءٍ. (أبو مضر(1)، وأبو جعفر)(2): أو تَذَكُّرِ ما يستثنى. (الإمام): أو طولِ كلام. وجوز (ابن عباس) تراخيه أبداً، وعنه شهراً. وعنه /88/ - وهو أحد قولي (الناصر) - سنة، و(ابنُ جبيرٍ)(3) أربعةَ أشهر، و(مجاهد)(4) سنتين، و(الحسن(5)، وعطاء) في المجلس، وبعضهم بالنية(6). وقيل: يجوز في القرآن خاصة.
__________
(1) أبو مضر، هو: شريح بن المؤيد المرادي الشريحي، من كبار علماء الزيدية، في الجيل والديلم وهو من أصحاب المؤيد بالله، له كتب في الفقه والأصول. لم أقف له على تاريخ وفاة. وليس بأبي مضر المعتزلي.
(2) أبو جعفر، هو : محمد بن يعقوب أبو جعفر الهوسمي، من علماء الزيدية في الجيل والديلم، له كتب في الأصول، توفى بهوسم، سنة خمس وخمسين ومائة. مطلع البدور - خ -.
(3) ابن جبير، هو: الإمام المجاهد الشهير، سعيد بن جبير أحد الرواة عن الصحابة، ومشاهير علماء التابعين، كان يسمى: جهبذ العلماء، قتله الحجاج (سنة 95 هـ).
(4) مجاهد، هو: أبو الحجاج مجاهد بن جبر مولى مخزوم، كان فقيهاً محدثاً ومفسراً مشهوراً، توفي سنة مائة، وقيل: سنة اثنتين ومائة. طبقات الفقهاء 1/ 58.
(5) الحسن، وهو: الإمام الزاهد الحسن بن أبي الحسن البصري، أحد مشاهير التابعين وعلماء الإسلام، لقي الصحابة وروى عنهم، (توفي110 هـ).
(6) أي جوز بعضهم الاستثناء بالنية.(1/141)


[2] وكونه غير مستغرق للمستثنى منه، كمثله أو أكثر فَيَلْغوُ. ويستثنى الأقل اتفاقاً، والمساوي عند (أئمتنا، والجمهور)، خلافاً (لبعض النحاة، والحنابلة، والباقلاني، والظاهرية). ومثلهما(1) الأكثر خلافاً (للفراء، وابن درستويه، والقفال، ومانع المساوي)، وقيل: بمنعهما(2) في العدد الصريح دون غيره، واستَقْبَحَ بعض اللغويين استثناء الجبر لا الكسر، ولو كان الجبر أقل.
[3] وكونه من جنس المستثنى منه.
ويقع(3) في كل أنواع الخطاب من الخبر، والأمر والنهي، والاستفهام، وفي الأعيان، والأوقات، والأحوال، والأسباب، والشروط والموانع، ومفرداً، ومعطوفاً، ومجملاً من مجمل، ومجملاً من مبين، وعكسه، ومستثنى من مستثنى(4)، ولا يشترط إرادته مع أول الجملة، خلافاً (لبعض الشافعية)، ولا يلغو متقدماً في الأصح.
__________
(1) أي: ومثل المساوي والأقل يستثنى الأكثر.
(2) أي: الأكثر والمساوي.
(3) أي التخصيص بالاستثناء.
(4) مثال الخبر نحو: جاءني القوم إلا زيد. والأمر نحو: أكرمهم إلا زيداً. والنهي نحو: لا يضربهم إلا زيداً. والاستفهام نحو: هل رأيت القادمين إلا زيداً.؟ والأعيان كالأمثلة السابقة. والأوقات نحو: صم إلا يوم الجمعة. والأحوال نحو: صل إلا أن تكون محدثاً. والأسباب نحو: النظر يولد العلم إلا الفاسد. والشروط نحو: الوضوء شرط في صحة الصلاة إلا لعذرٍ. والموانع نحو: الحدث مانع من الصلاة إلا لعذر يبيحها معه. والمفرد كالأمثلة السابقة. والمعطوف نحو: اضرب القوم إلا زيداً وإلا عمرواً. والمجمل من مجمل نحو: علي له ألف، الاستثناء يبين جنس الألف ونفس الشيء. والمجمل من مبين نحو: علي له عشرة دراهم إلا شيئاً. وعكسه نحو: علي له شيء إلا درهماً. ومستثنى من مستثنى نحو: قوله تعالى: ?إلا آل لوطٍ إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته?.(1/142)


(107) فصل ولإيهامه التناقص بالإخراج بعد الإدخال، أختلف في كيفية دلالته، فعند (أئمتنا، والجمهور) أنه أطلق المستثنى منه على بعضه مجازاً. وأداة الاستثناء قرينة ذلك، فهو من باب تسمية البعض باسم الكل، فالمراد بألف في قوله تعالى: ?فَلَبِثَ فيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسينَ عاماً?[العنكبوت: 14]، خمسون وتسعمائة. (الحفيد، والباقلاني): ألف إلا خمسين بإزاء خمسين وتسعمائة، كاسمين: مفرد ومركب. (ابن الحاجب، وغيره): بل المراد بالمستثنى منه جميع ما تناوله، ثم أخرج المستثنى والإسناد بعد الإخراج. فهو على الأول تخصيص، وعلى الثاني ليس بتخصيص، وعلىالثالث محتمل(1) .
(108) فصل /90/ وإذا وقع بعد جملتين فصاعداً فعند (أبي طالب، والمنصور، والشافعية): أنه يعود إلى الجميع، وهو ظاهر مذهب (الهادي، والقاسم، وغيرهما من أئمتنا). وعند (الحنفية) إلى الأخيرة فقط. (الموسوي): مشترك. وتوقف (الباقلاني، والغزالي). وقال (القاضي، وأبو الحسين، وغيرهما): إن تبين الإضراب عاد إلى غير المضرب عنه، وإلا فإلى الجميع، وهو الْمُحَصَّل للمذهب.
والقسمة العقلية تقتضي ثماني صور:
ـ الاتفاق في الاسم والحكم والنوع معاً، نحو: أكرم ربيعة وأكرم ربيعة، أو وأكرمهم(2) إلا الطوال(3).
__________
(1) تخصيص على القول الأول؛ لأنه إخراج بعض ما تناوله العموم. وغير تخصيص على القول الثاني؛ لأنه ليس قصر العام على بعض مسمياته، بل على المجموع بنفس مسمياته. ومحتمل على القول الثالث أنه تخصيص أو غير تخصيص.
(2) سقط من (ب) أو. في (أ) وأكرمهم.
(3) فالجملتان متفقتان في الاسم وهو ربيعة فيهما أو في الأولى وضميرها في الثانية، وفي الحكم وهو وجوب الإكرام فيهما وفي النوع وهو الأمر (أكرم) فيهما وقس على هذا في الباقي.(1/143)


ـ أو الاختلاف في ذلك معاً، نحو: أطعم ربيعة ولا تسلم على مضر إلا الطوال(1).
ـ أو الاتفاق في الاسم فقط، نحو: ?فاجْلِدوهُمْ ثَمانينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأولَئِكَ /91/ هُمُ الْفاسِقونَ إلا الذِّينَ تَابُوا..?[النور: 4ـ5].
ـ أو في الحكم فقط، نحو: أكرم ربيعة ومضر مكرمون إلا الطوال.
ـ أو في النوع فقط، نحو: أطعم ربيعة وسَلِّم على مضر إلا الطوال.
ـ أو في الاسم والحكم دون النوع، نحو: أكرم ربيعة، وهم مكرمون إلا الطوال.
ـ أو في الاسم والنوع دون الحكم، نحو: أطعم ربيعة وسلم عليهم إلا الطوال.
ـ أو في الحكم والنوع دون الاسم، نحو: أكرم ربيعة وأكرم مضر إلا الطوال.
فيعود في الأولى والثانية إلى الأخيرة، وفي الثالثة إلى الجميع عند (جمهور أئمتنا، والشافعية)، خلافاً (لزيد، والإمام، والحنفية)، وهي منشأ الخلاف، وفي الرابعة والخامسة إلى الأخيرة، وفي الثلاث البواقي إلى الجميع.
(109) فصل (والثاني): الشرط، نحو: أكرم تميم إن دخلوا الدار، فتقصره على الداخلين. وفائدته: تعليق الحكم على المختص به اتفاقاً. فأما دلالته على نفيه عما عداه إلا أن يدل /92/ دليل على اعتباره ففيه خلاف يأتي.
ويقع في كل أنواع الخطاب. وأدواته: إن، وإذا، وأخواتهما.
وشروطه: إمكانه في نفسه(2)، وإمكان العلم به(3)، وكونه مستقبلاً وإن تراخى(4)، ولا يقتضي التكرار إلا مقيداً بعام(5).
وهو وجودي وعدمي.
__________
(1) فالجملتان متفقتان في الاسم وهو ربيعة فيهما أو في الأولى وضميرها في الثانية، وفي الحكم وهو وجوب الإكرام فيهما وفي النوع وهو الأمر (أكرم) فيهما وقس على هذا في الباقي.
(2) فلا يصح أن يكون الشرط أمراً مستحيلاً كاجتماع السواد والبياض.
(3) في العادة فلا يصح نحو: أكرم هؤلاء إن كان جبريل في السماء.
(4) فلا يصح كونه ماضياً، وإن تراخى الشرط عن المشروط فهو باق على الشرطية.
(5) نحو: كلما دخلوا الدار فأكرمهم.(1/144)


فالوجودي: إن استحال وجوده إلا دفعة ـ مفرداً كالعتق(1)، أو مركباً كالإيمان(2) ـ فحصول المشروط عند تمامه، وإن استحال وجوده دفعة واحدة كالكلام، فحصول المشروط عند تمام آخره. وإن جاز فيه الأمران كالعقل فكذلك(3).
والعدمي، نحو: إذا لم، وإن لم، ومتى لم. وفي تعيين وقت المشروط به تفصيل مذكور في كتب الفروع.
والجزاء المتأخر متفق عليه، واختلف في المتقدم، مثل: أكرمك إن دخلت الدار. فعند (جمهور النحاة): أنه جُمْلَةٌ خبرية /93/ قدمت للإخبار بما فيها من النِّسبة، لا جَزاءٌ؛ لامتناع تقدمه على الشرط، ولعدم جزمه، والجزاء محذوف لدلالته عليه(4). والمختار وفاقاً (للفراء، وعبد القاهر)(5) أنه جزاء. (ابن الحاجب): جزاء في المعنى لا في اللفظ.
ويتحدان(6) ويتعددان على الجمع أو على البدل، أو مختلفين، ويتحد أحدهما ويتعدد الآخر على الجمع أو على البدل. ويجوز إخراج الأكثر به اتفاقاً.
وهو كالاستثناء في: اتصاله بالمشروط، وفي: الخلاف في عوده بعد الجملتين فصاعداً. وعن (أبي حنيفة) للجميع. وقيل: للجملة الأخيرة: إن تأخر، وللأولى إن تقدم.
__________
(1) فإنه لا يتجزأ بأن يعتق ربع العبد مثلاً أو يده، فإذا علق شيئاً بالعتق وقع عند العتق، كلو قال: إن اعتقت عبدك فلك ألف.
(2) فإنه لا يكون إيماناً إلا بتمام أجزائه، وأركانه، فإذا قال مثلاً: إن آمنت فأنت حر، لم يعتق إلا بتمام أركان الإيمان وأجزائه.
(3) فإذا قال: إن عقلت كُلِّفت، لم يكلف إلا عند وجود العقل وتمامه.
(4) أي لدلالة المتقدم عليه.
(5) عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني الأشعري، من علماء الشافعية، توفي سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. طبقات الشافعية 3/242.
(6) أي الشرط والجزاء أن يكون الشرط واحداً والجزاء واحد، كقول: إن أكلت فأنت حر فإن كلاً من الشرط (الأكل) والجزاء (الحرية) واحد وقد يتعددان.(1/145)

29 / 66
ع
En
A+
A-