والثاني: (الجنس) المفرد، كالرجل، و(اسم الجنس)، وهو ما يطلق على القليل والكثير، كالماء. ومختار /75/ (أئمتنا، والجمهور) عمومهما؛ إذا عُرِّفا بالأداة لغير عهد، ولم يرد بهما تنكير(1). ومثلهما (الذي) و(التي) لغير تعيين، خلافاً (لأبي هاشم، وأبي الحسين، والمحلي(2)، والرازي). وقال (الجويني، والغزّالي): لا عموم في الجنس. بخلاف اسم الجنس، ولاَ عموم في الجنس المضاف، خلافاً (لابن عياش، والمرتضى، وأبي العباس، وابن الحاجب(3)، وغيرهم). وأما اسم الجنس المضاف فعام. و(الجمع) كالحال، و(اسم الجمع) وهو ما يطلق على ثلاثة فصاعداً بغير زِنَة الجمع، كالغنم، إذا عُرِّف بالأداة لغير عهد، ومثلهما (الذين) و(اللاتي) لغير تعيين ومرادفهما (من الموصولات)(4). ومختار (أئمتنا، والجمهور): عمُومها خلافاً (لأبي هاشم)، وكذا إذا كانا مضافين.
ولا عموم في الجمع المنكر عند (أئمتنَا، والجمهور) خلافاً (لأبي علي، والحاكم). ولا في اسم الجمع المنكر.
فأمَّا المضمرات فإن كانت راجعة /76/ إلى ما قبلها، فحكمها حكمه في العموم والخصوص. وإن كانت على جهة المخاطبة فلعامٍّ عامّة ولخاصٍّ خاصة(5).
ولا عموم في لفظ: (سائر) إذ معناه: باقي الشيء، لا جملته، على الأصح.
__________
(1) ليخرج لام العهد الذهني التي هي في المعنى كالنكرة، كقولك: دخلت السوق.
(2) المحلي، هو: العلامة الكبير حميد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الواحد المحلي الهمداني، أبو عبد الله الشهيد، من أكابر علماء الزيدية في عصره، استشهد يوم الجمعة ثاني شهر رمضان سنة إثنتين وخمسين وستمائة.
(3) سقط من (ب): وابن الحاجب.
(4) ما بين القوسين ليس في (أ).
(5) يعني إن كان الخطاب فيها لعام نحو: افعلوا . والخطاب للأمة فعامة. وإن كان الخطاب فيها لخاص نحو: افعلوا. والمخاطبون خاصون فخاصة.(1/131)


(93) فصل واللفظ العام منه ما يختص بالمذكر، كالرجال والذكور. ومنه ما يختص بالمؤَنث، كالنساء والإناث. ومنه ما يشملهما، وهو ما لا يظهر فيه تذكير ولا تأنيث كـ(من) و(ما) عند الجمهور. فأما جمع المذكر السالم ونحوه(1) فيدخل فيه المؤنث تغليباً ـ خلافاً (لبعض الأشعرية)، وتردد (الإمام) في ذلك ـ لا وضعاً، خلافاً (للحنابلة، وابن داود(2))، و(للحفيد) في دخوله(3) في ?يا أيها الناس? وضعاً أو تغليباً قولان(4).
والمختار وفاقاً (للجمهور): أنه لاَ يخرج العام عن إفادة العمُوم لوروده في مَعرِض المدح والذم؛ إذ لا منافاة بين إرادتهِ /77/ وإرادتهما كقوله تعالى: ?إنَّ الأبْرَارَ لَفِي نَعِيْمٍ?[الانفطار: 13]، ?والَّذينَ يَكْنِزونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ?[التوبة:34] خلافاً (للشافعي). وثبوت(5) العموم في مثل: ?خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً?[التوبة:103] خلافاً للأقلين.
__________
(1) مثل: المؤمنين، ونحوه الذين آمنوا.
(2) ابن داود، هو: محمد بن داود الأصفهاني الظاهري، كان فقيهاً أديباً مميزاً، توفي ست وتسعين ومأتين. تاريخ بغداد 5/256.
(3) أي المؤنث.
(4) قال في (الدراري): الذي ذكره في الجوهرة أنه تغليب، والذي ذكره في شرحها أنه وضع كمن وهو اختيار المنصور بالله.
(5) يعني والمختار ثبوت العموم.. الخ.(1/132)


(94) فصل وألفاظ العموم ظاهرة فيه، عند (أئمتنا، والجمهور) مجاز في الخصوص. بعض (المرجئة): بل عكسه، وبعضهم مشترك بينهما باللّفظ، وقيل: لم توضع لهما وإنما يستفادان بالقرينة، وقيل: للعموم في الأمر والنهي لا في الأخبار فالوقف، وقيل: إلا في آيات الوعيد، وقيل بالوقف، إمَّا على معنَى ما ندري وضع العموم لها أم لا(1)، وإما على معنَى نعلم أنه وضع، ولاَ ندري أحقيقة أم مجاز؟ قيل: ولا خلاف في عموم ألفاظ التأكيد، نحو: كل وجميع، وإنما هو فيما يدعى عمومه من غيرهما كَمن، والأصحّ: أنه(2) في جميع صيغه.
(95) فصل (أئمتنا، والجمهور): والخطاب بالشرعيات يشمل العبيد في حقه تعالى /78/ وحق غيره، فيدخلون في الناس والمؤمنين كالأحرار، خلافاً للأقلين، وقال (رازي الحنفيَّة): يشملهم في حقه تعالى فقط.
ومثل: ?يَا أيُّها النَّاس? و?يا عِبَاد? يشمَل الرسول مطلقاً، خلافاً (لبعض المتكلمين، والفقهاء) مطلقاً، و(للحليمي(3)، والصيرفي)(4) /109/ إن اقترنت بـ(قُل).
ويدخل المخاطب في عموم خطابه، عند (أبي طالب، والجمهور، وأحد قولي المؤيد بالله) إلا لقرينة، خلافاً (للقاسم، والأقلين، وأحد قولي المؤيد بالله).
(96) فصل والفعل المؤكد بمصدره مثبتاً أو منفياً عام في متعلقاته المحذوفة، نحو: إن أكلتُ أكلاً فعبدي حر، ووالله لا آكل أكلاً، وإن أكلت أكلاً، فيقبل التخصيص بالنية اتفاقاً.
__________
(1) في (أ): لا ندري، وسقط قوله: وضع العموم لها أم لا.
(2) أي: الخلاف.
(3) الحليمي، هو: الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم القاضي أبو عبد الله الحليمي البخاري، من كبار علماء الشافعية في ما وراء النهر، مات في جمادى سنة ثلاث وأربعمائة. طبقات الشافعية 2/178.
(4) الصيرفي، هو: محمد بن عبد الله أبو بكر الصيرفي الفقيه الأصولي، تفقه على ابن سريج وله مصنفات في أصول الفقه وغيره، توفي بمصر سنة ثلاثين وثلاثمائة. طبقات الشافعية 2/116.(1/133)


واختلف في غير المؤكد مع حذف معموله، نحو: إن أكلت، ولا آكل، بالنسبَة إلى المأكولات، وإن صمت، ولا أصوم، بالنسبَة /79/ إلى الأزمنة، وإن قعدت، ولا أقعد، بالنسبَة إلَى الأمكنة. والمختار وفاقاً (للشافعي، وأبي يوسف) أنه عام في متعلقاته، فيقبل التخصيص بالنية، فإذا نَوى مأكولاً أو زماناً أو مكاناً معيناً صحت نيته، فلا يحنث بغيره. (المؤيد بالله، والحنفية): لا عُمُوم له فيها، فلا يقبل التخصيص بالنيَّة فيحنَث بذلك، (الغزّالي): عام في مفعولاته، فيقبل التخصيص بها لاَ في الأزمنَةِ والأمكنة. فأما التخصيص باللفظِ فاتفاق في الجميع.
(97) فصل وإِذَا تَعذَّر حمل اللفظِ على ظاهرِه ووجب(1) العدول إلى الإضمار، وتعددت جهات الإقتضاء التي يمكن تقديرها لاستقامته(2) وَجَبَ إضمارها عموماً، إلا ما خصه دليل، لا أحدها فقط، خلافاً (للإمام، وبعض الأصوليين)، نحو: (( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان )) . فإن تعيّن /80/ أحدها بدليلٍ، كان كظهوره، نحو ?واسْألِ القَرْيَة?[يوسف:82].
(98) فصل ونحو قول الصحابي: نهى عن بيع الغرر، وَقضى بالشفعةِ للجار، يعم الغرر والجار، وفاقاً (للجمهور)، وخلافاً (للإمام، والأقلين).
[من الأحكام المتعلقة بالعموم]
__________
(1) في (ب): وجب. والصواب ما أثبته وهو عطف على تعذر والتقدير: وإذا تعدد .. ووجب .. وجب إضمارها عموماً.
(2) في (أ): في استقامته.(1/134)


(99) فصل (جمهور أئمتنا، والمتكلمين): وكل عموم خصّ فهو مجاز في الباقي مطلقاً. (الحنابلة)، وأكثر الفريقين: حقيقة مطلقاً. (الكرخي، والغزالي، وأبو الحسين، والرازي): إن خصَّ بمتصل من استثناء، أو صفة، أو شرط، أو غَاية فحقيقة، وإن خصَّ بمنفصلٍ من عقلٍ أو سمع فمجاز. (القاضي): إن خصَّ بمنفصلٍ فمجاز، وإن خصَّ بمتّصل فإن كان استثناءً فمجاز، وإن كان صفة أو شرطاً فحقيقة، ولعل الغاية عنده كذلك. وقيل: إن خص بلفظيٍّ متصل أو منفصلٍ فحقيقة، وإن خص بمعنوي عقلي /81/ أو شرعي فمجاز. (المنصور): إن كان الباقي هو السابق إلى الفهم عند إطلاق العموم لا المخرَج فحقيقة، وإلا فمجاز، (الجويني): حقيقة في تناوله الباقي مجاز في الإقتصار عليه. و(الحفيد) كذلك في المنفصل لا المتصل فحقيقة.(1/135)

27 / 66
ع
En
A+
A-