وإلى: للإنتهاء، والتبيين، والمصَاحبة. وموَافقَة: اللاَّم، وفي، ومن(1). واختلف في دخول ما بعدها في حكم ما قبلها، فقيل: يدخل. وقيل: لا يدخل. وقيل: مشتركة بينهما. وقيل: إن كان من جنسه فقط.
وعلى: للإستعلاء حقيقة أو حكماً، والمجاوزة، والمصاحبة، والظرفية، والتعليل، وموافقة مِن، والباء(2).
وحتى: لانتهاء العمل بمجرورها أو عنده.
وربَّ: وهي عند (جمهُور البصريين، والكوفيين) للتقليل، وعند (صاحب العين(3)، وابن درستويه)(4) وغيرهما للتكثير، وقيل لهما: معاً. وقيل: حرف إثباتٍ لم توضع لهما، وإنما يفهمان من السياق، واختاره (أبو حيان)/24/.
__________
(1) مثال الإنتهاء: ?ثم أتموا الصيام إلى الليل?. ومثال التبيين: ?رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه?. ومثال المصاحبة: الذود إلى الذود إبل، أي: الذود مع الذود. وأما موافقة اللام، فنحو: ?والأمر إليك? أي لك. وموافقة (في)، نحو قول الشاعر:
فلا تتركني بالوعيد كأنني ... إلى الناس مطليٌ به القار أجرب
... وموافقة (من): نحو قوله:
تقول وقد عاليت بالكور فوقها ... أيسقى فلا يروى إلي ابن أحمر
... أي: فلا يروى مني.
(2) مثال الإستعلاء الحقيقي: جلست على المقعد، والحكمي: ?فضلنا بعضهم على بعض?، والمجاوزة:
إذا رضيت علي بنو قشير ... لعمرو اللّه أعجبني رضاها
... ومثال المصاحبة: ?وآتى المال على حبه?. ومثال الظرفية: ?ودخل المدينة على حين غفلة?، أي: في وقت غفلة. ومثال التعليل: ?ولتكبروا اللّه على ما هداكم?، أي: لهدايتكم. وأما موافقة (من)، فنحو: ?الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون?. وموافقة (الباء) نحو: اركب على اسم الله.
(3) يعني كتاب العين وهو للخليل بن أحمد.
(4) ابن درستويه، هو: أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه الفارسي، نحوي مشهور له تصانيف كثيرة، وهو من تلاميذ المبرد، توفي في صفر سنة سبع وأربعين وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء 15/531.(1/81)


والباء، والتاء، والواو: للقسم.
وكحروف الشرط وغيرهما نحو:
لو، ويقتضي امتناع ما يليه لامتناع تاليه، إن ناسَبَ ولم يخلف المقدم غيره، نحو: ? لَوْ كانَ فيهِما آلِهَةٌ إِلاّ اللَّهُ لَفَسَدَتا?[الأنبياء: 22]، لا إن خلف. نحو: لو كان إنساناً لكان حيواناً، ويثبت إن لم يناف، وناسب بالأولى، نحو: لو لم يخف الله لم يعصه. أو المساواة نحو: لو لم تكن ربيبته لما حلت للرضاع. وهي للمُضِي، وقد تستعمل للمستقبل(1).
وإن، وهي لربط شرطها بجزائها، وكذا ما في معناها.
وأما، لتفصيل نِسَب متعددة، قيل: وقد تكون مقدرة(2).
__________
(1) يعني أن (لو) تقتضي في الإثبات امتناع ما يليها لامتناع جوابه، فإن المعنى في الآية: ليس فيهما آلهة غيره، لذلك صلح نظامها ولم يفسد، فانتفت الآلهة لانتفاء الفساد، بخلاف: لو كان إنساناً لكان حيواناً، فإنه لا تنتفى حيوانيته لانتفاء إنسانيته؛ لأن الحيوانية أعم، ونفي الأخص ـ وهو الإنسانية ـ لا يستلزم نفي الأعم ـ وهو الحيوانية ـ وفي النفي يقتضي امتناع جوابها لثبوت تاليها بشرط ألاَّ ينافيه، وأن يناسبه كمثال المتن، فإن معناه أنه لا يعصيه ولو انتفى الداعي، وهو الخوف من الله، فكيف معه، وكما تقول في الطالب الذكي: لو لم يذاكر لم يرسب. فبالأولى ألاَّ يرسب عند ما يذاكر، وفي الطالب المتوسط يستوي الأمران عدم المذاكرة والمذاكرة في النجاح، بينما في الطالب الغبي لا يناسب قولنا: لو لم يذاكر لم يرسب؛ لأنه يرسب مع المذاكرة فكيف مع عدمها.
(2) مثال تفصيل النسب: ?فأما إن كان من المقربين? الآية. ومثال تقديرها: ?والراسخون في العلم يقولون? أي، وأما الراسخون مقابل قوله: ?فأما الذين في قلوبهم زيغ?، وذلك عند بعضهم.(1/82)


ولولا، ومعناها في الجملة الإسميَّة: امتناع جوابها لوجود شرطها(1)، وفي الفعلية: التوبيخ إن كانت ماضية(2)، والتحضيض إن كانت مضَارعة(3).
ومنها لام التعريف، فإن أُطلق اسم الجنس المعرَّف بها على نفس الحقيقة من غير نظر إلَى ما صدقت علَيه من الأفراد، نحو: الرجل خير منَ المرأة. فهو تعريف الجنس، ونحوه عَلَم الجنس كأسامة، وإن أطلق على حصَّة منهما معينة معهودة بين المخاطبين، نحو: ما فعل الرجل. لمعهودٍ بينك وبين مخاطبك، فهو تعريف العهد الخارجي، ونحوه عَلَم الشخص كزيد، وإن أطلق على حصَّة غير معينة، نحو: أدخل السوق حيث لا عهد، فهو تعريف العهد الذهني، ونحوه النكرة كسوق، وإن أطلق على كل الأفراد نحو: ?والعَصْرِ إنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ?[العصر:1] فهو تعريف الإستغراق، ونحوه كل مضافٍ إلى نكرة، نحو: كل إنسان في خسر.
[مبحث في سبب وضع الألفاظ وواضعها]
(31) فصل(4) /25/ وسبب وضع اللَّفظ(5) الحاجة إلى التعبير عما في الضمير، وهو ممكن بالإشارة والمثال، لكنِ اللفظ أولى؛ لأنه أعم منهما وأسهل.
ودلالته على مسمَّى دون مسمى مع استواء النسبة إليهما ممتنعة، فلا بد من مخصِّص له بأحدهما، والمخصِّص: إما الذات وهو باطل؛ إذ ليس بينه وبين مدلوله مناسبة ذاتيَّة، خلافاً (لِعَبَّاد)، وتأوله (السكاكي). وإِمَّا الوضع وهو الأصح.
__________
(1) نحو: لو لا زيد لأكرمتك.
(2) نحو: ?لو لا جاؤا عليه بأربعة شهداء?.
(3) نحو: ?لو لا تسبحون?.
(4) المكان المناسب لهذا الفصل والذي بعده في بحث الوضع ومتعلقاته، وقد تقدم.
(5) المكان المناسب لهذا الفصل والذي بعده في بحث الوضع ومتعلقاته، وقد تقدم.(1/83)


واختلف في واضع اللُّغات فعند (جمهور أئمتنا، والبهشمية)(1): واضعها البشر واحد أو جماعة، ويحصل تعريفها بالإشارة والقرائن كالأطفال. وعند (المرتضى(2)، وأبي مضر، والبغدادية، وأكثر الأشعرية): توقيفية. (الأشعري)(3): وذلك بالوحي، أو بعلم ضروري، أو بخلق الأصوات، إما أن يخلق في كل شيء إسماع اسمه أو في بعض الأشياء له ولغيره. (أبو علي، والإسفرائيني): القدر المحتاج إليه في التعريف توقيف، وغيره محتمل لهما، وحكي عن (بعض المعتزلة) عكسه. (الإمام، وابن أبي الخير(4)، وبعض الأشعرية): الجميع ممكن.
(32) فصل وطريق معرفتها إما العقل ولا مجال له في الوضعيَّات، أو النقل /26/ وهو بالتواتر فيما لا يقبل التشكيك كالأرض والسماء، وبالآحاد في غيره، ولو مرسلة. وثبوت الأحكام العملية بها عند توقفها عليها كثبوتها بأخبار الآحاد، وشرط قبولهما واحدٌ، وما قدح به (الرازي) وغيره في هذه القاعدة، فلا يسمع.
[الأحكام أنواعها وتوابعها]
__________
(1) البهشمية: جماعة من المعتزلة تنسب إلى الشيخ أبي هاشم المعتزلي، وقد تقدمت ترجمته.
(2) المرتضى، المراد به الإمام محمد بن يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي، أحد أئمة الزيدية في اليمن، بويع له بالخلافة بعد أبيه، توفي سنة عشر وثلاثمائة. وأينما أطلق في هذا الكتاب فهو المراد. أما المرتضى الموسوي فالمؤلف يشير إليه بالموسوي.
(3) الأشعري، هو: الشيخ علي بن إسماعيل بن إسحاق أبو الحسن الأشعري البصري سكن بغداد، إليه تنسب الأشعرية، توفي في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة وقيل سنة عشرين وقيل سنة ثلاثين. طبقات الشافعية 2/113.
(4) ابن أبي الخير، هو: علي بن عبدالله بن أحمد بن أبي الخير الصائدي، من أعيان علماء الزيدية في القرن الثامن الهجري، صنف في مختلف الفنون، توفي سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة. أنظر: أعلام المؤلفين الزيدية.(1/84)


(33) فصل والحكم لغة: المنع. وعرفاً: الإلزام. واصطلاحاً: الوُجُوب، أو النًّدب، أو الكراهة، أو الإباحة، أو الْحَظْر. والأظهر أن إطلاق الحكم علَيها بالإشتراك المعنوي لا اللفظي(1).
ويستدعي: حاكماً، ومحكوماً فيه، ومحكوماً عليه.
فالحاكم: الشَّرع إتفاقاً، والعقل، عند (أئمتنا، والمعتزلة، وبعض الفقهاء) لاستقلاله بمعرفة بعض الأحكام، خلافاً (للأشعرية، وبعض الفقهاء)، ولذلك أنكروا التحسين والتقبيح العقليين، وحكموا بأن التكاليف كلها شَرعيَّة، وأنه لا حُكْمَ قبل الشرع، فلا يُعَاقَبُ مُنْكرُ الصانع الذي لا تَبْلُغه دعوة النبوة، وسيأتي تحقيقه إن شاء اللّه تعالى.
وينقسم خطاب الشرع - المعَرِّف لعين المصلحة أو المفسدة - إلى: تكليفي ووضعي.
[الحكم الوضعي وأقسامه]
(فالأوَّل): الخطاب المعَرِّف لغير السبب /27/ والشرط والمانع، وإنما يكون بالإقتضاء أو التخيير؛ لأنه إن اقتضى الفعلَ حَتْماً فمعرِّف الوجوب. أو غير حتم فمعرِّف النَّدب. أو الترك حتماً فمعرِّف التحريم. أو غير حَتْمٍ فمعرِّف الكراهة. أو كان بالتخيير فمعرِّف الإباحة.
والواجب والمندوب والمبَاح والمكروه والمحظور: الفعل الْمُتَّصِف بذلك.
__________
(1) يعني أن إطلاق الحكم على هذه الخمسة بالإشتراك المعنوي، كإطلاق حيوان على ما تحته من أفراد، كإنسان وفرس، وليس بالإشتراك اللفظي كقرء الذي يطلق على: الحيض والطهر.(1/85)

17 / 66
ع
En
A+
A-