. واسم آلة الشيء عليه(1). واسم الشيء على بدله(2). والنكرة على العموم(3). واسم الضدين على الآخر(4). وإطلاق المُعَرَّف على المُنَكَّر(5). والحذف(6) والزيادة، ويسمى مجاز الزيادة(7). ولا يخفى تداخل بعضها(8).
(18) فصل والنّقل شرطٌ في هذه الأنواع(9) اتفاقاً، دون أفرادها، وقيل: يشترط فيها، وتوقف (الآمدي).
فأما امتناع: نخلة لطويل غير إنسان(10)، وشبكة للمَصِيد(11) /16/، وابن للأب(12) وعكسه(13)، فلعدم تحقق العلاقة إن صح الامتناع.
__________
(1) نحو: ?واجعل لي لسان صدق في الآخرين? ـ يعني ذكراً حسناً فأطلق اسم اللسان الذي هو آلة على الذكر الحسن.
(2) نحو: فلان أكل الدم. إذا أكل الدية؛ لأن الدية بدلٌ عن الدم.
(3) نحو: ?علمت نفس ما قدمت? ـ يعني كل نفس.
(4) نحو: ?وجزاء سيئة سيئة مثلها? [الشورى: 40] فسمى الجزاء سيئة.
(5) كقوله تعالى: ?ادخلوا الباب سجداً? أي باباً من الأبواب.
(6) نحو ?يبين اللّه لكم أن تضلواْ? ـ أي كراهة أن تضلوا.
(7) نحو: ?ليس كمثله شيء? أي: ليس مثله شيء.
(8) أهمل صاحب الغاية منها: مجاز النقص وعكسه، والنكرة والمعرف باللام، والحذف والزيادة، معللاً ذلك بعدم صدق حد المجاز عليها. راجع شرح الغاية 1/261 ـ 262.
(9) يعني أن النقل عن العرب شرط في أنواع العلاقة التي لأجلها يصح التجوز، كالكلية والجزئية، لا خصوص أفرادها، كالإصبع على رأس الأنملة.
(10) أي مع المشابهة.
(11) أي من كونه من تسمية الحال باسم المحل.
(12) أي مع كونه سبباً له، وكون الابن مسبباً عنه.
(13) يعني تسمية أب للابن، باعتبار ما سيئول إليه.(1/66)
(19) فصل وتعرف الحقيقة: إما بالنص عليها بعينها(1)، أو بحد شامل، أو بذكر خاصيّة(2)(3). وإما بالاستدلال بسبقها إلى الفهم(4) من دون قرينة. أو عُرُوِّها عنها عند الاستعمال.
ويعرف المجاز: بالنص عليه كذلك، أو بالاستدلال بسبق غيره إلى الفهم، راجحاً لولا القرينة. أو باستحالة قيامه بما عُلِّق به(5)، وفي مَعْرِفَتِهِ بِصَحَّة نفيه ـ كقولهم للبليد: ليس بحمار ـ وجَمْعِه على خلاف جمع الحقيقة ـ كأمور جمع أمر للفعل، وامتناع أوامر(6) ـ، وَعَدَمِ الاشتقاق منه(7)، وعَدَم إطِّراده في مدلوله(8)
__________
(1) كأن يقال: هذا اللفظ لا يحتاج إلى قرينة. أو هذا يصح التجوز عنه.
(2) أي بعينه أو بحد أو بخاصة.
(3) كأن يقال: هذا اللفظ لا يحتاج إلى قرينة. وهذا يصح التجوز عنه.
(4) أي بعينه أو بحد أو بخاصة.
(5) كالمجاز العقلي نحو: ?جداراً يريد أن ينقض?[الكهف:77] فإنه يستحيل قيام الجدار بالإرادة.
(6) الأمر يطلق على الفعل مجازاً، ويجمع على: (أمور)، يقال: حدث أمر عظيم. أي: حدث جسيم. ويطلق على القول حقيقة، وهو صيغة أفعل، ويجمع على: (أوامر). ويعني هنا أنه لما امتنع جمع أمر للفعل على أوامر، علم أن المراد به المجاز لا الحقيقة. وشكك غير واحد في صحة هذا المثال. أنظر شرح الغاية 278. وهناك مثال آخر وهو: لفظ اليد إذا أطلق مجازاً على النعمة، فإنه يجمع على أيادي بخلاف الحقيقة، فإنه يجمع على أيدي إذا أريد به الحقيقة، يعني الجارحة.
(7) وذلك بأن يُعلم له معنى حقيقي وقد اشتُق من ذلك اللفظ باعتبار ذلك المعنى. ولم يشتق منه باعتبار معنى له آخر متردد في كونه فيه حقيقة أو مجازاً؛ كأمر فإنه اشتق منه بمعنى القول إذ قيل: آمر ومأمور ولم يشتق منه بمعنى الفعل. فيكون في الفعل مجازاً لعدم الإشتقاق منه بهذا المعنى.
(8) بأن يستعمل لوجود معنى في محل، ولا يجوز استعماله في محل آخر، مع وجود ذلك المعنى فيه، كـ: (نخلة) تطلق على إنسان لطوله، ولا تطلق على الجبل مع طوله.(1/67)
؛ خِلافٌ.
(20) فصل (القاسمية(1)، والشافعي): ويصح أن يراد باللفظ حقيقته ومجازه، كالمسِّ، إذ لا مانع عقلي ولاَ لغوي، خلافاً (لأبي حنيفة، وأبي هاشم، وأبي عبد الله).
(21) فصل والأعلام ليست بحقيقة ولا مجاز، وكذا غيرها من الألفاظ، بعد الوضع وقبل الاستعمال لا بعده؛ فلا يخلو عنهما أو عن الكناية.
ولا تستلزم الحقيقة مجازاً اتفاقاً بين الأصوليين؛ إذ من الحقائق ما لا مجاز له(2) /17/، واخْتُلِف في استلزام المجاز لها، والمختار - وفاقاً (للجمهور) -: أنه لا يلزم، كالرحمن(3) وعسى(4).
(22) فصل والقرينةُ لغةً: بعيرٌ صعبٌ يُقرن بذلول. واصطلاحاً: ما أوجب صرفاً(5) أو تخصيصاً(6)، قيل: أو تكميلاً(7). وتنقسم في نفسها إلى: لفظية، ومعنوية.
__________
(1) القاسمية، هم: المتفقهون على أصول وفتاوى الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي رضي الله عنه. تخريجاً وتفريعاً، تحدثنا عنهم في المقدمة.
(2) مثل الأسماء المبهمة، كالمذكور والمعلوم والمجهول.
(3) فإنه مجاز في الباري تعالى، ولم يستعمل في حقه تعالى على الحقيقة إذ معناه ذو الرحمة، ومعناها الحقيقي لا وجود له فيه تعالى، لأن معناها رقة القلب ولم يستعمل في غيره، وأما قولهم رحمان اليمامة فليس باستعمال صحيح. ذكر ذلك في شرح الغاية 1/287.
(4) وحبذا ونحوها من أفعال المدح؛ فإنها أفعال ماضية وقد انسلخت عن الدلالة على الزمان والحدث، فهي مستعملة في غير ما وضعت له. والإجماع على أن كل فعل موضوع لحدث وزمان معين، ولم يوجد استعمالها في ذلك بعد الإستقراء على أن عدم استعماله في المعاني الزمنية معلوم من اللغة.
(5) أي عن معناه الحقيقي إلى المجاز.
(6) أي لبعض معانيه بأن يراد به بعضها وذلك في المشترك والعام.
(7) سيأتي شرح المكملة والتمثيل لها.(1/68)
فاللفظيَّة: اللفظ المستعمل لدفع الاحتمال في غيره، وتكون (متصلة)، وهي غير المستقلة بنفسها، كتخصيص عموم الكتاب أو السنة بالإستثناء، أو الصِّفَة، أو الشَّرط، أو الغاية. و(منفصلة): وهي المستقلة بنفسها كتخصيص عمومهما بالمستقل منهما أو بالإجماعين اللفظيين.
والمعنوية: الموضحة لإبهام ما سبق من غير لفظ، وتكون: (عقلِيَّة)، ضرورية، وهي: المستندة إلى العقل بلا واسطة نظر، نحو: ? تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ?[الأحقاف:25] وتسمى الحاليِّة. واستدلالية: وهي المستندة إليه بواسطة النظر كالمخصصة لغير المكلَّفين من عموم خِطاب التكليف وما يترتب عليه كالوعيد. (وسمعيَّةٌ) وهي: المُسْتَنِد إيضاحها إلى السمع، كالفعل، والترك، والتقرير المخصِصَة لعموم الشرع(1). (وعرفيَّةٌ): وهي المستنِدَة إلى العرف، وتسمى العادية(2).
__________
(1) مثال الفعل: ما روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه نهى عن استقبال القبلتين بقضاء الحاجة، ثم رؤي وهو يقضي حاجته وهو مستقبل القبلة. ومثال الترك: ما ورد من أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم توضأ وغسل كل عضوٍ من أعضاء الوضوء ثلاثاً، ثم توضأ وغسل كل عضو مرة، ثم مرتين، فكان الترك لغسل المرتين قرينة عدم الوجوب. ومثال التقرير ما روى أنه صلى اللّه عليه وآله وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر، ثم رأى من يصلي بعد العصر، فقال: ما هذه الصلاة؟ فقال المصلي ركعتا الظهر، فسكت النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم.
(2) مثاله: من حلف أنه لا يأكل اللحم، وفي عرفه أن السمك ليس بلحم، فإنه إذا أكله لم يحنث.(1/69)
وتنقسم باعتبار فائدتها إلى: رافعة، وهي: الموجبة صرف اللفظ عن ظاهره، لفظية كانت أو معنوية(1)، وتختص بالمجاز. ومخصصة /18/: وهي الموجبة قصر العام على بعض مدلوله، والمشترك على أحد محتملاته، وتختص بهما(2). قيل: وإلى مكَمِّلة، وهي تمام فائدة خطاب بخطاب(3) أو بغير خطاب كعلل القياس(4)، ونحوها من التعلقات المخصوصة(5).
[مباحث في المترادف]
(23) فصل وَالمتَرادف: لفظان فصاعداً لمعنى واحدٍ، وهو وَاقعٌ عند (أئمتنا، والجمهور)، خلاَفاً (لثعلب، وابن فارس)(6). ويقع كل منهما مكان الآخر إلا في المتعبَّد به(7)، وتكون من واضعٍ أو واضعين.
وفائدته: التوسعة، وتيسير النظم والنثر، والتجنيس.
__________
(1) اللفظية مثل: رأيت أسداً يرمي، وغير اللفظية مثل: ?واسأل القرية?.
(2) أي: العام والمشترك.
(3) في (أ): فائدة بخطاب. ولعل الصواب ما أثبته، قال في النظام: قال في المسودة: نحو أن يرد خطاب بعصيان مخالف الأمر، وخطاب آخر بأن العاصي في النار، فيعلم أن مخالف الأمر في النار. ونظَّره بأن كل واحد من الخطابين مستقل بفائدته، وإنما الخطاب الثالث لازم للخطابين معاً. أما في الدراري: فقد جعل ذلك ثلاثة ضروب، فلتراجع.
(4) وذلك كما ورد في الخبر النبوي: (لا تبيعوا البر بالبر..)، فإنه ألحق بالأشياء المذكورة كل مكيل للاشتراك في العلة. واعترضه الجلال.
(5) وذلك نحو أن يخاطب النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بخطاب له معنيان لغوي وشرعي، وهما في الإستعمال على سواء، كقوله: (الوضوء مما مست النار)، فإنا نحمل مراده على المعنى الشرعي؛ لأنه منفذ لتعاليم الشريعة، ما لم تقم قرينة على خلافه.
(6) ابن فارس: هو أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني، نحوي ولغوي مشهور، توفي (393 هـ). يتيمة الدهر 3/214.
(7) فإنه يجب النطق به كما تعبدنا به.(1/70)