والرازي): تدل على المعنيين اللغوي والشرعي معاً.
ثم اختلفوا؛ فـ(الإمام، والغزالي): تدل عليهما حقيقة. (الرازي): تدل على اللغوي حقيقة، وعلي الشرعي مجازاً، وتوقف (الآمدي)(1).
وتكون متواطئة كالحج(2)، ومشتركة كالصلاة(3).
(15) فصل واللفظ المراد به اللازم إن قامت قرينة على عدم إرادة ما وُضِعَ له فمجاز، وإلا فكناية /14/. وهي: لفظ أريد به لازم ما وضع له مع جواز إرادته معه، كطويل النَّجَاد(4).
والمجاز لغة: العُبُور، واصطلاحاً: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له في اصطلاح به التخاطب(5)، على وجه يصح(6)، مع قرينة عدم إرادته.
وينقسم إلى: لغوي، كأسد للشجاع. وعرفي عام: كدابة لكل ما دَبَّ. أو خاص: كاستعمال اصطلاح أهل كل علم في غيره، كالجوهر للنفيس(7). وشرعي كالصلاة للدعاء.
__________
(1) الآمدي: هو أبو الحسن علي بن محمد بن سالم التغلبي، سيف الدين الآمدي، من مشاهير علماء الشافعية في الأصول. توفي (631هـ). طبقات الشافعية 5/129.
(2) فهو يطلق على: التمتع، والإفراد، والقران.
(3) فهي مشتركة بين الصلوات الخمس، وصلاة الجمعة، وصلاة العيدين، وصلاة الجنائز.
(4) هذا يعني أن الكتابة استعمال اللفظ فيما وضع له ولكن المستعمل يريد لازم المعنى الموضوع له.
(5) أما قوله: باصطلاح به التخاطب، فالمراد به دخول المجاز المستعمل فيما وضع له في اصطلاح آخر، كلفظ الصلاة إذا استعمله المخاطب بعرف الشرع في الدعاء مجازاً، فإنه وإن كان مستعملاً فيما وضع له في الجملة، فليس مستعملاً فيما وضع له في الاصطلاح الذي وقع به التخاطب.
(6) معنى استعمل على وجه يصح أن يكون مع العلاقة المعتبر نوعها، فيخرج الغلط كقولك: خذ هذا الكتاب. مشيراً إلى الثوب.
(7) إذا استعمله المتكلم للنفيس، مع أنه عنده الذي لايقبل القسمة.(1/61)
(16) فصل وهو واقع، خلافاً (للفارسي(1)، والإسفرائيني)(2) مطلقاً، و(للإمامية(3)، والظاهرية) في الكتاب، و(للظاهرية) في السنة، وحملوا المجازات الواردة على الحقيقة. (ابن جني)(4): وهو الأغلب في اللغة.
__________
(1) الفارسي: هو أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار النحوي من كبار علماء النحو واللغة العربية وأصول الفقه توفي ببغداد عام (377 هـ). إنباه الرواه 1/273.
(2) الإسفرائيني: هو أبو إسحاق وقيل: هو أبو حامد أحمد بن محمد بن أحمد أصولي مشهور، توفي (406 هـ).
(3) ينظر في نسبة منع المجاز في القرآن إلى الإمامية فكثير من كتبهم تحكي خلاف ذلك. والمراد بالإمامية: الطائفة الإثنا عشرية، وهي التي تعتقد أن النبي (ص) نص على إمامة إثني عشر إماماً بأسمائهم وصفاتهم.
(4) ابن جني: هو أبو الفتح عثمان بن جني من أئمة النحويين، من أشهر كتبه في النحو كتاب (الخصائص) توفي (392 هـ).(1/62)
ويقع في المفرد والمركب كالحمار للبليد، وَشابَت لِمَّةُ الليل(1). ومنعه (السكّاكي(2)، وابن الحاجب): في التركيب(3).
__________
(1) فإن هذه الجملة تطلق لظهور الفجر، وإسناد الشيب للمة الليل كلاهما مجاز.
(2) السكاكي ، هو: يوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي أبو يعقوب الخوارزمي، كان إماماً كبيراً عالماً متبحراً فى النحو والتصريف، وعلمي المعاني والبيان والعروض والشعر، توفي سنة ست وعشرين وستمائة رحمه الله تعالى. طبقات الحنفية1/225.
(3) أي المجاز الذي يكون في الإسناد، لا المجاز المركب مطلقاً، فإن السكاكي لم يمنعه كما هو معروف مصرح به في (المفتاح)، وأما المجاز العقلي أعني المجاز في الإسناد، في نحو: أنبت الربيع البقل، فإنه قال : الذي عندي نظمه في سلك الاستعارة بالكناية، بجعل الربيع استعارة بالكناية عن الفاعل على الحقيقة بواسطة المبالغة في التشبيه، وجعل سبب الإنبات إليه قرينة الإستعارة . وابن الحاجب حكم بأن التجوز في المسند لافي الإسناد، فجعله مجازاً عن المعنى الذي يصح اسناده إلى المسند إليه المذكور، مثلاً جعل الانبات في قولنا: أنبت الربيع البقل. مجاز عن السبب العادي، والجد في قولنا: جد جده. عن الاشتداد أي اشتد جده. كذا في هامش الفصول.(1/63)
وإنما يُعْدَل عن الحقيقة لأمرٍ يرجع إليها، كثقلها(1) أوجهلها(2)، أو نحو ذلك كبلاغته(3) أو شهرته(4) أو نحو ذلك(5).
(17) فصل ولا بد من علاقة بين المدلول الحقيقي والمجازي، فإن كانت غير المشابَهة بينهما؛ فالمجاز المرسل، وإلا فالاستعارة، فإن ذكر فيها المشبه به فالتحقيقية /15/، وإن ذكر المشبه؛ فالمكنى عنها.
وقد حُصرت العلاقة بحسب الاستقراء في ثلاثة وعشرين نوعاً:
إطلاق اسم أحد المتشابهين على الآخر، إما في شكل كالإنسان على الصورة، أو في صفة ظاهرة، كالأسد على الشجاع، لا على الأبخر(6) لخفائها. وتسمية الشيء باسم ما كان عليه، كالعبد. وباسم ما يَؤُول إليه، كالخمر. وإطلاق اسم المحل على الحال، نحو جَرَى المِيْزَاب. وعكسه(7). وإطلاق السبب على المسبب(8)
__________
(1) ثقلها، كالْخُنْفقيق، اسم للداهية، فيعدل عنه إلى الحادثة، فإن الحدوث لازم لها.
(2) وجهلها، كإطلاق: (المشفر) على شفة الإنسان، لجهل المتكلم والسامع باسمها الحقيقيَّ، مع العلم بأن الموضوع له الحقيقي غير لفظ المشفر وهو الشفة.
(3) نحو: رأيت بدراً فإنه أبلغ من قولك: رأيت إنساناً كالبدر.
(4) بأن يكون أشهر من الحقيقة كالمشفر لشفة الإنسان، وهو في الحقيقة لشفة البعير.
(5) كأن يستبشع التصريح بها، نحو: ?أو لامستم النساء?، فإنما عدل عن الحقيقة لشناعتها على اللسان ومجانبتها الخلق والحياء.
(6) الأبخر هو: الذي يخرج يشم نتن من فمه.
(7) نحو: ?ففي رحمة اللّه هم فيها خالدون?[آل عمران: 107]، أي: في الجنة التي حلت بها الرحمة، فأطلق الحالّ على المحل.
(8) نحو: رعت الماشية الغيث ـ أي النبات ـ قال الشاعر:
... ... ... إذا سقط السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضاباً(1/64)
. وعكسه(1). واسم الكل على البعض(2). وعكسه(3). والمطلق على المقيد(4). وعكسه(5). والخاص على العام(6). وعكسه(7). وحذف المضاف مع إقامة المضاف إليه مقامه، أو من دون إقامته(8)، ويسمى مجاز النقص. وعكسه(9)
__________
(1) نحو: أمطرت السماء نباتاً، أي: مطراً.
(2) نحو: ?يجعلون أصابعهم في آذانهم?[البقرة:19]، وإنما جعلوا أناملهم، وهي: رؤوس الأصابع.
(3) نحو: ?فتحرير رقبة مؤمنة?[النساء: 92]، والمراد عبد أو أمة.
(4) نحو قول الشاعر:
فيا ليت كل اثنين بينهما هوى ... من الناس قبل اليوم يلتقيان
... ... يعني قبل يوم القيامة.
(5) نحو قول شريح: أصبحت ونصف الناس علي غضبان. يريد: أن الناس محكوم عليه ومحكوم له، فالمحكوم عليه غضبان، لا نصف الناس على التعديد.
(6) نحو قوله تعالى ـ حاكياً عن محمد ـ: ?وأنا أول المسلمين? ولم يرد الكل؛ لأن الأنبياء قبله كانوا مسلمين.
(7) نحو قوله تعالى: ?وحسن أولئك رفيقاً? ـ أي: رفقاء.
(8) إقامة المضاف إليه مقامه نحو: ?واسأل القرية? ـ يعني أهلها، أو من دون إقامته نحو: ?تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخِرَةِ? ـ يعني: واللّه يريد عرض الآخرة.
(9) وهو حذف المضاف إليه نحو قوله:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني
يعني ابن رجل جلا.(1/65)