(4) فصل والمفرد عند (النُّحاة): ما لا يدل جزؤه على جزء معناه، والمركَّب بخلافه. فإن أفاد نسبة يصح السكوت عليها؛ فهو الكلام. وأقل ائتلافه من: اسمين، أو من فعل واسم.
(5) فصل وَدلاَلة المفرَد عَلى ما وضع له: مطابقة، كدلالة عشرة على خمستين، وعلى جُزئه تَضَمُّن، كدلالتها على خمسة، وعلى لازمه التزام، كدلالتها على كونها زوجاً. والأولى وضعيَّة اتفاقاً(1)، والثالثة عقلية اتفاقاً(2)، والأصح في الثانية أنها وضعيَّة(3). وشرطُ اللُّزومِ كونه ذِهنياً، وإن لم يكن خارجيَّاً(4)في الأصح. وقد تُسمى الثلاث وضعيِّة(5).
__________
(1) لأنها استعمال شيء فيما وضع له.
(2) لأن دلالة اللفظ على لازمه إنما هي من جهة أن العقل يحكم بأن حصول الملزوم في الذهن يستلزم حصول اللازم.
(3) وعند علماء المعاني أنها عقلية، ونص الرازي على أن دلالة التضمن والالتزام عقلية، وقال: إن كان اللازم داخلاً في المسمى فهو التضمن، وإن كان خارجاً فهو التزام.
(4) اللزوم الخارجي هو: ما يلزم من تحقق المسمى في الخارج تحققه فيه، ولا يلزم من ذلك انتقال الذهن، كوجود النهار لطلوع الشمس، واللزوم الذهني هو: ما يلزم من تصور المسمى في الذهن تصوره فيه، كالزوجية لاثنين. أنظر: (التعريفات) للجرجاني 245 ـ 246.
(5) بمعنى أن للوضع مدخلاً في ذلك، لا بمعنى أن اللفظ موضوع لذلك المدلول.(1/51)
(6) فصل وهو(1)موضوعٌ للمعنى الخارجي. وقيل: للذهني. وقيل: للمعنى من حيث هو هو. ولا يجب أن يوضع لفظ لكل معنى(2) إلا فيما دعت إليه الحاجة(3)، ووضعه للمعنى الجلي لا الخفي إلا على الخواص ، كما يقول مثبتو المعاني : الحركة معنىً يوجب تحرك الذات(4). ولذلك ضعف استدلال الأشعرية على إثبات المعاني القديمة بنحو أنزله بعلمه(5).
__________
(1) أي: اللفظ المستعمل المقسم إلى مفرد ومركب.
(2) لأن المعاني التي يمكن فهمها غير متناهية، ولذلك لم يضعوا لأنواع الروائح ألفاظاً تخص كلاً منها، واكتفوا بإضافتها إلى محالها، كرائحة مسك ورائحة عنبر.
(3) كالعموم والخصوص، مثل كل وبعض .
(4) وهم الأشاعرة وتسمى تلك المعاني الأحوال، وهي: الواسطة بين الوجود والعدم، ولم يثبتها إلا بعض الأشاعرة، وبعض المعتزلة، ومعنى ذلك: أن الحركة معنى يوجب للذات كونها متحركةً، وإنما أراد مثبتو المعاني أن الحركة اسم للمتحركية الموجبة لتحرك الذات. والواقع أنه لا مسمى للحركة إلا كون الجسم منتقلاً، وإذا كان ثم معنىً آخر كما يقولون، فهو خفي لا يعرفه إلا الخواص.
(5) وذلك حيث جعلوا صفات اللّه تعالى معاني قديمة، فقالوا: علم اللّه اسم لمعنى قديم هو: العالمية، وكذلك قالوا في: حي وقادر وموجود ونحوها.(1/52)
(7) فصل (أئمتنا(1)، والمعتزلة (2)، واللغويون، والنحاة): والكلامُ حقيقةٌ في المسموع، مجازٌ في غيره، كالنفساني، وهو: تصوُّر /9/ الكلام. فأُطلق على التصور مجازاً تسمية له باسم مَا يؤول إليه. (الأشعرية) (3): بل هو معنىً قديم في الغائب، مُحْدَث في الشَّاهد، ولفظه مشترك بينه وبين المسموع. وعن بعضهم: حقيقة في النفساني مجازٌ في غيره. واتفقوا على أن كلام الأصولي على المسموع. وفي تسمية الكلام خطاباً في الأزل خلافٌ بينهم.
(8) فصل وينقسم(4) إلى: خَبَر وإنشاء؛ لأنه إما أن يكون لِنِسْبَتِهِ خارج في أحد الأزمنة الثَّلاثة، أو لا. الأول: الخبر. والثاني الإنشاء. ويُسمَّى: تنبيهاً(5). وينقسم الخبر إلى: صِدْقٍ وكَذِبٍ لا غيرهما، خلافاً للجاحظ، وسيأتي. والإنشاء إلى: أمرٍ، ونهي، واستفهام وَيُسَمَّى: استخباراً، وإلى: تمنٍّ، وَتَرَجٍّ، وَعَرْضٍ، ونداءٍ وغيرها(6).
__________
(1) أينما أططلق فالمراد به أئمة الزيدية، إما جميعاً أو الأكثر منهم.
(2) فرقة إسلامية كبرى، إشتهرت في تاريخ الثقافة والفكر الإسلامي، وتميزت بآراء عميقة ومتحررة، معظم مشاركتهم في مسائل علم الكلام، وأغلب أقوالهم في كتب أصول الفقه في المسائل التى لها صلة بعلم الكلام.
(3) فرقة إسلامية شهيرة، كثر الصراع بينها وبين المعتزلة في مختلف العصور الإسلامية، ومعظم مشاركتها في مسائل علم الكلام وما له صلة بذلك.
(4) أي: الكلام.
(5) قيل: لأنه ينبه على ما في ضمير المتكلم.
(6) الدعاء، والقسم، والتعجب وأفعال الذم والمدح.(1/53)
(9) فصل (جمهور المعتزلة): ولكل منهما حكم(1) يتميز به عن الآخر، معللٌ بالفاعل بواسطة الإرادة(2). (المنصور(3)، والإمام، والملاحميَّة): لا حكم لهما. (الشيخ): (4) للخبر حكم دون الإنشاء.
واختلف في الأمر لماذا كان أمراً ؟ فالأقلون: لا يعلل ذلك. والأكثرون: بل يعلل. فـ(البغدادية(5)، والفقهاء): لذاتِه. و(أئمتنا، والبصرية)(6): لإرادة المأمور به. (الأشعرية): لإرادة /10/ كونه أمراً.
(10) فصل والمفرد إما أن يتَّحد ويتحد مدلوله، أو يتعددا، أو يتحد ويتعدد مدلوله، أو عكسه.
__________
(1) المراد بالحكم هنا : نسبة مَّا بين شيئين.
(2) يعني أن العلة إرادة الفاعل، لا أن الفاعل هو نفسه العلة من غير إرادة. انظر: الدراري، والنظام.
(3) المنصور: هو الإمام المنصور بالله عبد اللّه بن حمزة بن سليمان من أئمة الزيدية في اليمن، له مشاركة في فنون كثيرة، توفي (614 هـ).
(4) الشيخ، هو: الشيخ الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن أبي الطاهر الرصاص، صاحب (الفائق)، من كبار علماء الزيدية المبرزين في الأصول، توفي بهجرة سناع بحدة جنوبي صنعاء في شوال سنة أربع وثمانين وخمسمائة. وأينما أطلق (الشيخ) في هذا الكتاب فهو المراد.
(5) البغدادية: اسم يطلقه الأصوليون على إحدى مدراس المعتزلة، وقد ذكر أنه تزعمها بشر بن المعتمر، وهم يميلون إلى التشيع.
(6) البصرية: لقب أطلقه المتكلمون على إحدى مدارس المعتزلة، وقد ذكر أن أبا الهذيل الملقب بالعلاف كان رئيس هذه المدرسة وإمامها. انظر طبقات المعتزلة للإمام المهدي.(1/54)
فالأوَّل: إِنْ منع تَصَوُّرُ معناه الشركةَ فيه؛ فجزئي حقيقي كزيد(1)، أو إضافي كالنوع باعتبار الجنس(2). وإلا فكلي؛ متواطئ إن استوى، كحيوان(3)، ومشكِّك إن تفاوت، كالموجود(4). ثم هو ذاتي وعرضي، كحيوان ومتنفِّس.
والثاني: المتباين، كأسد، وفرس، وثور، ومفترس، وصاهل، وحارث.
والثالث: إن كان حقيقة في مدلولاته؛ فمشترك كنظر، وناظر(5). وإلا فحقيقة ومجاز كبحر، وزاخر.
والرابع: المترادف، كقعود وجلوس، وقاعد وجالس. وكلها مشتق وغير مشتق.
(11) فصل وَالعَلَمُ ما وُضع لمعيَّن لا يتناول غيره بوضعٍ واحد، فإن كان التعيين خارجياً، فَعَلَمُ الشخص، كزيد، وإلا فعَلَمُ الجنس كأسامة(6)، فإن سبق له وضع في النكرات، فهو المنقُول كأسد(7)، وإلا فهو المُرتَجَل كعمران. واسم الجنس: ما وضع لشيء لا بعينه كرجل.
[مباحث في المشترك اللفظي]
__________
(1) لأن زيداً لما كان اسماً يُتَصَوَّر به شخص معين، امتنعت إمكانية الشركة فيه.
(2) كإنسان باعتبار جنسه الذي هو حيوان، وكذا حيوان باعتبار ما فوقه، أما باعتبار أفراده فهو متواطئ.
(3) فإن كلمة: حيوان تطلق على أفراده، كالبقرة والحصان والجمل وغيرها، على حد سواء.
(4) فإن ثبوت مسماه لواجب الوجود وهو الله، أولى من ثبوته لممكنه. وهو المخلوق.
(5) فالنظر مشترك بين الفكر والبصر، وناظر مشترك بين الناظر إلى الشيء والمنتظر له.
(6) وذلك لأن زيداً موضوع لشخص في الخارج، أما أسامة للأسد، فإنما هو موضوع للحقيقة الذهنية، لا لشخص منها معين.
(7) يعني: لمن سمي من الناس بأسد.(1/55)