حدثني علي بن العباس المقانعي، قال: أنبأنا بكار بن أحمد بن اليسع الهمداني قال: حدثني علي بن عبد الرحمن، عن عبيد بن يحيى، قال: حدثنا موفق قال: بعثني إبراهيم بن عبد الله إلى الكوفة بكتب، فجئت بها فأوصلتها وأخذت جواباتها فجعلتها في جرة - يعني ملة - وكسرتها وجعلتها في جرابي ومضيت إليه، فأخذت في اثنتي عشرة مسلحة، وأحلف بالطلاق والعتاق، والحل والحرام، وصدقة ما أملك، ما أنا لإبراهيم شيعة ولا أهوى هواه ولا أضمر إلا مثل ما أظهر. وانتهيت إليه في اليوم الثالث عند صلاة الفجر، فلما رآني بكيت ووثب إلي وسيفه بيده فقال لي: مه، ما وراءك يا أبا عبد الله؟ وما يبكيك؟ وما خلفك؟ قلت: الخير، قال: ما مع البكاء خير، فأخبرته بما لقيته من المسالح، والأيمان، فقال لي: أهذا الذي أبكاك؟ قلت نعم، قال: يا أبا عبد الله أمسك عليك أهلك، ومالك، ومملوكك، فإذا لقيت الله - عز وجل - غداً فقل: إن إبراهيم بن عبد الله أمرني بالمقام على ذلك الوفاء، والله لهم بأيمانهم كفر.
حدثنا محمد بن العباس اليزيدي على سبيل المذاكرة، قال: حدثني عمي، عن أبيه، عن جده أبي محمد اليزيدي - فيما أرى - ، قال: كان إبراهيم بن عبد الله جالساً ذات يوم فسأل عن رجل من أصحابه فقال له بعض من حضر: هو عليل والساعة تركته يريد أن يموت، فضحك القوم منه، فقال إبراهيم: والله لقد ضحكتم منها عربية، قال الله عز وجل: " فوجدوا فيها جداراً يريد أن ينقض فأقامه " يعني يكاد أن ينقض.
قال: فوثب أبو عمرو بن العلاء فقبل رأسه، وقال: لا نزال والله بخير ما دام مثلك فينا.
حدثنا أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عمار الثقفي، قال: حدثني علي بن محمد النوفلي، عن أبيه، محمد بن سليمان: أن إبراهيم بن عبد الله نزل على المفضل الضبي في وقت استتاره - قال: وكان المفضل زيدياً - فقال له إبراهيم: ائتني بشيء من كتبك أنظر فيه، فإن صدري يضيق إذا خرجت، فأتاه بشيء من أشعار العرب، فاختار منها قصائد وكتبها مفردة في كتاب.
قال المفضل: فلما قتل إبراهيم أظهرتها، فنسبتها إلي، وهي القصائد التي تسمى " اختيار المفضل " السبعين قصيدة، قال: ثم زدت عليها وجعلتها مائة وثمانية وعشرين.
خبر بشير الرحال في خروجه مع إبراهيم بن عبد الله حدثنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم، قال: حدثني أبو زيد، قال: حدثني عبد الله بن محمد العبسي عن أبيه، قال: لما عسكر إبراهيم خرجت لأنظر إلى عسكره متقنعاً، فقال بشير: ويتقنعون وينظرون من بعيد! أفلا يتقنعون لله عز وجل في الحديد. قال: فخفته فجلست بين الناس.
حدثنا يحيى، قال: حدثنا أبو زيد قال حدثنا عمر، قال: حدثني خلاد بن زيد، قال: حدثني عثمان بن عمر، قال أبو زيد: وحدثني سعيد بن حبيب، مولى بني حنيفة، عن زياد بن إبراهيم، قال أبو زيد: وحدثني أيضاً محمد بن موسى الأسواري، دخل حديث بعضهم في حديث بعض من قصة بشير الرحال: وأول خبر خروجه مع إبراهيم أن السعر غلا مرة بالبصرة، فخرج الناس معه على الصعبة والذلول إلى الجبانة يدعون، فكان القصاص يقومون فيتكلمون ثم يدعون، فوثب بشير فقال: شاهت الوجوه، ثلاثاً، عصي الله في كل شيء، وانتهكت الحرم، وسفكت الدماء، واستؤثر بالفيء، فلم يجتمع منكم اثنان فيقولان: هل نغير هذا وهلم بنا ندع الله أن يكشف هذا، حتى إذا غلت أسعاركم في الدينار بكيلجةٍ جئتم على الصعب والذلول من كل فج عميق تصيحون إلى الله أن يرخص أسعاركم، لا أرخص الله أسعاركم، وفعل بكم وفعل.
قال: وصليت يوماً إلى جنب بشير الرحال، وكان شيخاً عظيم الرأس واللحية، ملقياً رأسه بين كتفيه، فمكث طويلاً ساكتاً، ثم رفع رأسه فقال: عليك أيها المنبر لعنة الله وعلى من حولك، فوالله لولاهم ما نفذت لله معصية، وأقسم بالله لو يطيعني هؤلاء الأبناء حولي لأقمت كل امرئ منهم على حقه وصدقه، قائلاً للحق أو تاركاً له، وأقسم بالله لئن بقيت لأجهدن في ذلك جهدي أو يريحني الله من هذه الوجوه المشوهة المستنكرة في الإسلام.
قال: فوالله لخفنا ألا نتفرق حتى توضع في أعناقنا الحبال.
قال:(1/91)


وكان السائل يقف على بشير يسأله فيقول له: يا هذا إن لك حقاً عند رجل ها هنا، وإن أعانني عليه هؤلاء أخذت لك حقك فأغناك، فيقول السائل: فأنا أكلمهم، فيأتي الخلق في المسجد الجامع فيقول: يا هؤلاء، إن هذا الشيخ زعم أن لي حقاً عند رجل، وإنكم إن أعنتموه أخذ لي حقي، فأنشدكم الله إلا أعنتموه. فيقولون له: ذلك شيخ يعبث.
قال: وكان بشير يقول يعرض بأبي جعفر: أيها القائل بالأمس: إن ولينا عدلنا، وفعلنا وصنعنا، فقد وليت فأي عدل أظهرت؟ وأي جور أزلت وأي مظلوم أنصفت؟ آه. ما أشبه الليلة بالبارحة إن في صدري حرارة لا يطفيها إلا برد عدل أو حر سنان.
وكان الذي خطب بذلك محمد بن سليمان: قال: فبكى حتى كاد أن يسقط عن المنبر. وأحبه النساك. وقالوا: ملك مترف. وذكر ذنبه فأبكاه. فبكى.
وصول مقتل إبراهيم بن عبد الله إلى أخيه إبراهيم، وحركته للنهوض إلى باخمري، وتوجبه أبي جعفر القواد إليه ومقتله حدثنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن حماد الثقفي عمن أخبره، قال أبو زيد، وحدثني محمد بن الحكم، بن عبيدة، عن جده مسعود بن الحارث، قال: لما كان يوم الفطر شهدنا إبراهيم، وكنا قريباً من المنبر، وعبد الواحد بن زياد معنا، فسمعت إبراهيم يتمثل بهذه الأبيات:
أبا المنازل يا خير الفوارس من ... يفجع بمثلك في الدنيا فقد فجعا
الله يعلم أني لو خشيتهم ... وأوجس القلب من خوف لهم فزعا
لم يقتلوه ولم أسلم أخي لهم ... حتى نموت جميعاً أو نعيش معا
ثم بكى فقال: اللهم إنك تعلم أن محمداً إنما خرج غضباً لك، ونفياً لهذه المسودة وإيثاراً لحقك فارحمه واغفر له، واجعل الآخرة خير مرد له، ومنقلب من الدنيا. ثم جرض بريقه وتراد الكلام في فيه وتلجلج ساعة، ثم انفجر باكياً منتحباً، وبكى الناس. قال: فوالله لرأيت عبد الواحد بن زياد اهتزله من قرنه إلى قدمه، ثم بلت دموعه لحيته.
حدثنا يحيى، قال: حدثنا عمر، قال: حدثنا عبد الله بن شيبان، قال: قال إبراهيم بن عبد الله: ما أتى علي يوم بعد قتل محمد إلا استطلته حباً للحاق به.
حدثنا يحيى، قال: حدثنا أبو زيد، قال حدثنا عمر عن النضر بن حماد وغيره: أن إبراهيم خرج فعسكر بالمأجور يريد قصر أبي جعفر بالكوفة وقتاله.
حدثنا يحيى، قال: حدثنا عمر، قال: حدثنا سليمان بن أبي شيخ، قال: حدثني عبد الواجد من آل خليفة بن قيس، قال: كان على ميسرة إبراهيم برد بن لبيد اليشكري.
حدثني يحيى، قال: حدثنا عمر قال حدثني إبراهيم بن سلام، قال: حدثني أخي عن أبي قال: كان على ميمنة إبراهيم عيسى بن زيد.
قال أبو الفرج: وهذا الحديث يبطل حديث الجعفري في اعتزال عيسى إبراهيم، وهذا أصح.
حدثنا يحيى بن علي، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني محمد بن معروف عن أبيه، وحدثني محمد بن موسى الأسواري: أن أبا جعفر كتب إلى عيسى، وهو بالمدينة: إذا قرأت كتابي هذا فأقبل، ودع ما أنت فيه. فلم يلبث أن قدم فوجهه على الناس. وقدم سلم بن قتيبة فضمه إلى جعفر بن سليمان، وبعثه مع عيسى فأنف جعفر من طاعة عيسى فكان في ناحية الناس.
أخبرنا يحيى بن علي، والعتكي عمر بن عبد الله، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني عبد الله بن الوارث، قال: حدثنا هاشم بن القاسم، قال: أراد المضاء أن يبيت عيسى بن موسى فمنعه بشير.
حدثنا يحيى، قال: حدثنا سعيد بن ستيم، عن عمه: أن عبد الواحد بن زياد أشار على إبراهيم بأن يبيت عيسى، فقالت الزيدية: إنما البيات من فعال السراق.
قال: فارجع إلى البصرة ودعنا نقاتل عيسى فإن هزمنا أمددتنا بالإمداد، فقالت الزيدية: أترجع عن عدوك وقد رأيته؟.
قال: فخندق على عسكرك، فقالت الزيدية: أتجعل بينك وبين الله جنة؟.
فقال عبد الواحد: أما لولا أن يقال: إني أوردتك ثم لم أصدرك لعرفت وجه الرأي.
قال عمر: وحدثني إبراهيم بن سلم، عن أخيه، عن أبيه سلم: أنه قال له: اجعل عسكرك كراديس، إذا هزم منهم كردوس ثبت كردوس، فقالوا: لا نكون إلا صفاً واحداً كما قال الله تعالى: " كأنهم بنيان مرصوص " .(1/92)


أخبرنا عمر بن عبد الله، ويحيى بن علي، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني إبراهيم بن محمد الجعفري، قال: حدثني أبي، قال: لما تصاف العسكران، خرج رجل أزرق طويل، لكأني أنظر إليه من عسكر عيسى فقال: يا أصحاب إبراهيم أنا والله قتلت محمداً. قال: فخرج إليه أربعة رهط من عسكر إبراهيم كأنهم الصقور، فابتدروه بأسيافهم، فوالله ما قلت خالطوه حتى رجعوا برأسه، والله ما نصره أحد من أصحاب عيسى.
أخبرنا عمر، ويحيى، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني أبو الحسن على الحداد من أهل بغداد، قال: حدثني مسعود الرحال الكوفي، قال: شهدت باخمري، فإني لأنظر إلى إبراهيم وهو في فسطاطه، وبين يديه علم مذهب مركوز فسمعته يقول: أين أبو حمزة؟ فأقبل شيخ قصير على فرس، فلما دنا عرفت وجهه، فإذا هو شيخ كان يعمل القلانس على باب دار ابن مسعود بالكوفة فقال له: خذ هذا العلم فقف به على الميسرة ولا تبرح.
قال: فأخذ العلم ووقف في الميسرة، والتقى الصفان، وقتل إبراهيم فانهزم أصحابه وإنه لواقف مكانه، فقيل له: ألا ترى صاحبك قد قتل وذهب الناس؟ قال: إنه قال لي: لا تبرح، فقاتل حتى عقر به، ثم قاتل راجلاً حتى قتل.
أخبر عمر ويحيى، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا محمد بن زياد قال: حدثني الحسن بن حفص، قال: سمعت شراحيل بن الوضاح يقول: كنت مع عيسى بن موسى بباخمري فهزمنا حتى جعل عيسى يقول: أهي هي؟.
وأنا أقول في نفسي: اللهم حققها، حتى وردنا على جدول، فوالله ما تركته ينفذ حتى عبرناه معاً.
حدثنا عمر، ويحيى، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني سهل بن عقيل، قال: حدثني سلم بن فرقد، قال: وحدثني غيره، قال: لما القوا هزم عيسى وأصحابه هزيمة قبيحة حتى دخل أوائلهم الكوفة، وأمر أبو جعفر بإعداد الإبل والدواب على جميع أبواب الكوفة ليهرب عليها.
قال أبو زيد: حدثني سهل بن عقيل عن سلم بن فرقد، قال: تبعهم أصحاب إبراهيم، وكان محمد بن أبي العباس معسكراً في ناحية، فلما رآهم لف أعلامه وانهزم، وأخذ على مسناة منهزماً، وكان في المسناة تعريج فنظروا إليه وقد صار في طرفيها وبعد عنهم، فكان يتبين لهم أنه خلفهم، وأنه كمين فصاحوا: الكمين الكمين، فانهزموا، وجاء سهم بيهم فأصاب إبراهيم فسقط، وأسنده بشير الرحال إلى صدره حتى مات إبراهيم وهو في حجره، وقتل بشير وإبراهيم على تلك الحال في حجرة وهو يقول: " وكان أمر الله قدراً مقدوراً " .
أخبرنا عمر، ويحيى، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا أخي أحمد، وحفص بن حكيم: أن أبا جعفر وجل من إبراهيم حتى جعل يقول ويلك يا ربيع فكيف ولم ينلها أبناؤها. فأين إمارة الصبيان؟.
أخبرنا يحيى بن علي، وعمر، قالا: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني رجل عن هشام بن محمد، قال: صبر مع إبراهيم أربعمائة يضاربون دونه حتى قتل فجعلوا يقولون: أردنا أن نجعلك ملكاً فأبى الله إلا أن يجعلك شهيداً، حتى قتلوا معه.
أخبرنا عمر، ويحيى، قالا: حدثنا عمر، قال حدثني عبد الحميد أبو جعفر، قال: سألت أبا صلابة: كيف قتل إبراهيم؟.
قال: إني لأنظر إليه واقفاً على دابة محمد بن يزيد، ينظر إلى أصحاب عيسى وقد ولوا ومنحوه أكتافهم، ونكص عيسى برايته القهقري، وأصحابه يقتلونهم وعلى إبراهيم قباء زرد، فأذاه الحر فحل أزرار القباء فشال الزرد حتى سال على يديه، وحسر عن لبته، فأتته نشابة عائرة فأصابت لبته، فرأيته اعتنق فرسه وكر راجعاً، واطافت به الزيدية.
قال أبو زيد: فحدثني ابن أبي الكرام الجعفري أنه شهد الأقطع مولى عيسى بن موسى وقد أتاه فقال: هذا وحياتك رأس إبراهيم في مخلاتي، فقال لي: اذهب فانظر فإن كان رأسه فاحلف لي بالطلاق حتى أصدقك، وإن لم يكن رأسه فاسكت، فأتيته فقلت: أرنيه فأخرجه يختلج خده، فقلت ويلك، كيف وصلت إليه؟ قال: أتته نشابة فأصابته فصرع، وأكب عليه أصحابه يقبلون يديه ورجليه، فعلمت أنه هو، فعلمت مكانه، وجعل أصحابه يقاتلون دونه لا يبالون، فلما قتلوا أتيته واحتززت رأسه. قال: فأتيت عيسى فأخبرته فنادى بالأمان.
أخبرنا عمر، ويحيى، قالا: حدثنا أبو زيد، قال حدثني إبراهيم بن سلم، عن أخيه علي قال:(1/93)


لما انهزمنا يومئذ صرنا إلى عيسى بن زيد فصبر ملياً ثم قال: ما بعد هذا متلوم، وانحاز فصرنا معه إلى قصره، فكنا فيه، فأزمعنا على أن نبيت عيسى ابن موسى فلما انتصف الليل فقدنا عيسى فانتقض أمرنا.
أخبرنا يحيى بن علي، وعمر، قالا: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني علي بن أبي هاشم، قال: حدثنا إسماعيل بن علية، قال: خرج إبراهيم في رمضان، سنة خمس وأربعين ومائة، وقتل في ذي الحجة، وكان شعارهم: أحد أحد.
أخبرنا عمر، ويحيى، قالا: حدثنا أبو زيد، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: قتل إبراهيم يوم الاثنين ارتفاع النهار لخمس بقين من ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومائة، واتى أبو جعفر برأسه ليلة الثلاثاء، وبينه وبين مقتله ثمانية عشر ميلاً، فلما أصبح يوم الثلاثاء أمر برأس إبراهيم فنصب بالسوق فرأيته منصوباً مخضوباً بالحناء.
أخبرنا عمر، ويحيى، قالا: حدثنا أبو زيد، قال حدثني عبد الحميد أبو جعفر. قال: أخرج رأس إبراهيم.
فخرجت ومنادي أبي جعفر ينادي هذا رأس الفاسق ابن الفاسق، فرأيت رأس إبراهيم في سفط أحمر، في منديل أبيض، قد غلف بالغالية، فنظرت إلى وجهه رجلاً سايل؟ رجل سائل الخدين، خفيف العارضين، أقنى، قد أثر السجود بجبهته وأنفه، وشخص ابن أبي الكرام برأسه إلى مصر.
حدثنا علي بن الحسين، قال: حدثني الحسين بن علي السلولي، قال: حدثنا أحمد بن زيد، قال: حدثنا عمي أبو معمر سعيد بن خثيم، قال حدثني يونس بن أبي يعقوب، قال: حدثنا جعفر بن محمد من فيه إلى أذني، قال: لما قتل إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بباخمري حسرنا عن المدينة، ولم يترك فيها منا محتلم، حتى قدمنا الكوفة، فمكثنا فيها شهراً نتوقع فيها القتل، ثم خرج إلينا الربيع الحاجب فقال: أين هؤلاء العلوية؟ أدخلوا على أمير المؤمنين رجلين منكم من ذوي الحجى. قال: فدخلنا إليه أنا والحسن بن زيد، فلما صرت بين يديه قال لي: أنت الذي تعلم الغيب؟.
قلت: لا يعلم الغيب إلا الله.
قال: أنت الذي يجبي إليك هذا الخراج؟.
قلت: إليك يجبى - يا أمير المؤمنين - الخراج.
قال: أتدرون لم دعوتكم؟ قلت: لا.
قال: أردت أن أهدم رباعكم، وأروع قلوبكم، وأعقر نخلكم، وأترككم بالسراة، لا يقربكم أحد من أهل الحجاز، وأهل العراق؛ فإنهم لكم مفسدة.
فقلت له: يا أمير المؤمنين، إن سليمان أعطى فشكر، وإن أيوب ابتلى فصبر، وإن يوسف ظلم فغفر، وأنت من ذلك النسل.
قال: فتبسم وقال: أعد علي، فأعدت فقال: مثلك فيكن زعيم القوم، وقد عفوت عنكم، ووهبت لكم جرم أهل البصرة، حدثني الحديث الذي حدثتني عن أبيك، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قلت: حدثني أبي، عن آبائه، عن علي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلة الرحم تعمر الديار، وتطيل الأعمار، وإن كانوا كفاراً.
فقال: ليس هذا.
فقلت: حدثني أبي، عن آبائه، عن علي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: الأرحام معلقة بالعرش تنادي: اللهم صل من وصلني، واقطع من قطعني.
قال: ليس هذا.
فقلت: حدثني أبي، عن آبائه، عن علي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل يقول: " أنا الرحمن، خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعهابتته " .
قال: ليس هذا الحديث.
قلت: حدثني أبي، عن آبائه، عن علي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ملكاً من الملوك في الأرض كان بقي من عمره ثلاث سنين، فوصل رحمه فجعلها الله ثلاثين سنة.
فقال: هذا الحديث أردت، أي البلاد أحب إليك؟ فوالله لأصلت رحمي إليكم.
قلنا: المدينة، فسرحنا إلى المدينة، وكفى الله مؤنته.
أخبرنا عمر، ويحيى، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني عمر بن إسماعيل بن صالح بن هيثم، قال: حدثني عيسى بن رؤبة، قال: لما جيء برأس إبراهيم فوضع بين يدي أبي جعفر بكى حتى رأيت دموعه على خدي إبراهيم، ثم قال: أما والله إن كنت لهذا كارهاً، ولكنك ابتليت بي، وابتليت بك.
حدثني أحمد بن محمد الهمداني، قال: قال يحيى بن الحسن، حدثني غير واحد عن علي بن الحسن، عن يحيى بن الحسين بن زيد عن أبيه الحسين عن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي، قال:(1/94)


كنت عند المنصور حين جيء برأس إبراهيم بن عبد الله، فأتى به في ترس حتى وضع بين يديه، فلما رأيته نزت من أسفل بطني غصة فسدت حلقي، فجعلت أداري ذلك مخافة أن يفطن بي، فالتفت إلي فقال لي: يا أبا محمد أهو هو؟.
قلت: نعم يا أمير المؤمنين ولوددت أن الله فاء به إلى طاعتك، وإنك لم تكن نزلت منه بهذه المنزلة.
قال: فأنا وإلا فأم موسى الطلاق - وكانت من غاية أيمانه - لوددت أن الله فاء به إلى طاعتي، وأني لم أكن نزلت منه بهذه المنزلة، ولكنه أراد أن ينزلنا بها، وكانت أنفسنا أكرم علينا من نفسه.
حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثنا يحيى بن الحسين، قال: حدثنا هارون بن موسى، قال: حدثني عبد الله بن نافع، قال: لما وضع رأس إبراهيم بين يدي أبي جعفر تمثل:
فألقت عصاها واستقرت بها النوى ... كما قر عيناً بالإياب المسافر
أخبرنا عمر بن عبد الله العتكي، ويحيى بن علي، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا محمد بن زياد، قال: حدثني الحسن بن جعفر، قال: كنت بالكوفة فرأيت فل عيسى بن موسى قد دخل الكوفة نهاراً، فلما كان الليل رأيت فيما يرى النائم كأن نعشاً تحمله رجال يصعدون به إلى السماء ويقولون: من لنا بعدك يا إبراهيم؟ قال: وأيقطني أخي من نومي فقلت: ما لك؟ فقال: أسمع التكبير على باب أبي جعفر، ولا والله ما كبروا باطلاً، فإذا الخبر قد جاء بقتل إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن.
تسمية من خرج مع إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن من أهل العلم والفقهاء ونقلة الآثار أخبرنا يحيى بن علي، وأحمد بن عبد العزيز، وعمر بن عبد الله، قالوا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني إبراهيم بن سلام بن أبي واصل الحذاء، قال: حدثني أخي محمد بن مسلم، قال: قال لي أبي: يا بني، إن إبراهيم قد ظهر بالبصرة. قال: فابتع لي عمامة صوف وقباء وسراويل، وفعلت، فشخص هو وثلاثة رهط معه حتى قدموا إلى الكوفة.
حدثنا جعفر بن محمد الوراق، قال: حدثني أحمد بن حازم، قال: حدثنا الحسن بن الحسين العرني، قال: خرج نفر من أصحاب زيد بن علي متنكرين في جملة الحجاج، حتى لحقوا بإبراهيم بالبصرة، منهم سلام بن أبي واصل الحذاء.
حدثني الحسن بن علي الخفاف، قال: حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثني خالد بن خداش بن عجلان، قال: سمعت حماد بن يزيد يقول: ما أحد من الناس إلا أنكرناه أيام إبراهيم، قيل له فسوار؟.
قال: والله ما حمدنا رأيه.
قال أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني: أخبرني يحيى بن علي، وأحمد بن عبد العزيز الجوهري، وعمر بن عبد الله العتكي قالوا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا إبراهيم بن سلام بن أبي واصل، قال: حدثني أخي محمد بن سلام عن أبيه قال: وقفت على باب إبراهيم بن عبد الله، وهو نازل في دار محمد بن سليمان، فقلت لآذنه: قل له: سلام بن أبي واصل بالباب، فسمعت الآذن يقول: سلام الحذاء بالباء، فنسبني إلى اللقب الغالب علي، فأذن لي، فدخلت فقال: ما أبطأ بك عنا؟ فقلت: كنت أجهز الرجال إليك، قال: صدقت، فأنزلني معه في الدار. قال: فبينا أنا جالس يوماً إذا شيء فيه رقعة: إن بيت المال ضائع فأكفناه، فقلت لبعض من حضر أين بيت المال؟ قال في الدار، فقمت فإذا شيخ قد كان موكلاً به، فقال لي: أمرت فيما ها هنا بأمر؟ قلت: نعم. قال: فأنت إذاً سلام بن أبي واصل، قال: فوليت بيت المال.
أخبرني محمد بن الحسين الأشناني، قال: حدثنا أحمد بن حازم الغفاري، قال: حدثني نصر بن مزاحم، قال: خرج أبو داود الطهوي مع إبراهيم وكان عنده أثيراً.
أخبرنا يحيى بن علي، والجوهري والعتكي، قالوا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن حكيم، قال: خرج فطر بن خليفة مع إبراهيم، وكان يومئذٍ شيخاً كبيراً.
حدثني علي بن العباس، قال: حدثنا الحسن بن عبد الواحد، قال: حدثني الحسن بن الحسين، قال: خرج سلام بن أبي واصل الحذاء، وعيسى بن أبي إسحاق السبيعي، وأبو خالد الأحمر مصطحبين متنكرين مع الحاج، عليهم جباب الصوف وعمائم الصوف، يسوقون الجمال في زي الجمالين، حتى أمنوا فعدلوا إلى إبراهيم، وكانوا معه حتى قتل.
أخبرنا يحيى بن علي، والعتكي، والجوهري، قالوا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني القاسم بن أبي شيبة، قال:(1/95)

19 / 36
ع
En
A+
A-