أن زينب بنت عبد الله، وفاطمة بنت محمد بن عبد الله، بعثتا إلى عيسى بن موسى إنكم قد قتلتم هذا الرجل وقضيتم حاجتكم فلو أذنتم لنا فواريناه، فأرسل إليهما: أما ما ذكرتما يا ابنتي عمي أني نلت منه فوالله ما أمرت ولا علمت، فوارياه راشدتين، فبعثتا إليه فاحتمل، فقيل: إنه حشي في مقطع عنقه عديله قطنا ودفن بالبقيع.
أخبرني عمر، قال: حدثني أبو زيد، قال: حدثني محمد بن إسماعيل، قال: سمعت جدتي أم سلمة بنت محمد بن طلحة تقول: سمعت زينب بنت عبد الله تقول: كان أخي رجلاً آدم، فلما أدخل علي وجدته قد تغير لونه وحال، حتى رأيت بقية من لحيته فعرفتها، وأمرت بفراش فجعل تحته، وقد أقام في مصرعه يومه وليلته إلى غد فسال دمه، حتى استنقع تحت الفراش، فأمرت بفراش ثان، فسال دمه حتى وقع بالأرض، فجعلت تحت فراشاً ثالثاً، فسال دمه، وخلص من فوقها جميعاً: أخبرني عمر بن عبد الله، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا علي بن إسماعيل الميثمي، قال: طيف برأس محمد في طبق أبيض، فرأيته آدم أرقط.
حدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثني يحيى بن الحسن، قال: حدثنا هرون بن موسى الفروي، قال: حدثتني أمي أنها سمعت شعار أصحاب محمد بن عبد الله ليلة خرج أحد أحد، محمد بن عبد الله.
وقال أحمد بن الحرث الخراز، عن المدائني في حديثه: ذهب ابن خضير إلى السجن لما تفرق الناس وقتل محمد، فذبح رياحاً، ولم يجهز عليه وتركه يضطرب حتى مات، وجاء ليقتل ابن خالد القسري ففطن به، فأغلق بابه فعالجه فلم يقدر على فتحه فتركه وأخذ ديوان محمد الذي في أسماء رجاله فحرقه بالنار ثم لحق بمحمد فقاتل حتى قتل معه، رحمة الله عليه.
من عرف ممن خرج مع محمد بن عبد الله
ابن الحسن من أهل العلم، ونقلة الآثار ومن رأى الخروج معه وأفتى الناس حدثني علي بن العباس المقانعي، أنبأنا بكار بن أحمد بن اليسع، قال: حدثنا الحسن بن الحسين، عن الحسين بن زيد، قال: شهد مع محمد بن عبد الله بن الحسن من ولد الحسن أربعة: أنا وأخي عيسى، وموسى وعبد الله ابنا جعفر بن محمد.
حدثني علي بن العباس، قال: أنبأنا بكار، قال: حدثني محول بن إبراهيم، قال: حدثني الحسين بن زيد، قال: كان عبد الله بن جعفر بن محمد مع محمد بن عبد الله، قال: فرأيته بارز رجلاً من المسودة فقتله.
أخبرني عمر بن عبد الله، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا عيسى بن عبد الله، قال: خرج مع محمد بن عبد الله من بني هاشم: الحسن، ويزيد، وصالح بنو معاوية بن عبد الله بن جعفر.
والحسين، وعيسى ابنا زيد بن علي " قال: فحدثني عيسى، قال " فبلغني أن أبا جعفر قال: العجب لخروج ابني زيد، وقد قتلنا قاتل أبيهما كما قتله، وصلبناه كما صلبه، " وأحرقناه كما أحرقه " .
وحمزة بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين بن علي.
وعلي، وزيد ابنا الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
" قال عيسى: قال أبو جعفر للحسن بن زيد: كأني أنظر إلى ابنيك واقفين على رأس محمد بسيفين عليهما قباءان. قال: يا أمير المؤمنين قد كنت أشكو إليك عقوقهما قبل اليوم. قال: أجل فهذا من ذاك.
والقاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
والمرجى علي بن جعفر بن إسحاق بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب " .
قال عيسى: قال أبو جعفر لجعفر بن إسحاق: من المرجى هذا فعل الله به وفعل؟ قال: يا أمير المؤمنين ذاك ابني، والله لئن شئت أن أنتفي منه لأفعلن.
قال: وخرج معه المنذر بن محمد بن الزبير.
قال عيسى: رأيته مر بالحسن بن زيد فعانقه ثم بكى بكاءً طويلاً، فقال لي الحسين: ما كان مع محمد أفرس من هذا.
حدثني علي بن إبراهيم العلوي الحسيني، قال: حدثنا حمدان بن إبراهيم، قال: حدثني يحيى بن الحسن بن الفرات القزاز، قال: حدثنا الحسين بن هذيل، عن الحسين صاحب فخ، قال: لما خرجت مع محمد بن عبد الله قال لي: يا بني ارجع لعلك تقوم بهذا الأمر من بعدي.
حدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثنا يحيى بن الحسن، قال: حدثنا غسان بن أبي غسان مولى بني ليث، عن أبيه، قال: خرج ابن هرمز مع محمد بن عبد الله يحمل في محفة، وقال: ما في قتال، ولكن أحب أن يتأسى بي الناس.(1/76)
حدثنا جعفر بن محمد القرباني وعمر بن عبد الله العتكي ويحيى بن علي بن يحيى المنجم، وأحمد بن عبد العزيز الجوهري، قال: عمر بن شبة، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن زبالة، قال: سمعت مالك بن أنس يقول: كنت آتي ابن هرمز، فيأمر الجارية، فتغلق الباب، وترخي الستر، ثم يذكر أول هذه الأمة، ويذكر العدل، ثم يبكي حتى تخضل لحيته. قال: ثم خرج مع محمد بن عبد الله فقال: والله ما فيك قتال، قال: قد علمت ولكن يراني الجاهل فيقتدي بي.
حدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثنا يحيى بن الحسن، قال: حدثني بكر بن عبد الوهاب، قال: حدثني محمد بن عمر الواقدي، قال: كان عبد المجيد بن جعفر على شرط محمد بن عبد الله، وكان ثقة، وقد روى عنه هيثم وغيره حديثاً كثيراً.
أخبرني أحمد بن عبد العزيز، وعمر بن عبد الله، ويحيى بن علي، قالوا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني القاسم بن أبي شبة، قال: حدثني أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: بلغني أن عبد الله بن عمر بن أبي ذئب، وعبد الحميد بن جعفر دخلوا على محمد بن عبد الله بن الحسن قبل خروجه فقالوا له: ما تنتظر بالخروج؟ والله ما نجد في هذه الأمة أحداً أشأم عليها منك، ما يمنعك أن تخرج.
أخبرني أحمد بن عبد العزيز، ويحيى بن علي، قالوا: حدثنا عمرو بن شبة، قال: حدثني عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، قال حدثني الحسين بن زياد، قال: أتى عيسى بن موسى بابن هرمز بعد ما قتل محمد، فقال له " أيها الشيخ أما وزعك " فقهك عن الخروج مع من خرج؟ فقال: كانت فتنة شملت الناس فشملتنا معهم. قال: اذهب راشداً.
قال عمر بن شبة: حدثني علي بن زاوان، قال: حدثني علي بن برقي، قال: رأيت قائداً من قواد عيسى جاء في جماعة فسأل عن منزل ابن هرمز، فأرشدناه إليه، فخرج وعليه قميص رياط، فأنزلوا قائدهم، وحملوه على برذونه، ثم خرجوا به يزفونه حتى ادخلوا على عيسى فما هاجه.
قال عمر بن شبة، وحدثني قدامة بن محمد، قال: خرج عبد الله بن يزيد بن هرمز، ومحمد بن عجلان مع محمد، فلما حضر القتال تقلد كل واحد منهما فظننا أنهما أرادا أن يريا الناس أنهما قد صلحا ذلك.
أخبرني يحيى بن علي، والجوهري، والعتكي، قالوا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني أبو عاصم النبيل، قال: حدثني عباد بن كثير، قال: خرج ابن عجلان، مع محمد بن عبد الله بن الحسن، فكان على بغلة معه، فلما ولى جعفر بن سليمان المدينة قيده، فدخلت عليه فقلت له: كيف ترى رأي أهل البصرة في رجل قيد الحسن البصري؟ قال: شر والله. قال: فقلت: إن ابن عجلان بهذه - يعني المدينة - كالحسن بتلك فتركه.
أخبرني عيسى بن الحسين الوراق، قال: حدثني هرون بن موسى الفروي عن داود بن القاسم، قال: استعمل محمد بن عبد الله بن الحسن على قضاء المدينة عبد العزيز بن المطلب المخزومي، وعلى ديوان العطاء عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة.
أخبرني عيسى بن الحسين، قال: حدثنا سليمان بن أبي شيخ، قال: حدثنا أبو سفيان الحميري، قال: حدثني عبد الحميد بن جعفر قال: ولاني محمد بن عبد الله على شرطته فكنت عليها مدة ثم وجهني وجهاً فولاها عثمان بن محمد بن خالد بن الزبير.
أخبرنا يحيى بن علي وأصحابه، قالوا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني إبراهيم بن إسحاق القرشي: قال: سأل رجل عبد العزيز بن المطلب وهو قاض لمحمد بن عبد الله يومئذ على المدينة كتاباً إلى صنعاء، فقال: رويداً حتى تنفذ كتبنا الحيرة.
قال أبو زيد: حدثني عيسى بن عبد الله، عن أبيه، قال: خرج مع محمد بن عبد الله عيسى بن علي بن الحسين، وكان يقول: من خالفك أو تخلف عن بيعتك من آل أبي طالب فأمكني منه أضرب عنقه.
قال أبو زيد: وحدثني سعيد بن عبد الحميد، قال حدثنا جهم بن جعفر الحكمي، قال: أخبرني غير واحد: أن مالك بن أنس استفتى في الخروج مع محمد بن عبد الله، وقيل له: إن في أعناقنا بيعة لأبيه جعفر.
فقال: إنما بايعتم مكرهين، وليس على مكره يمين، فأسرع الناس إلى محمد بن عبد الله.
حدثني عيسى بن الحسين، قال: حدثني هرون بن موسى، عن داود بن القاسم. وأخبرنا يحيى بن علي، قال: حدثنا أبو زيد، قال حدثنا أزهر بن سعد السمان، قال: استعمل محمد بن عبد الله حين ظهر عبد العزيز بن محمد الدراوردي على السلاح.(1/77)
أخبرنا يحيى بن علي وأصحابه المذكورون، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني سعيد بن عبد الحميد، قال: حدثني جهم بن عثمان مولى بني سليم، قال: قال لي عبد الحميد بن جعفر يوم لقينا أصحاب عيسى بن موسى: نحن اليوم على عدة أهل بدر، حين لقوا المشركين، قال: وكنا ثلثمائة ونيفاً.
قال أبو زيد: وحدثني عيسى بن عبد الله بن عمر بن علي، قال: حدثني أبي، قال: كان مع الأفطس وهو الحسن بن علي بن علي بن الحسين علم لمحمد أصفر فيه صورة حية، وكان مع كل رجل من أصحابه من آل علي بن أبي طالب علم، وكان شعارهم أحد أحد. قال: وكذلك كان شعار النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين.
حدثنا عيسى بن الحسين، قال: حدثنا هرون بن موسى الفروي، عن داود بن القاسم وغيره من أهل المدينة، قال: خرج المنذر بن محمد بن المنذر بن الزبير، مع محمد بن عبد الله، وكان رجلاً صالحاً، فقيهاً، قد حمل عنه أهل البيت الحديث.
حدثني يحيى بن علي، والعتكي، والجوهري، قالوا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني عيسى بن عبد الله، قال: رأيت المنذر بن محمد مر بالحسن بن زيد فعانقه، وبكى طويلاً، فقال الحسن: ما كان مع محمد بن عبد الله فارس أشد من هذا.
أخبرني عيسى بن الحسين، قال هرون بن موسى، قال: وخرج مع محمد بن عبد الله، مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، وابنه عبد الله بن مصعب، وكان شاعراً، وكان يقول الشعر في محمد ويحرض الناس بذلك.
أخبرني عيسى بن الحسين الوراق، قال: حدثنا هرون، قال: خرج أبو بكر بن أبي سبرة الفقيه الذي يروي عنه الواقدي، مع محمد بن عبد الله، ومعه راية له، وهو معلم بعذبة حمراء.
أخبرني عيسى، قال: حدثنا هرون بن موسى، وأخبرني يحيى بن علي، والعتكي، والجوهري، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني عبد العزيز بن أبي سلمة العمري، قال: كان ممن خرج مع محمد بن عبد الله يزيد بن هرمز، وعبد الواحد بن أبي عون، مولى الأزد.
وعبد الله بن عامر الأسلمي، وذكر أن محمداً خطب الناس فذكر شيئاً، فقال: وهذا قارئكم عبد الله بن عامر الأسلمي يشهد على ذلك، فقام فشهد على ما قال.
وعبد العزيز بن محمد الدراوردي مولى بلي.
وإسحاق بن إبراهيم بن دينار مولى جهينة. وعبد الحميد بن جعفر.
وعبد الله بن عطاء، وبنوه جميعاً، وهم: إبراهيم، وإسحاق، وربيعة، وجعفر، وعبد الله، وعطاء، ويعقوب، وعثمان، وعبد العزيز، بنو عبد الله بن عطاء.
قال هرون الفروي في خبره خاصة: وكان عبد الله امرأ صدق، وكان من خاصة أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، وقد روي عن عبد بن الحسن بن الحسن، وكان ذا خصوص بهم.
وقال أبو زيد: حدثني محمد بن الحسن، قال: حدثني حميد بن عبد الله الفروي، قال: لما قتل محمد تغيب عبد الله بن عطاء، فمات متوارياً، فلما خرج نعشه بلغ خبره جعفر بن سليمان فأنزله من نعشه فصلبه، ثم كلم فيه، فأنزله بعد ثالثه، وأذن في دفنه.
حدثني عيسى بن الحسين، قال: حدثنا هرون بن موسى، قال: خرج مع محمد بن عبد الله، عثمان بن محمد بن خالد بن الزبير، الذي يروي عنه عبد الله بن مصعب، والضحاك بن عثمان.
وكان امرأ صدق، فأتى به أبو جعفر فقال له: أين المال الذي كان عندك؟ قال: دفعته إلى أمير المؤمنين " قال: ومن أمير المؤمنين؟ قال " محمد بن عبد الله بن الحسن، رحمة الله وصلواته عليه.
قال: أو بايعته؟ قال: إي والله كما بايعته أنت وأخوك، وأهلك هؤلاء الغدرة.
قال: يا ابن اللخناء.
قال: ابن اللخناء من قامت عنه مقل أمك سلامه.
قال: اضربوا عنقه، فضربت عنقه.
وقال عمر بن شبة بإسناده الذي قدمت ذكره: حدثني سعيد بن عبد الحميد، عن محمد بن عثمان بن خالد، قال: قال لي أبي: قد بايعت أنا وأنت رجلاً بمكة، فوفيت أنا بيعتي، ونكثت بيعتك وغدرت، فشتمه فرد عليه، فأمر به فضربت عنقه.
أخبرني محمد بن خلف إجازة عن وكيع، قال: حدثنا إسماعيل بن مجمع، عن الواقدي، قال: كان عبد الرحمن بن أبي الموالي مخالطاً لبني الحسن، وكان يعرف موضع محمد وإبراهيم، ويختلف إليهما، فكان يقال: إنه داع من دعاتهما، وبلغ ذلك أبا جعفر، فأخذه معهم.
قال الواقدي: فحدثني عبد الرحمن بن أبي الموالي، قال:(1/78)
لما أخذ أبو جعفر بني الحسن، وأمر رياحاً فجاء بهم إلى الربذة قال له: ابعث الساعة إلى عبد الرحمن بن أبي الموالي فجئني به. قال: فبعث رياح إلي فأخذت وجيء بي إليه، فلما صرت بالربذة رأيت بني الحسن مقيدين في الشمس، فدعاني أبو جعفر من بينهم فأدخلت عليه، وعنده عيسى بن علي، فلما رآني عيسى قال له المنصور: أهو هو؟.
قال: نعم هو هو يا أمير المؤمنين، وإن أنت شددت عليه أخبرك بمكانهم. فدنوت فسلمت، فقال أبو جعفر: لا سلم الله عليك، أين الفاسقان ابنا الفاسق؟ أين الكذابان ابنا الكذاب؟.
فقلت يا أمير المؤمنين: هل ينفعني الصدق عندك؟ قال: وما ذاك؟ قال: قلت: امرأتي طالق إن كنت أعرف مكانهما، فلم يقبل ذلك مني، وقال: السياط، فأتى بالسياط، وأقمت بين العقابين، فضربني أربعمائة سوط، فما عقلت بها حتى رفع عني، ثم رددت إلى أصحابي على تلك الحال.
أخبرني عيسى بن الحسين، قال: حدثنا هرون بن موسى الفروي، قال: وخرج عبد الواحد بن أبي عون، مع محمد بن عبد الله وكان من دوس، وكان منقطعاً إلى عبد الله بن الحسن، فطلبه أبو جعفر فيمن طلب بعد مقتل محمد، فتوارى عند محمد بن يعقوب بن عيينة، فمات عنده فجاءه في سنة أربع وأربعين ومائة. وقد حمل عنه الحديث، وكان ثقة.
أخبرني وكيع، قال: حدثنا إسماعيل بن مجمع، عن الواقدي، قال: كان ابن عجلان فقيه أهل المدينة وعابدهم غير مدافع. وكان له حلقة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يفتي فيها الناس ويحدثهم. فلما خرج محمد بن عبد الله بن الحسن خرج معه، فلما قتل محمد، وولى جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس المدينة بعث إلى ابن عجلان فأتى به فسكت فقال له: أخرجت مع الكذاب؟ وأمر بقطع يده، فلم يتكلم ابن عجلان بكلمة إلا أنه كان يحرك شفتيه بشيء لا يدري ما هو، فظن أنه يدعون فقام من حضر جعفراً من فقهاء المدينة وأشرافها فقالوا له: أصلح الله الأمير، محمد بن عجلان فقيه أهل المدينة وعابدهم، وإنما شبه عليه، وظن أنه المهدي الذي جاءت فيه الرواية، فلم يزالوا يطلبون إليه، حتى تركه. فولى ابن عجلان منصرفاً، فلم يتكلم بكلمة حتى أتى منزله.
قال الواقدي: وقد رأيته وسمعت منه، وكان ثقة كثير الحديث. مات بالمدينة سنة ثمان أو تسع وأربعين ومائة، في خلافة أبي جعفر.
أخبرني وكيع، قال: حدثنا إسماعيل بن مجمع، عن الواقدي، قال: خرج عبد الله بن عمر بن العمري، مع محمد بن عبد الله، هو، وأخوه، وأبو بكر بن عمر، فلم يزل معه حتى انقضى أمره وقتل، فاستخفى عبد الله بن عمر، ثم طلب فوجد فأتى به أبو جعفر فأمر بحبسه فحبس في المطبق سنين، ثم دعاء به فقال: ألم أفضلك وأكرمك، ثم تخرج علي مع الكذاب؟ فقال: يا أمير المؤمنين، وقعنا في أمر لم نعرف له وجهاً، والفتنة كانت شاملة، فإن رأي أمير المؤمنين أن يعفو، ويصفح، ويحفظ في عمر بن الخطاب، فليفعل.
قال: فتركه وخلى سبيله.
قال: وكان عبد الله يكنى أبا القاسم، فتركها وتكنى أبا عبد الرحمن وقال: لا أتكنى بكنية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إعظاماً لها.
قال الواقدي: فكان عبد الله بن عمر كثير الحديث، وروى عن نافع روايات كثيرة، وعمر عمراً طويلاً، حتى لقيته الأحداث.
ومات في خلافة هرون سنة إحدى، أو اثنتين وسبعين ومائة.
حدثنا علي بن العباس، قال حدثنا بكار بن أحمد، قال: حدثنا الحسن بن الحسين، قال: حدثنا عبد الله بن الزبير الأسدي، وكان في صحابة محمد بن عبد الله، قال: رأيت محمد بن عبد الله عليه سيف محلى يوم خرج، فقلت له: أتلبس سيفاً محلى؟ فقال أي بأس بذلك، قد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسون السيوف المحلاة.
عبد الله بن الزبير هذا أبو أحمد الزبير المحدث، وهو أيضاً من وجوه محدثي الشيعة، روى عنه عباد بن يعقوب ونظراؤه، ومن هو أكبر منه.
أخبرني محمد بن خلف بن وكيع، قال: حدثنا إسماعيل بن مجمع، عن الواقدي قال: خرج عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، مع محمد بن عبد الله بن الحسن وكان من ثقات أصحاب محمد، وكان يعلم علمه في تواريه، وكان إذا دخل المدينة مستخفياً فجاءه فنزل في داره، فكان أبو جعفر يدخل على الأمراء يسمع كلامهم، ويعرف أمورهم سائر نهاره يروح إليه فيخبره بذلك.(1/79)
وكان من رجال أهل المدينة، علماً بالفقه، وصدقاً بالحديث وتقدماً بالفتوى، وكان يرشح للقضاء.
قال الواقدي: ولقد حدثني بن أبي الزياد أنه مات قاض بالمدينة، ولا عزل إلا ظنوا أن عبد الله بن جعفر يتولى مكانه، لكمال علمه ومروءته، وفضله، فمات وما ولى القضاء، ولا قعد به عن ذلك عندهم إلا خروجه إليهم مع محمد. فلما قتل محمد توارى فلم يزل في تواريه حتى استؤمن له فأومن.
قال: وكان عبد الله بن جعفر لما دخل إلى جعفر بن سليمان قال له: ما حملك على الخروج مع محمد ما أنت عليه من العلم والفقه؟.
فقال: ما خرجت معه وأنا أشك في أنه املهدي، لما روي لنا في أمره، فما زلت أرى أنه هو، حتى رأيته مقتولاً، ولا غتررت بأحد بعده. فاستحيي منه وأطلقه.
أخبرنا جعفر بن محمد بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب أبو عبد الله. وحدثني أبو عبيد محمد بن أحمد المؤمل الصيرفي، قالا: حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار، قال: أخبرنا محمد بن عمرو الرازي، قال: حدثني الحسين بن المنزل قال: قال لي محمد بن إسماعيل بن رجاء: بعث إلي سفيان الثوري سنة أربعين ومائة، فأوصاني بحوائجه، ثم سألني عن محمد بن عبد الله بن الحسن كيف هو: فقلت: في عافية، فقال: إن يرد الله بهذه الأمة خيراً يجمع أمرها على هذا الرجل. قال: قلت: ما علمتك إلا قد سررتني. قال: سبحان الله! وهل أدركت خيار الناس إلا الشيعة. ثم ذكر زبيداً، وسلمة بن كهيل، وحبيب بن أبي ثابت وأبا إسحاق السبيعي، ومنصور بن المعتمر، والأعمش قال: فقلت له: وأبو الجحاف؟ قال: ذاك الضرب ذاك الضرب. وإيش كان أبو الجحاف. قال: كان يكفر الشاك في الشاك. قال: ثم قال سفيان: إلا أن قوماً من هذه الرفضة، وهذه المعتزلة قد بغضوا هذا الأمر إلى الناس.
حدثني أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن يوسف، قال: حدثنا عبيد الله بن يوسف الجبيري، قال: سمعت محمد بن يحيى بن سعيد القطان يقول سمعت أبي يقول: خرج عبيد الله بن عمر، وهشام بن عروة، ومحمد بن عجلان مع محمد بن عبد الله بن الحسن. قال عبد الرحمن بن يوسف: وبلغني عن مسدد أنه حكى مثل هذه الحكاية في مخرجهم معه.
حدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثنا يحيى بن الحسن، قال: حدثني أبو عبد الحميد الليثي عن أبيه، قال: كان ابن فضالة النحوي يخبر، قال: اجتمع واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد في بيت عثمان بن عبد الرحمن المخزومي من أهل البصرة، فتذاكروا الجور، فقال عمرو بن عبيد: فمن يقوم بهذا الأمر ممن يستوجبه وهو له أهل؟.
فقال واصل: يقوم به الله من أصبح خير هذه الأمة، محمد بن عبد الله بن الحسن.
فقال عمرو بن عبيد: ما أرى أن نبايع، ولا نقوم إلا مع من اختبرناه، وعرفنا سيرته.
فقال له واصل: والله لو لم يكن في محمد بن عبد الله أمر يدل على فضله إلا أن أباه عبد الله بن الحسن، في سنه، وفضله، وموضعه قد رآه لهذا الأمر أهلاً، وقدمه فيه على نفسه - لكان ذلك يستحق ما نراه له، فكيف بحال محمد في نفسه وفضله؟.
قال يحيى: وسمعت أبا عبيد الله بن حمزة يحدث، قال: خرج جماعة من أهل البصرة من المعتزلة منهم واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وغيرهما حتى أتوا سويقة، فسألوا عبد الله بن الحسن أن يخرج لهم ابنه محمداً حتى يكلموه، فطلب لهم عبد الله فسطاطاً، واجتمع هو ومن شاروه من ثقاته أن يخرج إليهم إبراهيم بن عبد الله. فأخرج إليهم إليه إبراهيم وعليه ريطتان، ومعه عكازة، حتى أوقفه عليهم، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر محمد بن عبد الله وحاله، ودعاهم إلى بيعته، وعذرهم في التأخر عنه فقالوا: اللهم إنا نرضى برجل هذا رسوله فبايعوه وانصرفوا إلى البصرة.
حدثني علي بن العباس، قال: حدثنا بكار بن أحمد، قال حدثنا الحسن بن الحسين، قال حدثني الحسن بن حماد، قال: كان أبو خالد الواسطي، والقاسم بن مسلم السلمي مع محمد بن عبد الله بن الحسن وكانا من أصحاب زيد بن علي، صلوات الله عليه.(1/80)