قال أبو زيد، وحدثني عيسى بن عبد الله عن أبيه، قال: أرسل مروان بن محمد إلى عبد الله بن الحسن بعشرة آلاف دينار، وقال له: اكفف عني ابنيك، وكتب إلى عامله بالمدينة أن استتر بثوب منك فلا تكشفه عنه، وإن كان جالساً على جدار فلا ترفع رأسك إليه.
قال أبو زيد، وحدثني عبد الملك بن سنان، قال: قال مروان بن محمد لعبد الله بن الحسن: ائتني بابنك محمد.
قال: وما تصنع به يا أمير المؤمنين؟ قال: لا شيء إلا أنه إن أتانا أكرمناه، وإن قاتلنا قاتلناه، وإن بعد عنا لم نهجه.
قال أبو زيد: وحدثني يعقوب بن القاسم، عن الحسين بن عيسى الجعفي، عن المغيرة بن زميل العنبري: أن مروان بن محمد قال له - يعني لعبد الله بن الحسن - : ما فعل مهديكم؟ قال: لا تقل ذلك يا أمير المؤمنين فليس كما يبلغك.
فقال: بلى، ولكن يصلحه الله ويرشده.
أخبرني عيسى بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن الحرث، عن المدائني، قال: بلغني أن عبد الملك بن عقبة اجتاز بحاج مشرف على الطريق، ومحمد بن عبد الله بن الحسن مطلع من خوخة، فقال رجل لابن عقبة: ارفع رأسك، فانظر إلى محمد بن عبد الله بن الحسن، فطأطأ رأسه وقال للرجل: إن أمير المؤمنين - يعني مروان بن محمد - قال لي: إن استتر منك بثوب فلا تكشفه عنه، وإن كان جالساً على جدار فلا ترفع رأسك إليه، ومضى.
أمر محمد بن عبد الله ومقتله
قال أبو الفرج الأصبهاني رحمه الله: وكان سبب عجلته بالخروج قبل أن يتم أمر دعاته الذين أنفذهم إلى الآفاق، إنفاذ عبد الله بن الحسن إليه موسى أخاه ليصير إلى أبي جعفر، ويزول عما كان عليه فيما أظهره له، وأسر إلى موسى غير ذلك، فصار إلى المدينة فأقام بها حولاً يدافع رياح بن عثمان، ثم استبطأه، وكتب إلى أبي جعفر في أمره يعلمه بتربصه، فكتب إليه يأمر بأن ينحذر إلى العراق ففعل ذلك، وقال للرسل: إن رأيتهم أحداً قد أقبل من المدينة في طلبكم فاضربوا عنق موسى، وقد كان أحس بخبر محمد، وبلغ ذلك محمداً فظهر.
وكان أول ما سئل عنه رياح بن عثمان أمر موسى فعرفه خبره، وأنه تقدم إلى الرسل أن يضربوا عنقه إن جاءهم إنسان، فقال من لي بموسى؟ فقال ابن خضير: أنا، فأنفذ معه فوارس، واستدار بهم حتى أتى القوم من أمامهم كأنهم أقبلوا من العراق فلم ينكروهم حتى خالطوهم فأخذوا موسى منهم.
حدثني بذلك عمر بن عبد الله، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني موسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده موسى.
وأخبرني عمر، قال: حدثنا عمر بن شبة. قال: حدثني القاسم بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين.
أن عبيد الله بن عمر، وابن ذئب، وعبد الحميد بن جعفر، دخلوا على محمد بن عبد الله قبل خروجه، فقالوا له: ما تنتظر بالخروج، والله ما تجد هذه الأمة أحداً أسأم منك عليها، ما يمنعك أن تخرج ولو وحدك؟ أخبرني عمر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثنا عيسى، قال: حدثني أبي، قال: بعث إلينا رياح فأتيته أنا وجعفر بن محمد، والحسين بن علي بن الحسين، وعلي بن عمر بن علي، والحسن بن الحسين، ورجال من قريش فيهم إسماعيل بن أيوب المخزومي، وابنه، فإنا لعنده في دار مروان إذ سمعنا التكبير قد حال دون كل شيء، وظنناه أنه من عند الحرس، وظن الحرس أنه من الدار، فوثب ابن مسلم بن عقبة، وكان مع رياح فاتكأ على سيفه، وقال: أطعني في هؤلاء فأضرب أعناقهم. فقال علي بن عمر: فكدنا والله تلك الليلة أن نطيح حتى قام الحسين بن علي فقال: والله ما ذلك لك، إنا لعلى السمع والطاعة. وقام رياح، ومحمد بن عبد العزيز، فدخلا في دار يزيد، واختفيا فيها. وقمنا فخرجنا من دار عبد العزيز بن مروان حتى تسورنا على كناسة كانت في زقاق عاصم بن عمر، فقال إسماعيل بن أيوب لابنه خالد: يا بني: والله ما تجيبني نفسي إلى الوثوب فارفعني، فرفعه.
قال أبو زيد: فحدثني محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد العزيز بن عمار، قال: حدثني أبي، قال:(1/71)


والله إنا لعلى ذلك إذ طلع فارسان من قبل الزوراء يركضان حتى وقفا بين دار عبد الله بن مطيع، ورحبة القضاء، في موضع السقاية، فقلنا الأمر والله جد، ثم سمعنا صوتاً بعيداً فأقمنا طويلاً فأقبل محمد بن عبد الله من الدار وهو على حمار، ومعه مائتان وخمسون راجلاً حتى إذا شرع على بني سلمة وبطحان قال: اسلكوا بني سلمة تسلموا إن شاء الله. قال: فسمعنا تكبيرة، ثم علا الصوت، فأقبل حتى إذا خرج من زقاق بن حضير استبطأ حتى جاء على التمارين، ودخل من أصحاب الأقفاص، فأتى السجن، وهو يومئذ في دار ابن هشام، فدقه وأخرج من كان فيه، ثم أتى الرحبة حتى جاء إلى بيت عاتكة فجلس على بابها، وتناوش الناس فقيل دخل سيدي.
أخبرني يحيى بن علي. قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني يعقوب بن القاسم، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وحدثني عمر بن راشد، وكان قد أدرك ذلك قال: خرج محمد بن عبد الله لليلتين بقيتا من جمادى، سنة خمس وأربعين ومائة، وعليه قلنسوة صفراء " مصرية، وجبة صفراء " وعمامة قد شد بها حقويه " وأخرى قد اعتم بها " متوشحاص سيفاً، وهو يقول لأصحابه: لا تقتلوا لا تقتلوا. وتعلق رياح " في مشربة " في دار مروان، وأمر بالدرجة فهدمت، فصعدوا إليه وأنزلوه، وحبسوا معه أخاه العباس بن عثمان وابن مسلم بن عقبة في دار مروان.
أخبرني عمر بن عبد الله، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثنا أزهر بن سعد، قال: دخل محمد المسجد قبل الفجر فخطب الناس، ثم حضرته الصلاة فنزل فصلى، وبايعه الناس طوعاً إلا أناساً " أرسل إليهم " .
أخبرني عمر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني عبد الله بن عمر بن حبيب، قال: حدثني من حضر محمداً على المنبر يخطب فاعترض بلغم في حلقه فتنحنح فذهب، ثم عاد فتنحنح، ثم نظر فلم ير موضعاً، فرمى نخامته السقف سقف المسجد، فألصقه به.
أخبرني عمر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني محمد بن معروف، قال: حدثني الربيع بن عبد الله بن الربيع، عن أبيه، قال: إنا لنزول حول أساس المدينة في أبنية من الفساطيط والأخبية، إذ قيل لنا: ركب أمير المؤمنين، فخرجت أتبعه فوجدت عيسى بن علي، فوقفنا له، فمر بنا على " معناق ينباع " . فسلمنا عليه فلم يستصحبنا، فجعلنا نسير وراءه، ما يجاوز طرفه عرف الفرس، ثم قال للطوسي: علي بأبي العباس، فأتى بعيسى بن علي فسار عن يمينه، ثم قال: علي بالربيع، فدعيت فسرت عن يساره، فقال: قد خرج ابن عبد الله الكذاب ابن الكذاب بالمدينة.
فقلت: يا أمير المؤمنين ألا أحدثك حديثاً حدثنيه سعيد بن جعدة؟.
قال: ما هو؟ قلت: أخبرني أنه كان مع مروان يوم الزاب، وعبد الله بن علي يقاتله، فقال: من في الخيل؟ فقيل: عبد الله بن علي، فلم يعرفه، فقيل: الشاب الذي أتيت به من عسكر عبد الله بن معاوية، قال: نعم، والله لقد أخبرت عنه يومئذ فأردت قتله، ثم بت على ذلك وأصبحت عليه، وجلست وأنا أريده، ثم أطلقته، وكان أمر الله قدراً مقدوراً، والله لوددت أن علي بن أبي طالب في هذه الخيل مكانه، لأنه لا يتم لعلي ولا لولده من هذا الأمر شيء.
قال: الله، أسعيد حدثك هذا؟.
قلت: بنت أبي سفيان بن معاوية طالق إن لم يكن حدثنيه. قال: فاصفر وجهه وتحدث، وقد كان أبلس فلم ينطق.
أخبرني عمر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني عيسى بن عبد الله عن سعيد البربري، قال: لما بلغ أبا جعفر خروج محمد بالمدينة تنجد، وقال غيره: قال للرسول قتلته والله إن كنت صادقاً.
أخبرني عمر بن عبد الله، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني محمد بن أبي حرب، قال: لما بلغ أبا جعفر ظهور محمد أشفق منه، فقال له الحارثي المنجم: ما جزعك منه؟ فوالله لو ملك الأرض ما لبث إلا تسعين يوماً.
أخبرنا عمر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثنا عبد الملك بن سليمان، قال: حدثنا حبيب بن مروان، قال: وحدثني نسيم بن الجواري، قال أبو زيد: وحدثني العباس بن سفيان، مولى الحجاج بن يوسف: أن أبا جعفر لما خرج محمد بن عبد الله قال: إن هذا الأحمق - يعني عبد الله بن علي - لا يزال يطلع له الرأي الجيد في الحرب فادخلوا إليه فشاوروه، ولا تعلموه أني أمرتكم. فدخلوا عليه، فلما رآهم قال: لأمر ما جئتم، ما جاء بكم جميعاً وقد هجرتموني منذ دهر؟.
قالوا: استأذنا أمير المؤمنين فأذن لنا.
قال: ليس هذا بشيء فما الخبر؟.(1/72)


قالوا: خرج محمد بن عبد الله.
قال: إن المحبوس محبوس الرأي، فقولوا له: يخرجني " حتى يخرج رأيي " . فقال أبو جعفر: لو طرق محمد علي الباب ما أخرجته، وأنا خير له منه، وهو ملك أهل بيته.
فقال عبد الله: إن البخل قد قتل ابن سلامة فمروه فليخرج الأموال وليعط الأجناد، فإن غلب فما أوشك ما يعود إليه ماله، وإن غلب لم يقدم صاحبه على درهم، وأن يعجل الساعة حتى يأتي الكوفة فيجثم على أكبادهم، فإنهم شيعة أهل البيت، ثم يحفظها بالمسالح، فمن خرج منها إلى وجه من الوجوه أو أتاه " من " وجه من الوجوه ضرب عنقه، فليبعث إلى مسلم ابن قتيبة فينحدر عليه - وكان بالزي - وليكتب إلى أهل الشام، فليأمرهم، فليحملوا إليه أهل البأس والنجدة ما يحمله البريد، فليحسن جوائزهم، ويوجههم مع مسلم بن قتيبة. ففعل.
أخبرني عمر بن عبد الله، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني عبد الملك بن شيبان، قال أخبرني زيد مولى مسمع بن عبد الملك، قال: لما ظهر محمد بن عبد الله دعا أبو جعفر عيسى بن موسى، فقال له: قد ظهر محمد فسر إليه.
قال: يا أمير المؤمنين، هؤلاء عمومتك حولك، فادعهم وشاورهم.
قال: فأين قول ابن هرمة:
تزور أمرأ لا يمحض القوم سره ... ولا ينتحي الأدنين فما يحاول
إذا ما أتى شيئاً مضى كالذي أتى ... وما قال إني فاعل فهو فاعل
وقال أحمد بن الحرث الخزاز عن المدائني، قال: أمر أبو جعفر عيسى: إذا قتل محمد إن قدر أن لا يذبح طائراً فليفعل، وقال له: أفهمت أبا موسى - ثلاثاً - قال: فهمت. قال: فنفذ عيسى، ومعه أربعة آلاف، ومحمد بن أبي العباس، ومحمد بن زيد بن علي بن الحسين، والقاسم بن الحسن بن زيد، ومحمد بن عبد الله الجعفري، وحميد بن قحطبة. فسار عيسى، وبلغ محمداً مسيره فخندق على المدينة خندق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخندق على أفواه السكك، فلما كان عيسى بفيد كتب إلى محمد بن عبد الله يعطيه الأمان، وبعث بكتابه إليه وإلى أهل المدينة مع محمد بن زيد فتكلم فقال: يا أهل المدينة، أنا محمد بن زيد، والله لقد تركت أمير المؤمنين حياً، وهذا عيسى بن موسى قد أتاكم، وهو يعرض عليكم الأمان.
وتكلم القاسم بن الحسن بمثل ذلك، فقال أهل المدينة: قد خلعنا أبا الدوانيق فكتب محمد إلى عيسى يدعوه إلى طاعته، ويعطيه الأمان.
قال المدائني فحدثني عبد الحميد بن جعفر، عن عبد الله بن أبي الحكم، قال: قال محمد: أشيروا علي في الخروج عن المدينة أو المقام - حين دنا عيسى بن موسى من المدينة - فقال قوم: نقيم، وقال قوم: نخرج، فقال لعبد الحميد بن جعفر: أشر علي يا أبا جعفر.
قال: أنت في أقل بلاد الله فرساً وطعاماً، وأضعفه رجلاً، وأقله مالاً وسلاحاً، تريد أن تقاتل أكثر الناس مالاً، وأشده رجالاً، وأكثره سلاحاً، وأقدره على الطعام؟ الرأي أن تسير بمن اتبعك إلى مصر " فوالله لا يردك ردا " ، فتقاتل بمثل سلاحه " وكراعه " ورجاله وماله.
فقال جبير بن عبد الله: أعيذك بالله أن تخرج من المدينة، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام أحد: رأيتني أدخلت يدي في درع حصينة فأولها بالمدينة.
فترك محمد ما أشار به عبد الحميد وأقام.
قال المدائني: وأقبل عيسى بن موسى إلى المدينة، فكان أول من لقيتهم إبراهيم بن جعفر الزبيري على بنية واقم، فعثر فرسه فسقط وقتل.(1/73)


وسلك عيسى بطن فراة حتى ظهر على الجرف، فنزل قصر سليمان بن عبد الملك صبيحة اثنتي عشرة ليلة من شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة يوم السبت، وأراد أن يؤخر القتال حتى يفطر، فبلغه أن محمداً يقول: إن أهل خراسان على بيعتي وحميد بن قحطبة قد بايعني، ولو قدر أن ينفلت فلت. فعاجلهم عيسى بالقتال، فلم يشعر أهل المدينة يوم الاثنين للنصف من شهر رمضان إلا بالخيل قد أحاطت بهم حين أسفروا، وقال لحميد: أراك مداهنا، وأمره بالتجرد لقتال محمد، فتولى قتلا عيسى بن موسى في ذلك اليوم عيسى بن زيد، ومحمد جالس بالمصلى، واشتد الأمير بينهم، ثم جاء محمد فباشر القتال بنفسه، فكان إزاء محمد - عليه السلام - حميد بن قحطبة، وبإزاء يزيد وصالح ابني معاوية بن عبد الله بن جعفر كثير بن حصين، وكان محمد بن أبي العباس، وعقبة بن مسلم بإزاء جهينة. فأرسل صالح ويزيد إلى كثير يطلبان الأمان، فاستأذن عيسى فقال: لا أمان لهما عندي، فأعلمهما فهربا. فاقتتلوا إلى الظهر، ورماهم أهل خراسان بالنشاب، وأكثروا فيهم الجراح، وتفرقوا عن محمد، فأتى دار مروان فصلى الظهر فيها، فاغتسل وتحنط. فقال عبد الله بن جعفر بن المسور بن مخرمة: إنه لا طاقة لك بمن ترى، فالحق بمكة. قال: لو خرجت من المدينة وفقدوني لقتلوا أهل المدينة كقتل أهل الحرة، وأنت مني في حل يا أبا جعفر، فاذهب حيث شئت.
أخبرني عمر بن عبد الله، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني هشام بن محمد بن عروة بن هشام بن عروة، عن ماهان بن بحر. وحدثني مخلد بن يحيى الباهلي، عن قتيبة بن معن، عن الفضيل بن سليمان النميري، عن أخيه، وكان مع محمد، قال: كانت الخراسانية إذا نظروا إلى ابن خضير الزبيري يتنادون خضير آمد فيتضعضعون لذلك.
وقال الآخر: وأتيان برأس خضير فوالله ما جعلنا نستطيع حمله لما به من الجراح كان كأنه باذنجانة مفلقة، فكنا نضم أعظمه ضماً.
أخبرني عمر بن عبد الله، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: أخبرني إبراهيم بن أبي الكرام، قال عيسى لحميد بن قحطبة عند العصر: أراك قد أبطأت في أمر هذا الرجل، فول حربه حمزة بن مالك، قال: والله لو رمت أنت ذاك ما تركتك أحين قتلت الرجال ووجدت ريح الفتح؟ ثم جد في القتال، حتى قتل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
أخبرني عمر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثنا أزهر بن سعد، قال: دخل حميد بن قحطبة من زقاق أشجع على محمد - عليه السلام - فقتله.
وقال المدائني: إن محمداً قال لحميد بن قحطبة: ألم تبايعني فما هذا؟.
قال: هكذا نفعل بمن يفشي سره إلى الصبيان.
أخبرني عمر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني أبو الحسن الحذار، قال: حدثني مسعود الرحال، قال: رأيت محمداً يومئذ باشر القتال بنفسه، فإني أنظر إليه حين ضربه رجل بسيف دون شحمة أذنه اليمن فبرك لركبتيه، وتعادوا عليه، وصاح حميد بن قحطبة لا تقتلوه، فكفوا عنه حنى جاء حميد فاحتز رأسه. لعن الله حميداً وغضب عليه.
أخبرني عمر بن عبد الله، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني محمد بن يحيى، قال: أخبرني الحرث بن إسحاق، قال: برك محمد على ركبتيه، وجعل يذب عن نفسه يقول: ويحكم، أنا ابن نبيكم مجروح مظلوم.
أخبرني عمر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني محمد بن إسماعيل، قال: حدثني أبو الحجاج المنقري، قال: رأيت محمداً يومئذ وإن أشبه ما خلق الله به لما ذكر عن حمزة بن عبد المطلب، يفري الناس بسيفه ما يقاربه أحد إلا قتله " ومعه سيف " ، لا والله ما يليق شيئاً، حتى رماه إنسان كأني أنظر إليه أحمر أزرق بسهم. ودهمتنا الخيل، فوقف إلى ناحية جدار، وتحاماه الناس، فوجدت الموت، فتحامل على سيفه فكسره، فسمعت جدي يقول: كان معه سيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذو الفقار.
حدثني علي بن العباس المقانعي، قال: أنبأنا بكار بن أحمد، قال: حدثنا إسحاق بن يحيى، عن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن الحسن، قال:(1/74)


لما كان اليوم الذي قتل فيه محمد " صلى الله عليه وسلم " قال لأخته: إني في هذا اليوم على قتال القوم، فإن زالت الشمس، وأمطرت السماء فإني أقتل، وإن زالت الشمس ولم تمطر السماء، وهبت الريح فإني أظفر بالقوم، فإذا زالت الشمس فاسرجي التنانير، وهيئي هذه الكتب، فإن زالت الشمس ومطرت السماء فاطرحي هذه الكتب في التنانير، فإن قدرتم على بدني، ولم تقدروا على رأسي فأتوا به ظلة بني نبيه على مقدار أربعة أذرع أو خمسة فاحفروا لي حفيرة، وادفنوني فيها. فلما مطرت السماء فعلوا ما أمرهم به، وقالوا: إنه علامة قتل النفس الزكية أن يسيل الدم حتى يدخل بيت عاتكة. قال: وأخذ جسده، فحفروا له حفيرة، فوقعوا على صخرة فأدخلوا الحبال فأخرجوها فإذا فيها مكتوب: هذا قبر الحسين بن علي بن أبي طالب، فقالت زينب: رحم الله أخي، كان أعلم حيث أوصى أن يدفن في هذا الموضع.
أخبرني عمر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن البواب، قال: حدثني أبي، عن عبد الله بن عامر الأسلمي، قال: قال لي محمد بن عبد الله ونحن نقاتل عيسى: تغشانا سحابة فإن أمطرتنا ظهرنا، وإن جاوزتنا إليهم فانظر دمي على أحجار الزيت. فوالله ما لبثنا أن أظلتنا سحابة فجالت وقعقعت حتى قلت تفعل، ثم جاوزتنا فأصابت عيسى وأصحابه، فما كان إلا كلا ولا حتى رأيته قتيلاً بين أحجار الزيت.
أخبرني عمر بن عبد الله، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني علي بن إسماعيل بن صالح بن ميثم: أن عيسى لما قدم قال جعفر بن محمد: أهو هو؟ قيل: من تعني يا أبا عبد الله؟ قال: المتلعب بدمائنا. " أما " والله لا يخلأ منها شيء " يعني محمداً وإبراهيم " .
أخبرني محمد بن عبد الله، قال حدثنا أبو زيد، قال حدثنا الرومي مولى جعفر بن محمد، قال: أرسلني جعفر بن محمد أنظر ما يصنعون، فجئته فأخبرته أن محمداً قتل، وأن عيسى قبض على عين أبي زياد فأبلس طويلاً ثم قال: ما يدعو عيسى إلى أن يسيء بنا، ويقطع أرحامنا، فوالله لا يذوق هو ولا ولده منها شيئاً أبداً.
أخبني عمر بن عبد الله، قال: حدثان أبو زيد، قال: حدثني أيوب بن عمر، قال: لقى جعفر بن محمد أبا جعفر، فقال: " يا أمير المؤمنين " اردد علي عين أبي زياد آكل من سعفها.
قال: إياي تكلم بهذا الكلام؟ والله لأزهقن نفسك.
قال: لا تعجل قد بلغت ثلاثاً وستين، وفيها مات أبي وجدي علي بن أبي طالب، فعلي كذا وكذا إن آذيتك بشيء أبداً، وإن بقيت إن آذيت الذي يقوم مقامك، فرق له وأعفاه.
أخبرني عمر بن عبد الله، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن البواب، قال حدثني أبي، عن الأسلمي، قال: قدم على أبي جعفر قادم فقال: هرب محمد.
فقال: كذبت، نحن أهل بيت لا نفر.
أخبرني عمر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني عبد الله بن راشد بن يزيد، قال: أخبرني أبو الحجاج الجمال، قال: إني لقائم على رأس أبي جعفر، وهو يسألني عن مخرج محمد إذ بلغه أن عيسى بن موسى هزم، وكان متكئاً فجلس فضرب بقضيب معه مصلاه، وقال: كلا فأين لعب صبياننا بها على المنابر:، ومشاورة النساء.
أخبرني عمر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني علي بن إسماعيل الميثمي قال: حدثني أبو كعب قال: حضرت عيسى حين قتل محمداً فوضع رأسه بين يديه فأقبل على أصحابه فقال: ما تقولون في هذا؟ فوقعنا فيه. فأقبل عليهم قائد له فقال: كذبتم والله وقلتم باطلاً، ما على هذا قاتلناه، ولكنه خالف أمير المؤمنين، وشق عصا المسلمين، وإن كان لصواماً قوماً. فسكت القوم.
أخبرني عمر، قال: حدثني أبو زيد، قال: حدثنا يعقوب بن القاسم، قال: حدثنا علي بن أبي طالب، قال: قتل محمد بن عبد الله قبل العصر يوم الاثنين لأربع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان.
أخبرني عمر، قال: حدثني أبو زيد، قال: حدثنا عيسى، قال: حدثنا محمد بن زيد، وذكر بن الحرث عن المدائني بعض ذلك، ولم يذكره الباقون: أن عيسى بعث بالبشارة، إلى أبي جعفر، القاسم بن الحسن بن زيد، وبعث برأسه مع ابن أبي الكرام " الجعفري. قال المدائني فدخل ابن أبي الكرام بالرأس " وهو عاض على شفتيه.
أخبرني عمر، قال: حدثني أبو زيد، قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن الحرث بن إسحاق:(1/75)

15 / 36
ع
En
A+
A-