أخبرني عمر بن عبد الله، قال حدثنا أبو زيد، قال: حدثني عيسى بن زيد، قال: حدثني صاحب محمد بن عبد الله: أن محمداً، وإبراهيم كانا يأتيان أباهما معتمين في هيئة الأعراب، فيسأذنانه في الخروج، فيقول: لا تعجلا حتى تملكا، ويقول: إن منعكما أبو جعفر أن تعيشا كريمين فلا يمنعكما أن تموتا كريمين.
أخبرني عمر، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني موسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، قال: لما صرنا بالربذة أرسل أبو جعفر إلى أبي: " أن " أرسل إلي أحدكم، واعلم أنه غير عائد إليك أبداً. قال: فابتدره بنو أخيه يعرضون عليه أنفسهم فجزاهم خيراً، وقال: أنا أكره أن أفجعهم بكم، ولكن اذهب أنت يا موسى.
قال: فذهبت وأنا يومئذ حديث السن، فلما نظر إلي قال: لا أنعم الله بك عيناً، السياط يا غلام، فضربت والله حتى غشي علي، قال: فما أدري بالضرب، قال: فرفعت السياط واستقربني فقربت منه، فقال: أتدري ما هذا؟ هذا فيض فاض مني فأفرغته عليك منه سجلاً لم أستطع رده، ومن ورائه والله الموت أو تفتدى به.
قلت: يا أمير المؤمنين، والله ما لي ذنب، وإني لمنعزل من هذا.
قال: فانطلق فأتني بأخويك.
قال: تبعثني إلى رياح فيضع علي العيون والرصد، فلا أسلك طريقاً إلا اتبعني له رسول، ويعلم ذلك أخواي فيهربان مني. فكتب إلى رياح لا سلطان لك على موسى. وأرسل معي حرساً أمرهم أن يكتبوا إليه بخبري.
قال أبو زيد: وحدثني عمر بن شبة، قال: حدثني محمد بن إسماعيل، قال: حدثني موسى، قال: أرسل أبي إلى أبي جعفر: إني كاتب إلى محمد، وإبراهيم، فأرسل موسى عسى أن يلقاهما، وكتب إليهما أن يأتياه، وقال لي أبلغهما عني فلا يأتيا أبداً، وإنما أراد أن يفلتني من يده، وكان أرق الناس علي، وكنت أصغر ولد هند، وأرسل إليهما:
يا بني، أمية إني عنكما غان ... وما الغنى غير أني مرعش فان
يا بني أمية إلا ترحما كبري ... فإنما أنتما والثكل مثلان
أخبرني عمر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني عبد الله بن راشد بن بريد، قال: سمعت الجراح بن عمر، وغيره، يقولون: لما قدم بعبد الله بن الحسن وأهله مقيدين، وأشرف بهم على النجف، قال لأصحابه: أما ترون في هذه القرية من يمنعنا من هذا الطاغية؟ قال: فلقيه ابنا أخي الحسن، وعلي مشتملين على سيفين، فقالا له: قد جئناك بابن رسول الله، فمرنا بالذي تريد. قال: قد قضيتما ما عليكما ولن تغنيا في هؤلاء شيئاً فانصرفا.
أخبرني عمر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثنا إبراهيم، قال: حبسهم أبو جعفر في قصر لابن هبيرة في شرقي الكوفة مما يلي بغداد.
أخبرني عمر، قال: أخبرنا أبو زيد، قال: حدثني عبد الملك بن شيبان، قال: حدثني إسحاق بن عيسى، عن أبيه، قال: أرسل إلي عبد الله بن الحسن، وهو محبوس فاستأذنت أبا جعفر في ذلك، فأذن لي، فلقيته فاستسقاني ماء بارداً، فأرسلت إلى منزلي فأتى بقلة فيها ماء وثلج فإنه ليشرب إذ دخل أبو الأزهر فأبصره يشرب القلة، وهي على فيه، فضرب القلة برجله، فألقى ثنييه، فأخبرت أبا جعفر فقال: إله عن هذا يا أبا العباس.
أخبرني عمر بن عبد الله قال حدثنا أبو زيد، قال: حدثني عيسى - يعني ابن عبد الله - قال: حدثنا عبد الله بن عمران، قال حدثني أبو الأزهر، قال: قال لي عبد الله بن الحسن: أبغي حجاماً، فقد احتجت إليه، فاستأذنت أمير المؤمنين في ذلك فقال: يأتيه حجام مجيد.
أخبرني عمر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني الفضل بن عبد الرحمن، قال: حدثني أبي، قال: مات ميت من آل الحسن، وهم بالهاشمية محبوسون، فأخرج عبد الله بن الحسن يوسف في قيوده ليصلي عليه.
أخبرني عمر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني عيسى، قال: حدثني مسكين ابن عمرو، قال: ضرب أبو جعفر عنق العثماني، ثم بعث برأسه إلى خراسان، وبعث معه بقوم يحلفون أنه محمد بن عبد الله بن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخبرني عمر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثني عيسى، قال: حدثني عبد الرحمن بن عمران بن أبي فروة، قال:(1/61)
كنا نأتي أبا الأزهر بالهاشمية، أنا والشعباني، وكان أبو جعفر يكتب إليه " من عبد الله أمير المؤمنين إلى أبي الأزهر ومولاه " ، ويكتب إليه أبو الأزهر: " إلى أبي جعفر من أبي الأزهر عبده " فلما كان ذات يوم، ونحن عنده، وكان أبو جعفر قد ترك له ثلاثة أيام لا يبور بها، وكنا نخلو معه في تلك الأيام، فأتاه كتاب من أبي جعفر، فقرأه، ودخل إلى بني الحسن، وهم محبوسون، فتناولت الكتاب فقرأته فإذا فيه: " انظر يا أبا الأزهر ما أمرتك به في أمر مذلة فأنفذه وعجله " . قال: وقرأ الشعباني الكتاب فقال: تدري من مذله؟ قلت: لا والله. قال: هو والله عبد الله بن الحسن، فانظر ما هو صانع، فلم يلبث أن جاء أبو الأزهر، فجلس، فقال: والله قد هلك عبد الله بن الحسن، ثم لبث قليلاً، ثم دخل وخرج مكتئباً فقال: أخبرني عن علي بن الحسن أي رجل هو؟ قال: قلت: أمصدق أنا عندك؟ قال: وفوق ذلك. قلت: هو والله خير من تظله هذه، وتقله هذه! قال: فقد - والله - ذهب.
أخبرني عمر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثنا ابن عائشة، قال: سمعت مولى لبني دارم يقول: قلت لبشير الرحال: ما يسرعك إلى الخروج على هذا الرجل؟.
قال: إنه أرسل إلي بعد أخذه عبد الله، فأتيته، فأمرني يوماً بدخول بيت، فدخلته فإذا بعبد الله بن الحسن مقتول، فسقطت مغشياً علي، فلما أفقت أعطيت الله عهداً لا يختلف في أمر سيفان إلا كنت مع الذي عليه منهما.
وذكر محمد بن علي بن حمزة أنه سمع من يذكر أن يعقوب، وإسحاق، ومحمداً، وإبراهيم بني الحسن قتلوا في الحبس بضروب من القتل، وأن إبراهيم بن الحسن دفن حياً، وطرح على عبد الله بن الحسن بيت، رضوان الله عليهم.
وقال إبراهيم بن عبد الله - فيما أخبرني عمر بن عبد الله العتكي، عن أبيه، عن أبي زيد، عن المدائني - يذكر أباه، وأهله، وحملهم، وحبسهم:
ما ذكرك الدمنة القفار وأه ... ل الدار ما نأوا عنك أو قربوا
إلا سفاهاً وقد تفرعك ال ... شيب بلون كأنه العطب
ومر خمسون من سنك كما ... عد لك الحاسبون إذ حسبوا
فعد ذكر الشباب لست له ... ولا إليك الشباب ينقلب
إني عرتني الهموم واحتضر ال ... هم وسادي والقلب منشعب
واسترخ الناس للشفاء وخلف ... ت لدهر بظهره حدب
اعوج استعدت اللئام به ... ويحنو به الكرام إن شربوا
نفسي فدت شيبة هناك وظن ... بوباً به من قيودهم ندب
والسادة الغر من ذويه فما ... روقب فيهم آل ولا نسب
يا حلق القيد ما تضمنت من ... حلم وبر يزينه حسب
وأمهات من الفواطم أخ ... لصتك بيض عقايل عرب
كيف اعتذاري إلى الإله ولم ... يشهر فيك المأثور القضب
ولم أقد غارة ململمة ... فيها بنات الصريح تنتحب
والسابقات الجياد والأسل ال ... سمر وفيها أسنة ذرب
حتى توفي بني ثبيلة بال ... قسط بكيل الصاع الذي اختلبوا
بالقتل قتلاً وبالأسير الذي ... في القد أسرى مصفودة سلب
أصبح آل الرسول أحمد في ال ... ناس كذي عرة به جرب
بؤساً لهم ما جنت أكفهم ... وأي حبل من أمة قضبوا
وأي عهد خانوا الإله به ... شد بميثاق عقده الكذب
" قال أبو زيد هذه القصيدة لغالب الهمداني. وذكر حرمي بن أبي العلاء عن الزبير أنها لإبراهيم، ووافق المدائني على ذلك، ولعل أبا زيد أن يكون وهم " .
ابن محمد بن عبد الله
وابن لمحمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي لا يعرف اسمه(1/62)
حدثني حرمي بن أبي العلاء، قال: حدثنا زبير، عن عمه مصعب، أظنه عن أبيه: أن أمه رخية أمة كانت لفاختة بنت فليج بن المنذر بن الزبير، وأن محمداً كان رآها فأعجبته فسأل فاختة فيها. فقالت له: إنها لغير رشدة، فقال لها: إن الدنس لا يلحق الأعقاب. فقالت: والله ما يلحق إلا الأعقاب وإن شئت فقد وهبتها لك، فوهبتها له، فولدت منه ولداً فكان معه في جبال جهينة، ففزع يوماً فسقط الصبي من الجبل فتقطع.
حدثني عمر، قال: أبو زيد، قال: حدثنا عيسى بن عبد الله، قال: حدثني عمي عبيد الله بن محمد، قال: قال محمد بن عبد الله: بينا أنا برضوي مع أم ولد لي، معها ابن لي ترضعه إذا ابن استوطأ مولى لأهل المدينة قد هجم علي في الجبل يطلبني فخرجت هارباً وهربت الجارية فسقط الصبي منهم، فتقطع، رحمة الله عليه.
أخبرنا عمر بن عبد الله، قال: حدثنا عمر بن عبد الله، قال حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن حكم الطائي، قال: لما سقط ابن لمحمد فمات، ولقى محمد ما لقى، قال:
منخرق الخفين يشكو الوجى ... تنكبه أطراف مرو حداد
شرده الخوف فأزرى به ... كذاك من يكره حر الجلاد
قد كان في الموت له راحة ... والموت حتم في رقاب العباد
محمد بن عبد الله بن الحسن
ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام ويكنى أبا عبد الله.
وأمه هند بنت أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وأمها قريبة بنت يزيد بن عبد الله بن وهب بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد.
وأمها خديجة بنت محمد بن طليب بن أزهر بن عبد عوف بن عبد الحرث.
وأمها أم مسلم بنت عبد الرحمن بن أزهر بن عبد عوف.
وأمها قدة بنت عرفجة بن عثمان بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
وأمها الدنيبة بنت عبد عوف بن عبد بن الحرث بن زهرة.
وأمها بنت العداء بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي.
وأمها رزا بنت وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر.
وأمها من بني الأحمر بن الحرث بن عبد مناف بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر.
وكان يقال له: صريح قريش لأنه لم يقم عنه أم ولد في جميع آبائه وأمهاته وجداته.
وكان أهل بيته يسمونه المهدي، ويقدرون أنه الذي جاءت فيه الرواية.
وكان علماء آل أبي طالب يرون فيه أنه النفس الزكية، وأنه المقتول بأحجار الزيت.
وكان من أفضل أهل بيته، وأكبر أهل زمانه في زمانه، في علمه بكتاب الله، وحفظه له، وفقهه في الدين، وشجاعته، وجوده، وبأسه، وكل أمر يجمل بمثله، حتى لم يشك أحد أنه المهدي، وشاع ذلك له في العامة؛ وبايعه رجال من بني هاشم جميعاً، من آل أبي طالب، وآل العباس، وساير بني هاشم؛ ثم ظهر من جعفر بن محمد قول في أنه لا يملك، وأن الملك يكون في بني العباس، فانتبهوا من ذلك لأمر لم يكونوا يطمعون فيه.
وخرجت دعاة بني هاشم إلى النواحي عند مقتل الوليد بن يزيد، واختلاف كلمة بني مروان، فكان أول ما يظهرونه فضل علي بن أبي طالب وولده، وما لحقهم من القتل والخوف والتشريد، فإذا استتب لهم الأمر ادعى كل فريق منهم الوصية لمن يدعو إليه. فلما ظهرت الدعوة لبني العباس وملكوا، حرص السفاح، والمنصور على الظفر بمحمد وإبراهيم لما في أعناقهم من البيعة لمحمد؛ وتواريات فلم يزالا ينتقلان في الاستتار، والطلب يزعجهما من ناحية إلى أخرى، حتى ظهرا فقتلا، صلوات الله عليهما ورضوانه!.
قال أبو الفرج الأصبهاني: وأنا أذكر من ذلك طرفاً يتسق به خبرهما دون الإطالة لسائر ما عندي من ذلك، إذ كان هذا كتاباً مختصراً قريب المأخذ، وكان شرح جميع ما روى في ذلك - على كثرته - يطول به الكتاب.
وكان أبو عبيدة سيداً من سادات قريش وأجوادها.
قال الزبير - فيما أخبرني حرمي بن أبي العلاء - قال: حدثني سليمان بن عياس السعدي، قال: لما توفي أبو عبيدة وجدت عليه ابنته هند وجداً شديداً، فكلم عبد الله بن الحسن محمد بن يسير الخارجي في أن يدخل على هند بنت أبي عبيدة فيعزيها، ويؤسيها عن أبيها، فدخل معه عليها، فلما نظر إليها صاح بأبعد صوته:
قومي اضربي عينيك يا هند لن تري ... أباً مثله تثمو إليه المفاخر(1/63)
وكنت إذا أثنيت أثنيت والداً ... يزين كما زان اليدين الأساور
فصكت وجهها، وصاحب بحزنها وجهدها، فقال له عبد الله: ألهذا أدخلت؟! قال الخارجي: وكيف أعزي عن أبي عبيدة وأنا أعزي به!.
حدثني عمر بن عبد الله العتكي، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني عبد الرحمن بن جعفر بن سليمان، قال: حدثني علي بن صالح، قال: زوج عبد املك بن مروان ابنه عبد الله هند بنت أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة، وريطة بنت عبيدة بن عبد المدان، لما كان يقال إنه في أولادهما، فمات عنهما عبد الله، وأطلقهما، فتزوج هنداً عبد الله بن الحسن، وتزوج ريطة محمد بن علي فجاءت بأبي العباس السفاح.
قال أبو زيد: وأنشدني بن داجة وفليج بن إسماعيل، لعبد الله بن الحسن " بن الحسين " في هند بنت أبي عبيدة شعراً:
يا هند إنك لو علم ... ت بعاذلين تتابعا
قالا فلم يسمع لما ... قالا وقلت بل اسمعا
هند أحب إلي من ... أهل ومالي أجمعا
وعصيت فيك عواذلي ... وأطعت قلباً موجعا
حدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثني يحيى بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن، قال: سمعت عبد الله بن موسى يقول: حملت جدتي هند، بعمي محمد بن عبد الله، أربع سنين، فجاءها أبو عبيدة، فقال: أنت المتحابلة على عبد الله بن الحسن فرقاً أن يتزوج عليك؟ فصفقت الباب دونه، وقالت: يا أبة، لا يكذب، فورب الكعبة البيت الحرام أني لحامل! فاقل: أما لو فتحت الباب لعلمت ما ينزل بك اليوم مني. ثم ولدت محمد بن عبد الله على رأس أربع سنين.
أخبرني عمر بن عبد الله، قال: حدثنا عمر بن شبة عن ابن دراجة، عن أبيه، قال: لما مات عبد الله بن عبد الملك رجعت هند بميراثها منه. فقال عبد الله بن الحسن لأمه فاطمة: اخطبي علي هنداً. فقال: إذن تردك، أتطمع في هند وقد ورثت من عبد الله ما ورثته وأنت ترب لا مال لك؟ فتركها، ومضى إلى أبي عبيدة أبي هند، فخطبها إليه. فقال: في الرحب والسعة، أما مني فقد زوجتك، مكانك لا تبرح. فدخل على هند، فقال: يا بنية هذا عبد الله بن الحسن أتاك خاطباً، قالت: فما قلت له؟ فقال: زوجته إياك. قالت: أحسنت قد أجزت ما صنعت. وأرسلت إلى عبد الله: لا تبرج حتى تدخل على أهلك. قال: فتبشرت لذلك، فبات بها معرساً من ليلته، لا تشعر أمه، فأقام سبعاً، ثم أصبع في يوم سابعه غادياً على أمه، وعليه درع الطيب، وفي غير ثيابه التي تعرف. فقالت: يا بني، من أين لك هذا؟ قال: من عند التي زعمت أنها تردني.
أخبرني عمر، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني هرمن أبو علي - رجل من أهل المدينة - قال: سمعته متعالماً عند آل أبي طالب: أن محمداً ولد في سنة مائة، وأن عمر بن عبد العزيز فرض له في شرف العطاء.
باب ما ذكر في تسميته بالمهدي حدثني عمر بن عبد الله، قال: أخبرنا عمر بن شبة؛ وحدثنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم، وأحمد بن عبد العزيز، قالا: حدثنا عمرن قال: حدثني يعقوب بن القاسم بن محمد بن يحيى بن زكريا بن طلحة بن عبيد الله، قال: حدثني علي بن أبي طالب بن سرح - أحد بني تيم الله - قال: أخبرني مسمع بن غسان: أن فاطمة بنت الحسين كانت تقبل نساء بنيها وأهل بيتها حتى قال لها بنوها: خشينا أن نسمى بني القابلة. فقالت: إن لي طلبة لو ظفرت بها لتركت ما ترون. فلما كانت الليلة التي ولد فيها محمد بن عبد الله قالت: يا بني، إني أطلب أمراً وظفرت به، فلست بعائدة بعد اليوم، إن شاء الله تعالى، فهي التي أوقعت ذكره.
وقال أبو زيد - فيما حدثني من قدمت ذكره - حدثني محمد بن إسماعيل بن جعفر الجعفري، عن أمه رقية بنت موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، عن سعيد بن عقبة الجهني - وكان عبد الله بن الحسن أخذه منها فكان في حجره - قال: ولد محمد وبين كتفيه خال أسود كهيئة البيضة عظيماً، فكان يقال له: المهدي، وكان يسمى صريح قريش.
قال أبو زيد: وحدثني يعقوب بن القاسم، عن سفيان بن عييبنة، قال: رأيت عبد الله بن الحسن يأتي بمحمد بن عبد الله، وإبراهيم وهما غلامان إلى عبد الله بن طاوس فيقول: حدثهما لعل الله ينفعهما!(1/64)
حدثني عمر بن عبد الله بن يحيى بن علي، وأحمد بن عبد العزيز، قال حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن موسى بن عبد الله، قال: كان محمد بن عبد الله يقول: إن كنت لأطلب العلم في دور الأنصار حتى لأتوسد عتبة أحدهم فيوقظني الإنسان فيقول: إن سيدك قد خرج إلى الصلاة، ما يحسبني إلا عبده.
قال أبو زيد: وحدثني محمد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول العبدي، عن سعيد بن خالد بن عبد الرحمن، قال: قدم علينا أبو أيوب بن الأدبر رسولاً لأبي حذيفة واصل بن عطاء داعياً إلى مقالته، فاستجاب له محمد بن عبد الله بن الحسن، في جماعة من آل أبي طالب.
حدثني عيسى بن الحسين الوراق، قال: حدثنا أحمد بن الحارث، قال: حدثني المدائني عن ابن دأب قال: حدثني عمير بن الفضل الخثعمي، قال: رأيت أبا جعفر المنصور يوماً، وقد خرج محمد بن عبد الله بن الحسن من دار ابنه، وله فرس واقف على الباب مع عبد له أسود، وأبو جعفر ينتظره، فلما خرج وثب أبو جعفر فأخذ بردائه حتى ركب، ثم سوى ثيابه على السرج، ومضى محمد فقلت وكنت حينئذ أعرفه ولا أعرف محمداً: من هذا الذي أعظمته هذا الإعظام حتى أخذت بركابه وسويت عليه ثيابه؟ قال: أو ما تعرفه؟ قلت: لا. قال: هذا محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، مهدينا أهل البيت.
أخبرنا محمد بن زكريا الصحاف البصري، قال: حدثنا قعنب بن محرز، عن المدائني، عن ابن دأب، قال: لم يزل محمد بن عبد الله بن الحسن، منذ كان صبياً، يتوارى ويراسل الناس بالدعوة إلى نفسه، ويسمى بالمهدي.
أخبرنا يحيى بن علي، وعمر بن عبد الله، والجوهري، قالوا: حدثني عمر بن شبة، قال: حدثني يعقوب بن القاسم، قال: حدثتني أمي فاطمة بنت عمر " بن عاسم " ، قالت: أخبرتني أم كلثوم بنت وهب، قالت: كان يوجد في الرواية أنه يملك رجل اسم اسم النبي صلى الله عليه وسلم، واسم أمه على ثلاث أحرف أولها هاء وآخرها دال. قال: وكانوا يظنون محمد بن عبد الله بن الحسن، وأمه هند.
أخبرني يحيى بن علي، والجوهري، والعتكي، قالوا: حدثنا أبو زيد، قال: حدثنا عيسى بن عبد الله، قال: حدثني أبو سلمة المصبحي، قال: حدثني مولى لأبي جعفر، قال: أرسلني أبو جعفر، فقال: اجلس عند المنبر فاسمع ما يقول محمد. فسمعته يقول: إنكم لا تشكون أني أنا المهدي، وأنا هو. فأخبرت بذلك أبا جعفر، فقال: كذب عدو الله، بل هو ابني.
قال أبو زيد: وحدثني جعفر بن محمد بن إسماعيل الهاشمي، عن أبيه، عن جده، قال: كنت مع أبي جعفر في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، إذ وثب إلى رجل على بغل، فوقف معه ناحية، وهو واضع يده على معرفة البغل، والرجل كان واضعاً يده على منكبه ثم جاءني فقال: استأذن على أبيك لمحمد بن عبد الله بن الحسن. فقلت: ليدن من الباب فليستأذن، فقال: أقسمت عليك إلا قمت! فقمت، فلما رجعت قال لي: ألست الذي استأذنت له؟ فقلت: لا، أمرني من استأذن له. فقال: إنك لجاهل به، هذا محمد بن عبد الله، مهدينا أهل البيت.
أخبرني محمد بن خلف بن وكيع، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد، عن الواقدي، قال: كان عبد الله بن الحسن يأمر ابنه محمداً بطلب العلم والتفقه في الدين، وكان يجيء به وبأخيه إبراهيم إلى ابن طاوس فيقول له: حدثهما لعل الله أن ينفعهما.
قال الواقدي: وقد لقى محمد نافع بن عمر وسمع منه، ولقى أبا الزياد وسمع منه، وحدث عنهما وعن غيرهما، وكان حديثه قليلاً، فروى عنه بعد مقتله، فممن حدث عنه عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، وغيره.
أخبرنا علي بن العباس المقانعي، قال: حدثنا بكار بن أحمد، قال: حدثنا الحسن بن زياد الصيقل، قال: أخبرني سلم العامري، قال: إنما شهر محمد بن عبد الله فاطمة بنت علي لما ولد محمد بن عبد الله جاءت فنظرت إليه وأدخلت إصبعها في فيه، فإذا في لسانه عقدة، فكانت تربيه، يكون عندها أكثر مما يكون عند أمه، حتى تخرج، وخرج من الكتاب، وعملت طعاماً، وأرسلت إلى نفر من أهل بيته فتغدوا عندها، ثم قالت: اللهم إن أخي الحسين كان دفع إلي سفطاً بخاتمه، والله ما أدري ما فيه، وأرى إذا ولد هذا الغلام أن أدفعه إليه، ثم دعت بالسفط فدفعته إلى محمد بن عبد الله بمحضر من القوم، وحمل معه إلى منزله ما تدري ما فيه فهي التي شهرته، وقال الناس فيه.(1/65)