قلت:كان بقية العلماء الحفاظ المتقنين، المحقق في الفروع والأصول، حاوي علوم المعقول والمنقول، عالي الهمة، أما ورعه فلا يخفى، وأما ديانته وظهورها كالشمس في الآفاق، حتى إنه حلف لي أنه ما يعلم أنه انتهك محرماً مذ عرف نفسه، حج إلى بيت الله مراراً ثم كان آخر حجه في آخر سنة أربع وعشرين، ورجع في سنة خمس وعشرين، رمقته العيون، وكاتبته العلماء وغيرهم من أهل اليمن الميمون، حتى كان خامس شهر الحجة ودعا إلى الله سبحانه وجرت بينه وبين الخليفة المهدي حروب أشهرها حرب (بيت ابن علا) وحرب (مدع) ثم حوزة المواهب حتى تسلم الخلافة الخليفة المهدي، ثم اتفقت على بيعته أهل اليمن وخطب له ما بين مكة وعدن، وجرت بعد ذلك أمور لا يليق ذكرها بالمختصر، ثم لم يزل يتردد من حوث إلى شهارة إلى حبور إلى أن وصل إلى هجرة الخموس في شهر رجب سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف، وابتدأه المرض بها فحمل إلى شهارة ولم يلبث إلا ثلاثاً حتى توفي أذان العصر يوم الثلاثاء [لعله] سابع شهر شعبان الكريم سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف سنة، [وقبره جنب جده الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم في القبة بلا فصل، وجعل التابوت عليهما جميعاً] رحمة الله عليه وسلامه.(1/351)


222- الإمام الحسين بن بدر الدين [599 -663 هـ]
الحسين بن محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى بن الناصر بن الحسن بن الأمير المعتضد بالله عبد الله بن الإمام المنتصر لدين الله محمد بن الإمام المختار لدين الله القاسم بن الإمام الناصر لدين الله أحمد بن الإمام الهادي يحيى بن الحسين بن الإمام القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الحسني، الهدوي، اليمني، الإمام الناطق بالحق الصغير، الأمير شرف الدين، العلامة.
مولده في عشر التسعين وخمسمائة تقريباً .
قال القاضي عبد الله الدواري: سند ما نحن عليه من مذهب أهل البيت ـ عليهم السلام ـ المتصل بزيد بن علي ـ عليه السلام ـ المرفوع إلى النبيـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وما يتصل بذلك من طرق السماع التي هي الإجماع والقياس والاجتهاد وأفعال النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وتروكه وما يتشعب من ذلك قراءة الكتب المتداولة في الدنيا في هذا الزمان، وهي: كتاب ( التحرير)، وشرحه، و(تعليق) القاضي زيد، و(الإفادة)، و(الزيادات) وشروحهما وتعاليق (الإفادة) و(المجموع) و(تعليق ابن أبي الفوارس)، وغير هذه فيه مما مما فيها أو شيء منه السماع لذلك في جهاتنا لأكثر هذه الكتب لفظاً ومعنى؛ ولكنها وغيرها مما يرجع في الحكم والمعنى إليها إلى الفقيهين محمد بن سليمان، ويحيى بن الحسن البحيح، والأكثر على الفقيه عماد الدين، وعماد الدين بسنده إلى الفقيه محمد بن سليمان، وإلى الأمير المؤيد، والفقيه محمد بسنده إلى الأمير [المؤيد، والأمير المؤيد بسنده إلى] الأمير الحسين بن محمد، والأمير الحسين بن محمد بسنده إلى الأمير علي بن الحسين صاحب (اللمع)، بسنده إلى الأميرين بدر الدين وشمسه محمد ويحيى ابني أحمد، وبسندهما إلى القاضي جعفر، بسند القاضي إلى الكني، وقد تقدم سند الكني.(1/352)


وقال في الترجمان في ذكر سند (اللمع) إلى الأمير الحسين: بما يرويه عن شيخه القاضي محمد بن عبد الله بن معرف، بما يرويه عن شيخه علي بن الحسين، وكذلك الكتب القديمة (كشرح القاضي زيد، و(الكافي)، (والزيادات)، و(الإفادة) وشروحهما، وغير ذلك.
قلت: وعلى ذلك بنى القاضي إبراهيم بن يحيى السحولي في سند المذهب؛ فإنه قال في ذكر المؤيد بن أحمد:
قراءة على الأمير العالم .... الفاضل الحسين ذي المكارم
مؤلف ( الشفاء) بحر العلم .... سامي المقامات ذاكي الفهم
قراءة منه علي البر الصفي .... الطيب الأعراق بن معرف
قرأه على الأمير الألمعي .... علي المملي كتاب ( اللمع)
وقال السيد محمد بن الهادي: وشرح القاضي زيد، وغيره من كتب الأئمة يرويها بطريق المناولة عن العلامة علي بن حميد، عن أبيه، عن القاضي جعفر بن أحمد عمن أثبته القاضي جعفر في طرق سماعاته، ويرويه أيضاً [عن] الأمير الحسين بطريق الإجازة عن والده بدر الدين محمد بن أحمد ـ عليه السلام ـ عن شيخه القاضي شمس الدين جعفر بن أحمد، ويروي شرح القاضي زيد قراءة على الحسن بن أبي البقاء عن مشائخه.
قال: ويروي الأول والثاني (من ضياء الحلوم) عن أحمد بن محمد بن نشوان، عن أبيه عن جده المؤلف نشوان.
قلت: ويروي كتاب (الفتاوى) للمنصور بالله بالمناولة من الفقيه عمران بن الحسن، عن المنصور بالله عبد الله بن حمزة، ويروي (زوائد الإبانة) إجازة ومناولة من حي الفقيه عبد الله بن زيد العنسي، وذكر في (الشفاء) أنه يروي (البخاري) و(موطأ مالك) و(الاستيعاب) لابن عبد البر و(الغريبين) لأبي عبيد و(نهج البلاغة).
قلت: عن مشائخه المار ذكرهم.
قلت: وأجل تلامذته الأمير المؤيد بن أحمد، والإمام المطهر بن يحيى، وولده جبريل بن الحسين، والأمير صلاح بن إبراهيم مؤلف (التتمة).(1/353)


هو الأمير الكبير، أبو طالب، حامل لواء العلوم، فارس مظنونها والمعلوم، من أعلام العترة الميامين، ومن علمائهم المبرزين، وعلمه أشهر من أن يوصف، ومعرفته أكثر من أن تعرف؛ فله من التصانيف ما يدل على علمه الغزير، حتى قيل أنه أبو طالب الصغير، صنف في الفقه كتاب (المدخل) ، و(الذريعة) وكتاب (التقرير) ستة أجزاء و(شفاء الأوام) أربعة أجزاء شرع فيه بالجزئين الأخيرين ثم الأول وشرع في الثاني بلغ فيه مفسدات النكاح، وحال الحمام دون التمام.
وقال غيره: ابتدأ بالجزء الأخير حتى أكمله ثم بقي مدة، وجرى بينه وبين أولاد الإمام المنصور بالله بعد قتل الإمام أحمد بن الحسين وحشة آلت إلى أنهم قبضوه واعتقلوه وحبسوه.
قال السيد صلاح: وقف هو والحسن بن شمس الدين يحيى بن أحمد بن يحيى بن يحيى في الحبس سنة فيما روي لي أنهم مكنوهما من خزانة الإمام المنصور بالله، وكان سجنهما في ظفار فشرع في تتميم هذا الكتاب من أوله وهو في الحبس، وكانت كتب الإمام المنصور بالله عنده فاستعان بها ، وبلغ في التأليف إلى بعض كتاب النكاح، ثم عاقه عن التمام عائق الحمام، فتممه ابن ابن أخيه الأمير صلاح الدين صلاح بن إبراهيم بن تاج الدين بن أحمد بن بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى إلى آخر الجزء، إلا كتاب الرضاع فتممه السيد صلاح بن الجلال.
قال السيد محمد بن إبراهيم: ولا شك في كفايتهأي الشفاء ـ للمجتهد، وهو في كتب الزيدية مثل كتاب البيهقي في كتب الشافعية، وله في أصول الدين كتاب ، وأما الرسائل والأجوبة فكثيرة محتوية على علم غزير ، وله (ثمرة الأفكار في أحكام حرب البغاة الكفار) ، وله كتاب يسمى (النظام) ، وله كتاب يسمى (الجونة)، وكان حجة في أهل وقته، يتعاورون كلماته ويستظهرون بإشاراته، ووقف بظفار مدة وفيه صنف (الشفاء) في أيام إقامته[بشهارة ] والأمهات ليست أمهات درسه.(1/354)


قلت: وكان يملي ما يكتبه على ولده جبريل بن الحسين ، ثم رحل إلى رغافة ، وتمم الكتاب كما ذكرنا، وبها توفي سنة اثنتين أو ثلاث وستين وستمائة، وعمره اثنتان وستون سنة، وقبره يلي قبر أخيه الحسن بن محمد، في مسجد تاج الدين.[وكان وفاة الأمير بعد قيام أخيه الحسن بن محمد وعاصره وقام بدعوته وما قبل موت الإمام وله كرامات معروفة] .(1/355)

71 / 314
ع
En
A+
A-