وصنف صاحب الترجمة الطبقات في مجلدين ضخمين جمع فيهما أسماء الرواة الذين في كتب أئمة الزيدية فأوعى ولم يشذ عنه أحد، ودل على تمكنه في هذا الفن وتبحره، وسعة اطلاعه وقوة باعه، واستوفى جميع طبقاتهم إلى زمانه فذكر رجال عصره ومشائخ قطره وجعلهم ثلاث طبقات الأولى في أسماء الصحابة، والثانية في أسماء التابعين وتابعيهم إلى رأس الخمسمائة، والثالثة من روى كتبهم وكتب شيعتهم متصل السند إلى زمانه، وهذه الطبقة مشتملة على ثلاثة فصول الأول: في الأئمة وشيعتهم، والثاني: فيمن روى عن الأئمة أو شعيتهم من علماء الحديث وأهل السنة، وذكر أسانيدهم، والثالث: في ذكر إسناد كتب أهل المذهب، وكل هذه الطبقات والفصول والأسانيد مرتبة على حروف المعجم، وسلك في حسن الصناعة وجودة التأليف ولطيف الأسلوب مسلك الحافظ الذهبي في صناعته لم يغادر من حسن صناعته شيئاً ولقد أبان عن عناية تامة، ومعرفة جيدة، وفهم صادق، واطلاع باهر، وهذه الطبقات قليلة الوجود في عصرنا فإني لا أعلم إلا بنسختين منها وذلك لعدم عناية الزيدية بهذا الفن وجهلهم بنفائس مصنفات رجالهم، وعدم التفاتهم إلى النبلاء منهم واشتغالهم بالأموات لا بالأحياء منهم، ونفذ صاحب الترجمة إلى مدنية تعز حاكماً فيها من جهة الإمام المنصور بن المتوكل وذلك في أيام المولى أحمد بن المتوكل ولم يزل حاكماً حتى توفي فيها. انتهى.
قلت: وفراغه-رحمه الله تعالى- من تحصيل الطبقات بصنعاء اليمن في سنة 1134هـ أربع وثلاثين ومائة وألف للهجرة، وموته بمدينة تعز من اليمن الأسفل سنة 1153هـ ثلاث وخمسين ومائة وألف تقريباً.
ولبعض نبلاء اليمن في هذا القرن الرابع عشر للهجرة قصيدة في ذكر بعض مزايا طبقات صاحب الترجمة منها:
فيه(الكمال) مع (الاكمال) إن نقصت .... مصنفات بني الدنيا فمعصوم
تراه (ميزان) عدل لا يحيف و(للتـ .... قريب) حاو ولا لغو وتأثيم
وزانه طبقات (جيم)عدتها .... في كل واحدة نشر وتقسيم
مصاغة لذوي الألباب (تذكرة) .... وعبرة عندها (التهذيب) مكلوم
أتت بآل رسول الله عن كمل .... والتابعين فمظنون وموهوم
وقد حوت كتب الآل الحكام مع .... الأتباع طراً ففيها الكل محكوم(1/16)
ويقول بعض من تأمل هذه الطبقات من الباحثين في هذا العصر إنها دون ما وصفها به صاحب (نفحات العنبر) وصاحب هذه الأبيات.
نعم في الطبقة الأولى للصحابة والصحابيات ثلاثمائة وستون ترجمة بالكنى والمبهمات، والطبقة الثانية: اشتملت على تراجم ستة آلاف ومائة واثنين وثمانين رجلاً من التابعين وتابعيهم من أئمة أهل البيت وأتباعهم وأئمة علماء الحديث ورجاله وأئمة المذاهب الأربعة المشهورة وأتباعهم إلى رأس الخمسمائة سنة، وعلى تراجم إحدى وعشرين امراة وجميع هذه التراجم غير المذكورة في بعض الحروف من الأسماء وغير المكررة في الفصل الثاني من باب الكنى فمن اشتهر بكنيته ومن كني باسم أبيه وقد تقدم اسمه في الأسماء، وغير ما في بعض فصول الخاتمة لهذه الطبقة الثانية من ذكر من عرف بابن فلان وقد تقدم اسمه أو عرف بنسبه أو بلقب وقد تقدم اسمه وغير من ذكر في المبهمات على أقسامها، والطبقة الثالثة هي كما سبق ذكرها.
والكتب التي جمع صاحب الترجمة جل رجالها في طبقاته هي:
1- مجموع الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، المتوفى سنة 122هـ اثنين وعشرين ومائة، وقد طبع المجموع هذا بمصر في سنة 1340هـ اربعين وثلاثمائة وألف، ثم كمل طبع شرحه (الروض النضير) في خمسة مجلدات بمصر سنة 1350هـ.(1/17)
2- وكتاب (الأمالي) وتسمى (العلوم) وهي أمالي الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المتوفى في البصرة سنة 240هـ أربعين ومائتين وهذه الأمالي جامعة بين فقه الإمام علي بن أبي طالب والإمام محمد بن علي الباقر، والإمام القاسم بن إبراهيم الرسي، والإمام أحمد بن عيسى، وجامعة أيضاً بين الفقه والآثار مع اشتمالها على الاحاديث المسندة من طريق جامعها الشيخ الإمام المحدث الرحلة محمد بن منصور المرادي، ورجال سنده للآحاديث هم رجال الصحيح فإن مشائخه نحو مائة وثلاثين شيخاً منهم: محمد بن إسماعيل البخاري، وعباد بن يعقوب الرواجني، وعثمان بن أبي شيبة وغيرهم من أئمة علماء الحديث.
وكتاب (الأحكام) للإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، المتوفى بمدينة صعدة سنة 298هـ ثمانية وتسعين ومائتين عن أربع وخمسين سنة.
وكتابا (التجريد وشرحه) و(الأمالي) للسيد الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، المتوفى بلنجا سنة 411هـ إحدى عشرة وأربعمائة عن ثمان وسبعين سنة.
وكتاب (الأمالي) لصنوه الإمام أبي طالب الناطق بالحق يحيى بن الحسين الهاروني، المتوفى بجرجان، وقيل: في آمل طبرستان سنة 424هـ أربع وعشرين وأربعمائة عن أربع وثمانين سنة.
وكتاب (الأمالي الخميسية) للسيد الإمام المرشد بالله يحيى بن الإمام الموفق بالله الحسين بن إسماعيل بن زيد بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن محمد بن جعفر بن عبد الرحمن الشجري أبي القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب المتوفى سنة 499هـ تسع وتسعين وأربعمائة، وفي أماليه المذكورة قريب أربعة آلاف حديث أسانيدها من أصح الأسانيد.(1/18)
وكتاب (الاعتبار وسلوة العارفين) لوالده السيد الشريف الإمام الموفق بالله الحسين بن إسماعيل الجرجاني المتوفى بعد سنة 420هـ أربع مائة وعشرين.
وكتاب (الصحيفة المسندة) للإمام علي الرضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن أبي طالب، المتوفى سنة 203هـ مائتين وثلاث سنين عن ثلاث وخمسين سنة، وصحيفته المذكورة قد طبعت بمصر سنة 1340هـ أربعين وثلاثمائة وألف.
وكتاب (الأربعين الحديث السيلقية) للشريف أبي القاسم ويقال له رفاعة الهاشمي زيد بن عبد الله بن مسعود السيلقي الهاشمي، المتوفى بعد سنة 458هـ ثماني وخمسين وأربعمائة.
وكتاب (الأربعين الفقهية) للشيخ أبي الغنائم محمد بن علي النرسي محدث الكوفة المتوفى بها سنة 510هـ عشر وخمسمائة عن ست وثمانين سنة.
وكتاب البساط للإمام الناصر للحق الحسن الأطروش بن علي بن الحسن بن علي بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، المتوفى في آمل سنة 304هـ أربع وثلاثمائة عن سبع وسبعين سنة.
وكتاب (أمالي السمان) الموسومة (ذخيرة أهل الإيمان) في ترتيب مجالس السمان الحافظ الكبير أبو سعيد إسماعيل بن علي بن حسين بن زنجويه السمان الرازي الكوفي، المتوفى سنة 443هـ ثلاث أو خمس وأربعين وأربعمائة.
وكتاب (رجال الذكر) لعلامة العراق الشيخ الإمام محمد بن منصور المرادي أبي جعفر الكوفي، المتوفى بعد سنة 290هـ تسعين ومائتين عن نحو مائة وخمس سنوات.
وكتاب (المنتخب) للإمام الهادي يحيى بن الحسين، وكتابي (التأذين بحي على خير العمل)، و(الجامع الكافي) للسيد أبي عبد الله العلوي محمد بن عبد الرحمن بن الحسين بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن البطحائي العلوي الكوفي المتوفى سنة 445هـ خمس وأربعين وأربعمائة عن ثماني وسبعين سنة.
وكتاب (أمالي قاضي القضاة) أبي الحسين القاضي الأصولي عبد الجبار بن أحمد الهمداني، المتوفى بالري سنة 415هـ خمس عشر وأربعمائة.(1/19)
وكتاب (المناقب) للشيخ الإمام محمد بن سليمان الكوفي صاحب الإمام الهادي إلى الحق وولده الإمام الناصر أحمد بن الهادي.
وكتاب (الشرح) للقاضي زيد بن محمد الكلاري، وكتاب (المصابيح) للسيد أبي العباس أحمد بن إبراهيم الحسني.
وكتاب (شفاء الأوام) للسيد الأمير الحسين بن بدر الدين محمد بن أحمد الحسني.
وكتاب (الشافي) للإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة الحسني المتوفى سنة 614هـ أربع عشرة وستمائة، وكتاب (المسائل المرتضاة).
وكتاب (شواهد التنزيل) لقواعد التفضيل لأبي العلم عبيد الله بن أحمد الحاكم الحسكاني.
وكتاب (جلاء الأبصار) للحاكم المحسن بن محمد بن كرامة الجشمي المتوفى سنة 494هـ أربع وتسعين وأربعمائة، وقيل: سنة 545هـ خمس وأربعين وخمسمائة.
ومن كتب المحدثين وغيرهم الأمهات الست، و(مسند الإمام أحمد بن حنبل)، و(مسند الإمام الشافعي)، و(الحلية) لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، و(مسند أبي يعلى) أحمد بن علي الموصلي، و(الأدب المفرد) للبخاري، و(التيسير) للترمذي، و(المستدرك) للحاكم، و(المعاجم) للطبراني، و(السنن وشعب الإيمان) للبيهقي، و(مسانيد ابن عدي وابن أبي شيبة، وابن عساكر وأبي حاتم)، و(مناقب ابن المغازلي الشافعي)، و(مناقب الكنجي)، و(كتاب مسند الفردوس) للديلمي.
وغير هذه التسعة وأربعين كتاباً وبالجملة فقد جمع صاحب الترجمة في طبقاته المذكورة من رواة الفقه والآثار وأعاظم رجال علماء طوائف أهل الإسلام في الأقطار فأوعى -جزاه الله خير الجزاء- ولعدم انتشار هذا الكتاب واشتهاره قد كان إطالة ترجمة مؤلفه بذكر بعض مزايا طبقاته وما اشتملت عليه، ووفاة المترجم له كما تقدم ذكره بمدينة تعز، انتهى.(1/20)