قلت: كان فقيهاً، فاضلاً، كاتباً، كان مع أحمد بن الإمام المتوكل، ثم كتب للوالد القاسم بن المؤيد في الإنشاء، حتى عزم الوالد-رحمه الله- صنعاء في سنة اثنتين ومائة وألف، ورحل إلى حضرة المهدي محمد بن المهدي وبقي في ذمار على المخازين إلى آخر مدته، ثم رجع إلى صنعاء، واتفقت به -رحمه الله- في سنة أربع وثلاثين، وظني أنه من أبناء الثمانين، ولم يزل بصنعاء لازماً لبيته حتى توفي في شعبان سنة أربع وأربعين ومائة وألف بصنعاء، ودفن بها-رحمة الله عليه-.
أحمد بن جابر الكينعي قرأ في (مجموع الإمام زيد بن علي) و (شمس الأخبار) و(تيسير المطالب) إلا فقراً في آخره، و(البحر الزخار) على شيخه محمد بن ناصر الغشمي الدغيشي، وسمع (شفاء الأوام) على الإمام المتوكل على الله، وقرأ(شرح الأزهار) على السيد حسين بن صلاح الحاكم بشهارة، والقاضي أحمد العيزري، والفقيه حسين بن يحيى حنش، و(البيان) على السيد حسين بن صلاح، وكذلك (هداية ابن الوزير) و(شرح الفتح) أيضاً، و(التذكرة) وعلى الحسين بن المؤيد في (شرح الكافل)، وعلى السيد علي بن أمير الدين في (الفصول اللؤلؤية)، وقرأ عليه جماعة من الناس في شهارة مثل الفقيه حسين النعماني وغيره، ثم رحل إلى تعز سنة اثنتين ومائة وألف ودرس بها، وأجل تلامذته السيد يحيى بن عبد الله بن أمير المؤمنين نهشل، وقرأ عليه المؤلف المجموع في جوب سنة ست ومائة وألف مع إملاء كثير من البخر الزخار، وكان فقيهاً فاضلاً، شيعياً حسن العبارة والتعليم بلطف، ولم يزل مدرساً بجوب حتى توفي في سنة ستة عشر ومائة وألف وقبره بجوب مشهور مزور.(1/11)


قال شيخنا فخر الدين عبد الله بن يحيى الروسي ما لفظه: وأنه وصل الكتاب المبارك المشتمل على ترجمة العلماء الأعلام، فقصد إصلاحه بالتصلوب ليحصل بذلك كمال المطلوب، فطالعته أولاً فوجدته يستحق أن يسمى (النفحات المسكية المشتمل على تراجم العلماء من العدلية) لأنه قد تضمن مع إيجازه وحسن تهذيبه وترتيبه على ما احتوى عليه بالمطولات من التواريخ وجمع الأسانيد في الرواة إلى مؤلفي كتبها على أحسن توضيح، ونقح مآثر العلماء باكمل تنقيح، فجزاك الله يا صارم الدين عنهم أفضل الجزاء، وكافأك عما وصلتهم الذكر الجميل بالحسنى، إنتهى بلفظه.
وذكر لي بعض العلماء كما سيجي -إن شاء الله تعالى- عن شيخنا العلامة فخر الدين عبد الله بن علي الوزير بأنه طالعه وقرأ عليه في كثير من المواضع خطه الشريف، وما نقل عن آبائه وغيرهم، وعن مشائخه فمن طريقه، واعتمدت على روايتهما ورواية القاضي أحمد بن صالح بن أبي الرجال بعد صحة روايته وإسناده إليه، وكذلك ما هو من (النزهة) ليحيى بن حميد مؤلف (الفتح) وشرحه، والأكثر من (الإجازات) لمولانا القاسم بن محمد بن علي -عليه السلام-، ومن (الديباج) ما لم يكن من أي هذه، فما ذكرت فيه سماع أو إجازة فله حكمه، وما ذكرته وجادة فلم أنقل إلا ما تيقنت أنه عمن نقلت من خط علمت فيه عدم التصحيف والتحريف وعليه خط العلماء، فليثق من روى عني ذلك أو شيء منه، والله حسبي ونعم الوكيل.(1/12)


تلاميذه ومؤلفاته:
أخذ عنه جماعة من العلماء من أعيانهم السيد الحافظ أحمد بن يوسف بن الحسين بن الحسن بن القاسم المعروف بالحديث وغيره، وفي كتب الإجازات والأسانيد الكثير ممن روى عنه الطبقات بالإجازة.
أمَّا عن أهم مؤلفاته فهو كتاب الطبقات بأقسامه الثلاثة الذي سيأتي الكلام عنه، وقد ذكرت له من المؤلفات إلى جانب الطبقات:
1- إجازة في الحديث، ذكرها السيد أحمد الحسيني في مؤلفات الزيدية وقال: مخطوط برقم (4) مجاميع- الجامع الكبير!
2- (الدرر المضيئة المستخرجة من أحاديث أئمة الزيدية المروية عن سيد البرية) وقال الحبشي: (خطت سنة 1116هـ في 18 ورقة بمكتبة الأمبروزيانا برقم 128، وذكرها كحالة في (معجم المؤلفين 1/78) وأخطأ في الاسم حيث ذكر المؤلف باسم إبراهيم بن قيس بن المؤيد بالله.
3- (الروضة البهية في المساجلة بنفائس الأشعار) مخطوطة ضمن مجموع 172- المكتبة الغربية، ص 1-57.(1/13)


الأعمال التي تولاها:
لا تكاد تسعفنا المصادر بشيء عن مشاركته السياسية، وهل عمل مع أخويه الإمامين وشارك في أحداث عصره؟ ويظهر أنه قد انشغل غالباً بالتأليف والاهتمام بجمع مصادر هذا الكتاب العظيم الذي انتهى من تأليفه كما ذكر سنة 1134هـ.
ولعله انتهى في هذا التاريخ من القسمين الأولين، أما هذا القسم فكما سنرى أنه بقى يصححه وينقحه ويضيف إليه وفيات المترجمين حتى وفاته.
وقد ذكر أنه تولى القضاء بمدينة تعز حاكماً فيها من جهة الإمام المنصور بن المتوكل الذي كانت دعوته سنة 1139هـ وذلك في أيام المولى أحمد بن المتوكل ولم يزل حاكماً بها حتى توفي بها قرابة سنة 1153هـ كما ذكره زبارة في نشر العرف.(1/14)


لمحة هامة عن كتاب طبقات الزيدية الكبرى
قبل أن نتحدث عن القسم الثالث الذي بين أيدينا يستحسن أن نقتطف هنا بعض ما قيل في وصف الكتاب بأقسامه الثلاثة وقد أورد المؤرخ الكبير محمد بن محمد زبارة في كتابه نشر العرف بعض ما قيل في الكتاب وتكلم عنه تفصيلاً، إذ يقول بعد ذكر المؤلف ومشائخه ما لفظه: قد ترجمه الحافظ الشوكاني في (البدر الطالع بمجالس من بعد القرن السابع) فقال: العلامة الحافظ، المؤرخ مصنف (طبقات الزيدية) وهوكتاب لم يؤلف مثله في بابه جعله ثلاثة أقسام: الأول فيمن روى عن أئمة الآل من الصحابة، والقسم الثاني: فيمن بعدهم إلى رأس خمسمائة، والقسم الثالث: في أهل الخمسمائة ومن بعدهم إلى أيامه، وذكر جماعة من أهل القرن الثاني عشر، ومات فيه ولم أقف على ترجمته، وقد ذكر في الكتاب المذكور مشائخه وما سمعه منهم وكل طبقة من الطبقات الثلاث المذكورة جعلها على حروف المعجم، انتهى.
وترجمه أيضاً السيد إبراهيم الحوثي في (نفحات العنبر بنبلاء اليمن في القرن الثاني عشر) ترجمة قال فيها:(1/15)

3 / 314
ع
En
A+
A-