قلت: وأجل تلامذته الإمام محمد بن علي السراجي، وله منه إجازة عامة، نعم ولما قفل من سفره من حرض ، وقد انتهى إلى غاية وطره لم يزل يترقى في العلوم، ويدفع هامات الوهوم ، حتى برع في كل فن خصوصاً علم التوحيد والعدل؛ فانه كان فيه أوحد زمانه، مبرزاً فيه على أقرانه، فصنف فيه شرحاً على (منهاج القرشي) وأكب على قراءته عليه ونسخه وتحصله أعيان الزمان وجاءه لسماعه جماعة من نواحي جهران ، وخبان ، وذمار ، وحدَّث بهذا المصنف الركبان حتى بلغ الصفراء وينبع وتلك البلدان، وله مصنفات غيره في سائر الفنون ، وفي آخر مدته أخذ في جمع (شرح على البحر الزخار) واستحضر عدة كتب في كل فن؛ ولكنه توفي وقد بلغ إلى بعض كتاب الحج، وقد صار مجلدين، وكان يوزع أوقاته؛ ففي بعضها ينسخ الأسفار بخطه ونسخه، ثم يصححها سماعاً على شيخه، وكان له خط رائق، وفي بعضها يشتغل بأمور أهله، وفي بعضها يقري تلامذته، وفي بعضها ينقل شيئاً من القرآن غيباً، ثم تفرغ للتدريس والدرس، وصار رحلة للقاصدين، فممن قرأ عليه مدة مديدة الإمام محمد بن علي الوشلي في عصابة من أهل بلده أعيان، ثم قام ودعا في تاسع شهر شوال سنة إثنين وتسعين وثمانمائة وتابعته العلماء، وكانت إليه أكثر بلا د اليمن ، ووصل إلى هجر بن المكردم وقف فيه أياماً، ثم ابتدأه المرض من أول رجب إلى ثالث وعشرين، وتوفي إلى رحمة الله سنة تسعمائة، وقبره في فللة في قبة جده علي بن المؤيد، رحمة الله عليهم.(2/91)
398- عز الدين بن دريب [… -1075هـ]
عز الدين بن دريب بن المطهر بن دريب بن عيسى بن دريب بن أحمد بن محمد بن مهيا بن سرور بن وهاس بن سلطان بن منيف بن يحيى بن إدريس بن يحيى بن علي بن بركات بن فليتة بن حسن العابد بن يوسف بن نعمة بن علي بن داود المحمود بن سليمان الشيخ الكريم بن عبد الله البر الملقب بالشيخ الصالح بن موسى الجون بن عبد الله الكامل بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الحسني، الهاشمي، اليمني.
رحل إلى صعدة فقرأ بها على شيخ الفقهاء سعيد بن صلاح الهبل، قرأ عليه كتب الفقه المعروفة وله منه إجازة، وقرأ صدراً من [بعض] (شرح الكافل) على مؤلفه السيد أحمد بن محمد لقمان وأجازه باقيه، ثم قرأ على السيد أحمد بن الهادي الديلمي في ساقين ، وله منه إجازة عامة وقرأ على القاضي عامر وله منه إجازة، وقرأ على الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم، والسيد أحمد بن محمد الشرفي، وعلى القاضي أحمد بن سعد الدين، و[على] القاضي عبد الحفيظ المهلا، وولده ناصر بن عبد الحفيظ، بعد أن سمع عليه (الفصول اللؤلؤية)، وعلى عبد الباقي النزيلي وكل هؤلاء من الأئمة والعلماء أجاز له إجازة عامة، وكذلك أجاز له إجازة عامة شيخ الأصولين عبد الهادي الحسوسة، ثم رحل إلى الطويلة ، ولازم السيد أحمد بن محمد لقمان، واختص كلية الاختصاص وانتفع به.
قلت: وأجل تلامذته القاضي أحمد بن صالح، أجاز له إجازة عامة، والسيد العلامة محمد بن إبراهيم بن مفضل، وغيرهما.(2/92)
قال القاضي: هو السيد العلامة النسابة، الفاضل، الحري بأن يسمى بالأمير بهاء الدين، كان سيداً سرياً، فاضلاً، عارفاً بالفقه مشرفاً على غيره، ممتلئاً من الوقار والحشمة، وهو من بلد الحمالة من خارج صبيا ، وكان مسعوداً ميموناً، رحل إلى صعدة فقرأ بها وتم له فضل، وعرف بالعلم، ثم لازم السيد أحمد بن محمد لقمان، واختص به كلية الاختصاص وانتفع[به] ؛ وذلك بسبب سكون السيد عز الدين في الطويلة ، فإنه سكنها وولي أمورها وتحول، [وكان هو المرجع لأهل الإقليم في القضاء والفتيا والسياسة، والولاية، نافذ الكلمة رحب الفناء وبنى] بالطويلة جامعاً عظيماً، ووقف عليه أوقافاً، وكان له خزانة كتب اجتمع فيها ما لم يجتمع عند نظرائه، أكثرها بخطوط المصنفين، من كتب المؤالفين والمخالفين، وله معرفة بأنساب أهل البيت، وسماع في الحديث، وله كتاب في الأصول يجري مجرى الشرح ثلاثين مسألة ، وله على الأنساب اطلاع، ولما توجهت العساكر إلى حضرموت صحبة سيف الإسلام أحمد بن الحسن، كان أحد الأعضاد.
قلت: وأخبرني ولده مكاتبة، بعد أن ذكر قراءته ومن أجاز له فقال: وله (فتاوى وجوابات واسعة)، وله (تعليق على هداية ابن الوزير)، وله تعليق يسمى (الإيضاح في أصول الدين)، وله (حواشي على البحر) بلغ فيها إلى الحوالة، و(شرح المقصد) لابن الوزير ، ووسع فيه، فحال الحمام دون التمام، ولم يزل مقيماً على التدريس في بلده والتأليف؛ حتى توفي في شهر رمضان سنة خمس وسبعين وألف سنة، ودفن بجنب الجامع الذي بناه ، رحمة الله عليه.
تفريع: يروي كتب الأئمة وشيعتهم عن: الإمام المؤيد، والسيد أحمد بن محمد الشرفي، وعبد الحفيظ، كلهم عن الإمام القاسم بن محمد عن السيد أمير الدين، عن السيد أحمد بن عبد الله، عن الإمام شرف الدين بطرقه.
(ح) ويروي (شرح الأزهار) عن: القاضي سعيد بن صلاح الهبل، عن الفقيه علي بن قاسم، عن يحيى بن محمد بن صالح حنش، عن ابن مفتاح.(2/93)
(ح) و(البيان)، و(شرح الأزهار) أيضاً عن: عبد الحفيظ عن أبيه عن جده المهلا بن سعيد، عن السيد عبد الله بن القاسم، عن الناظري، عن ابن مفتاح، ومحمد بن أحمد بن مظفر، عن مؤلف البيان،(ح) والأصولين عن عبد الهادي، عن عبد الرحمن بن عبد الله الحيمي، عن أحمد بن يحيى الصناني، عن صلاح بن يوسف، عن الإمام المطهر بن سليمان، عن الإمام المهدي ـ عليه السلام ـ .
(ح) وعن: القاضي عامر وتلميذه أحمد بن الهادي الديلمي، عن الإمام الحسن وعبد العزيز بهران الأول، عن صلاح الشظبي، والثاني عن أبيه كلاهما عن الأمام شرف الدين.(2/94)
399- عز الدين بن علي العبالي [… - 1088هـ]
عز الدين بن علي بن صلاح بن محمد العبالي، وبقية نسبه تقدم في ذكر صنوه الحسن بن علي العبالي، اليمني الصنعاني، السيد العالم.
قرأ في أصول الفقه على شيخ [الإسلام] ، الحسين بن القاسم الإمام، وسمع عليه تأليفه الغاية وشرحها، وهو شيخه أيضاً في علوم العربية وغيرها، وله مشائخ [بياض في المخطوطة (أ) و(جـ)].
وأجل تلامذته القاضي حسين بن محمد المغربي، وممن أخذ عليه القاضي أحمد بن صالح بن أبي الرجال، وأحمد بن محمد السلفي.
قال السيد مطهر: كان سيداً، شهيراً، ذو علم غزير، نحوياً لغوياً، أصولياً، جامعاً للفضائل الشريفة، والفواضل المنيفة.
وقال غيره: كان متضلعاً في العلوم لا سيما في العربية، وترجم له بعضهم، فقال: كان عالماً، متفنناً، معتدل العقيدة، مائلاً إلى كلام أهل السنة من غير اتباع هوى بل هو شيعي منصف عارف بحق الصحابة، وسكن صنعاء ولم يزل مقيماً على التدريس حتى توفي في سابع شهر شوال سنة ثمان وثمانين وألف، وقبره في خزيمة، رحمة الله عليه.(2/95)