378- عبد الله بن القاسم العلوي [889 - بعد 960 هـ]
عبد الله بن القاسم بن الهادي بن إبراهيم العلوي، السيد العالم.
قال تلميذه في (الزهر الباسم): أما مولده فليلة عرفة سنة تسع وثمانين وثمانمائة، وأما قراءته فأول قراءته في سنة ست وتسعمائة.
على الفقيه عبد الله بن مسعود الحوالي قرأ عليه (الحاجبية)، وشرح بن الحاجب وفي سنة سبع التصريفية وفيها طلع صنعاء قرأ المفصل على السيد الهادي بن إبراهيم، وعلى الظفاري، وقرأ على الفقيه علي بن يحيى بعض (الخبيصي)، ورجع إلى حجة قرأ على [عبد الله] ابن مسعود (التصريفية) وشرحها لركن الدين، وبقية (المفصل) و(التلخيص) للقزويني، و(أصول الأحكام)، و(الغياصة)، و(منهاج القرشي)، و(شرح الأصول)(وشرح المقدمة) للنجري، و(المؤثرات) وشرحها، ورحل إلى الأهنوم قرأ(الشرح الصغير) في المعاني والبيان على السيد [أحمد] الأهنومي في سنة اثنتي عشرة وتسعمائة قرأ ثلاثة أرباع (نجم الدين) على الإمام شرف الدين، وفي آخرها طلع صنعاء أتم (نجم الدين) على الفقيه علي بن يحيى، والقاضي علي بن محمد النجري ، وقرأ المطول على السيد المرتضى بن قاسم، ثم رحل إلى رداع فسمع على السيد الهادي، (المنتهى).(2/51)
و(شرح الوقف والعضد)، ثم بعد ذلك سمع بعض (الكشاف) على الإمام شرف الدين، وبعضه على السيد المرتضى بن قاسم وفي سنة عشرين قرأ على الفقيه عبد الله بن يحيى الناظري (الأزهار) وشرحه و(التذكرة)، وهو قرأهما على شيخه عبد الله بن مفتاح، وفي سنة ثلاث وثلاثين حج ورجع إلى حجة ثم رحل إلى زبيد سنة أربع وثلاثين وقرأ على الشيخ العلامة أبي القاسم بن عبد العليم بن أبي القاسم بن عثمان بن إقبال القرشي وولده عثمان (كنز الحنفية) للنسفي ورجع إلى حجة في آخرها، وفي سنة خمس وثلاثين طلع إلى الإمام إلى صنعاء وانتظمت أحوالهما، ورجعا إلى ما كانا عليه من الصحبة والألفة والإخاء، بعد وحشة وقعت بينهما سببها نميمة الحساد وكيد الأعداء، نقلوا إليهـ أي الإمانـ أنه يخالفه في شيء من العقائد وفي خلال ذلك يختلف إلى الإمام، وكان في صحبته سنة أربعين وتسعمائة في مخرجه إلى نجران ، ولم يزل كذلك إلى أول سنة تسع وأربعين وانتقل بأولاده إلى هجرة الإمام الظفير، وانتفع به في تلك المدة جم غفير، ثم انتقل إلى حجة ، ثم رحل إلى ذمرمر سنة ستين وتسعمائة، وعليه أخذ تلميذه علي بن الإمام شرف الدين، ثم قال: وأما تلامذته فكثيرون منهم: عبد الله بن يحيى الناظري، وعبد الله بن الإمام شرف الدين، والسيد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الوزيري، والسيد علي بن أحمد بن صلاح، والسيد الهادي الوشلي، ومحمد بن الهادي النعمي، والسيد صلاح بن عيشان، والسيد محمد بن علي بن جحاف الحبوري، والفقيه علي عبد الله بن علي العلوي، وعبد الله بن صلاح النعمي، والسيد قاسم بن صلاح الشرفي، والفقيه حسن بن علي بن يحيى بن حنش، والفقيه يحيى بن محمد بن حميد، والسيد صلاح بن أحمد، وعبد الإله بن أحمد، ثم قال: وأما علمه فلم أر أعلم منه، ولا يرى مثل نفسه في الأصولين والنحو والتصريف والمعاني والبيان، وأما اللغة والحديث والفقه واستحضار مسائله، فهو وإمامنا أوحد من رأيت من أصحابنا(2/52)
الزيدية، وهو في علم التاريخ وعلم الأوائل وعلم المنطق وإن لم يكن له فيه سماعات آية باهرة، وأما معرفة مقاصد مصنفي التصانيف الغامضة الدقيقة فشيء وراء طور العقول ما تقول إلا أن هذا يتكلم بلسان مصنف ذلك الكتاب، وأمَّا رده الاعتراضات التي اعتقد صوابها علماء عصره فينقضها بأحسن نقض وأوضحه، فأمر لا يؤمن به إلا من شاهده من أولي البصيرة، وأما حفظة فلم أر أحفظ منه، يحفظ من الأمثال والشواهد والآداب شعراً ونثراً ومثلاً وتاريخاً، بحر لا ينزف، لازمته خمس سنين فلم أر أطلع منه على فوائد لم يطرق السمع ولا سمعته يعيد بيتاً ولا مثلاً ولا رواية، وجمعنا أيضاً الشواهد والفوائد النحوية في مجلد أملاها علينا ولم نجمع عشر ما سمعنا منه، وأما ورعه فكلمة إجماع، وعبادته لا يزال ذاكراً لله سراً وجهراً، كثير الدمعة في الخلوات، وإذا اشتغل بأبناء الزمان رأيته ضاحكاً مستبشراً يقبل على كل أحد بكليته، فهو السيد المقام المجتهد، شيخ العترة الزكية، وغوث الملة المحمدية.
قلت: وذكر الإمام القاسم بن محمد: أن السيد عبد الله يروي عن السيد صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير من غير واسطة، وممن قرأ عليه: المهلا بن سعيد، وقال ولده عبدالله بن المهلا: أن للسيد عبد الله من السيد الهادي بن إبراهيم، من الإمام شرف الدين، ومن السيد أحمد الأهنومي، ومن الفقيه عبد الله الحوالي[إجازة في] جميع مروياتهم عموما وأن السيد يروي البحر عن الناظري، عن [يحيى] ابن أحمد مرغم عن مصنفه.
قال القاضي: هو السيد العالم إمام التحقيق، كان من نوادر الزمان وعجائبه، وتوفي بحجة في [بياض] وقبره في القرية التي فوق عجرمة بمهملتين مفتوحتين بينهما جيم ساكنة ثم ميم وهاء من جانب القبلة من بلاد الخير من حجة مشهور معروف مزور.(2/53)
379- عبد الله بن مفتاح شارح الأزهار [ … - 977هـ]
عبد الله بن أبي القاسم المعروف بابن مفتاح.
قال في بعض التعاليق: هو من موالي بني الحجي، ولذا سكن غضران بمعجمتين ثم مهملة، من بني حشيش من بلاد السر ، لأنه ممن استوطنه وتملك فيه أموالاً وبنى فيه مسجداً، وهو صاحب (شرح الأزهار المشهور) ، وله (تعليق على التذكرة) مفيد.
قال العلامة ابن حنش وغيره: إن ابن مفتاح سمع الغيث وغيره على الفقيه زيد بن يحيى الذماري، عن الإمام المهدي فهو الواسطة بين الإمام وبين ابن مفتاح.
قال العلامة يحيى [بن محمد بن صالح حنش: أخبرني الفقيه عبد الله بن أبي القاسم بن مفتاح: أنه رأى في المنام] أن حي الإمام المهدي أحمد بن يحيى في أرض بيده مسحاة من حديد وهو يعمل في تلك الأرض ويساوي حفرها فأخذت تلك المسحاة من يده وسويت تلك الحفر وفعلت كما يفعل، وروى لي أيضاً أنه رأى في المنام أن الإمام ـ عليه السلام ـ كأنه يسأله رجل من السادة الذين تعلقوا بقراءة (الأزهار) عن مسألة في الحيض فأجبت عليه في تلك المسألة فقال: أحسنت مرتين أو ثلاث، وروى لنا رحمه الله عن الفقيه زيد أنه يروي عن الإمام المهدي أن من استقبل القطب حال صلاته صحت صلاته، ولما وصل الفقيه المذكور ذاكره في ذلك فسمعناه من الفقيه زيد عن الإمام[المهدي] ، انتهى.
قلت: والفقيه يحيى بن محمد حنش أحد تلامذته، سمع عليه شرح الأزهار في سنة أربع وسبعين وثماني مائة، وسمعه عليه الفقيه عبد الله بن يحيى الناظري، والثالث العلامة علي بن زيد العنسي شيخ [شيخ] الإمام شرف الدين لأن ابن حميد قال في النزهة: يذكر أنه أخذ على الفقيه ثلاثة.
قال القاضي: هو الفقيه، المفيد، النافع، ميمون المقاصد، صاحب التعليقة المفيدة، ومصنف (المنتزع من الغيث شرح الأزهار) الذي كثر النفع به، واشتهر بعبد الله بن مفتاح ويسقط اسم أبيه.(2/54)
قلت: ثم اشتهر بـ(شرح ابن مفتاح) بإسقاط الاسمين، كان من عباد الله الصالحين، ومن أهل التحقيق في الفقه، و(شرح الأزهار) من أحسن الكتب وأعظمها نفعاً مع أنه قد شرح الأزهار جلة من العلماء الكبار ونهجوا فيها مناهج لم يكن في (شرح ابن مفتاح) منها شيء لكن الفقهاء لم يرفعوا بها رأساً، وكأنه وافق مراد الإمام -عليه السلام ـ توفي في ربيع الآخر سنة سبع وسبعين وثمانمائة، وقبره شرقي قبور السادة آل الوزير، بينهما الآن الطريق مسلوكة فإذا كان الخارج من صنعاء فهو على اليسار، وكان عليه مشهد تهدم، ولديه قبور وهو أطول قبر، أخبرني به بعض مشائخي وزرته ولله الحمد رحمة الله عليه، ورثاه تلميذه يحيى بن محمد بن صالح[بن حنش] فقال من قصيدة:
الأوحد المفضال أفضل من يمشي .... على الأرض من كهل ومرتضع
الصائم القائم البر التقي له .... طرائق حمدت في الضيق والوسع
ترب العبادة يحكي في تعيده .... وفضله الحسن البصري والنخعي
وفي الزهادة عمرو بن العبيد فلا .... يرنو بطرف إلى شيء من الطمع
وفي الحلوم كقس المنقري فلا .... يطيش إن طارت الألباب بالفزع
وكان في العلم كالروض الأنيق لنا .... إليه منتجع في كل منتجع
إذ كان في حلق التدريس بهجتها .... كالبدر في هالة الأنوار منصدع(2/55)