الأستاذ أبي القاسم جامع الزيادات والإفادة، والأستاذ يسنده إلى المؤيد بالله، والمؤيد بالله يسنده إلى السيد أبي العباس، وأبي العباس يسنده إلى الهادي يحيى بن محمد بن الهادي، ويحيى بن محمد يسنده إلى عمه أحمد بن الهادي، وعمه يسنده إلى أبيه الهادي للحق يحيى بن الحسين، والهادي يسنده إلى أبيه الحسين، والحسين يسنده إلى أبيه القاسم، والقاسم يسنده إلى أبيه إبراهيم، وإبراهيم يسنده إلى أبيه إسماعيل، وإسماعيل يسنده إلى أبيه إبراهيم، وإبراهيم يسنده إلى أبيه الحسن، والحسن يسنده إلى أبيه الحسن، والحسن يسنده إلى أبيه علي بن أبي طالب، وعلي بن أبي طالب يسنده إلى النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ هذا سند فقه الزيدية من أهل البيت على الجملة وأصول الشريعة وقواعد كتبها وأبوابها.
وأما تعيين المسائل وتفصيلها فإلى كل واحد منهم ما يسند إليه وإن كانوا في الحكم كالمتفقين في الأغلب وهذا السند سماع في بعض ذلك وفي بعضها مستفيض كذلك وبعضه منقول من كتب موضوع فيها ذلك يغلب الظن إلى صحتها والرواية لذلك حسب الظن والعمل بحسبه قال به كثير من الأصوليين واحتجوا على ذلك بعمل الصحابة وروايتهم بحسب ما يوجد في كتب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ نحو كتاب عمرو بن حزم واختار[له] ذلك الإمامان المتوكل والمنصور بالله، ورواه المنصور بالله عن الشيخ الحسن بعد أن راجعه في المسألة ثم قرر ذلك، انتهى.
قلت: وأجل تلامذته السيد الهادي بن إبراهيم الوزيري ، وكان سماعه عليه سنة ثمانين وسبعمائة، وصنوه العالم محمد بن إبراهيم، وصنوهما صلاح بن إبراهيم، وعبد الله النجري، وأحمد بن ساعد ، وولده أحمد بن عبد الله، وغيرهم ممن يذكر في بابه إن شاء الله تعالى.
قال القاضي: هو الإمام العلامة المعروف بسلطان العلماء، وإمام الأصول والفروع، وترجمان المعقول والمسموع، لا أجد عبارة تفي بحقه وما أحقه بقول تلميذه السيد الهادي بن إبراهيم:(2/16)
وهذه خلاصات المسائل لم يكن .... عليّ عزيز نظمها لك في شعري
هرقت لها كأس الكرى بقراءة .... وبحث وتحقيق على العالم الصدر
هو القدوة العلامة الحبر إنه .... ليبهر فضلاً كل علامة حبر
وقاضي قضاة المسلمين وسيد الـ .... أكابر والشمس المضيئة في العصر
مؤيدة أقواله بأدلة .... تقوم مقام النصر للعسكر المجر
هدانا إلى سبل الرشاد ولم يزل .... يبيح لا وفرا يزيد على الوفر
جزاه إله العرش عن فيض علمه .... وتعليمه المشكور من أفضل الأجر
قال السيد الهادي: وكنا بين يديه جماعة من طلبة العلم يملي علينا من بحر علمه الفرائد المنتقاة، ويمطر علينا من شآبيب فهمه المنتقاة ، وكان العلم في زمنه كالحديقة المزهرة ووجوه العلوم الدينية بنور وجهه ضاحكة مستبشرة، وكانت ركائب الطلبة تحدى إلى سوحه من أداني الأرض وأقاصيها، وبلغ في العلم والتعليم وحياطة الدين ما لم يبلغه أحد، جمع بين محاسن العلم والعمل.(2/17)
قال القاضي: وكان مرجعاً للعلماء ومنابه لهم عند المهمات، وحسبك برجل يرسل إليه علامة اليمن الحسن بن محمد النحوي يسأله عن إجازة الإجازة فوقف في الطريق ووضع دقنه على عصاه يتوكأ عليها، وسكت ساعة فلما وصل الرسول إلى الفقيه حسن ووصف له سكتته وتأمله فأقسم الفقيه حسن أنه في تلك الحال كالناظر في بحر من علم ، ولما دنت وفاته ذكر له بعض أولاده قصة الإمام المهدي أحمد بن يحيى [ليذكره] لعله يستغفر فحلف القاضي أنها أرجا شيء أرجوه عند الله لأني ما أردت إلا حفظ الإسلام وما أقدمت بغير بصيرة، وله مصنفات منها (شرح على الجوهرة) ، وما تعلق الناس بعده بغيره ولشيخه قاسم المحلي على الجوهرة أيضاً تعليق و(شرح الأصول الخمسة) ، و(شريدة القناص) ، وفي الفروع (الديباج النظير) ولعمري أنه مفقود النظير، وله (مسائل ورسائل) وخرج إلى صنعاء للمشاورة في بيعة علي بن صلاح في سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، ثم عاد إلى صعدة وأقام بها حتى توفي في صفر سنة ثمانمائة، عن خمس وثمانين سنة قال :
إلا أن فخر الدين حاكم صعدة .... تقضت لياليه عقيب المحرم
لسبع مئين قد تقضت عديدها .... إلى مائة وفَّى بها العمر فاعلم
وعاش من الدنيا ثمانين حجة .... وخمساً وَفَتْ والمرء غير مسلم(2/18)
362- عبد الله بن الحسين الجحافي [1040- 1112هـ]
عبد الله بن الحسين بن علي بن إبراهيم بن المهدي بن أحمد الجحافي، السيد العلامة، فخر الدين.
مولده سنة أربعين وألف.
قرأ على أخيه السيد علي بن الحسين في جميع الفنون، وعلى القاضي أحمد بن صالح بن أبي الرجال.
وأخذ عنه ولده علي بن عبد الله، والقاضي جعفر بن علي الظفيري، ولطف الله بن مهدي بن لطف الله الغياث، وغيره .
كان سيداً، عالماً، محققاً سيما في الأصول، وكان يتأول كلام المعتزلة في الصفات، ويقول أنها ضاقت عليهم العبارات لضيق المقام، في تحقيق صفات العليم العلام، وكان عليه الفتوى في جهات حجة وتولاها مدة، فكانت أحواله على السداد والصلاح على طرائق آبائه الأعلام، ولم يزل يفتي وينفع المسلمين بما عنده حتى في ذلك اليوم آخر يوم من حياته وقد ثقلت لسانه، وتوفي بعد ذلك بساعة أو ساعتين وذلك عشية الأحد لصباح الاثنين من شهر شعبان الكريم عام اثني عشر ومائة وألف سنة، ودفن في القبة في جبل عمر متصلاً بتابوت العبد الصالح الذي يروى أنه ولد الحمزة بن سليمان، وعمره إذ ذاك ثلاث وسبعين سنة، انتهى.(2/19)
363- عبد الله بن الحسين بن منخل [… - 1117هـ]
عبد الله بن الحسين بن منخل، القاضي.
قرأ في الفقه كـ(شرح الأزهار)، و(البيان)، والفرائض على القاضي محمد بن صلاح الفلكي وغيره.
وأخذ عنه جماعة منهم: القاضي [أحمد] بن مهدي الشبيبي، وغيره.
كان القاضي عالماً، حاكماً بتعز، ولم يزل به حتى توفي في شهر[بياض] سنة سبع عشرة ومائة وألف وقبره [بياض].(2/20)