الكتاب : طبقات الزيدية الكبرى (القسم الثالث)
المؤلف : السيد العلامة إبراهيم بن القاسم بن الإمام المؤيد بالله، المتوفى سنة 1152 هـ

طبقات الزيدية الكبرى
(القسم الثالث)
ويسمى بلوغ المراد إلى معرفة الإسناد
للسيد العلامة إبراهيم ابن القاسم بن المؤيدبالله

من إصدارات
مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
ص.ب. 1135، عمان 11821
المملكة الأردنية الهاشمية
www.izbacf.org(1/1)


مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، وبعد:
فإن تحقيق وإخراج ونشر كتب التراث الإسلامي العريق الأصيل من أهم وأعظم الواجبات الملقاة على عاتق أبناء هذا الجيل، وخصوصاً القادرين المتمكنين منهم الذين وجب عليهم السير في مجال الدعوة إلى الله والهداية إلى سواء السبيل، والابتعاد والإعراض عن الخوض في الأعراض، والتوغل في القال والقيل، والجدل العقيم والحوار الهزيل، وأحاديث المقيل في الاختلاف والصراع العريض الطويل، الذي لا طائل من ورائه إلا غرس بذور الاحباط واليأس، وإيجاد المداخل للوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس، ويلقي في أفئدتهم الحيرة والشك والالتباس، وسوء الظن، والعداوة والبغضاء والإحن.
نسأل الله السلامة والهداية إلى جادة الصواب، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يبصرنا عيوب أنفسنا ويشغلنا بها عن عيوب الناس، وأن يقينا العجب والغرور، وأن نحقر عظيماً، أو نعظم حقيراً، أو ننظر للآخرين بعين الاحتقار، أو نطعنهم بالقلب واللسان، وأن نميل مع الهوى أو نتنكب عن الحجة والدليل.
إن تحقيق كتاب ينفع الأمة ويهدي إلى الحق لهو الأجدى والأنفع والأولى في زمن اختلط فيه الحابل بالنابل، فأمامنا وبين أيدينا تراث عظيم، نقي، خالص من الشوائب، صافي المنبع، نقي المشرب، عذب زلال، تناقله وحمله أئمة الآل، لإنقاذ الأمة من الوبال. وفي العمل على إخراجه إلى النور ونشره بين الناس المخرج من حوالك المهالك، إلى سبيل الأنوار الواضح المسالك. وفي هذا فليتنافس المتنافسون.(1/2)


وقد رأينا في هذه السنوات القليلة الكثير من الأعمال الجليلة، وظهرت بحمد الله عشرات الكتب والرسائل التي كانت حبيسة الخزائن والأدراج، فعم نفعها، وعظم أثرها وأثمرت غروسها، في وعي ناضج وبصيرة نافذة، وهاهي المكتبات ومراكز البحوث والصف والتحقيق تعم وتنتشر وكتب التراث يتوالى صدورها في ظل ظروف حرجة، وقلة إمكانيات، ومحدودية تفاعل من القادرين والموسرين من أبناء هذا الفكر العظيم، لكن العزم والتصميم والاصرار من المخلصين سيتجاوز العقبات والصعاب بعون المولى جل وعلا.
وهذا الكتاب العظيم الذين بين أيدينا اليوم (طبقات الزيدية الكبرى- القسم الثالث) أحد أهم الكتب التي نرجوا الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها، هو من سلسلة كبيرة من كتب التراث التي سترى النور قريباً بعد الانتهاء من صفها وتحقيقها في شتى الفنون، يعمل على إنجازها فريق من المحققين والمصححين والطباعين والإداريين تحت رعاية مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية التي يديرها شباب أتقياء أنقياء مخلصون عاملون بصمت وتضحية بالجهد والوقت والمال في سبيل خدمة الفكر والتراث، فإليهم أولاً ينتمي هذا العمل المتواضع، وبهم وبجهودهم يرى النور، وكلنا رجاء وأمل بالمولى جل وعلا أن يتقبل هذا العمل وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم.
ولا يفوتني هنا وقبل الدخول في عجالة عابرة عن المؤلف والكتاب والعمل في تحقيقه أن أعترف بالقصور وقلة الباع وضآلة الاطلاع وعجز اليراع، داعياً كل أخ حبيب إلى النقد والملاحظة وتصحيح الأخطاء وتسديد الخلل فمن لا يعمل لا يخطئ، والخطأ وارد وارد، ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه، ورحم الله امرءاً أهدى إلي عيوبي، وإلى هذه المقتطفات عن المؤلف والكتاب.
عبدالسلام بن عباس الوجيه
صنعاء - اليمن(1/3)


نسبه:
هو السيد العلامة، الحافظ، المسند الحجة، إبراهيم بن الإمام الداعي القاسم بن الإمام المؤيد بالله محمد بن الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد بن علي بن الرشيد بن أحمد بن الأمير الحسين بن علي بن يحيى بن محمد بن يوسف الأشل بن القاسم بن الإمام الداعي يوسف بن المنصور بالله يحيى بن الإمام الناصر لدين الله أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن الإمام القاسم الرسي بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن الإمام علي بن أبي طالب -عليهم السلام-.(1/4)


مولده ونشأته:
ولد -رضوان الله عليه- بمدينة شهارة، ورضع من معين التقوى والعلم والفضل، وترعرع في أحضان أسرة علمية سياسية شهيرة.
وفي بيئةٍ علميةٍ مزدهرة حيث كانت مدينة شهارة زهرة المدائن في ذلك العصر بعد أن اتخذها جده الأكبر القاسم عاصمة له، ثم جده المؤيد كذلك، فكانت قبلة العلماء، ومأوى الفضلاء، ومحط الباحثين عن العلم والمعرفة، وهجرة علمية نبغ فيها مئات العلماء والمجتهدين الأفذاذ أمثال أولاد القاسم بن محمد وأحفاده، وشيخ الإسلام أحمد بن سعد الدين المسوري، والعلامة أحمد بن محمد بن صلاح الشرفي، والعلامة عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الشرفي صاحب تفسير (المصابيح) وعشرات غيرهم.
وقد تلقى العلم في مدرسة جامع شهارة العلمية على يد مشائخ أجلاء منهم: والده وأخواه الحسن والحسين وغيرهم ممن سيأتي ذكرهم.
ويبدو أن المترجم قد تفرغ للعلم وكرس له حياته من طفولته إلى كهولته.
وانشغل بالعلم والتأليف عن المشاركة في الأحداث السياسية التي انغمست فيها أسرته.
لا نستطيع تحديد سنة مولده إلا أنه يمكن القول استناداً إلى ما ذكره صاحب (نفحات العنبر) عن أخذه العلم عن القاضي أحمد بن سعد الدين المسوري، المتوفى سنة 1079هـ أنه من مواليد 1066هـ تقريباً، على تقدير أنه تلقى العلم وهو ابن اثنتى عشر سنة على الأقل.
ولكن صاحب نفحات العنبر نفسه ذكر أن أخويه الإمامين الحسن بن القاسم (1076 -1157هـ)، والحسين بن القاسم (1080- 1131هـ) كانا من مشائخه فلعله أصغر منهما أو لعل ذكره من تلاميذهما لاشتهارهما بالإمامة، وليس هنالك ما يمنع من تلقي العلم بين الأقران أو من تلقي الكبير عن الصغير.
وخلاصة القول أن نشأته وشبابه ودراسته كان بمدينة شهارة في الربع الأخير من القرن الحادي عشر.(1/5)

1 / 314
ع
En
A+
A-