[أعمام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم]
قد قدمنا أسماء أولاد عبد المطلب العشرة، وعماته الست.(1/178)


[(1) الحارث بن عبد المطلب]
فأما الحارث بن عبد المطلب وهو أكبر هم، فإن عبد المطلب لما رأى ملك الحبشة ذهب به معه، فدعاه الملك إلى منادمته فقال عبد المطلب: لا أشرب شيئاً يشرب عقلي.
فهو أول من حرم الخمر في الجاهلية على نفسه.
قال له الملك: فالحارث.
فقال: هو رجل أملك بنفسه.
فدعاه الملك فأجابه؛ وكانت له وفرة حسنة، فرأته امرأة الملك فعلقت به، وراسلته فأجابها يقول:
لا تطمعي فيما لدي فإنني .... كَرمٌ منادمتي عفيف مئزري
أسعى لأدرك مجد قوم سادة .... عمروا قطين البيت عند المشعر
فاقني حياءك واعلمي أني امرؤ .... آبى بنفسي أن يغير معشري
أو أن أزنّ بجارتي أوكنتي .... أو أن يقال صبا بعرس الحميري
قال: ثم إن الملك زود عبد المطلب كعكاً وجراب وسمة، فلما ورد منزله خضبته ابنته أُميمة، فلما نظر إلى سواده أعجب به فهو حيث يقول:
فلو دام لي هذا الخضاب حمدته .... وكان بديلاً من شباب قد انصرم
تمليت منه والحياة لذيذة .... ولا بد من موت أُمامة أو هرم(1/179)


[(2) الحمزة بن عبد المطلب]
وأما حمزة بن عبد المطلب فهو أسد الله وأسد رسول الله الذي أيد الله به الإسلام، وقتل يوم أحد، قتله وحشي بن حرب بن وحشي، وكان مملوكاً حبشياً لجبير بن مطعم، فوعدته ومنته هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على قتله، وكان حمزة أخا رسول اللهمن الرضاع.
[56] [أخبرنا علي بن يزيد بن مخلد، قال: حدثنا أبو زرعة الرازي، قال: حدثنا ابن بكير، قال: حدثنا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليه السلام] قال: قلت: يارسول الله مالي أراك تتوق إلى نساء قريش وتدعنا؟
قال: ((أعندك شيء))؟
قلت: نعم، ابنة حمزة.
قال: ((هي ابنة أخي من الرضاعة)).
[57] وأخبرنا أحمد بن سعيد الثقفي بإسناده عن بعض المشائخ أنه سمع رجلاً من الأنصار قال:جاء جدي بأبي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يارسول الله هذا ولدي فسمه قال: ((سمه بأحب الأسماء إليّ حمزة)).(1/180)


[58] أخبرنا أحمد بن خالد الفارسي بإسناده عن عبد الرحمن بن عائش «عن» عمه عن رسول الله قال: ((خير إخوتي علي، وخير أعمامي حمزة)).
[59] أخبرنا محمد بن أبي عمار بإسناده عن صالح بن حيان عن بريدة بن بريدة عن أبيه في قوله تعالى: ?يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً?[الفجر:27، 28].
قال: هو حمزة بن عبد المطلب عليه السلام.
[60] وحدثنا إبراهيم بإسناده عن أبي قتيبة عن شعبة قال: سمعت السدي [يقول] كانوا يقولون جميعاً ?أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لاقِيهِ?، قال هو حمزة بن عبد المطلب ?كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ?[القصص:61] قال: «أبوجهل بن هشام».
[61] [أخبرنا أبو أحمد الأنماطي، قال: أخبرنا هارون بن المبارك، قال: حدثنا علي بن مهران عن سلمة عن محمد بن إسحاق عن رجاله] أن أول من آمن برسول الله خديجة بنت خويلد، ثم علي بن أبي طالب عليه السلام فكان أول ذكر آمن به وصلى معه وصدق بما جاء به من عند الله، ثم أسلم زيد بن حارثة.(1/181)


[سبب إسلام حمزة]
فلما نادى رسول الله قومه بالإسلام وصدع به حتى ذكر آلهتهم وعابها، مرَّ أبو جهل بن هشام برسول الله وهو جالس عند الصفا فآذاه وشتمه، فلم يكلمه صلى الله عليه وآله وسلم ومولاة لعبد لله بن جدعان في مسكن لها فوق الصفا تسمع ذلك، ثم انصرف عنه، فعمد إلى نادي قريش عند الكعبة فجلس معهم.
فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن أقبل مُتَوَشِّحاً قوسه راجعاً من قنصٍ له، وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له، وكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالبيت، و إذا فعل ذلك لم يمر على نادي من قريش الاّ وقف وسلّم وتحدث معهم، وكان أعز قريش وأشدها شكيمة، فلما مرَّ بالمَوْلاة، وقد قام رسول الله ورجع إلى بيته، قالت له: يا أبا عمارة، لو رأيت مالقي ابن أخيك محمد آنفاً قبيل أن تأتي من أبي الحكم بن هشام، وجده هاهنا جالساً فسبّه وآذاه، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد، فاحتمل الغضب، وخرج سريعاً لا يقف على أحد كما كان يصنع، فلما دخل المسجد نظر إلى أبي جهل جالساً في القوم، فأقبل نحوه حتى إذا وقف على رأسه رفع القوس فضربه بها ضربة فشجه شجة منكرة، وقام رجال بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة فإني والله لقد سببت ابن أخيه، فأدار القوس على رؤوسهم استخفافاً بهم، ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقرع بابه، فناداه النبي: من هذا؟
قال: أنا عمك حمزة.(1/182)

36 / 118
ع
En
A+
A-