[نطق الحجر والشجر بالشهادة]
وأتى رجل يستجيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان عاقلاً لبيباً، فقال: يا محمد إلى ما تدعو؟
قال: ((إلى شهادة أن لا إله الا الله وحده لا شريك له)).
قال: وأين الله يا محمد ؟
قال: ((هو بكل مكان موجود، وليس في شيء منها بمحدود)).
قال: فكيف هو ؟
قال: ((هو خلق الكيف والأين فلا يقال كيف ولا أين)).
فقال: كيف لي أن أعلم أنه أرسلك ؟
فلم يبق بحضرتنا يومئذ حجر ولا مدر ولا شجر إلاّ قال: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأن محمداً رسول الله.
فأسلم الرجل، وقال رسول الله: ((قد سميتك عبد الله)).(1/148)


[نبع الماء من بين يديه صلى الله عليه وآله وسلم ومنقبة لعلي (ع)]
وخلفني صلى الله عليه وآله وسلم في تبوك فتكلم ناس بما في صدورهم، وقالوا: خلفه إذْ أبغضه.
فلحقت برسول الله وأخبرته، فقال لي في ملأ منهم: ((يا علي إن الله أمرني أن أؤاخيك وأن أقربك ولا أجفوك، وأدنيك ولا أقصيك، أنت أخي في الدنيا والآخرة، وأمرني ربي أن أقيمك ولياً من بعدي، وسألته أن يشركك في الشفاعة معي))، ثم سار صلى الله عليه وآله وسلم بمن معه فشكوا العطش، فقال: اطلبوا الماء، فلم يصيبوا شيئاً حتى خافوا على أنفسهم، وقالوا: يا رسول الله ادع لنا ربك. فنزل جبريل عليه السلام فقال: ((يا محمد ابحث بيدك الصعيد، وضع قدميك وإصبعيك المسبحتين وسمّ)).
ففعل صلى الله عليه وآله وسلم فانبجس من بين أصابعه الماء فشربوا ورووا وسَقَوا دوابهم وحملوا منه، فأعطي صلى الله عليه وآله وسلم مَا أعطي موسى بن عمران، فازداد المؤمنون إيماناً. وموضع الماء اليوم معروف وقد اغتسلت منه.(1/149)


[أول من أسلم من الرجال والنساء]
[31] «أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم بإسناده عن ابن سيرين قال»: أول من أسلم من النساء خديجة.
«وعن» زيد بن أرقم قال: علي عليه السلام أول من أسلم.
[32] أخبرنا ابن أبي حاتم [قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن الأشعث] عن إسماعيل بن أبان عن أبيه عن جده قال: كنت امرءاً تاجراً فَوَالله إنني «لعند» العباس بن عبد المطلب إذ خرج رجل من خباء قريب «منه»، فنظر إلى الشمس فلما رآها مالت قام يصلي، ثم خرجت امرأة من ذلك الخباء فقامت خلفه تصلي، ثم خرج غلام حين راهق الحلم من ذلك الخباء فقام معه يصلي، وفي حديث: عن يمينه، فقلت للعباس: من هذا ؟
فقال: هذا محمد بن عبد الله، ابن أخي.
قلت: ومن هذه المرأة؟
قال: هذه امرأته خديجة بنت خويلد.
فقلت: من هذا الفتى ؟
قال: هذا علي بن أبي طالب، ابن عمه.
قلت: مَا هذا الذي يصنع ؟
قال: يصلي وهو يزعم أنه نبي، وأنه تفتح له كنوز كسرى وقيصر، ولم يتبعه على أمره إلاّ امرأته وابن عمه.
[33] «أخبرنا عبد الملك بن محمد بإسناده» عن ابن عباس قال لعلي عليه السلام: أربع خصال ليس لأحد من العرب غيره: أول عربي وعجمي صلى مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف، وهو الذي صبر معه يوم المهراس حين انهزم الناس كلهم غيره، وهو الذي غسله وأدخله قبره.
[34] أخبرنا أبو نعيم بإسناده، عن أبي يحيى عن علي عليه السلام قال: صليت مع رسول الله سبع سنين مَا يصلي معه أحد غيري وغير خديجة.
[35] أخبرنا أبو نعيم بإسناده عن عباد بن عبد الله قال: سمعت علياً عليه السلام يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصديق الأكبر، لا يقولها بعدي إلاكاذب مفتر، ولقد صليت قبل الناس بسبع سنين.(1/150)


[36] أخبرنا محمد بن بلال، قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز [بن الوليد، قال: حدثنا أحمد بن الفضل، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي رافع، عن سعيد بن عبد الرحمن] عن أبي أيوب «الأنصاري» قال: قال رسول الله: ((صلت الملائكة علي وعلى علي سبع سنين، وذلك أنه لم يصل أحد غيري وغيره)).(1/151)


[نسبه وتاريخ مولده صلى الله عليه وآله وسلم]
والروايات في نسبه صلى الله عليه وآله وسلم إلى عدنان متفقة، ومَا بعد ذلك فهو مختلف فيه.
[37] أخبرنا أحمد بن محمد بن بهرام بإسناده عن مجاهد قال: سئل ابن عباس عن نسب رسول الله فقال: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أَدَدَ بن تيمن بن يشجب بن «سحلم» بن صيانوخ بن الهميسع بن نبت بن قيذَر بن إسماعيل بن إبراهيم بن آزر بن ناحور بن أرغوا بن فالغ، ويقال: فالخ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلخ -بالحاء والخاء- ابن أخنوخ، وهو إدريس النبي صلى الله عليه ابن مهلائيل بن قينان بن آنوش بن شيث بن آدم عليه السلام.
[38] وأخبرنا عبد الرحمن بن محمد الضبيعي بإسناده عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله يقول: ((معد بن عدنان بن «أدد» بن زند بن ثرى بن أعراق الثرى))، ثم يقول صلى الله عليه وآله وسلم : ((أهلك عاداً وثمود وأصحاب الرس وقروناً بين ذلك كثيراً لا يعلمهم إلاّ الله)).
قالت: فقرأها رسول الله: ((لا يعلمهم)).
[39] «وأخبرنا عبد الرحمن بن محمد الضبعي بإسناده عن أم سلمة»، فكانت أم سلمة تقول بعد ذلك: زيد هميسع، وثرى: نبت، وأعراق الثرى: إسماعيل بن إبراهيم صلّى الله عَلَيْهما.
[40] أخبرنا ابن بهرام بإسناده عن ابن عباس أن رسول اللهكان إذا انتهى في النسب إلى معد بن عدنان قال: ((كذب النسابون، قال تعالى: ?وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًاً?[الفرقان:38])).
وقد رُوِي عن ابن عباس وأنس خلاف الرواية الأولى وكرهت الإكثار.
فأما عبد المطلب فاسمه شيبة، وهاشم هو عمرو، وعبد مناف هو المغيرة، وقصَي هو زيد، والنضر هو قريش، وكنانة هو علي، وبه سمي علي بن أبي طالب عليه السلام ومدركة هو عمرو.(1/152)

30 / 118
ع
En
A+
A-