[قصة معجزة الشجرة]
وأتاه الملأمن قريش: أبو جهل بن هشام، وهشام بن المغيرة، وأبو سفيان بن حرب، وسُهَيل بن عمرو، وشيبة، وعتبة، وصناديد قريش فقالوا: يا محمد، قد ادعيت أمراً عظيماًلم يدعه آباؤك، ونحن نسألك أن تدعو لنا هذه ا لشجرة حتى تنقلع بعروقها وتقف أمامك.
فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((إن ربي على كل شيء قدير، وإني أريكم مَا تطلبون وإني أعلم أنكم لا تجيبوني، وإِن منكم من يذبح على القليب، ومن يحزب الأحزاب، ولكن ربي بي رحيم)).
ثم قال للشجرة: ((انقلعي بعروقك بإذن الله)). فانقلعت وجاءت ولها دَويّ شديد حتى وقعت بين يدي رسول اللهفقالوا استكباراً وعتواً: ساحر كذاب، هل صدقك إلاّ مثل هذا، يعنوني، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((حسبي به ولياً وصاحباً ووزيراً، قد أنبأتكم أنكم لا تؤمنون، والذي نفس محمد بيده لقد علمتم أني لست بساحر.
فكان أشدهم عليه أبو جهل بن هشام، وهشام بن المغيرة، وابن حرب، ولم يكن أشد عليه من هاتين القبيلتين: بني مخزوم وبني أمية، فلعنهم رسول اللهفنزل بهم الذبح، فذبح من ذبح وبقي من بقي ملعوناً.(1/143)
[إظهار دعوته وما رافقها من معجزات]
ونزل على رسول الله: ?فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ?[الحجر:94]، ثم نزل: ?وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ?[الشعراء:214].
فقال: ((يا علي انطلق إلى بني عبد المطلب، وعبد شمس، وتميم، ومخزوم، وعدي، وكعب، ولؤي، فاجمعهم إلى نبي الرحمة، فإني أريد أن أكلمهم وأبلغهم رسالة ربي، وأقيم فيهم وزيري وناصري لا يتقدمه ولا يتأخر عنه إلاّ ظالم)).
وأمر صلى الله عليه وآله وسلم بذبح شاة، فانطلقت وجمعتهم إليه، وهم ستون رجلاً يزيدون أو ينقصون رجلاً، فطعموا وشبعوا بإذن الله وفضل من الطعام أكثره، ثم قال: ((يا أيها الملأ من قريش أتيتكم بعز الأبد وملك الدنيا والآخرة، فأيكم يوازرني ويبايعني على أمري؟)) فلم يجيبوه، فقلت وأنا أحدث القوم سناً: أنا يا رسول الله.
قال: ((اللهم اشهد أني وازرته وخالَلْتُه، فهو وزيري وخليلى وأميني ووصيي والقائم بعدي))، فقاموا يقولون لأبي طالب: قد ولّى عليك ابنك واتخذه خليلاً دونك، وأقبل أبو جهل فقال: أتزعم أنك نبي وأن ربك يخبرك بما نفعله، فهل تخبرني بشيء فعلته لم يطلع عليه بشر؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((أخبرك بما فعلت ولم يكن معك أحد؟ الذهب الذي دفنته في بيتك في موضع كذا، ونكاحك سودة)).
قال: ما دفنت ذهباً ولا نكحت سودة.
فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((فأدعو «الله» أن يذهب بمالك الذي دفنت)). فضاق بأبي جهل، وقال: «قد» علمنا أن معك من الجن من يخبرك، أما أنا فلا أقر أبداً أنك نبي.
قال: والله لأقتلنك، ولأقتلن عتبة والوليد، ولأقتلن أشرافكم، ولأوطئن بلادكم الخيل، ولآخذن مكة عنوة.(1/144)
[إخباره صلى الله عليه وآله وسلم بسبعة رهط يأتون من وراء جبل حراء]
وقال صلى الله عليه وآله وسلم وأنا عنده يوماً: ((يا معشر قريش، يأتيكم غداً تسعة رهط من وراء هذا الجبل -يعني حراء- فيسلم سبعة ويرجع اثنان كافران، يأكل أحدهما السبع والآخر يعضه بعيره فيؤرثه حُمرةً آكِلَة ثم موتاً))، فأخذت قريش تهزأ، فلما أصبحوا أقبل النفر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأسلم سبعة ونزل بالكافرين مَا قال؛ فصعدت الجبل وناديت: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول اللهفأرادوا قتلي فأيدني الله بملك كريم دفعهم عني.(1/145)
[إخباره صلى الله عليه وآله وسلم بصفات أنصار أمير المؤمنين]
ثم إن خليلي صلى الله عليه وآله وسلم قال لي: ((ستقاتل قريشاً إنها لا تحبك أبداً، وإن لك أنصاراً نجباء خيرة، ذُبل الشفاه، صفرُ الوجوه، خمص البطون، لا تأخذهم في الله لومة لائم، رعاة الليل متمسكون بحبل الله، لا يستكبرون، ولا يضلون)).(1/146)
[قصة ذئب أبي الأشعث]
ثم الذئب الذي كلَّم أبا الأشعث فردَّه من غنمه مرة بعد مرة، فلما كانت الرابعة قال:مَا رأيت ذئباً أصفق منه.
قال الذئب: أنت أصفق مني تتولى عن رسول رب العالمين.
قال الراعي: ويلك مَا تقول؟
قال الذئب: الويل لمن يصلى جهنم غداً ولا يدخل في دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
قال الراعي: حسبي، من يحفظ غنمي لأنطلق وأومن به ؟
فقال الذئب: أنا أحفظ عليك غنمك. فجاء الراعي يعْدُو، وقال: السلام عليك يا رسول الله، وأخبر بكلام الذئب فأخذ أبو الأشعث سخلة وذبحها للذئب، وقال: أعتقتني من النار.(1/147)