[ذكر نزول الوحي على النبيين وتوقيفه]
[25] أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الجديدي بإسناده عن أبي ذر الغفاري قال: قلت يا رسول الله كم الأنبياء؟
قال: ((مَائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً جماً غفيراً)).
قال: قلت: يا رسول الله كم الرسل من ذلك؟
قال: ((ثلاثمائة وثلاثة عشر، جماً غفيراً)).
قال: قلت: كثير طيب.
قال: قلت: يا رسول الله من كان أولهم؟
قال: (( آدم)).
قال: قلت: يا رسول الله نبي مرسل؟
قال: ((نعم، ثم قال: يا أبا ذر، أربعة سريانيون: آدم وشيث وأخنوخ وهو إدريس صلوات الله عليهم وهو أول من خط بالقلم، ونوح، وأربعة من العرب: هود وشعيب وصالح ونبيك يا أبا ذر)).
وقال: ((أول الأنبياء من بني اسرئيل موسى وآخرهم عيسى، وأول الرسل آدم وآخرهم محمد)).
قلت: يا رسول الله كم كتاب أنزل؟
قال: ((مائة كتاب وأربعة كتب، «أنزل على آدم عشر صحائف»، وأنزل على شيث خمسون صحيفة، وأنزل على إدريس ثلاثون صحيفة، وأنزل على إبراهيم عشر صحائف، وأنزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف، وأنزلت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان)).(1/133)
[مواعظ وأمثال من صحف إبراهيم عليه السلام]
قلت: يارسول الله، مَا كانت صحف إبراهيم؟
قال: ((كانت أمثالاً كلها: أيها الملك المسلط والمبتلى المغرور، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض، ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها وإن كانت من كافر.
وكان فيها أمثال: وعلى العاقل ما لم يكن مغْلوباً على عقله أن تكون له ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يفكر فيها في صنع الله تعالى، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب، وعلى العاقل أن لا يكون ظاعناً إلا لثلاث: تَزوُّد لمعاد، أو مرمّة لمعاش، أو لذة من غير محرم، وعلى العاقل أن يكون بصيراً في زمانه، مقبلاً على شأنه، حافظاً للسانه، ومن حسب كلامه من عمله قلّ كلامه إلاّ فيما يعنيه)).
[26] أخبرنا أحمد بن سعيد الثقفي بإسناده عن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان)).
[27] أخبرنا محمد بن عبد الكريم بن مالك بإسناده عن وهب قال: أنزلت التوراة على موسى من بعد صحف إبراهيم بسبعمائة عام، وأنزل الزبور على داود بعد التوراة بخمسمائة عام، وأنزل الإنجيل على عيسى بعد الزبور بألف عام ومائتي عام، وأنزل الفرقان على محمد بعد الإنجيل بستمائة وعشرين عاماً.(1/134)
[تلقي الملائكة الوحي قبل بلوغه الأرض]
[28] [أخبرنا علي بن الحسين بن سليمان البجلي، قال: حدثنا محمد بن يحيى التستري، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا إبراهيم بن نافع، عن عمر بن موسى بن الوجيه، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي] في قوله تعالى:?وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ الله إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ?[الشورى:15] وقد يرسل الرسول بوحي منه إلى رسل السماء، فتبلغ رسل السماء رسل الأرض، وقد يخلق الكلام فيما بينه وبين رسل الأرض من غير أن يرسل الكلام مع رسل السماء إلى رسل الأرض، وقد يخلق الكلام فيما بينه وبين رسل السماء من غير مشافهة رسل السماء أحداً من خلقه، وقد قال نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم لجبريل عليه السلام: ((كيف تأخذ الوحي من رب العالمين؟
قال: آخذه من إسرافيل.
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : من أين يأخذه إسرافيل؟
قال: يأخذه من ملك فوقه من الروحانين يقال له ناجابيل.
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : من أين يأخذه ذلك الملك؟
قال: يقذف في قلبه قذفاً، فاكتفي بما وصفت لك من كلام الله فإن كلام الله ليس ينحو نحواً واحداً، منه مايجيء في المنام وذلك قوله لإبراهيم عليه السلام حيث قال: ?يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ?[الصافات:102]، وقال تعالى لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم :?لَقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ?[الفتح:27]، وقال: ?وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ?[الإسراء:60].
[29] أخبرنا أحمد بن سعيد، بإسناده عن الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام أن ابن عباس قال: بينما النبي صلى الله عليه وآله وسلم جالس في نفرٍ من أصحابه إذ رمي بنجم فاستنار فقال: ((ما كنتم تقولون إذا كان مثل هذا في الجاهلية؟))(1/135)
قال: كنا نقول: يموت عظيم أو يولد عظيم.
قال: ((فإنه لا يرمى بها لموت أحد ولالحياة أحد، ولكن ربنا تبارك اسمه إذا قضى أمراً سبح حملة العرش، ثم يسبح أهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء ويستخبر أهل سماءٍ سماءً حتى ينتهى الخبر إلى هذه السماء، فتخطف الجن ويُرْمون، فما جاءوا به على وجهه فهو حق ولكنهم يفرقون منه ويذبذبون ويرمون)).
وفي غير هذا الحديث: إنه لم يكن يرمى بها قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .(1/136)
[ذكر بعض دلائل نبوته صلى الله عليه وآله وسلم]
[30] أخبرنا علي بن الحسين البجلي بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جده، عن أبيه الحسين بن علي عليهم السلام أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه خطب الناس وقال: (أنا وضعت كَلكَل العرب، وكسرت قرن ربيعة ومضر، ووطئت جبابرة قريش ؛ لقد وضعني الله في حجر المصطفى وأنا ابن أربع سنين، يضمني إلى صدره، ويَكنِفني في فراشه، ويمسني جسده وعرقه، ويقبلني فأمص ريق حكمته، وآكل في قصعته وألعق أصابعه حتى كان يمضغ الشيء ويلقمني من فيه، وأنا أصف لك من علاماته صلى الله عليه وآله وسلم :
لقد قرن الله به أكرم ملائكته وأقربها إليه، ومنه يكون الوحي إسرافيل عليه السلام كان معه ليله ونهاره، ولقد كان يرفع رأسه نحو السماء، ولما أتاه الوحي من أول الليل إلى آخره كأنما ينتظر شيئاً، فأنا أول من رأى نور الوحي وشم ريح النبوة.(1/137)