قال القاضي أحمد بن صالح: هو حجة ومحجة وله العلوم الواسعة والمؤلفات النافعة منها: (شرح الأحكام)، و(الإبانة)، و(المصابيح) - الذي بين يديك - في سير الأئمة أكمله علي بن بلال.
قال الحاكم (أي المحسِّن بن كرامة الجشمي): كان فاضلاً عالماً جامعاً بعض علم الكلام وفقه الزيدية، وله كتب، وقال في كنز الأخيار: جمع بين الكلام والفقه وإليه انتهت الرئاسة في فقه الزيدية وبالغ في نصرة أقوالهم، وخرّج على مذهب الهادي والقاسم الكثير الواسع، وشرح الأحكام بشرح حسن، وله كتاب النصوص، وكان أول مرة إمامياً ثم رجع إلى مذهب الزيدية، ودخل إلى فارس فأكرمه عماد الدولة ثم خرج إلى بغداد فأخذ عنه: السيدان الأخوان (م) المؤيد بالله و(ط) أبو طالب وأخذ عنه قبل ذلك السيد أبو عبد الله الداعي. انتهى. وفاته في نيف وخمسين وثلاثمائة.
خرّج له: أئمتنا الثلاثة: المؤيد وأبو طالب والمرشد وغيرهم من أئمتنا في جميع كتبهم من الأئمة المتأخرين.
وترجم له في مطلع البدور قائلاً: السيد الشريف الإمام أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن علي بن إبراهيم بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الحسني رضي الله عنهم، هو حجة لله باهرة ومحجة إليه ظاهرة، له العلوم الواسعة، والمؤلفات الجامعة كالمصابيح والنصوص وغيرهما والذي ألف من المصابيح هو إلى خروج يحيى بن زيد عليهما السلام والتتمة لأبي الحسن: علي بن بلال الآتي ذكره إن شاء الله تعالى، قال علي بن بلال: كان الشريف أبو العباس الحسني رضي الله عنه ابتدء هذا الكتاب فذكر جملة أسامي الأئمة في أول ما يريد ذكر خروجهم فلما بلغ إلى ذكر خروج يحيى بن زيد إلى خراسان حالت المنية بينه وبين إتمامه فسألني بعض الأصحاب إتمامه فأجبت إلى ملتمسهم محتسباً للأجر وأتيت بأسمائهم على حسب ما رتب هو ولم أقدم أحدهم على الآخر.(1/51)
قال الحاكم رحمه الله في حقه: هو فاضل عالم يجمع بين الكلام وفقه الزيدية، وكان السيد أبو عبد الله بن الداعي في أول أمره اختلف إليه يتلقن منه مسائل الفقه ثم خرج إلى فارس فأكرمه عماد الدولة: علي بن بويه، ثم خرج إلى بغداد واختلف إليه السيدان أبو طالب وأبو الحسين، وبلغ أبو العباس في فقه الزيدية مبلغاً عظيماً وله كتب في ذلك، وشرح كتب الهادي كالأحكام والمنتخب وله كتاب في النصوص وغير ذلك، انتهى كلام الحاكم.
قلت: شرحه للأحكام موجود وأما شرحه المنتخب فغير موجود ولم أعرف (النصوص) له إلا أني رأيت له كتاباً في غاية الحسن مبوب على أبواب الفقه يذكر فيه الخلاف بين القاسم والهادي وبين أبي حنيفة والشافعي ويورد الحجة، وإذا روى الحديث ساقه بإسناده وبغير [إسناده] فيه عن أبي حنيفة الكوفي.
ومن شيوخه: عبد الرحمن بن أبي حاتم، والقاسم بن عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر البغدادي وغيرهما، وله تلامذة أجلاء - رضي الله عنه - واشتهر عند الناس أنه: خال السيدين، وممن ذكر ذلك السيد المهدي في ديباجة الغايات في شرح قوله أكابر الأئمة والمشهور عند النسابين غير هذا، قالوا أم السيدين حسينية وأبو العباس حسني وهي أم الحسن بن علي بن عبد الله الحسني الحقيني قال بعضهم: يحتمل أن يكون أخاً لأمهما من أمها.
كما ترجم له العلامة يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد في كتابه (المستطاب) المشهور بالطبقات الصغرى بما لفظه: (السيد العلامة أحد العلماء المخرجين على مذهب الهادي: أبو العباس الحسني قيل إنه كان أول إمامياً اثني عشرياً ثم رجع إلى الهدوية).(1/52)
قال في (الشافي): وفي أيام الراضي أبو العباس الحسني وهو: أحمد بن إبراهيم بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام وهو المتكلم الفقيه المناظر المحيط بألفاظ علماء العترة أجمع غير مدافع ولا منازع، وكان في محل الإمامة ومحل الزعامة، ولم ينتظم له الأمر بحيث يتمكن من إنفاذ الأحكام في محاربته للظالمين، وعاصر الملقب بالقاهر والراضي والمتقي.
قال صاحب النزهة: وله مؤلفات في فقه الهدوية الشيعة منها: (شرح النصوص) في مجلد، ومنها (شرح الأحكام) في مجلدين والأحاديث التي أوردها فيه مسندة كما روى ودل كلام وقفت عليه في بعض الأوراق أنه لا يقبل الأحاديث المرسلة قال فيها: قال أبو العباس الحسني: (لكل دينٍ فرسان وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد). وبه قال الإمام الناصر بن الحسن بن علي الأطروش حيث قال: الإسناد هو المؤمَّن وكل حديث لا يستند فيه فهو خل وبقل. وقال قدس الله روحه: من فقه الرجل المؤمن بصره بالحديث، قال قال: عثمان بن أبي شيبة عن سوادة بن أبي الجعد عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال: من طلب العلم بلا إسناد فهو كحاطب ليل، قال والأخبار النبوية قد نقدناها نقد الدراهم وميزنا صحيحها من سقيمها بعون الله تعالى ومنّه. وله أيضاً كتاب (المصابيح) في التاريخ ذكر فيه الأئمة الدعاة وسلك فيه مسلك الجارودية من الزيدية ولعله كان جارودياً وهذا السيد أحد مشايخ السيدين المؤيد بالله وأبي طالب وهو خالهما أيضاً وهو من أهل الإستنباط والتخريج أيضاً كما أشرنا إليه أول الكتاب، مات سنة (…).(1/53)
قلت: ولعل قبره بجرجان وعليه مشهد هناك يروى أنه لم يبق من المشاهد التي أخربها التتار حال خروجهم على الملك محمد بن بكسل خوارزم شاه إلا المشاهد التي في بلاد الزيدية كمشهد السيدين أبي العباس وأبي طالب وبلاد الزيدية بعض جرجان وخراسان وعراق الشام والجيل والديلم وآمل والكوفة والري والحجاز كينبع والصفراء واليمن الأخضر الأعلى من مكة إلى رداع ويسمى الأخضر لكثرة أنهاره وأشجاره والله أعلم.
وترجم له الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة في الشافي وقال: (وكان في أيامه - أي الداعي الحسن بن القاسم - من أهل البيت عليهم السلام أيضاً أبو العباس الحسني عليه السلام وهو: أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام المتكلم الفقيه المناظر المحيط بألفاظ علماء العترة أجمع غير مدافع ولا منازع فكان في محل الإمامة ومنزلة الزعامة ولما ينتظم له الأمر بحيث يتمكن من إنفاذ الأحكام ومحاربة الظالمين وعاصر الملقب بالقاهر والراضي والمتقي فكانت خلافة الراضي ست سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام) كما ترجمه صاحب الجداول وأعيان الشيعة والجنداري في تراجم الأزهار والسيد المولى مجدالدين في التحف شرح الزلف والوجيه في أعلام المؤلفين الزيدية عن المصادر السابقة.(1/54)
وترجم له صاحب كتاب: (نوابغ الرواة)، فقال: أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنى بن الحسن السبط المجتبى، كان الشريف أبو العباس أحمد عالم دهره كما ذكره كذلك الإمام المهدي أحمد بن يحيى المتوفى (836هـ) - الصحيح أنه توفي(840هـ)- في كتابه (رياض الفكر) وذكر أنه قرأ عليه ابن أخته الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني المولود بطبرستان [في] حدود(312هـ) والمتوفي(411هـ) عن تسع وتسعين سنة. وقال أنه قرأ على خاله المذكور، واشتغل عليه في أول عمره ثم قرأ على غيره، فيظهر أنه كان عالم (طبرستان) في عصره وهو [في] حدود(330هـ) أو آن اشتغال ابن أخته عليه وذكر أيضاً في ترجمة يحيى بن الحسين الهاروني المتوفي سنة(424هـ) أخي أحمد بن الحسين المذكور أنه أيضاً اشتغل على خاله أبي العباس المذكور).
وبعد أن أوضحت ترجمته من خلال أهم المصادر والمراجع أورد فيما يلي ترجمته بشكل أكثر توضيحاً ومن خلال نقاط وعلى النحو التالي:(1/55)