وقد أتينا بهذه العجالة وإن لم يستوف فيها الكلام لكونها قد توسعت دائرة الفتنة، وتصورت الشبهة في أذهان كثير ممن لا قدم لهم في العلم، وليسوا فيه براسخين في مثل هذه الأعصار، التي صار الإسلام فيها غريباً، وجناب الجهالات والضلالات منيعاً رحيباً، ?فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ? [آل عمران:7]، وهذا تصديق مواعيد الله على لسان رسوله بما يكون في آخر الزمن، من ظهور الفتن، وتغيير الأعلام والسنن، ولله حكمة بالغة: ?قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ? [الزمر:46]، ونعود إلى تمام ما نحن فيه ولا قوة إلا بالله.(1/379)


الإمام إسماعيل بن أحمد الكبسي
الزلف:
72- وَفِي الكِبْسِ إسماعيلُ من آلِ حمزةٍ .... وَقَامَ السِّرَاجِيُّ الشهيدُ يُبَايِعُ
التحف: في هذا البيت إمامان:
الإمم المتوكل على الله إسماعيل بن أحمد بن عبدالله الكبسي المغلس بن محمد بن الحسين بن محمد بن الناصر بن يحيى بن محمد بن أحمد بن الحسين بن الناصر بن يحيى بن محمد بن أحمد بن الحسين بن الناصر بن علي بن المعتق بن محمد الملقب هيجان بن القاسم بن يحيى بن القاسم بن يحيى بن الأمير الشهيد حمزة بن الإمام أبي هاشم النفس الزكية الحسن بن عبد الرحمن بن يحيى بن عبدالله بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم السلام.
قال تلميذه السيد العلامة محمد بن إسماعيل بن محمد الكبسي في ذيل البسامة مشيراً إلى قيامه ودعوته وما انتهى إليه أمره:
وشيخنا عالم الآل الإمام أبي ألـ .... ـعليا دعا وهو بالفضل الجميل حري
ضياؤنا البر إسماعيل حين سرى .... إلى الظفير فلم يلتذ بالظفر
وخانه من بتلك الأرض وانحرفت .... عنه السعاة إلى أعدائه الفجر
مالوا به ثم مالوا عنه وادرعوا .... بالغدر فانحاز عنهم وهو في حذر
والوعظ والذكر والتذكير صار له .... علوات فضل على باد ومحتضر
ولم تزن عنده الدنيا ولا حليت .... في عينه بل طواها طي محتقر
حتى ثوى في ذمار إذ دعاه بها .... داعي الوفاة فلبى غير منتظر
دعا إلى الله: سنة إحدى وعشرين ومائتين وألف، وتوفي سنة ثمان وأربعين ومائتين وألف، مشهده بمدينة ذمار. وهو المجدد في المائة الثانية عشرة.(1/380)


وكان انتقاله من هجرة الكبس إلى مدينة ذمار لقصد التدريس بها فلبث فيها شهراً واحداً ومرض ولما حانت وفاته قام وتطهر وأمر بمد فراشه في وسط المكان المقيم فيه واستقبل القبلة وبقي نحو ساعتين وقبض وكان قد أوصى أن يكفن في قميصه وملحفتيه، وعلي بن المعتق هو الجامع لآل الكبسي ومنهم السيد الإمام الحافظ الآتي في سيرة الإمام أحمد بن هاشم في صفح 358 من السطر الحادي عشر أحمد بن زيد، ومنهم السيد الإمام الزاهد العابد إسماعيل بن أحمد بن محمد بن الحسن بن القاسم الكبسي الروضي إلى آخر النسب وهو غير الإمام السابق إسماعيل بن أحمد بن عبدالله الكبسي المغلس، وإن اتفقا في اسمه واسم أبيه ومن أفانين سرحه ومخترع شعره والاستحمام كتبها إلى سيدي الحسن بن يحيى بن أحمد الكبسي وقد تأخر عن زيارته، فقال:
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ .... في الناس من ألمٍ ألم
في مشيكم وبذا يوم؟؟؟؟؟؟
لما مشيت على قدم؟؟؟؟؟؟
قطعوا وصالي جهرة .... إذ صرت فيهم كالقدم
خالفتهم في مشيهم .... وخرقت لجماع الأمم
لا الطير تشهني ولا .... صنف الوحوش ولا النعم
لم يذكر الرحمن قِسمي .... في الكتاب وقد قسم
بل صرت كالعنقا بلا .... مثل وكالحذر الأمم
قد أنكروني إذ مشيـ .... ـت باثنتين مع القدم
قالوا غدوت مثلثاً .... وأنا الموحد في القدم
هذا تجاهل عارف .... والجهل يعقبه الندم
عَرضتم بمقالكم .... سفهاً وعرضي محترم
إن شئت قلت تجاهلاً .... ومن ابتداك فقد ظلم
أو لستم تنوبه..
..إلخ.(1/381)


الإمام أحمد بن علي السراجي
والإمام الهادي لدين الله أحمد بن علي السراجي بن الحسين بن علي بن عامر بن محمد بن علي بن عامر بن الحسن بن علي بن صالح بن أحمد بن يحيى بن داود بن علي بن أحمد بن علي بن أحمد بن الإمام الناصر لدين الله يحيى بن محمد السراجي المتقدم بعد الإمام المهدي أحمد بن الحسين عليهم السلام.
دعا إلى الله: سنة سبع وأربعين ومائتين وألف، واستشهد سنة ثمان وأربعين ومائتين وألف تقريباً.
وعكف على التدريس بجامع صنعاء، فأخذ عنه عدة من العلماء الأكابر الأعلام كالقاضي إسماعيل بن حسين جمعان، وسيدي العلامة عبد الكريم بن عبدالله أبو طالب، والجم الغفير كان يحضر حلقة تدريسه بالجامع زيادة على ثلاثمائة من الطلبة كان يملي شرح الأزهار غيباً وكان للفقراء منهم كالأب الشفوق منهم يسعى في إصلاح أحوالهم وتسهيل مطالبهم كأن خروجه مهاجراً إلى الله تعالى من صنعاء في شهر صفر، وفي صحبته جماعة من العلماء كشيخه القاضي عبد الرحمن بن عبدالله المجاهد وولده أحمد بن عبدالله والسيد العلامة الحسين بن علي المؤيدي، والسيد العلامة الحسن بن محمد الشرفي الدرواني وغيرهم، فاجتمع إليه وأجاب دعوته الكثير من أهل بلاد خولان وأرحب ونهم ومن بلاد حاشد وبكيل فتقدم بهم من بلاد نهم بمحاصرة المهدي بصنعاء وما زال بحث القبائل ويكرر إليهم الرسائل ويفعل مستطاعه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى أعمل فيه بعض أعدائه الحيلة وبعث إليه ففيها من أهل بلاد الحيمة بقي لديه مدة حتى انفرد به رضى به بالسيف على عائقة أولاً وثانياً فمات رحمه الله من حينه شهيداً وقبر بموضع قتله في الغيضة من بلاد نهم ثم كان قتل ذلك الفيه المذكور هنالك.
قال السيد العلامة المؤرخ محمد إسماعيل الكبسي في تتمته للبسامة مشيراً إلى قيام واستشهاد الإمام عليه السلام:(1/382)


وأحمد بن علي قام محتسباً .... وباع مهجته من ربه فَبَرِي
دعا العباد إلى نهج الرشاد فلم .... يجبه إلا أولوا التقوى على خطر
قاد الجيوش إلى صنعاء وحاصرها .... وكان في عصبةٍ من حزبه غدر
ففارقوه ومالوا عنه وانصرفوا .... إلى حطام فكانوا أخبث البشر
فانحاز عنهم إلى نهم فعاجله .... بها الحمام نقي الثوب والأزر
حاز الشهادة والفوز العظيم على .... نهج الأولى من كرام الآل والعتر
على يدي عصبة النصب اللئام أولي الـ .... ـبغضاء والفسق والفحشاء والنكر
صلى الإله عليه ما رسا علمٌ .... يدوم ما جفت الهالات بالقمر
ولده: علي، قال والدنا أمير المؤمنين المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحسيني: ولقد صح لنا عن الإمام السباق أحمد بن علي السراجي أنه لما استتبت له الأمور، وبايعه الجمهور من العلماء وسائر الناس قال بعض من حضره من العلماء: قد تمت الأمور بحمد الله.
فقال: إنها ما تمت، وأنت تعلم أن قبلنا دعوة الوالد الإمام إسماعيل بن أحمد مغلس، وكان في بيته بالكبس قد أيس من الناس وأغلق بابه، فقال: لا، بل دوعته وحجته عند الله باقية ولا بد لنا من الرحلة إليه، فرحل هو وبعض العلماء فوق البريد في الليل حتى وصلوا بيته وقرعوا الباب وفتح لهم، وقال: ما شأنكم؟ فقال الإمام أحمد: قد فعلنا كذا وكذا وكله لك، ونحن أعوانك، فقم تجدنا أطوع من نعلك، واتبع من ظلك، فقال: يا ولدي أنا قد خبرت الناس وعندي بيعاتهم صناديق قد اختبرتهم وأيست منهم، فقد أذنت لك فقم، وألقيتها إليك فقم على بركة الله حيث معك ظن تأثير، فانصرفوا، وكان ما كان، انتهى.
ومشهد الإمام أحمد بن علي السراجي ببلدتهم من مخاليف صنعاء.(1/383)

76 / 101
ع
En
A+
A-