ومن العلماء الذي أخذوا عن الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحوثي عليه السلام: الإمام المنصور بالله محمد بن يحيى حميدالدين، وأولاد الإمام الكرام الأعلام محمد، وإبراهيم، والقاسم، ويوسف، وسيأتي ذكرهم إن شاء الله تعالى، والقاضي العلامة شيخ الإسلام محمد بن عبدالله الغالبي، وأجاز له الإمام المهدي إجازة عامة في جميع علوم الإسلام، وهو من أجل ولاته ودعاته والقائمين بموازرته ومناصرته، ومن كلامه في بيان إسناده قوله: مولانا مجدد ما اندرس من العلوم، ومحقق منطوقها والمفهوم، أمير المؤمنين المهدي لدين الله رب العالمين محمد بن القاسم بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد أجازني إجازة عامة في جميع ما صح له..إلى آخره.
ومنهم: السيد العلامة الهمام محمد بن الإمام المتوكل المحسن بن أحمد المتوفى عام اثنين وخمسين وثلاثمائة وألف، والسيد العلامة وجيه الإسلام عبد الرحمن بن أحمد الحسيني الملقب بعشيش، والسيد العلامة الحسين بن محمد الحسيني الحوثي، الملقب الأعضب، والسيد الإمام نجم الأعلام الحسين بن عبدالله الشهاري المتوفى عام ثمانية عشر وثلاثمائة وألف، وهو ممن هاجر في أيام الإمام إلى جبل برط، هو وولده المولى العلامة فخر الإسلام عبدالله بن الحسين الشهاري المتوفى عام اثنتين وستين وثلاثمائة وألف.
ومنهم: السيد العلامة الحافظ أحمد بن يحيى العجري المتقدم نسبه في سيرة الإمام الحسين بن علي المؤيدي، وله الإمام المهدي سؤالات عديدة، وجمع من جوابات الإمام المفيدة كتاباً سماه سفينة النجاة، وولاه الإمام المهدي القضاء في بلاد الشام، وأخوه السيد العلامة الولي عبدالله بن يحيى العجري، وأخوهما السيد العلامة المجتهد الجهبذ الولي علي بن يحيى العجري المؤيدي، المتوفى سنة تسع عشرة وثلاثمائة وألف، وأجاز لهم الإمام إجازة عامة.(1/409)
وكذلك السيد العلامة الزاهد يحيى بن حسن طيب المتوفى عام ثمانية عشر وثلاثمائة وألف، المنتقل هو وأهله من تهامة إلى هجرة ضحيان، وهو من ذرية الكامل عبدالله بن الحسن بن الحسن عليهم السلام.
وهذا تمام نسبهم: يحيى بن الحسن بن طيب بن محمد بن علي بن الطاهر بن جيلان بن مساوى بن الطاهر بن العطيفة بن أبكر بن مساوى بن العطيفة بن المساوى بن يحيى بن زكريا بن حسن بن ذروه بن حسن بن يحيى بن داود بن عبد الرحمن بن عبدالله بن داود بن موسى بن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن سليمان بن عبدالله بن موسى الجون.
والإمام الهادي لدين الله الحسن بن يحيى المؤيدي القاسمي، والسيد الإمام الولي عبدالله بن عبدالله المؤيدي العنثري المتوفى عام ستة وخمسين وثلاثمائة وألف، وأخوه العلامة وجيه الإسلام عبد الرحمن بن عبدالله، وأخوهما العلامة الأوحد عبد الكريم بن عبدالله توفي سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وألف، وأجاز لهم الإمام جميعاً إجازات عامة، والسيد العلامة جمال الإسلام علي بن الحسين الحسيني الحوثي المتوفى بجبل رازح سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة وألف.
ومنهم السيد العلامة سيف الإسلام أحمد بن قاسم حميد الدين المتوفى عام اثنين وخمسين وثلاثمائة وألف، والقاضي العلامة محمد بن علي الرصاص، والقاضي محسن بن حسين الشوكاني، والقاضي العلامة أحمد بن يوسف العنسي، والقاضي العلامة شرف الدين حسن بن أحمد العنسي، والقاضي العلامة علي بن محمد الرصاص، والقاضي العلامة علام العباد إسماعيل بن يحيى العنسي المتوفى سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وألف، والقاضي العلامة علي بن أحمد صوفان، والقاضي العلامة إمام علوم القرآن وشيخ شيوخ الإتقان إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل المتميز.(1/410)
قال العلامة وجيه الدين عبد الرحمن بن الحسين سهيل رحمه الله في ترجمته: وكان الإمام المهدي محمد بن القاسم يكاتبه - أي المتميز - كثيراً، ويأمره بأخذ بعض الحقوق، وكان رحمه الله عند ظنه وله إليه أسئلة كثيرة.
وفاته: سنة ثلاثين وثلاثمائة وألف، والقاضي العلامة صارم الإسلام إبراهيم بن يحيى سهيل المتوفى سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وألف.
ولم تزل أحكام الإمامة على منهج الأئمة السابقين من الأخذ بالعزائم، وبيان ما أنزل الله، وإنارة أعلام الدين، لا تأخذهم في الله لومة لائم، ولازم تكرير الدعاء للخلق، ونفذت رسائل الدعوة الشريفة إلى أقطار الأرض مثل مكة المشرفة، وينبع والصفراء، وجبل الرس وغيرها، منها الموعظة الحسنة السابق ذكرها، بين فيها ما أوجب الله عليهم من أصول الدين والشريعة، واستعمل العلماء المجتهدين فقاموا بأحكام الله أتم قيام، وبذلوا أنفسهم ونفيسهم في طاعة الله وطاعة الإمام، وبه جدد الله الدين في المائة الثالثة بعد الألف، ولم يزل معلماً للأمة معالم دينها، مرشداً لها إلى طاعة ربها إلى أن قبضه الله يوم الجمعة من رجب سنة تشع عشرة وثلاثمائة وألف، وذلك أنه حال نزول أمر الله تعالى أخذ مصحفه الكريم بعد أن أتم صلاة العصر واتكأ على سجادته في موضعه المبارك، ولم يزل رضوان الله عليه على تلك الهيئة يردد ذكر الله تعالى ولا يجيب على أحد بجواب مدة ثلاثة أيام، حتى لحق روحه الشريف بالله تعالى، مشهده بهجرته المباركة في جبل برط، وقد كان انتقل إليه، وكانت أوطانه صنعاء والسر وحوث.(1/411)
قال في بعض خطب الدعوة الشريفة: الحمد لله الذي خلق الخلائق، وأوضح الطرائق، وعلم مكنونات الضمائر على الحقائق، لا يفوته هارب على مر الأزمان، ولا يسبقه في حكمه سابق، حكم فعدل، وبين ففصل، وقال فصدق، وأمهل وما أهمل، وأمر بقول الحق وإن شق على المفضول والأفضل، والصلاة والسلام على الذي ما ترك باباً من أبواب الخير إلا دل عليه، ولا باباً من أبواب الشر إلا حذر عنه، المرتفع على يافوخ المجد، المعقود عليه لواء الحمد، وعلى آله القائمين مقامه في تبليغ الرسالة، وإيضاح الدلالة، قال تعالى: ?ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا? [فاطر:32]، وقال على لسان رسوله: ((إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)) لفظاً ومعنى، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((من سمع واعيتنا أهل البيت فلم يجبها كبه الله على منخريه في نار جهنم)).
إلى أن قال: لا جرم وجب تقديم حق الله، والإفصاح بكلمة الله، والتعبير عن كتاب الله، لما أخذ الله من الميثاق.
ومنها: ونحن ندعوا إلى الكتاب والسنة، وما جاء به الله ورسوله، وإحياء معالم الدين، والجهاد في سبيل رب العالمين، والذب عن المسلمين، لا نبالي بوفاق من وافق،، ولا بشقاق من شاقق ؛ لأن الله قد واعدنا إعزاز الدين وبيانه، ونصر الحق وأعوانه، وقد شاهدنا عنوان ذلك، وأهرع الجم الغفير إلى ما هنالك، وأجابوا ولبوا، ونشرت أعلام الجهاد، وظهر الصلاح على العباد، مع أنا على ثبات من أمرنا وبصيرة في ديننا، وبينة من ربنا، واثقين بوعد الله: ?إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا? [غافر:51]، ?وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ? [الحج:40].
إلى أن قال: جردنا العزيمة غيرة لدين الله تعالى، وقمنا بهذا الواجب العظيم تعظيماً وإجلالاً لقول الله تعالى: ?وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا? [فصلت:33].(1/412)
ومنها: وإنا بحمد الله لما قمنا بهذا الأمر دعونا الأمة لما فيه صلاحها ورشادها، وخيرها وسدادها، وأمتثلنا أمر ربنا عز وجل فيما أوجب علينا، وحملناهم الحجة فيما أوجب عليهم، وأودع من الأمانة لدينهم.
بعد أن قال: ولا زلنا نبذل النفوس والنفيس طلباً لإعزاز الدين، والذب عن شريعة سيد المرسلين، وإحياء سنة الجهاد التي هي طريقة الأنبياء والأئمة الراشدين، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ونتنقل لطلب النصرة من بلاد إلى بلاد، ونركب متون الأغوار والأنجاد، ونكرر الوقائع بأهل الزيغ والإلحاد، وأهل البغي والفساد.
إلى أن قال: ونحن إن شاء الله على ذلك المنوال من غير كَلال ولا ملال، بعون الكبير المتعال: ?قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ? [يوسف:108].
ومن كلامه: اعلم أنها ما دخلت الشبه والجهل المركب على كثير من المقلدين، بل وبعض أهل التمييز من أهل العلم الذين ليسوا براسخين، إلا من اتباع الظنون، وإلحاق المعلوم بالمظنون، وعدم الأخذ للمباحث العلمية من مواضعها، واقتطافها من أصولها، ومباحثة العلماء الراسخين فيها، وإلا فالله قد أبان كل شيء.
ومن كلام له: اعلم أن الإمامة الشرعية خلف النبوة، في الوجه الذي وجبت لأجله، وهي مسألة عظيمة الشأن، ساطعة البرهان، من أصول المسائل، المبتنى عليها كثير من الشرعيات والوسائل، وقد أثنى الله في كتابه العزيز على القائم بها تعبداً واحتساباً، الكامل بأوصافها خَلقاً وخُلقاً وانتساباً.(1/413)