الإمام محمد بن عبدالله الوزير
الزلف:
75- ومن بعده البدرُ الأغر محمد .... أَقَرَّ لَهُ الأعْلامُ حَتَّى المُنَازِعُ
التحف:
هو الإمام العالم الكبير المنصور بالله محمد بن عبدالله الوزير بن محمد بن الهادي بن صلاح الدين بن الهادي بن عبد القدوس بن محمد بن يحيى بن أحمد بن صارم الدين إبراهيم بن محمد بن عبدالله بن الهادي بن إبراهيم بن علي بن المرتضى بن المفضل بن منصور بن محمد بن المفضل بن عبدالله بن علي بن يحيى بن القاسم بن الإمام يوسف بن الإمام المنصور بالله يحيى بن الإمام الناصر أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليهم السلام.
قام سنة سبعين ومائتين وألف، وقبضه الله سنة سبع وثلاثمائة وألف، عن تسعين عاماً، ولده عبدالله.
ومن مؤلفات الإمام: كتاب فرائد اللآلي في الرد على المقبلي، أودع فيه من علوم آل محمد وبيان عقائدهم وحل شبه من عند عن الطريق الأقوم، والصراط الأعظم، ما يثلج الخاطر، ويقر الناظر، كيف لا ومؤلفه الإمام الذي له في كل بحر مجال، وفي كل علم مقال.
واعلم أنها قد تكون للأئمة فترات في بعض الأزمنة لا يستقيم فيها الجهاد فيحملهم على إغماد سيوفهم ما حمل الرسل صلوات الله عليهم على ذلك، وقد ترى تشنيعاً على بعض الأئمة الهداة بهذا ممن لا حظ له في الجهاد ولا الإمامة، ولا ما يراد بها، وما الوجه الذي وجبت له، وإنما هو كلام يسمعه من الناس، وأئمة أهل البيت أعرف بما جعله الله إليه، ولم يبرحوا في غمرات الحروب يباشرون بأنفسهم مدلهمات الكروب، كما قال قائلهم:
ونحن بنو بنت النبي محمد .... ونحن بأطراف الأسنة أدرب
وما كنت أريد أن أسطر مقالة هذا الجاهل، لكن جاريناه لئلا يغتر بزخارف قوله غافل، وقد كفانا نفسه بجرأته على الله، وخوضه فميا لا يعلم مع أنه لم يكن منه هذا إلا مساعدة بدينه، وقضاء لأغراض دنيويه، فالله أسأل أن يعصمنا من فتنتها، وهو حسبنا ونعم الوكيل.(1/399)
الإمام المحسن بن أحمد
الزلف:
76- وَقَد نَعَشَ الإسلامَ إذْ قام مُحسِنٌ .... إمَامٌ رَؤُفٌ أحمديٌ مُصَارِعُ
التحف:
هو الإمام الأواه الزاهد العابد المتوكل على الله أبو محمد المحسن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن الحسين بن صلاح بن عبد الرحيم بن الباقر بن نهشل بن المطهر بن أحمد بن عبدالله بن محمد بن إبراهيم بن الإمام المتوكل على الله المظلل بالغمام المطهر بن يحيى عليهم السلام.
نهض إلى القيام بأمر الله سنة إحدى وسبعين ومائتين وألف، وكان قيامه أيام الإمام محمد بن عبدالله الوزير، والأمر كما سبق في سيرة الإمام الحسن بن عز الدين فراجع البحث.
أخذ العلم بمدينة شهارة وغيرها وهاجر إلى مدينة صنعاء وأخذ عن علمائها، ثم هاجر إلى مدينة كحلان، وتولى حكومتها وفي شعبان سنة 1271 كتب إليه وهو بكحلان بعض العلماء الأكابر بمدينة صنعاء للقيام بأمر الإمامة العظمى، فوصل إليها في يوم 25 من شعبان وكانت مبايعته بقصر صنعاء، وتلقب المتوكل على الله وكان إماماً عالماً ورعاً تقياً كاملاً زاهداً، وقد أشار إلى ذكر دعوته وبعض أيامه السيد المؤرخ محمد بن إسماعيل الكبسي في تتمته للبسامة، فقال:
ثم أنشأ الدعوة الغراء في يمن .... من قصر صنعاء نجم العترة الزهر
غوث الورى المحسن المفضال ذي الخلق المر .... ضي والصبر في حل وفي سفر
إلى قوله:
وصال صولة رئبال له لبدٌ على .... الحيام بحرب جزلة الشرر
وقد غدت عن طريق الرشد مائلة .... إلى القرامط أهل الكفر والأشر
فصابح الفرقة النكراء وراوحها .... عامين بالحرب في الآصال والبكر
حتى رأى أيه الوضاح معذرة .... إلى الإله على وجهٍ لمعتذر
إلى قوله:(1/400)
ولم تزل الدنيا تعود على .... أهل التقى بفعال ناقض المرر
فقادت النزك من أقصى مماثلها .... إلى ربى يمنٍ في فروة النمر
والعرب في غفلةٍ عما يراد بهم .... وفي فسوق وبغي هائل خطر
قد خالفوا أمر داعي الحق فابتدرت .... إليهم العجم لم تبق ولم تذر
نالوا العيري ونالوا من معاقله .... وكان غضباً على الأملاك ذا أثر
وذللوا كل صعب من معاشره .... وألبسوهم ثياب الخزي والخور
وصاولوا المكرمي في داره فغذا .... في أسرهم واثقاً بالعهد في غِررِ
وأرقلوا نحو صنعاء وهي طائفة .... منهم فصالوا على الدفعى والعذري
وتاهَ واليهم الطاغي وخالطه .... عجب فأرداه في وهطٍ من الحفر
فساق أعلاجه والتيه يقدمهم .... إلى ربى كوكبان غير مدكر
..إلخ.
وكان القائم بأمر الجهاد في أيام الإمام المحسن بن أحمد: الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحسيني عليهم السلام في حال السيادة، وكان نائبه وسيف خلافته وإليه ولاية الحل والإبرام، وأقامه مقامه في جميع ما إلى الإمام من الأحكام، ولهؤلاء الأئمة الأربعة: الإمام المنصور بالله أحمد بن هاشم، والإمام المنصور بالله محمد بن عبدالله الوزير، والإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد، والإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم في هذه الإعصار المنة الكبرى على أمة جدهم بتجديد الدين الحنيف، وإعلاء معالم الشرع الشريف، وبهم استنقذ الله الخلق من الوبال، وأزاح بجهادهم واجتهادهم ظلمات الظلال.
وله رسالة في وجوب تسليم الحقوق إلى الإمام، وأن ولايتها إلى الأئمة حيث تنفذ أوامرهم وحيث لا تنفذ:
أن الإمام في أولا أوامره ومبتدأ أحواله وقيامه إذا كان لا يجب تأدية حق من حقوق الله إليه إلا بالقهر والإجبار، ولا يتمكن من القهر والإجبار إلا بتأدية حقوق الله إليه.(1/401)
إلى أن قال: فهذا دليل عقلي واضح جلي، وفيها: المراد بنفوذ الأوامر نفوذ الدعوة وبلوغها، بنحو الرسل والرسائل، كما نقله عن الأئمة السيد العلامة الشرفي في كتابه المسمى ضياء ذوي الأبصار، ثم ساق فيها كلاماً شافياً وبرهاناً كافياً.
قبضه الله - وقد صبر وصابر وجاهد وثابر -: سنة خمس وتسعين ومائتين وألف.
أولاده: محمد، وأحمد، وعبدالله، والمطهر، والحسن، والحسين، وعلي.
مشهده: بهجرة حوث.
هذا، والمطهر هو جد السيد العالم المبرز - شيخ الإمام القاسم بن محمد - أمير الدين - المتوفى سنة تسع وعشرين وألف - بن عبدالله، سكن حوث، وانتقل من ذريته في العصر الأخير إلى ضحيان الإمام الرباني الحفي الولي الحسين بن محمد الحوثي بن الحسين بن أحمد بن زيد بن يحيى بن عبدالله بن أمير الدين بن عبدالله رضي الله عنهم، المتوفى سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وألف، واستقر هو وذريته الكرام في هجرة ضحيان حماها الله.
منهم: ولده المولى العلامة الأوحد نجم سماء الأسرة العلوية، وبدر أعلام العترة المحمدية الولي بن الولي الحسن بن الحسين الحوثي أيده الله تعالى، توفي سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة وألف بظهران وادعه، حال الهجرة أيام الفتنة في اليمن.
وأخواه العالمان البدران النيران أمير الدين بن الحسين توفي سنة أربع وتسعين وثلاثمائة وألف، ويحيى بن الحسين توفي سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة وألف بهجرة ضحيان رضي الله عنهم، وأخوهم.
وللمولى الحسن: الأنظار الثاقبة منها حواشيه على شرح نهج البلاغة، وعلى منهاج القرشي، وعلى العلم الشامخ، وعلى تتمة الروض، وقد ذكرت طرفاً مفيداً من أحواله في ترثيتي له التي صدرها:
الله أكبر أيها الثقلان .... هذا هو النبأ العظيم الشأن(1/402)
رضوان الله وسلامه عليه، ومما يسره الله على يديه تخريجه الذي وشح به الشافي للإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليهم السلام، ولقد جمع فأوعى وعم فأغنى، فضاعف الله له على حمياته ونصرته لسوح العترة المطهرة - الجزاء الأوفر، وأثابه الأجر الجزيل الأكبر.
وأنا أرويه عنه حماه الله تعالى بالإجازة الخاصة له مع السماع عليه فيه وفي غيره، والإجازة العامة، فإنه أجازني في جميع مروياته بجميع طرقه، التي منها: عن والده المترجم له رضي الله عنه، عن والدنا الإمام المجدد للدين أمير المؤمنين المهدي لدين رب العالمين محمد بن القاسم الحوثي، عليهم السلام.(1/403)