..إلى آخرها.
وقال في إجازته لشيخ الإسلام محمد بن عبدالله الغالبي:
إذا شئت منهاجاً إلى الحق طالباً .... لسالكه عند اختلاف المأخذ
فلا تعد عن نهجي كتابٍ وسنةٍ .... وعظ على ما فيهما بالنواجذ
ولا تعد عن منهاج آل محمد .... سفينة نوح ملتجأ كل عائذ
هم سيف مظلوم هم حتف ظالمٍ .... هم غيث محتاج هم غوث لائذ
قال في الأصل: حرر ثامن شهر المحرم سنة 1326هـ.(1/394)
ترجمة المحقق السماوي
وممن أخذ عنه القاضي العلامة عبدالله بن علي الغالبي القاضي العلامة إمام المحققين الأعلام، وشيخ الشيعة الكرام، محمد بن صالح السماوي الملقب ابن حريوه، استهشد سنة إحدى وأربعين ومائتين وألف، وظهرت له كرامة عظمى وهي تلاوته للقرآن العظيم بعد قتله ليالي وأياماً تواتر ذلك، ونقله الأثبات من أهل عصره، منهم: الإمامان المنصور بالله أحمد بن هاشم في السفينة، واستدل بذلك على رجوع الأرواح ليلة الجمعة وليلة الاثنين، والمنصور بالله محمد بن عبدالله الوزير في فرائد اللآلي، وله المؤلف العظيم المسمى: الغطمطم الزخار على السيل الجرار للشيخ محمد بن علي الشوكاني، المتوفى سنة خمسين ومائتين وألف، مؤلف نيل الأوطار، والفتح القدير، والبدر الطالع.
وقد كان بينه وبين الشهيد المذكور رحمه الله منازعات ومجادلات علمية، وقد نسب إليه المشاركة في قتله بإغراء المهدي عبدالله الآمر بذلك، وعند الله تجتمع الخصوم.
وعلى الجملة أ، في تلك الأعصار تزاحم المجتهدين النظار، وما هي إلا من طبقات الأئمة المتقدمين، ولقد أحيا الله بهم ما انطمس من الدين، ونمت ببركاتهم علوم آل طه وياسين، وأخذوا قواعد الملة الحنيفة من المعين الصافي، وضربوا فيها بالحظ الأوفر الوافي: ?إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ? [النمل:16]، فهؤلاء ورثة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وقد أرخينا عنان القلم في هذا الموضع تبركاً بحماة التنزيل، ووعاة التأويل، من وضحت بهم المسالك، وانصدعت بهم ظلم الليل البهيم الحالك، ولنعد إلى ما نحن بصدده، وألحقه الله بسلفه سنة تسع وستين ومائتين وألف، ومشهده بدار أعلا من بلاد أرحب.
قال السيد العلامة المؤرخ محمد بن إسماعيل الكبسي رحمه الله في تتمة البسامة في ذكر الإمام أحمد بن هاشم:
وقام بالدعوة المنصور أحمد من .... حاز المعارف في فقه وفي أثر
فانقاد للأمر أهل الشام واحتملوا .... أمر الإمامة في بدو وفي حضر
وطاب في صعدة الفيحا القرار له .... في عصبة وزر ناهيك من وزر
ثم أفسد الناس من في قلبه مرض .... وقاد قوماً وأراداهم إلى سقر(1/395)
إلى قوله:
فلم يطب للإمام المكث في بلد .... لا يفقهون حقوق السادة الطهر
فشمر الساق مشتاقاً إلى اليمن الـ ... .ـميمون في حلة الإسعاد والظفر
فقابلته الملا بالرحب وانفرجت .... عنه الشدائد إذ وافى إلى خمر
وانقاد للدعوة الغراء سادة أهـ .... ـل الحل والعقد في سهل وفي وعر
وكاتبت أرض عمران فساعدها .... فجادها طلاب الجون بالمطر
فارتاع من كان في صنعاء واقبل في .... جيش لهام كعد الطش منتشر
فقام وجهه غر غطارفة .... من حي همدان والسادات من مضر
وأقبل الناس يزجون المطي إلأى .... حماه وهو من الأشباع في زمر
وسل وقائع بالمخلاف شاهدة .... في مسيَبٍ فشذاها غير مستتر
وحاصرت خيله صنعاء وساعده الـ .... ـفتح المبين على فينانها النضر
وحين أسفر وجه الحق وانبلجت .... قلوب أهل التقى للفوز بالوطر
ضاق النواصب ذرعاً واعتدوا هرباً .... واستعصموا بجبال الكفر والبطر
بالباطنية إخون المجوس ومن .... يقودهم من رعاع البغي والأشر
وخان بالعهد من قد كان أكده ....من الجنود فكانوا أخبث البشر
فسار عنهم وعين الله ترقبه .... يسري إلى هجرة من أفضل الهجر
ولم يزل في الدعا والفضل ديدنه .... في الحل والعقد في الآصال والبكر
حتى قضى نحبه قد طاب مسرحه .... وسحبه فهو في عال من السرر
صلى الإله عليه كلما حضرت .... مع السلام دواماً ما الكتاب قري
وقال السيد الأديب أحمد بن شرف الدين القاره مؤرخاً ذلك:
رمت لما قام أحمد .... داعي الأمة عن يد
بائعاً من ربه النفـ .... ـس ليعطي الخلد في غد
أن أدير الفكر في فأ .... ل عسى بالفأل نسعد
إذ بصرت من قريب .... كوراً لقول وردد
قال أَرِّخ فَرَّجَ اللهُ .... على الخلق بأحمد(1/396)
قال في نيل النوطر بعد أن ساق جميع ما تقدم والأبيات: وبعد دخوله إلى صنعاء استقر بها إلى شهر صفر سنة 67، وأظهر التوابع من الجند الشقاق والعصيان بسبب ما يطلبونه من المعاش والجامكية المقررة لهم، فخرج في بعض أصحابه لدفعهم، وكان من أهل ضلع همدان والوادي وسنحان العدوان وقطع طريق صنعاء والرمي إلى بابها ودخول بعضهم إليها لتوزيع من بها من الضعفاء فاضطر إلى خروجه منها في ليلة الأربعاء 25 ربيع الآخر من السنة إلى هجرة دار أعلا من بلاد أرحب، وكان قد كتب إليه القاضي الحسن بن أحمد الضمدي التهامي قصيدة لجده محمد بن علي الضمدي أولها:
أرى ظلمات الأرض قد عمت الأرضا .... ولم أر منقاداً إلى العمل الأرضا
وهي قصيدة بليغة، فأجاب بقوله:
الآهل لميمون الخليقة والأرضا .... ومن يطرق البدر المنري له الأرضا
ويكسو يعافير الفلاة ملاحة .... وتركع من أعيانه الشحذ المرضا
ومن جمع الضدين في صحن خده .... وعم البهاء من خاله النفل والفرضا
فقام بشرقي الغوير ومربع .... كما كان قدماً والشباب به غضا
إلى قوله:
سأنساها ما دُمْتُ أو يسعد القضاء .... لممتلئٍ من أجل طمس الهدى غيضا
فتى بات طول الدهر في حلقه شجا .... وفارق مذ حل القذا جفنه الغمضا(1/397)
ومن شعر الإمام وقد سأله بعض الفقهاء عن الفرقة الناجية:
امسك إذا شئت ترقى في الذين رقوا .... بعروة الله إن القوم قد سبقوا
إلى قوله:
أرقت لا أرقت عيناك من خبر .... عن الرسول وفيه للنهي طرفوا
فقال إن أخي موسى يليه أخي .... عيسى لهم أمم تتلى قد افترقوا
وإن لي أمة ترقى إلى فرق .... نيف وسبعين هلكى ما به علق
وليس منها بناجٍ غير واحدةٍ .... ويح المضلين هل من بعد ذا قلق
لقد تجمع فيه الخوف لو عقلت .... لنا نفوس ولكن صدها الحمق
إلى قوله:
يا رب قد سمني من هوله حرق .... فانقذ على سعة من مسه الحرق
ونجني وأصيحابي إذا غرقت .... في أبحر الغي قوم ما لنا غرق
إلى قوله:
في زمرة قادها طه وقام ليسـ .... قيها الوصي هنيئاً للذين سقوا
إلى آخرها.(1/398)