قال في نزهة النظر في رجال القرن الرابع عشر في ترجمته: السيد العلامة الشهير الحجة الشاعر البليغ والبارع المحقق النحرير، محمد بن حيدر بن ناصر بن هادي القبي النعمي، مولده بقرية الملحا من أعمال وادي بيشه وبها نشأ في حجر والده وطلب العلم بذهن وقاد وفهم ثاقب، وأخذ في هجرة ضمد على القاضي العلامة حسن بن أحمد بن علي الضمدي، والقاضي عبد الرحمن بن محمد الكتاني، والقاضي محمد بن علي بن يحيى بن عبد الكريم الزكوي، ورحل إلى أبي عريش، وأخذ عن القاضي إسماعيل بن حسن الشهير بعاكش، ثم رحل أيضاً إلى صعدة، وسار منها إلى ضحيان سنة 1315هـ، وأخذ عن القاضي مصلح درمان وغيره من علماء ضحيان، ومنهم السيد العلامة الولي الحسين بن محمد أمير الدين الحوثي، ومنهم السيد العماد يحيى بن حسين الطيب الدروي الحسني، ومنهم السيد علي بن يحيى العجري المؤيدي، ولازمه وقرأ عليه ثلاثين المسألة، ومؤلف القاضي حسن بن أحمد عاكش في الأصول المسمى بجواهر القلائد، ومنهم السيد الإمام الحسن بن يحيى القاسمي، وأجازه إجازة عامة، ومنهم أحمد بن يحيى العجري وصنوه عبدالله بن يحيى، ومنهم السيد عبدالله بن عبدالله العنثري، وصنوه عبد الكريم بن عبدالله العنثري المؤيدي، ومنهم القاضي الحافظ محمد بن عبدالله الغالبي وأجازه إجازة عامة، ومنهم صنوه القاضي المفتي إبراهيم بن عبدالله الغالبي، وقال تلميذه صاحب الترجمة: إن السيد محمد بن حيدر النعمي أنه - أي القاضي إبراهيم بن عبدالله الغالبي - لصلاح نيته وصدق لهجته بذل مهجته لفلاح الأمة من أهل البلدان الذين صار عندهم الإسلام غريباً كبني مالك وفيفاء، فهدى الله على يديه كثيراً منهم، وبنيت فيهم المساجد وتلي فيها القرآن وعبد الله جهراً بعد أن كاد لا يقدر أحد أ، يجهر بالأذان فيها، وكانت وفاته فيها غريباً عن أهله رحمه الله.(1/359)
قلت: وقد استمر الصلاح فيهم إلى الآن ببركة دعوته، قال صاحب الترجمة: محمد بن جعد ومن مشائخه القاضي العلامة شيخ الإسلام علي بن علي اليماني اليدومي لقيه.... صبيا عند توجهه للحج فأجازه إجازة عامه وكاتب مدة هجرته في ضحيان إحدى عشرة سنة، قال: وقرأ بصبيا على السيد محمد بن علي الإدريسي المصطلح من شرح الفظلاني على البخاري ووريقات من شرح القطر وأجازه في جميع العلوم.
قال: ومن مشائخه البدر الساري محمد بن إسماعيل الهتاري من علاء زبيد قرأ عليه صحيح البخاري وغيره وأجازه إجازة عامة.
إلى قوله: كان صاحب الترجمة قد ولي القضاء بصبيا من جهة السيد محمد بن علي الادريسي ولما تقهقرت إمارة الأدارسة بموت السيد محمد بن علي وقيام ولده علي بن محمد.
إلى قوله: وأقام السيد محمد بن حيدر بصنعاء واستجاز من المولى الحسين بن علي العرني فأجازه.
إلى قوله: ولما كانت الثورة من حسن بن علي بن محمد الأدريسي على أمراء الملك عبد العزيز بن سعود في جيزان وما جاورها كان في خلالها قتل صاحب الترجمة في مدينة صبيا سنة 1351هـ.
إلى قوله: ومن شعره قصيدة مدح بها الإمام يحيى سنة 1346هـ.
قلت: ولما مررنا في تهامة ليلاً وكان برفقتي شريف من آل النعمي تذكرت هذه القصيدة فطفقت أترنم بها، وهي:
عرف الديار فهاله ما هالها .... وسقى بطل بدمعه أطلالها
يتذكر العهد القديم معاتباً .... صَرْف الزمان علام غير حالها
ويلومني الجهال فيك وإنما .... قد قلت قافية كثير قالها
وتلومني في حب عزة نسوة .... جعل الإله خدودهن نعالها
وسمعت دعوة صارخ من الندى .... يا معشر النبلاء فقلت أنا لها
فسألني الشريف لمن هذه الأبيات؟ فقلت: من السيد محمد بن حيدر النعمي، فأشار بيده وقال: هذاك بيته ورأيت السراج فيه، وأنا لا أعلم أين نحن، وهذه في موافقة عجيبة، وذلك عام 1362هـ.(1/360)
الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم
الزلف:
68- ومِنْ بعدُ إسماعيلُ أكرمْ بِهِ فتىً .... وَنجلُ أخيهِ أحمد العي يانِعُ
التحف: في هذا البيت إمامان:
الإمام المتوكل على الله أبو علي إسماعيل بن الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد، روي أنه لما وجد تفاءل والده في المصحف فقرأ قوله تعالى: ?الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ? [إبراهيم:39]..الآية.
بويع له عليه السلام سنة أربع وخمسين وألف، وقبضه الله لأربع خلت من جمادى الأخرى سنة سبع وثمانين وألف، عمره ثمان وستون.
أولاده: إبراهيم درج، ومحمد، وعلي، والحسين، ويحيى، وجعفر درج، ويوسف، والقاسم، وأحمد، وموسى، وعبدالله، ومحسن، والحسن، وزيد.
وفي هذا العصر من أعلام الشيعة: القاضي العلامة كميت أهل البيت بديع زمانه، وقريع أوانه صاحب الشعر الفائق، والسحر الحلال الرائق، الحسن بن علي بن جابر الهبل، المتوفى بصنعاء سنة تسع وسبعين وألف عن إحدى وثلاثين، وله كرامات بينات رضي الله عنه.(1/361)
الإمام أحمد بن الحسن
والإمام المهدي لدين الله أحمد بن الحسن بن القاسم. دعوته (ع) في السنة التي توفي فيها عمه الإمام المتوكل على الله إسماعيل.
وفاته سنة اثنتين وتسعين وألف، عمره ثلاث وستون.
أولاده: محمد، والحسين، وعلي، والحسن، وإبراهيم، ومحسن، وإسحاق. هؤلاء الأئمة المتتابعون بعضهم إلى بعض، الذين من الله بهم على الإسلام، وأشاد بمساعيهم الحميدة ما اندرس من الأحكام، وجاهدوا في الله حق جهاده، وحكموا بالعدل في بلاده وعباده، صلوات الله وسلامه عليهم.
قال السيد الإمام العلامة الفهامة الشهير محمد بن إساعيل عشيش رضي الله عنهم في تتمته للبسامة، وذكر فيها الإمام المهدي أحمد بن الحسن بن القاسم، والإمام المؤيد بالله محمد بن المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم، والإمام القاسم بن محمد بن القاسم الشهاري، والإمام الحسين بن علي المؤيدي، والإمام الهادي أحمد بن علي السراجي:
وقد تلاهم إمام الحق أحمدنا .... وقام من بعدهم بالعدل بالبشرِ
بحر العلوم وشمس الفضل من ظهرت .... أنواره فرآها كل ذي بصرِ
حامي الثغور من الإسلام حافظها .... بصدق عزم ورأي ثاقب النظرِ
قاد الجيوش إلى أقصى مشارقها .... وعاد بالنصر مقروناً وبالظفرِ
وحج في عصبة غر غطارفةٍ .... بيت الإله وزاروا سيد البشرِ
وشاهدوا الآية العظمى التي بهرت .... لما دنا فتح قبة خاتم النذرِ(1/362)
الإمام إبراهيم بن محمد
الزلف:
69- وعَارَضَ إِسمَاعيلَ ناصرُ دينِنَا .... إِمامٌ لأطرافِ الشمائلِ جامِعُ
التحف:
هو الإمام الناصر لدين الله إبراهيم بن محمد الملقب ابن حورية بن أحمد بن عز الدين بن علي بن الحسين بن الإمام عز الدين بن الحسن.
قام على منهج آبائه مقتفياً أثر أسلافه، وكان ممن آتاه الله بسطة من العلم، ورَدَّاه بجلباب الحلم، ثم نظر في إصلاح أمة جده، فسلم الأمر للمتوكل على الله إسماعيل.
دعوته عليه السلام: سنة أربع وخمسين وألف. قبضه الله سنة ثلاث وثمانين وألف. وقد طلع بعد دعوته إلى جبل برط، وأقام فيه مدة، وله قصيدة في مدح أهله، لقيامهم بنصرة الأئمة من أهل البيت.
ومن مؤلفات الإمام الناصر: الروض الحاف شرح متن الكافل لابن بهران في أصول الفقه، وشرح الثلاثين المسألة في أصول الدين، وقصص الحق المبين في حكم البغي على أمير المؤمنين، وشرح على هداية ابن الوزير في الفقه، والمسائل المهمة في المعمول عليه من أقوال الأئمة، واللمعة الذهبية في بعض القوانين الخطية.
أولاده: عبدالله، ومحمد، ويحيى، وأحمد. ترجم له القاضي العلامة وجيه الإسلام عبد الرحمن بن الحسين سهيل المتوفى سنة تسع وخمسين وثلاثمائة وألف رضي الله عنه، خلاصتها أنه كان من أعلام الأئمة، وكرام الأمة، وأنه دعا إلى الله عقب موت الإمام المتوكل على الله إسماعيل، وتكنى بالهادي، ثم تنحى وبايع الإمام القاسم بن الإمام المؤيد محمد بن القاسم، وتوفى سنة تسع وتسعين وألف، عمره ثمان أو تسع وأربعون سنة، وبعد أن صفا الأمر للإمام أحمد بن الحسن والاه، وأعطاه وحباه، وأخذ في فنون العلم عن والده الإمام الناصر، وعنه أخذ السيد عبدالله بن عامر، وأخوه السيد محمد بن إبراهيم، وقبره في العشرة بمسجد غافل.(1/363)