الإمام علي بن صلاح
الزلف:
57- وقد ضَرَبَا صفحاً عن القائم الذي .... أُبيدَ بِهِ مَنْ في الخليقةِ خانِعُ
التحف:
هو المنصور بالله علي بن الإمام الناصر صلاح الدين بن الإمام المهدي علي بن محمد، صب الله به سوط العذاب على أعدائه الملاحدة الباطنية، وكان مُوْلهاً بالعبادة والصيام والقيام.
قال الإمام الهادي إلى الحق عز الدين بن الحسن بن الإمام علي بن المؤيد عليهم السلام ما لفظه: والذي يظهر لنا والله يحب الإنصاف أن فراستهم فيه صدقت (يعني الجماعة الذين نصبوا المنصور علي بن صلاح)، قال: وأنه بلغ من إحكام السياسة وأحكام الرياسة، والاستقلال بالنظر في الأمور، وحسن المباشرة لها مبلغاً عظيماً لا مطمح وراه.
قال: وقد كانت له العنايات الجليلة في المقامات الجميلة في حرب سلاطين اليمن، ونكاية الإسماعيلية وإجلائهم من المعاقل العظيمة وغيرهم من الظلمة ما لم يكن لأحد غيره، وكان له من محامد الصفات ومحامد السمات ما لا خفاء به، انتهى.
قال في الزحيف: فهذا كلام الإمام استشهدت به لما كان مطابقاً للمقام، ولأنه كالحجة في موضع النزاع والخصام، لأنه سبط لأحد الثلاثة الذين تجاذبوا طرف ذلك الزمام، وقد صرح بما يدل على حسن خيمه وإنصافه من غير تلعثام، ولا تعصب كعادة الأغمار الأفدام، فإذا رضي بهذا الحكم المرتضى فبقية أتباع العترة إليه أسمع وبه أرضى.
وفاته: سنة أربعين وثمانمائة، قبل وفاة الإمام المهدي بدون شهر، قال في التحفة العنبرية: وخلَفَه الإمام الناصر لدين الله محمد بن الإمام علي بن صلاح، وقام بالإمامة أربعين يوماً ومات عليه السلام، وكان عمه الحسن قد مات وانقطع بموته بيت الإمام المهدي لدين الله علي بن محمد، فسبحان من تفرد بالبقاء والدوام، انتهى.(1/314)
ولما خرج الإمام المهدي من الحبس خطب حال قدومه على الإمام الهادي، فأجاب الإمام الهادي علي بن المؤيد بخطبة بليغة مستهلها: الحمد لله الذي اقتضت حكمته التخلية بين عباده، واقتضى تدبيره إطلاقهم في أرضه وبلاده، وأوجب عدله تأخير جزائهم ليوم معاده.
إلى أن قال: هذه الأبيات الفائقة المشتملة على التشبيه البليغ الممنوع ذكر أداته فيه، وعلى الاستعارات القويمة، وإيثار الإسناد في الوصف بالجملة المضارعية، وعلى الالتفات اللطيف، وعلى المبالغة المقبولة، وعلى الإدماج للحامل له على القيام بالإمامة، وعلى بعض أنواع التجريد، وعلى الإيضاح بعد الإبهام وغير ذلك، فقد أودع الإمام فيها غرراً وحجولاً وهي:
تبلج حبس بعد أن كان موصداً .... به قمر تزهو به الشمس والقمر
وما أفتر عنه الحبس حتى تصدعت .... لهيبته أركانه الترب والحجر
وما جئت حتى أيس الناس أن تجي .... وسميت منظوراً وجئت على قدر
فلله من آت به الأرض أخصبت .... ولله من آت سقينا به المطر
..إلى آخرها، والبيت الثالث مشهور، فلم ينبه الإمام على التمثل به.
والخانع: المريب الفاجر، وقصدنا به الملاحدة والمجبرة، وفي قيام الثلاثة المذكورين قال صاحب البسامة:
قام الإمام علي بعد والده .... وأحمدٌ بعد والهادي على الأثر
قال سيدي العلامة المفتي محمد بن عز الدين بن صلاح بن الحسن بن أمير المؤمنين علي بن المؤيد عليهم السلام: لما طالعت القصيدة الفريدة النافعة المفيدة الفائدة البديعة.
إلى قوله: خلا أنه لم يأت في شأن والدنا الإمام الجليل علي بن المؤيد بن جبريل عليهم السلام بما يشفي الأوام ويبلغ المرام، وإن كان قد لوح بمدحه أبلغ تلويح.
إلى قوله: فألحق بعد البيتين الأولين الوالد المقام العلامة الفهام الحبر الصمصام عماد الدين يحيى بن أحمد بن الحسين بن أمير المؤمنين علي بن المؤيد عليهم السلام - بيتاً وهو:
وابن المؤيد وضاح الجبين له .... فضل يؤلف بين الشاء والنمر(1/315)
وألحق الوالد المقام الأفضل الغرة الباذخة في وجه الشرف الأكمل شمس الدنيا والدين أحمد بن محمد بن الحسن بن أمير المؤمنين علي بن المؤيد عليهم السلام أبياتاً وهي:
وابن المؤيد مولانا الذي ظهرت .... له البراهين قبل الشيب والكبر
جزل المواهب يستسقى بغرته .... ماء الغمائم في بدوٍ وفي حضر
سقى الضريح الذي قد ضم أعظمه .... على ممر الليالي واكف المطر
ومن مؤلفات الإمام الهادي علي بن المؤيد عليهما السلام: الرسالة المسماة باللآلي المضيئة في مراتب أئمة الزيدية وتفصيل منازلهم العلية.(1/316)
الإمام المطهر محمد بن سليمان الحمزي
الزلف:
58- وَمِنْ بعدهِ قامَ الإمامُ مطهرٌ .... وفي عصرهِ المهديُّ والكلُّ وازعُ
التحف: في هذا البيت إمامان دعوا بعد وفاة الإمام المهدي:
الإمام المتوكل على الله المطهر بن محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن يحيى بن الحسين بن حمزة بن علي بن محمد بن حمزة بن الإمام الحسن بن عبد الرحمن بن يحيى بن عبدالله بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم السلام.
وكان من الأعلام المبايعين له السيد الإمام الهادي بن المؤيد بن الإمام علي بن المؤيد عليهم السلام، واستشهد في بني عبس بتهامة، وقد نزل إلى هناك قائداً لجيش جرار، وقتل معه جماعة من الأعيان ورثاهم الإمام بقصيدة نحو مائة بيت صدرها:
على الأحبة إن لم تبك أجفاني .... فما أقل الوفا مني وأجفاني
إلى قوله:
بعد الذي عُرِفت في الزهد نشأته .... وفي التقى فهما للمرء صنوان
رضيع أخلاف أنواع العلوم ومحـ .... ـييها وناشرها حقاً بإتقان
الهادي الهادي ابن ابن الإمام ومن .... كان المرام إذا يوماً عنى عاني
..إلى آخرها، وقد أخذ بالثأر ابن عمه الإمام عز الدين بن الحسن عليه السلام.
وفاته في صفر سنة تسع وسبعين وثمانمائة، قبره بذمار ومدة قيامه ثمان وثلاثون سنة.
أولاده: المختار، والمفضل - ويقال له: عبدالله -، والمهدي.(1/317)
الإمام صلاح بن علي بن محمد بن أبي القاسم
والإمام المهدي لدين الله صلاح بن علي بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين بن جعفر بن الحسين بن أحمد بن يحيى بن عبدالله بن يحيى بن أحمد بن أمير المؤمنين الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليهم السلام.
دعوته عليه السلام: سنة خمس وأربعين وثمانمائة.
توفي هذا الإمام في شهر ربيع سنة تسع وأربعين وثمانمائة، وقبر الإمام صلاح في صوح مسجد موسى بصنعاء.
وله من الولد: محمد وعلي ولا عقب لهما، وعلي هذا هو المقبور في القبة التي تلي قبة الإمام الهادي عليه السلام من الشرف، وليس علي بن صلاح المعاصر للإمام المهدي كما يتوهم بعض العامة، فهو بصنعاء مع والده الإمام صلاح الدين بمسجده رضي الله عنهم، ولا عقب لهما.
نعم والوازع: هو القائم بأمر الرعية، وإفراده هنا في خبر كل المستغرقة للجمع على حد كلكم راع، والتعريف في: والكل قائم مقام المضمر على الصحيح أي وكلهم وازع أي كل الأئمة وتخلية كل التي ليست تأكيداً ولا صفة قد وردت، وإن أنكرها صاحب القاموس وجوزها، من ذلك قول الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليهما السلام، ومنه للكل العطاء الجزْل، وكفى بكلام الأئمة من أبناء الرسول، الذين أوتوا فهمه وعلمه.
وهذان الإمامان لهما مصنفات في فنون العلم.(1/318)