وله الدرة المضيئة في ذكر ما نال أهل البيت عليهم السلام من محن الدنيا الدنية صدرها:
لو ميض برق لاح للمشتاق .... أرسلتَ دمع سحائب الأحداق
وقد مر لنا ذكر بيتين منها، وله مخاطباً لبني الفواطم، وما أحقهم بلزوم تلك المكارم، وأخلقهم بقبول النصح من إمامهم العالم المرشد إلى أعلا المعالم، وهي:
إذا ما رأيت الفاطمي تمردا .... أقام على كسب المعاصي وأخلدا
فذاك الذي لما اكتسى ثوب .... تبدل أثواب الدناءة وارتدى
فيا سوأتا للفاطمي إذا أتى .... أسير المعاصي يوم يلقى محمداً
فلو لم يكن إلا الحياء عقوبة .... ولم يخش أن يصلى الجحيم مخلدا
لكان له والله أعظم وازع .... عن النكر والفحشاء كهلاً وأمردا
فقل لبني الزهراء إن محمداً .... بنى لكمُ بيت التقاء وشيدا
وإن أباكم حيدراً بعده الذي .... حماه وقد قامت إلى هدمه العدى
فلا تهدموا بنيان والدكم وقد .... تحسى أبوكم دونه جرع الردى
فَشَرُّ فتى في العالمين فتى أتى .... وقد أصلحت كفا أبيه فأفسدا(1/308)


وقال عليه السلام مناصحاً لولده بأبيات لم يسبقه بها سابق، ولم يلحقه إليها لاحق، وهي:
اسمع هداك إله الخلق يا ولدي .... وصية لك من خير الوصيات
إن المعالي سماوات مركبة .... سبع كتركيبه السبع السماوات
عقل وحلم وصبر والأناة مع الـ .... ـعلم الغزير وإخلاص الديانات
ثم المروءة فاحرص في ارتقاء مرا .... قيها ولا تشتغل عنها بلذات
فكل لذة عيش لا يصاحبها .... نيل المعالي فمن عيش البهيمات
انتهى ولله دره، وقد اخترت إيرادها إيثاراً لواجب النصح نفع الله بها.
أولاده: الحسن، وهو مؤلف سيرته لا عقب له، قال العلامة محمد بن علي الزحيف رضي الله عنه: وكان من الفضلاء الأعيان أهل العلم الغزير والإتقان، وشمس الدين، وهو من عباد الله الصالحين والأخيار المفلحين، جُمِعَ هذا الشرح وهو باق، انتهى.(1/309)


الإمام علي بن المؤيد بن جبريل
الزلف:
56- وبرَّزَ في مضمَارِ آلِ محمدٍ .... عليٌّ فهادِي الخلقِ بالفضلِ دارِعُ
التحف: في هذا البيت:
الإمام الهادي إلى الحق أبو الحسن علي بن المؤيد بن جبريل بن فقيه آل محمد المؤيد بن ترجمان الدين أحمد الملقب المهدي بن الأمير شمس الدين الداعي إلى الله يحيى بن أحمد بن يحيى بن يحيى بن الناصر بن الحسن بن المعتضد بالله عبدالله بن الإمام المنتصر لدين الله محمد بن الإمام القاسم المختار بن الإمام الناصر أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم السلام.
دعا إلى الله - بعد أياسه من خروج الإمام المهدي من حبس علي بن صلاح - سنة ست وتسعين وسبعمائة، فحمل الكتاب والسنة، وسل على أعداء الله الصوارم المرهفات والأسنة، وأحيا مآثر آبائه الأئمة، وبعد خروج الإمام المهدي عليه السلام بسعايته سلم الأمر له، روى ذلك الإمام عز الدين بن الحسن عن والده عليهما السلام كما في مآثر الأبرار وغيره، واعتكف على إحياء العلم الشريف.
وكانت دعوة الإمام علي بن المؤيد بهجرة قطابر وجدد الله بهما الدين في المائة الثامنة.
ومن كراماته: أن جماعة من الرؤساء أظهروا الخلاف له، فبينما هم يتراجعون لديه في المكان انخسف جانب السقف الذي هم عليه، والجانب الذي هو عليه لم يصبه شيء، ولأئمة الهدى من الكرامات ما يطول ذكره ويشق حصره، وإنما نشير إلى يسير مما يحضر حسبما يقتضيه المقام من الاختصار.
وفاته عليه السلام: ليلة الجمعة المسفرة عن يوم عاشوراء من المحرم سنة ست وثلاثين وثمانمائة، عمره ثمانون سنة، مدة قيامه بأعباء الإمامة أربعون سنة، قبره يماني مسجده الذي أسسه بهجرة فلله.
ولما توفي الإمام الهادي علي بن المؤيد عليه السلام عزى الإمام المهدي أولاده فيه، وقضا ديونه، وكان إذا عرض ذكره في كتبه يقول: قال قدس الله روحه، ونور ضريحه. أولاده: المؤيد، ومحمد، والحسن، وأحمد، وصلاح، والمهدي، وإبراهيم، وداود، وأبو القاسم، والحسين.(1/310)


الهادي بن إبراهيم الوزير
وممن بايعه الأخوان السيدان الحافظان: الهادي بن إبراهيم بن علي بن المرتضى بن المفضل بن منصور بن محمد العفيف بن المفضل الكبير، وعنده التقى نسبهم هم والإمام علي بن محمد، والإمام أ؛مد بن يحيى المرتضى، وجميع آل المفضل.
من مؤلفاته: نظم الخلاصة، وكتاب نهاية التنويه، وكاشفة الغمة، وغير ذلك من الفوائد والفرائد في فنون العلوم، توفي سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة.(1/312)


الإمام الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير
ومحمد بن إبراهيم الوزير، ومن مؤلفاته: إيثار الحق على الخلق، وهو من أجل المؤلفات في التوحيد والعدل والرد على نفاة الحكمة، والبرهان القاطع في معرفة الصانع، وترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان، وحصر آيات الأحكام، وتنقيح الأنظار، والعواصم والقواصم، ومختصره الروض الباسم، وأكثر ما اشتمل عليه من الأقوال مما أثاره الجدال، وقد صح رجوعه عنها من رواية الإمام الشهير محمد بن عبدالله الوزير، وصاحب مطلع البدور، والحمد لله، ما أحسن ما قال في آخر العواصم:
ولكن عذري واضح وهو أنني .... من الخلق أخطي تارة وأصيب
وله التفسير من الكلام النبوي، والتحفة الصفية، شرح قصيدة أخيه الهادي التي مطلعها:
تقدم وعدكم فمتى الوفاء .... وطال بعادكم فمتى اللقاء
وغير ذلك كثير، توفي سنة أربعين وثمانمائة.
ومن كلام السيد الهادي بن إبراهيم الوزير في رسالة أنشأها إلى الإمام علي بن المؤيد: الحمد لله عليك من إمام أمة، وكاشف غمة..إلى آخر كلامه عليه السلام.
وقال الحافظ محمد بن إبراهيم في أبيات إلى الإمام علي بن المؤيد:
أمير المؤمنين بقيت فينا .... على رغم العداء بقاء نوح
ولا زالت تقاد إليك طوعاً .... رقاب العاصيات من الفتوح
وممن بايعه السيد العلامة داود بن يحيى بن الحسين وولده أحمد، والسيد العلامة محمد بن حسن الداعي، والقاضي العلامة محمد بن حمزة بن مظفر مؤلف كتاب البرهان المشتمل على عشرين فناً من أنواع العلوم المتوفى في شهر ربيع الآخر سنة ثمانمائة وثمانين، والسيد العلامة أحمد بن علي بن أبي الفتح، والسيد العلامة محمد بن جبريل من أولاد الإمام يحيى بن المحسن، والقاضي العلامة يوسف بن أحمد صاحب الثمرات وغيرهم.(1/313)

62 / 101
ع
En
A+
A-