قال في البسامة:
وزلزلت عضد المهدي أحمدِنا .... بأحمدٍ ورمته منه بالكبر
فخضبت شيبة لابن الحسين دما .... وعفرت وجهه الوضاح بالعفر
وكلفت حسناً تحسين أقبح ما .... جرت به من صروف الدهر والعبر
وسامت الشيخ من حوث مهاجَره .... بعد الولاء على صاع من الفطر
ضحوا بأشمط يستسقى الغمام به .... قد بايعوه فكانوا أخسر البشر
مالوا إلى أحمد عن أحمد فبغوا .... على الإمام وقالوا جار في السير

قال السيد العلامة أحمد بن محمد الشرفي في اللآلي المضيئة: قال مصنف السيرة المهدية رحمه الله، وهو السيد الفاضل العالم شرف الدين يحيى بن القاسم بن يحيى بن حمزة بن أبي هاشم، وهو الحسن بن عبد الرحمن بن يحيى بن عبدالله بن الحسين، وعبدالله أخو الهادي إلى الحق صلوات الله عليهم، وقد تضمنت جملاً مما كان في دولته عليه السلام ؛ لأنه أمره انتشر إلى الحرمين.
إلى قوله: وولى هنالك الولاة ونصب القضاة، وكذلك فإن الظالمين من أهل المشرق والمغرب والحصون نالوا منه.
إلى قوله: وقالوا أيضاً بعد أن عد من فضائله عليه السلام ما رواه الفقيه العالم الورع علي بن سلامة الصريمي، قال: كان مولانا الإمام المهدي واقفاً للناس بثلا بعد صلاة الجمعة، إذ أقبل رجلان أحدهما أعمى، والآخر يقوده فطلبا الاتصال بالإمام، فلم يمكنهما لكثرة الزحام.
قال الفقيه: فأدخلت الأعمى إلى الإمام، وقلت: يا مولانا امسح على هذا الأعمى، فرفع رأسه وقد تغير وجهه وبان فيه الغضب، قال: فندمت ندماً عظيماً ثم مسح الإمام على وجه الأعمى ورأسه وقرأ عليه ودعا له فخرج الأعمى من بين يديه، وقد شفاه الله وعافاه وأبصر الأشياء صغيرها وكبيرها، فكبر الناس لذلك وهللوا، واجتمعوا عليه اجتماعاً عظيماً.(1/278)


ومن كراماته عليه السلام: قصة التنين والهضب، وقصة الحشيشي وعين الماء في مأرب وغير ذلك كثير، وقد ذكرنا بعضها في أثناء سيرته عليه السلام، وكتب الإمام عليه السلام الدعوة إلى الأمراء والسادة آل يحيى بن يحيى برغافة وقطابر، فمنهم من قطع على صحة الإمامة بما كان قد تقدم إليه وصح عنده من صفات الإمام وبلوغه درجة الاجتهاد كالأمير السيد الكبير شيخ العترة، وإمام الشريعة حافظ علوم أهل البيت جمال الدين علي بن الحسين بن يحيى بن يحيى عليهم السلام.
والأميران السيدان أجابا وتكلما بالكلام الجميل، وطلبا المباحثة، ثم انخرطا بعد ذلك في سلك الإمامة ووجوب الطاعة، وتكلما في المشاهد والمحافل بالخطب البليغة، والقصائد الفصيحة في وجوب طاعته عليه السلام، وأكثرا من نعوته عليه السلام والثناء عليه.
وللإمام الحسن المنصور عليه السلام القصيدة المشهورة في مدح الإمام. قلت: وقد ذكرتها في المختار منها:
هذا إمام الزمان أحمد بالـ .... ـحق وأمر الإله قد صدعا
إن قال فالدر لفظ منطقه .... أوصال فالليث حيث ما وقعا
الصادق السابق المقاتل في الـ .... ـمجد كما قيل في الذي سمعا
الألمعي الذي يظن بك الشي .... ء كأن قد رأى وقد سمعا
طاب شمالاً وعنصراً وزكا .... فرعاً وأصلاً فعد ممتنعا
الواهب الجود في أعنتها .... والضارب الهام والطلا جمعا
ومنها:
حيث ترى البيض وهي ساجدة .... والنقع بين الصفوف قد صدعا
حيث ترى الطير وهي راتعة .... دماً عبيطاً والنقع مرتفعا
يا سيد العالمين كلهم .... وخير من قام سابقاً ودعا
أحييت ميتاً من الهدى حُقباً .... لولاك لم ينتعش ولا ارتفعا
فأمعن الكفر بعده هرباً .... والفسق لا يلقيان مجتمعا
وكنت كالنيرين ما طلعا .... إلا وطار الظلام وانقشعا
بل كنت كالليث حول أشبله .... والسيف مهما هززته قطعا
بل كنت للموت للعصاة إذا .... حل على معشر فلن يدعا
لا أكذِبُ الله أنني رجل .... وجدت خصل الكمال فيك معا
العلم والفضل والشجاعة والـ .... رأي وفيض السماح والورعا(1/279)


قال في مطلع البدور: لله دره ما أعذب ناشيته، وأرق حاشيته، وهي كما ترى فايقة رائقة، وذكر أنها نيف وخمسون بيتاً.
قال الشرفي في وصفه عليه السلام: وكرمه وكراماته وفضائله وفواضله مما لا يحيط به الوصف، ولا تسعه المجلدات. انتهى.
ووضع الله فيه السماح الهائل، والجود الذي لا يساجله مساجل، فكان يعطي المئين والألوف، ويخوض غمرات الحتوف، ولم يكن يعرف عدد الدراهم في العطايا، ولقد وهب ألف فرس وستمائة فرس وسبعين فرساً، وأعطى لرجل ثماني عشرة فرساً، ووهب لبعض الشعراء ثلاثة آلاف درهم، وثلاثة من الخيل، ومائتي فردة ثياباً، قال الشاعر:
حسني بوجهه حَسُن الدهر .... ولولاه ما أقيم العثار
قاسمي بكفه يُقْسَمُ الرزق .... ومنه تستوهب الأعمار
ومنها:
يا قضيباً من فضة يُقْطفُ النر .... جس من وجنتيه والجلنار
قلت: وقد زدتها بقولي:
أشرقت من سناه شمس ضياء .... وتجلى للعالمين نهار
ولم يكن له من الولد إلا محمد الناصر، وقد أعقب ثم انقطع.(1/280)


الإمام حميدان بن يحيى القاسمي
وفي عصره السيد الإمام حامي علوم الآل، وماحي رسوم الضلال، أبو عبدالله حميدان بن يحيى بن حميدان بن القاسم بن الحسن بن إبراهيم بن سليمان بن الإمام المنصور بالله القاسم بن علي العياني عليهم السلام، ولما اطلع على مجموعة الإمام أحمد بن الحسين أثنى عليه وقال ما معناه: هو الحق الصحيح، والدين الصريح، وإنه معتقد آل الرسول.
وكذا: الإمام المنصور بالله الحسن بن بدر الدين، والإمام المطهر بن يحيى، وولده الإمام محمد بن المطهر، والإمام القاسم بن محمد عليهم السلام، قالوا جميعاً: هو معتقدهم الذي يدينون الله به، حتى قال الإمام القاسم: ما كان في الأساس مخالفاً له فيرد إليه، واستثنى الإمام الحسن: الإرادة، فإنه توقف فيها، والإمام محمد بن المطهر: الجوهر الفرد.
قال الإمام الواثق بالله المطهر بن محمد بن المطهر في الأبيات الفخرية:
أما حميدان من شاد المنار فقد .... أحيا بهمته قولاً لهم بالي
مشهده عليه السلام بهجرة الظهراوين من أعمال شظب، وما هو إلا ممن صدق فيه قول جده صلوات الله عليه وآله وسلامه: (( إن عند كل بدعة يكاد بها الإسلام ولياً من أهل بيتي....)) الخبر.
استشهد الإمام المهدي سلام الله عليه سنة ست وخمسين وستمائة، ومشهده بذيبين.
هذا، وفي عصره انقرضت دولة العباسية كما أسلفنا، وأما الأموية فمدة ملكهم ألف شهر، وأولهم عثمان، وقد حصرنا الأموية والعباسية في القصيدة المسماة عقود المرجان مستهلها:
عجباً لهذا الدهر من دهر .... ولأمة مهتوكة الستر
وآخرهم مروان الملقب الحمار بن محمد بن مروان بن الحكم، وهم من معاوية أربعة عشر ملكاً، وقد أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما أوحى الله إليه، وبلغه وصيه سلام الله عليه.(1/281)


الإمام الناصر يحيى بن محمد السراجي
الزلف:
50- ويحيى السراجِيُّ دعَا بعد أحمدٍ .... وَأودَتْ عِدَاةُ الأخسرِينَ قوارِعُ
التحف:
هو الإمام الناصر لدين الله يحيى بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبدالله بن الحسن وهو سراج الدين بن محمد بن عبدالله بن الحسين بن علي بن محمد بن جعفر بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط عليهم السلام.
دعا عليه السلام عقيب شهادة الإمام أحمد بن الحسين عليهما السلام، وخان الله في هذا لإمام قبيلة من فاهم، فأخذوا فيه مالاً وأسلموه إلى بعض الجبابرة بصنعاء، فأذهبوا بصره، فأنزل الله بالذين غدروا به الجذام حتى لم يبق أحدٌ ممن حضر تلك الوقعة - وكان بالغاً -، فانتقم الله منهم وأخذهم أخذ عزيز مقتدر، وكان وقوع هذه الفعلة الشنعاء بصنعاء سنة ست وستين وستمائة، وأقام مدرساً للعلم بعد ذلك.
توفي سنة ست وتسعين وستمائة، وهو السادس من آباء الإمام المنصور بالله محمد بن علي السراجي الوشلي الآتي في ترجمة الإمام الحسن بن عز الدين، وهو جد الإمام يحيى بن حمزة عليهم السلام من قبل الأم.(1/282)

56 / 101
ع
En
A+
A-