الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان
الزلف:
46- وَقامَ بأثقالِ الإِمامةِ أحمدٌ .... سليلُ سليمانٍ فلِلهِ بارِعُ
التحف:
هو الإمام المتوكل على الله أبو الحسن أحمد بن سليمان بن محمد بن المطهر بن علي بن الإمام الناصر لدين الله أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم السلام.
قيامه: سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، اجتمع لديه من سلالة الوصي عليه السلام ثلاثمائة رجل من أهل البسالة والعلم، ومن سائر العلماء ألف وأربعمائة رجل، منهم: القاضي العلامة إسحاق بن أحمد بن عبد الباعث المتوفى سنة خمس وخمسين وخمسمائة رضي الله عنه، واستفاض على جميع اليمن، وخطب له بينبع وخيبر، وانقادت لأحكام ولايته الجيل والديلم، ودخل إلى جهات صعدة في قدر عشرين ألفاً من فارس وراجل.
ومن ملاحمه العظام التي هدَّ بها أركان الملحدين الطغام، وقعة في اليمن انجلت عن خمسمائة قتيل، وخمسمائة أسير، وكانت خيله في هذه الوقعة ألفاً وثماني مائة فرس، وقد كان أشرف أصحابه على الهلاك، فمد الإمام يده إلى السماء، وقال: اللهم إنه لم يبق إلا نصرك، فأرسل الله عليهم ريحاً عاصفاً، فاستقبلت وجوه القوم، فحمل الإمام وحمل أصحابه، وانهزم أعداؤه، وقد أشار إلى هذه الوقعة الوصي عليه السلام، وإلى الموضع الذي وقعت فيه.
قال القاضي محمد بن عبدالله الحميري في قصيدة يخاطب بها الإمام صدرها:
أقمت قناة الدين يا ابن محمد .... وصرت كمثل الشمس بادٍ عمودها
فأشرقت الآفاق منك بغرة .... كثير لرب العالمين سجودها
إلى قوله:
فخمس مئين حز منها وريدها .... وخمس مئين أثقلتها قيودها
وطاروا إلى روس الجبال شلائلا .... من الخوف منها خافقات كبودها
وتقررت بسيفه أحكام الدين الحنيف.
من كراماته:
وله كرامات بينات، منها: أن والده - وكان ممن يصلح للإمامة - رأى في المنام ملكين يقولان له:
بشراك يا ابن الطهر من هاشم .... بماجدٍ دولته تحمد
بأحمد المنصور من هاشم .... بورك فيمن اسمه أحمد(1/258)
ومنها: الملحمة التي رواها عبدالله بن محمد الطبري عن الهادي يرفعه إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذكر القائمين من ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما يكون منهم، ومن أعلامهم في الدولتين، إلى أن انتهى إلى الإمام أحمد بن سليمان فذكر بيعته وصفته، وما يكون من أمره إلى نهايته.
ومنها: قضية السيل والمطر الذي نصره الله به، وغير هذا كثير، وقد استوفى ذلك الإمام المنصور بالله في الشافي وغيره.
قال الشاعر فيه:
يا ابن بنت النبي كل لسان .... مادح ما يكون مدح لساني
ظهرت فيك معجزات كبار .... لم نخلها تكون في إنسان
تبرئ الأكمه العليل وتشفي .... بشفَا الله أعين العميان
إلى قوله:
غير أن الولي لله لا تنـ .... ـكر فيه خصائص الرحمن
ومن مؤلفاته: أصول الأحكام في السنة، وهو من أجل مؤلفات أهل البيت عليهم السلام، وكتاب الرسالة العامة، وكتاب المطاعن، والهاشمة لأنف الضلال، وشرحها العمدة، وكتاب حقائق المعرفة في أصول الدين، وكتاب المدخل في أصول الفقه.
توفاه الله: في شهر ربيع الثاني سنة ست وستين وخمسمائة، عن ست وستين سنة.
وما أحسن قول نشوان بن سعيد الحميري فيه:
يا ابن الأئمة من بني الزهراء .... وابن الهداة الصفوة النجباء
وإمام أهل العصر والنور الذي .... هُدِيَ الولي به من الظلماء
كم رامت الكفار إطفاء له .... عمداً فما قدروا على إطفاء
شمس يراها الجاحدون فلم يطق .... منهم لها أحد على إخفاء
يا داعياً يدعو الأنام لرشدهم .... وصلاحهم في بكرة وعشاء
أسمعتهم فكأنهم لم يسمعوا .... ما جاءهم من دعوة ونداء
يا خير من يمشي به قدم على .... وجه البسيطة من بني حواء
في أبيات،(1/259)
ولنشوان:
وذكرتَ آل محمد وودادهم .... فرض علينا في الكتاب مؤكد
وله:
سلام الله كل صباح يوم .... على خير البرية أجمعينا
على الغر الجحاجح من قريش .... أئمتنا الذين بهم هدينا
بني بنت الرسول إلام كل .... يظن بكم من الناس الظنونا
فأبلغ ساكني الأمصار أنا .... بأحمد ذي المكارم قد رضينا
بأكرم ناشيء أصلاً وفرعاً .... وأعلى قائمٍ حسباً ودينا
رضينا بالإمام وذاك فرض .... نقول به ونعلن ما بقينا
قبر الإمام أحمد بالمشهد بحيدان خولان. وكذا قبر نشوان في الشاهد.
أولاده: الأمير يحيى وكان بمحل من العلم، بطلاً فصيحاً، قتله أصحاب الإمام المنصور بالله عليه السلام غيلة، ولم يرض الإمام قتله، وقد كان خالفه، وكان هذا أول حدث بين البطنين، والله أعلم بحقيقة الأمر، ومحمد، والمحسن، وفليته، والمطهر الأكبر، والمطهر الأصغر، وسليمان، ولم يعقبوا.(1/260)
القاضي جعفر
ومن أجل أصحابه علم أعلام الزيدية: القاضي جعفر بن أحمد بن عبد السلام بن أبي يحيى المتوفى سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وكان الإمام عبدالله بن حمزة يقول في كتبه - إذا ذكر الإمام أحمد بن سليمان والقاضي جعفراً -: قال الإمام والعالم، أفتى بذلك الإمام والعالم، حكى ذلك الإمام والعالم.
من مشائخه:
وأخذ الإمام المتوكل على الله عن الشريف الإمام العالم الحسن بن محمد من ولد المرتضى، وعن العالم الفاضل العباس بن علي بن محمد بسنده إلى المؤيد بالله عليه السلام، وعن الشيخ العالم الحافظ إسحاق بن أحمد بن عبد الباعث بسنده إلى المرتضى عليه السلام.(1/261)
زيد بن الحسن البيهقي
وعن شيخ الإسلام أبي الحسين زيد بن الحسن البيهقي، الذي خرج من العراق لزيارة الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام، وعقد مجلساً لإملاء فضائل العترة بالمشهد المقدس الخميس والجمعة، فأملا فيه مدة سنتين ونصف فما أعاد حديثاً، توفي راجعاً بموضع يسمى القياس من جهة الشُّقيق بتهامة، سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وقد شوهد النور على قبره.
ومن مشائخه: عالم العدلية ناصر الحق، الحاكم أبو سعيد المحسن بن محمد بن كرامة الجشمي، صاحب المؤلفات الجامعة، تنيف على أربعين مؤلفاً، منها: التهذيب في التفسير، قيل إن الكشاف مأخوذ منه، والعيون وشرحه في الكلام، وتنبيه الغافلين في فضائل الطالبيين، وجلاء الأبصار في الحديث، والسفينة، وكان معتزلياً، ثم رجع إلى مذهب آل محمد، وفاز بالشهادة بمكة المشرفة سنة أربع وتسعين وأربعمائة.
وروى القاضي زيد بن الحسن عن الحاكم أبي الفضل وهب الله عن أبيه الحاكم الحسكاني صاحب شواهد التنزيل بسنده إلى الإمام زيد بن علي (ع).
وكثيراً ما يلتبس زيد بن الحسن بتاج الدين زيد بن أحمد بن الحسن البيهقي، ويقال: أحمد بن أحمد الذي ورد اليمن في أيام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام، سنة عشر وستمائة، وقد ذكره في الشافي.
قبره: بمحنكة يماني حيدان.
من طرق الأسانيد:
ويروي عن الإمام المتوكل على الله: القاضي شمس الدين جعفر بن أحمد، وأخذ عن الإمام المتوكل على الله، والقاضي جعفر الأميران الداعيان إلى الله شمس الدين وبدر الدين الآتي ذكرهما، والشيخ العالم محيي الدين حميد - ومحمد له اسمان - بن أحمد بن الوليد القرشي، المتوفى سنة إحدى وعشرين وستمائة. مما رواه عن الإمام: أصول الأحكام.
والشيخ العالم المتكلم الحسن بن محمد الرصاص المتوفى سنة أربع وثمانين وخمسمائة، وهذان الشيخان محيي الدين والحسن من أشياخ الإمام المنصور بالله عليه السلام.(1/262)