صفته صلى الله عليه وآله وسلم
قال أمير المؤمنين فيما رواه عنه الإمام زيد بن علي عليهم السلام: ((كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبيض اللون مشرباً بحمرة، أدعج العينين، سبط الشعر، دقيق العِرْنِين، أسهل الخدين، دقيق المسرُبة، كث اللحية، كان شعره مع شحمة أذنه إذا طال، كأنما عنقه إبريق فضة، له شعر من لبته إلى سرته، يجري كالقضيب، لم يكن في صدره ولا في بطنه شعر غيره، إلا نبذات في صدره، شثن الكف والقدم، إذا مشى كأنما يتقلع من صخر، وينحدر في صبب، إذا التفت التفت جميعاً، لم يكن بالطويل، ولا العاجز اللئيم، كأنما عرقه اللؤلؤ، ريح عرقه أطيب من المسك، لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وآله وسلم)).(1/21)
أولاده صلى الله عليه وآله وسلم
القاسم، وبه يُكْنى، وهو أكبر ولده، توفي بمكة، ثم زينب، ثم عبدالله وهو الطيب، ويقال: الطاهر، ولد بعد النبوة ومات صغيراً، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة - توفيت بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بستة أشهر وعمرها ثمان وعشرون سنة، وقيل: دون ذلك وهو الأصح، كما أوضحه في طبقات الزيدية، وأفاده ابن حجر في فتح الباري وجامع الأصول، ويدل عليه ترتيب ولادتهم، وفي جامع الأصول أنها أصغر بنات النبي صلى الله عليه وآله وسلم -، ثم رقية. وهؤلاء لخديجة بنت خويلد عليها السلام.
وإبراهيم أمه مارية القبطية.(1/22)
غزواته صلى الله عليه وآله وسلم
وغزواته صلى الله عليه وآله وسلم التي شهدها بنفسه: سبع وعشرون غزوة، ففي السنة الأولى: بعث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عمه أسد الله حمزة بن عبد المطلب عليه السلام غازياً، وكان أول جهاد في الإسلام.
وفي السنة الثانية: غزوة (بدر الكبرى) التي اجتث الله بها المشركين، وقتل فيها عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف، وذلك أنه خرج من صف المشركين عتبة، وشيبة، والوليد رؤساء قريش وأبطالهم، فبرز لهم من صف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: علي، وحمزة، وعبيده عليهم السلام، فقتل أمير المؤمنين الوليد، وقتل حمزة شيبة، واختلفت بين عبيدة وعتبة ضربتان قتل كل منهما صاحبه، وفي هذه المبارزة أنزل الله تعالى: ?هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ? [الحج:19]، وممن روى نزولها فيهم البخاري.
وفي الثالثة: غزوة (أحد)، وفيها قُتِل أسدُ الله الحمزة بن عبد المطلب، والشهداء الأبرار رضوان الله وسلامه عليهم، وظهر للوصي: ذو الفقار.
وفيها قَتَل الوصي عليه السلام بني عبد الدار، وهم أصحاب رايات المشركين.
وفي الرابعة: جلاء بني النضير.
وفي الخامسة: يوم الأحزاب، وقد اجتمع ألوف من أعداء الله يريدون اصطلام الإسلام، كما قال الله تعالى: ?إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا(10)هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا(11)? [الأحزاب:10- 11]، فخرج الوصي عليه السلام، وقتل فارس العرب وقائدها عمرو بن عبد ودٍ، وهزم الله به المشركين، وثبت بذي الفقار في ذلك اليوم وغيره قواعد الإسلام.
وفي السادسة: صلح الحُديبيَة، ونزول فريضة الحج.(1/23)
وفي السنة السابعة: فتح الله له خيبر، وظهرت معجزة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لما أخبرهم بأن الله يفتح على يد أخيه، وفيها وصل من هجرة الحبشة أخوه جعفر بن أبي طالب عليه السلام.
وفي السنة الثامنة: غزوة (حنين)، وفيها وقف الرسول في وجه العدو، وقد انهزم المسلمون كافة، ولم يبق معه إلا أمير المؤمنين، وعمه العباس، وابنه الفضل، وأربعة من أولاد عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقُتِل معهم أيمن بن عبدالله ابن مولاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أم أيمن، فأنزل الله سكينته على رسوله، وعلى هؤلاء المؤمنين الذين ثبتوا.
قال العباس في ذلك:
وقد فر من قد فر عنه وأقشعوا
بما مسه في الله لا يتوجع
نصرنا رسول الله في الحرب سبعةً
وثامننا لاقى الحمام بسيفهِ
وفيها: عزوة مؤتة، وقُتِل جعفر بن أبي طالب عليه السلام، وزيد بن حارثة، وعبدالله بن رواحة، ومن معهم من الشهداء رضي الله عنهم، وفتح الله لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم مكة، وأمره أن يباهل نصارى نجران بأهل الكساء.
وفي السنة التاسعة: بلَّغ أمير المؤمنين عليه السلام سورة برآءة يوم الحج الأكبر، وفيها: استخلفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المدينة لما خرج إلى غزوة تبوك.
وفي العاشرة: حجة الوداع، وفيها جمع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الخلق يوم غدير خم لتبليغ ما أمره الله به في وصيه، وتأكيد ولايته وأخبرهم أنه خلَّف فيهم كتاب الله وعترته، وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض.
وسراياه: سبع وأربعون سرية، وبعوثاته في الزكاة: اثنتا عشرة بعثة، وكل ذلك مُدَوَّنٌ في البسائط.
وسيأتي ما لا يستغنى عنه قريباً، اللهم صل عليه وآله وبارك وترحم وتحنن وسلم ما تعاقب الملوان، واختلف النَّيِّرَان.(1/24)
ذكر أمير المؤمنين علي عليه السلام
الزلف:
12- ولما أبانَ اللهُ أمرَ نبيهِ .... وقد مُهِّدَتْ للمسلمِينَ الشرائِعُ
13- أقامَ أخاهُ المرتضى ووصيَّهُ .... وأوضحَهُ التنزيلُ إذْ هو راكِعُ
التحف:
هو سيد الوصيين، وأخو سيد النبيين، دعوة إبراهيم، ومقام هارون، مستودع الأسرار، ومطلع الأنوار، وقسيم الجنة والنار، وارث علم أنبياء الله ورسله الكرام، عليهم أفضل الصلاة والسلام، أبو الأئمة الأطايب، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - واسمه عبد مناف - بن عبد المطلب، وعنده التقى النسبان الطاهران الزكيان، نسب النبي والوصي.
واستخلفه صلى الله عليه وآله وسلم في مقامه لما خرج إلى الهجرة في السنة الأولى وفيها آخى صلى الله عليه وآله وسلم بين المسلمين، وأخبرهم أنه أخوه، وهو وصيه، وابن عمه، وباب مدينة علمه.
بويع له صلوات الله عليه يوم الجمعة الثامن عشر في ذي الحجة الحرام سنة خمس وثلاثين، وفي مثل هذا اليوم كان غدير خم، ولهذا الاتفاق شأن عجيب.
وفي سنة ست وثلاثين كان قتال الناكثين، وهم: أصحاب الجمل طلحة، والزبير، وعائشة وأتباعهم، كان عدة القتلى ثلاثين ألفاً.
وفي سنة سبع وثلاثين كان قتال القاسطين - معاوية وأهل الشام ومن معهم - بصفين انقضت وقعاته عن سبعين ألف قتيل.
منها: (ليلة الهرير) قتل فيها الوصي ستمائة قتيل، بستمائة ضربة، مع كل ضربة تكبيرة.
وفي سنة تسع وثلاثين كان قتال المارقين، وهم الخوارج بالنهروان، وهذا طرف من مشاهد الرسول ووصيه العظام عليه وآله أفضل الصلاة والسلام.(1/25)