الإمام محمد بن الحسن الداعي
الزلف:
39- وَدَاعِي الهُدَى المَهْدِيُّ وَهْهَ مُحَمْدٌ .... رَضِيعُ لِبَانِ العلم للعدلِ رافِعُ
التحف:
هو الإمام أبو عبدالله المهدي لدين الله محمد بن الإمام الحسن بن الإمام القاسم بن الحسن بن علي بن عبد الرحمن الشجري بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
هذا الإمام الذي جمع بين القاسمية والناصرية بعد التباين العظيم بسبب الاختلاف في الاجتهاد، فأظهر القول: بأن كل مجتهد مصيب في الاجتهاديات، وهو الذي قيل فيه: لو مادت الأرض لشيء لعظمه لمادت لعلم أبي عبدالله الداعي، ووالده الإمام الحسن بن القاسم، الذي تقدم بعد الإمام الناصر الأطروش.
قام ببغداد، ثم وصل الديلم وبايعه من علماء الأمة أربعة آلف، سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة.
صفته عليه السلام: كان يشبه الوصي صلوات الله عليه، له من الولد: أبو الحسن علي، وأحمد.
وقبضه الله بهوسم سنة ستين وثلاثمائة. روي عن الإمام أبي طالب، أنه مات مسموماً.
واعلم أنه انطلق لفظ الداعي على جماعة من أهل البيت عليهم السلام منهم: أبو عبدالله هذا، وأبوه، والحسن بن زيد، وأخوه، ومنهم: الداعي يحيى بن الحسن، فهؤلاء اشتهروا بهذا الاسم، وإن كان كل إمام داعياً، انتهى نقلاً عن كتاب مآثر الأبرار.(1/232)


الإمام جعفر بن محمد بن الحسين وابناه
الزلف:
40- وَجَعْفَرٌ القَّوامُ وابناه بعده .... نجوم الهُدَاةِ الثَّائِرُون السَّواطِعُ
التحف: في هذا البيت ثلاثة أئمة:
الإمام الثائر في الله جعفر بن محمد بن الحسين بن علي - وعلي هذا هو والد الإمام الناصر للحق الأطروش - بن الحسن بن علي بن عمر بن سيد العابدين.
ظهر على بلد طبرستان كلها سنة سبع وستين وثلاثمائة. مشهده بها عليه السلام.
ثم ابنه الإمام أبو الحسن المهدي بن أبي الفضل الإمام الثائر في الله جعفر، قام بعد أبيه، وأمر بالعدل والإحسان، ونهى عن المنكر والطغيان، حتى توفاه الله في حال شبابه.
فقام مقامه نظيره في الفضل وشقيقه في النسب: الإمام الثائر في الله أبو القاسم الحسين بن الإمام الثائر في الله جعفر بن محمد عليهم السلام بجهات الجيل والديلم وطبرستان.(1/233)


الإمام المؤيد بالله
الزلف:
41- وَبالأخَوَيْنِ الهاشِميين أحمدٍ .... ويحيى تداعتْ عن ذُرَاهَا البدائِعُ
التحف: هما الإمامان المجددان في المائة الرابعة:
الإمام المؤيد بالله أبو الحسين أحمد بن الحسين بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
دعا سنة ثمانين وثلاثمائة، قال الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام: أنه لم ير في عصره مثله علماً وفضلاً، وزهداً وعبادة، وحلماً وسخاوة، وشجاعة وورعاً، ما بقي علم من علوم الدنيا والدين إلا وقد ضرب فيه بأوفى نصيب، وأحرز فيه أوفر حظٍ.
وممن بايعه من العلماء قاضي القضاة عبد الجبار، مع سعة لعمه وعلو حاله، وإحاطته بأنواع الكلام، وكذلك كافي الكفاة الصاحب بن عباد.
وله ولأخيه الإمام الناطق بالحق المؤلفات الباهرة، والنيرات المضيئة الزاهرة، منها للإمام المؤيد بالله: كتاب بين فيه إعجاز القرآن وغيره من المعجزات، وقد طبع باسم إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكتاب النبوءات والآداب في علم الكلام، وكتاب البغلة، وكتاب الإفادة، وكتاب الهوسميات، وكتاب الزيادات، وكتاب التفريعات في الفقه، وكتاب التبصرة، والأمالي الصغرى، والتجريد وشرحه أربعة مجلدات - وهو شرح لفتاوى الإمام القاسم، والهادي عليهم السلام، يأتي فيه بكلامهما ثم يبسط الأدلة عليه من الكتاب والسنة والقياس والإجماع، وهو من أجل معتمدات أهل البيت في هذا الفن - وسياسة المريدين.
توفي الإمام المؤيد بالله عليه السلام يوم عرفة سنة إحدى عشرة وأربعمائة، ودفن يوم الأضحى، وصلى عليه الإمام مانكديم، مشهده بـ(لنجا) قال:
عرج على قبر بصعدة .... وابك مرموساً بلنجا
واعلم بأن المقتدي .... بهما سيبلغ ما ترجَّا
وعمره سبع وسبعون سنة، وله من الولد: أبو القاسم الحسين.(1/234)


الإمام أبو طالب
والإمام الناطق بالحق أبو طالب يحيى بن الحسين.
قام عليه السلام بعد وفاة أخيه الإمام المؤيد بالله.
قال الحاكم في وصف بعض مؤلفاته: وعليه مسحة من النور الإلهي، وجذوة من الكلام النبوي.
وقال بعض شيعته لما بويع:
سَرَّ النبوةَ والنَّبِيَا.... وزها الوصيَّة والوصيا
أن الديالم بايعت .... يحيى بن هارون الرضيا
من مؤلفاته: المُجْزِي في أصول الفقه مجلدان، وهو من الأمهات، وكتاب جامع الأدلة في أصول الفقه أيضاً، وكتاب التحرير، وشرحه اثنا عشر مجلداً، وكتاب مبادئ الأدلة في الكلام، وكتاب الدعامة، وكتاب الإفادة في تاريخ الأئمة السادة، والأمالي المعروفة في الحديث، وله غير ذلك.
قال الإمام أبو طالب في كتابه شرح كتاب البالغ المدرك - للإمام الأعظم الهادي إلى الحق الأقوم يحيى بن الحسين عليه السلام في (شرح قول الإمام الهادي): (يجب على البالغ المدرك) بعد أن بين معاني الوجوب في اللغة -: والمعنى: أوجب الله على البالغ، قال: ودخل الألف واللام لاستغراق الجنس، ثم قسم ما ورد في العربية إلى الخبر والإنشاء.
ثم قال: والخبر كل جملة يصح فيها الصدق والكذب، ثم بين أقسامهما ومعانيهما، وقال: في شرح قوله: (وظهر المرصدون) يعني من كان يرصد قيام أهل الباطل من العلماء الذين مالوا إلى دنياهم..إلى قوله: وغنموا الفرصة، فجعلوا لهم مذاهب.
قال الإمام الهادي عليه السلام: (فمن هذه الأخبار ما هو في أصله منسوخ، ومنها ما هو في مخرجه عام، وفي معناه مخصوص).
..إلى أن قال: (ومنها ما روي مرسلاً بلا حجة ولا بيان لمتدبريه، ومنها ما دلس على الرواة في كتبهم).
قال الإمام أبو طالب - بعد أن شرح كلام الإمام -: وأما المرسل بغير حجة فهو ما ذكره أصحاب الحديث في كتبهم، وانتخبوا من الأحاديث فيما قد كتبوه في الكتابين، وسموهما الصحيحين: صحيح البخاري، وهو محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري، وصحيح أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري.(1/235)


قلت: ولم يقصد بالمرسل المصطلح عليه عند أهل الحديث، وإنما قصد ما لم يثبت بالحجة كما ذكره عليه السلام.
ثم ساق الكلام في شرح ذلك إلى أن قال: ولقد علمنا في زماننا ورأيْنَا، ونقل غير واحد إلينا من الشافعية والحنفية من التنقير في الفروع، والإمعان في الاستدلالات فيها، والتشديد في ذلك..إلى أن قال: قالوا فيمن اشترى عشرين بيضة فوجد فيها بيضة مذرة قولاً بسيطاً، وقالوا فيمن اشترى شاة مصراة، فأوردوا فيها مسائل ما ملأ الأوراق، وتجاوز حد الإسهاب والإغراق، فإذا جاءوا إلى مسائل الأصول، وذكروا أدلتها وبيان ما بينه الله على عظمته..إلى أن قال: وجدتهم خرساً لا ينطقون إلا همساً.
وروى الإمام أبو طالب أخباراً من طرق القوم، ثم قال: واعلم أنه دعانا إلى ذكر هذه الأخبار بنقل العامة - وإن كان قد نقلها عندنا من نثق به من أئمتنا عليهم السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومشائخ أهل العدل والتوحيد - إنكارُ فقهائهم (حجج العقول، والرجوع إليها في متشابه القرآن والأخبار).
وقال الهادي في الفترة: (وفيها كتبه وحججه، وبقايا من أهل العلم)، فقال الإمام أبو طالب في الشرح: هم أهل الشريعة من فقهاء الأمة، وخلفاء الأئمة، وجلاء الظلمة.
إلى أن قال في الحث على العلم: ولا سيما اللغة العربية فإنها أولى بالمعرفة، لما يتعلق بمعرفتها من الأسماء والمعاني، وفصل الخطاب في الجاهلية والإسلام، وجميع الأحكام والفرائض والسنن والتقديم والتأخير، والإطناب والإسهاب، والحقائق والموجز في الخبر والاستخبار، والأمر والنهي، والخطب والبلاغات.
حتى قال: والأمثال والدعاء والسؤال، والتمني والجدال، والإشارات والحكايات، وغير ذلك من العلوم.
ثم أورد كلام الوصي صلوات الله عليه: العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة..إلخ.
وقبضه الله سنة أربع وعشرين وأربعمائة، عن نيف وثمانين سنة.
له من الولد: أبو هاشم محمد ولا عقب له.(1/236)

47 / 101
ع
En
A+
A-