وقال فيه أيضاً - في الرد على المجبرة في قوله تعالى: ?وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ? [البقرة:102]، -: إنهم إنما أُتوا وأسلافهم من طريق لكنتهم، وقلة معرفتهم باللغة، ثم ساق الكلام في بيان معاني ذلك في اللغة، حاصله أن الإذن في لغة العرب على ثلاثة أوجه: الأمر، والعلم، والتخلية. وإنما نورد مثل هذا تنبيهاً على ما وراءه، وإلا فما هو إلا مجة من لجة.
وفاته: بآمل ليلة الخميس لخمس بقين من شعبان سنة أربع وثلاثمائة، وفاضت نفسه عليه السلام وهو ساجد وله أربع وسبعون، وشوهد في الليلة التي توفي فيها نور ساطع من الدار التي هو فيها إلى عنان السماء.
قال الإمام أبو طالب عليه السلام: وكان يحث الناس على نصرة الهادي يحيى بن الحسين، ويقول: من يمكنه أن ينصره وقرب منه فنصرته واجبة عليه، ومن تمكن من نصرتي وقرب مني فلينصرني.
ومشهده بآمل طبرستان، وفي مشهده، ومشهد الإمام الهادي إلى الحق قيل:
عرج على قبر بصعـ .... ـدة وابك مرموساً بآملْ
واعلم بأن المقتدي .... بهما سيبلغ حيث ياملْ
وأجلَّ من هذا قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه الإمام الأعظم أبو طالب عليه السلام: ((من زار قبراً من قبورنا أهل البيت، ثم مات من عامه الذي زار فيه وكل الله بقبره سبعين ملكاً يسبحون له إلى يوم القيامة)).
أولاده عليه السلام: أبو الحسن علي الأديب الشاعر، وأبو القاسم جعفر، وأبو الحسين أحمد. انتهى. والهالع - بهاء فألف فلام فعين مهملة -: الجبان.(1/207)
الإمام الداعي الحسن بن القاسم
الزلف:
33- كذا الحسنُ بنُ القاسم الفردُ بعده .... فَلَمْ يبقَ في جَيلانَ للحقِ مانِعُ
التحف:
هو الإمام الداعي إلى الله أبو محمد الحسن بن القاسم بن الحسن بن علي بن عبد الرحمن الشجري بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط عليهم السلام.
كان من أركان الناصر للحق الحسن بن علي الأطروش، وكان يضرب بعدله المثل، وأقام أَوَدَ الدين الحنيف ففي نيسابور والري ونواحيهما، وفي الجيل والديلم.
واستشهد عليه السلام سنة ست عشرة وثلاثمائة، وله اثنتان وخمسون سنة.
ولما وصل إلى آمل زار قبر الإمام الناصر وقال:
أيحسن بي أن لا أموت ولا أضنى .... وقد فقدت عيناي من حسن حسناً(1/208)
ترجمة أبي العباس والطرق إلى الإمام الهادي (ع)
وكان في عصره السيد الإمام أبو العباس، أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم بن الإمام محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، العالم، الحافظ، الحجة، شيخ الأئمة، وارث الحكمة، رباني آل الرسول، وإمام المعقول والمنقول، مؤلف: النصوص، وشارح المنتخب والأحكام، وصاحب المصابيح، بلغ فيها إلى الإمام يحيى بن زيد بن علي عليهم السلام، وعاقه نزول الحِمام عن بلوغ المرام، وقد كان رسم فيها أسماء الأئمة الذين أراد ذكرهم إلى الناصر الحسن بن علي الأطروش، فأتمها على وفق ترتيبه الشيخ العلامة علي بن بلال.
وهذا السيد الإمام أبو العباس هو الذي أخذت عنه علوم آل محمد، وأخذ هو والإمام المؤيد بالله والإمام أبو طالب عن الإمام الهادي عماد الإسلام ناشر علوم آبائه الكرام في الجيل والديلم، وسائر جهات العجم، يحيى بن الإمام المرتضى لدين الله محمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم، وأخذ يحيى بن المرتضى عن عمه الناصر عن والده الهادي إلى الحق، وهذه إحدى الطرق عن الهادي.
والثانية: عن الإمام المرتضى عن أبيه يرويها الإمام أحمد بن سليمان بسنده إلى المرتضى.
والثالثة: يرويها أبو العباس الحسني عن السيد الإمام المعمر المعاصر للهادي والناصر، الراوي عنهما علي بن العباس بن إبراهيم بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط عليهم السلام، عن الإمام الهادي إلى الحق.
وكثيراً ما يروي المؤيد بالله عن أبي العباس، وهو شيخ المؤيد بالله وأخيه الناطق بالحق، وقد يطلق أنه خال الإمامين، ولعله من الأم أو الرضاعة، فإن أمهما من ولد الحسين وهو حسني.
توفي عليه السلام: سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة.(1/209)
الإمام المرتضى محمد بن يحيى:
الزلف:
34- وأسباطُ يحيى المرتضى وشَقِيقُهُ .... بسيفيهمَا ما إِنْ تُعَدُّ الوَقَائِعُ
التحف: في هذا البيت إمامان:
الإمام المرتضى لدين الله أبو القاسم محمد بن يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم السلام.
دعا إلى الله بعد وفاة أبيه، ولما توفي الإمام الهادي خرج إلى الناس وذكرهم بالله وعزاهم فيه، ثم قال:
يُهَوِّن ما ألقى من الوجد أنني .... مجاوره في قبره اليوم أو غدا
ومن مؤلفاته: كتاب الأصول في التوحيد والعدل، وكتاب الإيضاح في الفقه، كتاب النوازل جزآن، وجواب مسائل المغفلي، وجواب مسائل مهدي، وكتاب النبوة، وكتاب الإرادة، وكتاب المشيئة، وكتاب التوبة، وكتاب الرد على الروافض، وكتاب في فضائل سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، وكتاب الرد على القرامطة، وكتاب الشرح والبيان ثلاثة أجزاء، وكتاب الرضاع، وكتاب مسائل القُدَمِيين، وكتاب مسائل الحائرين، وكتاب تفسير القرآن تسعة أجزاء، وكتاب مسائل الطبريين خمسة أجزاء، وكتاب مسائل مهدي أربعة أجزاء، وكتاب مسائل ابن الناصر، وكتاب مسائل البيوع ثلاثة أجزاء، وكتاب مسائل عبدالله بن سليمان، وجواب ابن فضل القرمطي، وفصل المرتضى، وكتاب النهي.
توفي أيام أخيه الإمام الناصر سنة عشر وثلاثمائة، وله من العمر اثنتان وثلاثون سنة. وقبره بمشهد أبيه عليهم السلام.
أولاده: أبو محمد القاسم، وإسماعيل، وإبراهيم، وعلي عقبه بجرجان، وعبدالله عقبه بديلمان واليمن، وموسى، ويحيى عقبه بديلمان، والحسن عقبه بشيراز وطبرستان وأصبهان وأصفهان، والحسين عقبه بالري وأعمالها والأهواز وطبرستان، والقاسم، وعيسى، ومحمد.(1/210)
الإمام الناصر أحمد بن يحيى
الإمام الناصر لدين الله أبو الحسن أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق عليهم السلام، كان وقت وفاة أبيه في الحجاز، فلما قدم بعد تخلي الإمام المرتضى واعتزاله للعبادة اجتمع الإمامان وبايع الإمام المرتضى أخاه الإمام الناصر.
قال الإمام المرتضى - لما اعتزل عن الإمامة في خطبة له -: (ثم إنكم معاشر المسلمين أقبلتم علي عند وفاة الهادي عليه السلام، وأردتموني على قبول بيعتكم.
..إلى قوله: فأجريت أموركم على ما كان الهادي رضي الله عنه يجريها، ولم أتلبس بشيء من عرض دنياكم ولم أتناول قليلاً ولا كثيراً من أموالكم، فلما أخزى الله القرمطي، وكفى الله المؤمنين القتال، وكان الله قوياً عزيزاً، تدبرت أمري وأمركم، ونظرت فيما أتعرضه من أخلاقكم، فوجدت أموركم تجري على غير سننها، وألفيتكم تميلون إلى الباطل، وتنفرون عن الحق.
..إلى قوله: وعما نأمركم بطاعة الله مُزْورِّين وعنه نافرين، وإلى أعداء الله وأعداء دينه الجهال الفساق راكنين، وقد قال الحكيم العليم في محكم التنزيل: ?وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ? [هود:113]، فلما لم أجد فيكم من يعين الصادق المحق، ويأمر بالمعروف، ويرغب في الجهاد، ويختار رضى الله جل وعز على رضى المخلوقين إلا القليل في القبيلة واليسير من الجماعة أنزلت هذه الدنيا من نفسي أخس المنازل، وآثرت الآخرة.(1/211)