وأجمع على إمامته أهل البيت وغيرهم، قال الإمام المنصور بالله في الجزء الثاني من الشافي في سياق كلام: وعلى أنا قد أجمعنا نحن وبنو العباس على إمامة علي بن موسى الرضا عليه السلام، ولم نختلف في ذلك نحن ولا هم، انتهى.
قال المنصور بالله عليه السلام: ولما مات أظهر جزعاً عظيماً، وقَبَره إلى جنب أبيه تودداً وإظهاراً للإنصاف، فَغَبِيَ قبر هارون حتى كأنه لم يكن هناك، ونسب المشهد إلى علي بن موسى الرضى، فلا يَعْرِف أن هناك هارون إلا أهل المعرفة، وهكذا ينبغي أن يكون الحق والباطل، وإلا فالدولة العباسية إلى الآن، ومنشأ الدعوة العباسية خراسان، فصغر الله الباطل، وعظم الحق، انتهى.
وفاته عليه السلام: سنة ثلاث ومائتين وله من العمر خمس وخمسون سنة.
مشهده عليه السلام: بطوس، قال فيه جده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ((ستقتل بضعة مني بخراسان، ما يزورها مكروب إلا نفس الله كربته، ولا مذنب إلا غفر الله ذنبه)).
وكان السم بعد البيعة والعهود الأكيده، والرحم الماسة والصهارة الواصلة بين الأنام التي يراعي حرمتها العوام، فإنه زوج علي بن موسى الرضى ابنته أم حبيب، وزوج ولده محمد بن علي بن موسى ابنته أم الفضل، وأمور عجيبة لمن تأملها ولا تعجب منهم، إنما تعجب من علماء السوء الذين اعتقدوا صحة خلافتهم، ووجوب طاعتهم.
وكانت وفاته عليه السلام في آخر صفر من سنة ثلاث ومائتين، وإنما نذكر مما رثي به شيئاً قليلاً ؛ لأنا نريد الاختصار، فمن ذلك قول أشجع بن عمرو السلمي:
يا صاحب العيس تحدي في أزمتها .... اسمع وأسمِع غداً يا صاحب العيس
إقرا السلام على قبر بطوس ولا .... تقرى السلام ولا النعما على طوس
فقد أصاب قلوب المسلمين بها .... روع وأفرخ منها روع إبليس
ما زال مقتبساً من نور والده .... إلى النبي ضياء غير مقبوس
حقاً بأن الرضا أودى الزمان به .... ما يطلب الموت إلى كل منفوس
صلى عليك الذي قد كنت تعبده .... تحت الهواجر في تلك الأحاليس
لولا مناقضة الدنيا محاسنها .... لما تقايسها أهل المقاييس
أسكنك الله داراً غير زائلة .... في منزل برسول الله مأنوس
انتهى بتصرف.(1/171)


الإمام محمد بن جعفر الصادق
والإمام الصوام أبو علي محمد بن جعفر الصدق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين السبط عليهم السلام.
دعا إلى الله بمكة المشرفة. قال في طبقات الزيدية: قال الذهبي سنة مائتين. ونابذ الظالمين، وجاهد الفاسقين، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وكان يخرج إلى الصلاة في مكة المكرمة في ثلاثمائة من الزيدية عليهم ثياب الصوف، وأسر عليه السلام بعد وقعات كثيرة، ووجه إلى المأمون العباسي، فتلقاه بالإنصاف، ثم دس له السم.
وتوفي: سنة نيف ومائتين، قبره بجرجان.
أولاده: علي، والقاسم، والحسن، وأعقابه متفرقون منهم: بمصر، وأصفهان، ونيسابور، وفارس، وقزوين، وشيراز، والري، وسمرقند، وبغداد، وخراسان.(1/173)


الإمام محمد بن سليمان بن داود
الزلف:
27- وَنَجْلُ سليمانَ الإمامُ محمدٌ .... وللقاسم المرضيِ كانَ التطاوُعُ
التحف: في هذا البيت إمامان:
الإمام محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن السبط عليهم السلام، وهذا الإمام جد الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليهم السلام من قبل الأم، وكان عليه السلام مع الإمام محمد بن إبراهيم عليهم السلام أيام خلافته، وملك المدينة ونواحيها، ومات بعد موت الإمام محمد بن جعفر الصادق وله ستون سنة.
أولاده: إبراهيم، وإسحاق، وموسى، والحسن، وسليمان، وداود.(1/174)


الإمام القاسم بن عبدالله بن الحسين
والإمام القاسم بن عبدالله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام، كان في عصر المتوكل العباسي، وهو العاشر منهم، فأرسل إليه طبيباً قد طلى يده بالسم، فمس يد الإمام، فما زال وجعها حتى مات عليه السلام.(1/175)


ترجمة الإمام عبدالله بن موسى
ومات في أيام هذا المتوكل العباسي متوارياً الإمام عبدالله بن الإمام موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن السبط عليهم السلام.
وكان وحيد عصره، ونسيج دهره، وهو أحد الأعيان من أهل البيت الذين اجتمعوا في دار محمد بن منصور المرادي، وبايعوا الإمام القاسم بن إبراهيم، وهم الثلاثة المذكورون، وأحمد بن عيسى بن زيد، والحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد، وقد كان أراد المأمون بعد موت الإمام علي بن موسى الرضا أن يواصله، وألف رسالة طويلة إليه، وأجاب عليه الإمام عبدالله بن موسى بجواب، منه: فبأي شيء تعتذر فيما فعلته بأبي الحسن صلوات الله عليه - يعني الإمام علي بن موسى الرضا - أبالعنب الذي أطعتمه حتى قتلته به.
إلى أن قال: فعلمت أن كتاب الله أجمع كل شيء، فقرأته فإذا فيه: ?يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً? [التوبة:123]، فلم أدر من يلينا منهم، فأعدت النظر فوجدته يقول: ?تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا ءَابَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ? [المجادلة:22]، فعلمت أن عليَّ أن أبدأ من قرب مني، فتدبرت فإذا أنت أضر على الإسلام والمسلمين من كل عدو لي.
حتى قال: وأنت دخلت فيه ظاهراً، وطفقت تنقض عراه عروة عروة، فأنت أشد على الإسلام ضرراً.(1/176)

35 / 101
ع
En
A+
A-