ترجمة الإمام الشافعي
وكان من دعاة الإمام يحيى بن عبدالله: محمد بن إدريس المطلبي الشافعي رضي الله عنه، المتوفى سنة ثلاث ومائتين، وهو أجل أتباع آل محمد، وأهل الإخلاص في ولاية أبناء الرسول، وهو القائل:
يا أهل بيت رسول الله حبُّكم .... فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم الشأن أنكم .... من لم يصلي عليكم لا صلاة له
وقوله:
يا راكباً قف بالمحصبِ من منى .... واهتف بواقف خيفها والناهض
قف ثم ناد بأنني لمحمد .... ووصيه وابنيه لست بباغض
إن كان رفضاً حب آل محمد .... فليشهد الثقلان أني رافضي
وأفعاله وأقواله في هذا الباب أكثر من أن تحصر.
وكذلك غيره من علماء الأمة الحنيفة، وفضلاء الملة الشريفة، لا يعدلون عن أهل بيت نبيهم، ولا يميلون عن طريق هدايتهم.
فالشافعي أخذ العلم عن يحيى بن خالد المدني، وإبراهيم بن أبي يحيى المدني، وهما قرءا على الإمام زيد بن علي، وكذلك أبو حنيفة النعمان بن ثابت المتوفى سنة مائة وخمسين من تلامذة الإمام زيد بن علي وأتباعه، ومالك بن أنس الأصبحي المتوفى سنة مائة وتسع وسبعين قرأ على الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهم السلام، وأفتى بالخروج مع محمد بن عبدالله وأخيه الإمام إبراهيم بن عبدالله عليهم السلام، وأحمد بن حنبل المتوفى سنة (241هـ) أخذ عن الشافعي وألف المناقب.
وغيرهم من أتباع الأئمة، ودعاة أهل البيت الذين استجاب الله فيهم دعوة أبينا إبراهيم خليل الله في قوله: ?فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ? [إبراهيم:37]، ولم يفارق آل رسول الله إلا شذاذ المردة، وطواغيت النفاق، وليسوا من أهل دين محمد على الحقيقة، وإنما ينتحلون الإسلام للتغرير والتلبيس على أتباعهم العوام، وكيف يكون على دين الرسول من فارق عترته وورثته؟!(1/141)
فهل المتخلفون عنهم إلا سامرية أمة جدهم صلوات الله وسلامه عليه وآله؟ وقد أخر الله الجزاء للعباد إلى يوم المعاد لمؤاخذتهم بأعمالهم بعد الاستحقاق، وإطلاقهم من هذه الدار، وتمكينهم من الإختيار، فنسأل الله التوفيق والاستقامة.(1/142)
الإمام موسى بن عبدالله
الزلف:
20- وموسى بن عبداللهِ وابن محمدٍ .... فذاك علي إن دم الآل ضائع
التحف: في هذا البيت ثلاثة أئمة:
الإمام أبو الحسن موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن السبط بن علي عليهم الصلاة والسلام، وهذا الإمام رابع الأئمة من أولاد عبدالله الكامل، وكان من دعاة أخيه النفس الزكية.
وبعد قيامه أخذ وحبس حتى مات، وعقبه عليه السلام من ولديه: عبدالله، وإبراهيم.(1/143)
ترجمة علي بن عيسى
ومن سلالة عبدالله: السيد الشريف الإمام أبو الحسن عُلَيّ - على صيغة التصغير -بن عيسى بن حمزة بن وهاس بن أبي الطيب داود بن عبد الرحمن بن عبدالله بن داود بن موسى بن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن سليمان بن عبدالله بن الإمام موسى بن عبدالله، وهو القائل:
ما كذا يفعل البنون الكرام
أتموت البتول غضبى ونرضى
وهو من مشائخ القاضي شمس الدين عالم الزيدية جعفر بن أحمد بن عبد السلام، وهو الذي حث القاضي العلامة شيخ الإسلام زيد بن الحسن البيهقي - المتوفى سنة اثنين وأربعين وخمسمائة - على الخروج إلى اليمن لنصرة الحق، وهو الذي حمل الزمخشري على تأليف الكشاف، وقد أشار إليه في صدر الديباجة، وترجم له في مطلع البدور، وأورد شيئاً من فضائله.
وفاته: سنة نيف وخمسين وخمسمائة.
ومنهم الشريف الإمام شكر بن أبي الفتوح الحسن بن جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد الثائر بن موسى الثائر بن الإمام عبدالله بن موسى الجون، ترجم له في مطلع البدور، فقال:
الأمير الخطير، حامي الحرمين، سلطان الحجاز، تاج المعالي، أبو عبدالله شكر بن أبي الفتوح الحسن بن جعفر، كان من أوعية العلم، ومن صدور الملك، وغايات العترة، وموئلاً للعصابة الزيدية، فكان يأتون إليه من كل فج عميق، وكان يكرمهم.
إلى قوله: وهو آخر من ملك مكة من الجعافر من بني موسى الثاني، وبعده انتقلت إلى حسن بن وهاس السليماني، وكان شديد الإنكار على المطرفية.
إلى قوله: وكان أول من ملك مكة من بني الحسن حد شكر المذكور جعفر بن محمد، وكان حاكم مكة قبل التركي من قبل العزيز بالله، فقتله الأمير أبو محمد جعفر، وقتل منهم خلقاً كثيراً فاستوت له تلك النواحي وبقيت في يده نيفاً وعشرين سنة.(1/144)
قال: وكان شكر رحمه الله أميراً جليلاً جواداً..إلخ، ثم ذكر قصة الفرس الموصوفة بالعتق والجودة ألا يبيعها إلا بعشرين فرساً جواداً وعشرين غلاماً وعشرين جارية وألفي دينار ذهباً ومائة ألف درهم وكذا وكذا ثوباً إلى غير ذلك، فأرسل الأمير بعض غلمانه بثمن للفرس فوافق وصول غلام الأمير إلى منزل ذلك الرجل فأضافه تلك الليلة فلما أصحبوا حكى لهم الغلام غرضه، فقال له: إنك لم تذكر لي لما جئت له ساعة وصولك فإنكم نزلتم علي وليس عندي غيرها فذبحتها لكم، ثم أحضر جلد الفرس ورأسها وقوائمها وذنبها وما بقي من لحمها، فلما رأى غلام الأمير ذلك، قال: ما أرسلني الأمير إلا لأجل الفرس، وقد وصلت إلي فدونك الثمن ودفع إليه ما كان حمله، ثم رجع إلى مكة، فلما سمع الأمير بوصوله خرج فرحاً بالفرس، فلما راءه سأله فأخبره بما صنع الرجل، فقال له: وما صنعت بالمال، فأخبره أنه دفعه إلى صاحب الفرس، فأقسم الأمير أنه لو جاء بشيء منه لأوجعه وله شعر من ذلك:
قوض خيامك عن أرض أهنت بها .... ......... الأبيات.
وكان يسمى محمد أيضاً وما كتبه السيد الأمير شكر إلى علي بن محمد الصليحي قصيدته الفاخرة التي أولها:
لَتَعْليق الجماجم والرؤوس .... وإقحامي خميساً في خميس
طويلة.
توفي سنة ثلاث وخمسمائة سنة، وقد ذكر في تاريخ وفاته غير هذا.(1/145)