أخبرنا علي بن العباس، قال: حدثنا يحيى بن الحسن بن محمد بن عبد الواحد، قال: حدثنا يحيى بن الحسن بن الفرات عن غالب الأسدي، قال: سمعت عيسى بن زيد يقول: لو أنزل الله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنه باعث بعده نبياً، لكان ذلك النبي محمد بن عبدالله بن الحسن، فقال يحيى بن الحسن: فيما حدثني ابن سعيد عنه، قال يعقوب بن عربي: سمعت أبا جعفر المنصور يقول في أيام بني أمية، وهو في نفر من بني أمية، قال: ما في آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم أعلم بدين الله ولا أحق بولاية الأمر من محمد بن عبدالله، وبايع له وكان يعرفني بصحبته والخروج معه، قال يعقوب بن عربي: فلما قتل محمد حبسني بعض عشرة سنة.
وفيه: حدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثنا يحيى بن الحسن، قال: حدثني أبو عبد الحميد الليثي عن أبيه، قال: كان ابن فضالة النحوي يخبر، قال: اجتمع واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد في بيت عثمان بن عبد الرحمن المخزومي من أهل البصرة، فتذاكروا الجور، فقال عمرو بن عبيد: فمن يقوم بهذا الأمر ممن يستوجبه، وهو له أهل؟ فقال واصل: يقوم به والله من أصبح خير هذه الأمة محمد بن عبدالله بن الحسن، فقال عمرو بن عبيد: ما أرى أن نبايع ولا نقوم إلا مع من اختبرناه وعرفنا سيرته، فقال له واصل: والله لو لم يكن في محمد بن عبدالله أمر يدل على فضله إلا أن أباه عبدالله بن الحسن في سنه وفضله وموضعه، قد رآه لهذا الأمر أهلاً، وقدمه فيه على نفسه لكان لذلك يستحق ما نراه له، فكيف بحال محمد في نفسه وفضله.(1/81)
إلى قوله: خرج جماعة من أهل البصرة من المعتزلة منهم: واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد وغيرهما حتى أتوا سويقة، فسألوا عبدالله بن الحسن أن يخرج لهم ابنه محمداً حتى يكلموه، فطلب لهم عبدالله فسطاطاً، واجتمع هو ومن شاوره من ثقاته أن يخرج إليهم إبراهيم بن عبدالله، فأخرج إليهم إبراهيم..إلى قوله: فحمد الله وأثنى عليه، وذكر محمد بن عبدالله، وحاله، ودعاهم إلى بيعته، وعذرهم في التأخر عنه، فقالوا: اللهم إنا نرضى برجل هذا رسوله، فبايعوه، وانصرفوا إلى البصرة.
وروى بسنده، قال: كان أبو خالد الواسطي، والقاسم بن مسلم السلمي مع محمد بن عبدالله بن الحسن، وكانا من أصحاب زيد بن علي صلوات الله عليه، قال القاسم بن مسلم لمحمد بن عبدالله بن الحسن: يا أبا عبدالله.....
إلى قوله: فتناول سوطه من الأرض، ثم قال: يا قاسم بن مسلم، ما يسرني أن الأمة اجتمعت عليَّ كمعلاق سوطي هذا، وأني سئلت عن باب الحلال والحرام، ولم يكن عندي مخرج منه.
وفيه بسنده: شهد مع إبراهيم بن عبدالله من أصحاب زيد بن علي...
إلى قوله:: سلام بن أبي واصل الحذاء، وحمزة بن عطاء البرني، وخليفة بن حسان الكيال، وكان أفرس الناس.
إلى قوله: خرج مع إبراهيم بن عبدالله عبدُالله بن جعفر المدائني، قال في الهامش في الطبري: ابن جعفر المديني، قلت: هو والد علي بن عبدالله المديني، المحدث الكبير المعدود هو وولده من ثقات محدثي الشيعة، وهو شيخ البخاري وغيره.
والإمام عبدالله بن الحسن هو الذي صلى الفجر بوضوء العشاء ستين سنة.
والحسن الثالث، ابن الحسن الرضا، ابن الحسن السبط: توفي عليه السلام في السجن، في ذي القعدة، سنة خمس وأربعين ومائة، عن ثمان وستين سنة.
والإمام إبراهيم الشبه بن الحسن بن الحسن، توفي في شهر ربيع الأول، سنة خمس وأربعين ومائة، وله سبع وستون سنة.(1/82)
وعلي بن الحسن الثالث ابن الحسن الرضا بن الحسن السبط، وهو والد الإمام الحسين بن علي صاحب فخ، وهو الذي قال له عمه عبدالله بن الحسن: يدعو على أبي الدوانيق، فقال: إن لنا منزلة عند الله لا ننالها إلا بهذا، أو أبلغ منه، وإن لأبي الدوانيق موضعاً في النار، لا يبلغه حتى ينال منا هذه البلية، أو ما هو أعظم.
توفي عليه السلام في محبسهم بالهاشمية، وهو ساجد، وعمره خمس وأربعون سنة.
وأخوه العباس عليه السلام توفي في شهر رمضان الكريم، وهو ابن خمس وثلاثين سنة، وأخوهما عبدالله، توفي يوم الأضحى، وله ست وأربعون سنة، وإسماعيل الديباج بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط.
وإخوته: محمد الديباج الأصغر، ويعقوب، وإسحاق، أبناء إبراهيم بن الحسن بن الحسن عليه السلام.
قتل هؤلاء بضروب من القتل، فمنهم: من بني عليه وهو حي، ومنهم: من سمرت يداه في الأرض.
والذين دفنوا بشاطئ الفرات سبعة منهم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيهم: ((يدفن من ولدي سبعة بشاطئ الفرات لم يسبقهم الأولون ولا يدركهم الآخِرون)).
روى في تاريخ الطبري بسنده أن رياحاً عامل أبي جعفر قال لأبي البختري: خذ بيدي ندخل على هذا الشيخ فأقبل متكئاً علي حتى وقف على عبدالله بن الحسن، فقال: أيها الشيخ، إن أمير المؤمنين والله ما استعملني لرحم قريبة، ولا يد سلفت إليه، والله لا لعبت بي كما لعبت بزياد وابن القسري، والله لأزهقن نفسك، أو لتأتيني بابنيك محمد وإبراهيم، قال: فرفع رأسه إليه، وقال: نعم، أما والله إنك لأزيرق قيس المذبوح فيها كما تذبح الشاة، قال أبو البختري: فانصرف رياح والله آخذاً بيدي أجد بَرْد يده، وإن رجليه ليخطان مما كلمه، قال: قلت: والله إن هذا ما اطلع على الغيب، قال: أيهاً ويلك، فوالله ما قال إلا ما سمع، قال: فذبح ذبح الشاة.(1/83)
وروى الطبري ص194 ج9 في حوادث سنة 144هـ بسنده إلى الحسين بن زيد بن علي عليهم السلام، قال: غدوت إلى المسجد فرأيت بني حسن يخرج بهم من دار مروان مع أبي الأزهر يراد بهم الربذة، فانصرفت فأرسل إليَّ جعفر بن محمد فجئته، فقال: ما وراءك؟ فقلت: رأيت بني حسن يخرج بهم في محامل، قال: اجلس، فجلست فدعا غلاماً له، ثم دعا ربه دعاءاً كثيرا، ثم قال لغلامه: اذهب فإذا حملوا فأت فأخبرني، فأتاه الرسول، فقال: قد أقبل بهم، قال: فقام جعفر بن محمد، فوقف وراء ستر شعر يبصر من ورائه ولا يبصره أحد فطُلِع بعبدالله بن حسن في محمل معادله مسوِّد وجميع أهل بيته كذلك، قال: لما نظر إليهم جعفر هملت عيناه حتى جرت دموعه على لحيته، ثم أقبل عليَّ، فقال: يا أبا عبدالله والله لا تُحفظ لله حرمة بعد هؤلاء.
وروى هذا في المقاتل عن جعفر الصادق، وزاد بعد قوله: والله لا تحفظ لله حرمة بعد هؤلاء: والله ما وفت الأنصار ولا أبناء الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما أعطوه من البيعة على العقبة، ثم قال جعفر: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: ((خذ عليهم البيعة بالعقبة)) فقال: كيف آخذ عليهم؟ قال: خذ عليهم يبايعون الله ورسوله، قال ابن الجعد في حديثه: على أن يطاع الله فلا يعصى، وقال آخرون: على أن تمنعوا رسول الله وذريته مما تمنعون منه أنفسكم وذراريكم، قال: فوالله ما وفوا له حتى خرج من بين أظهرهم ثم لا أحد يمنع يد لامس اللهم فاشدد وطأتك على الأنصار.(1/84)
قال في كتاب حركة النفس الزكية ط الثانية عام 1406هـ ص79، ما لفظه: عقب ابن كثير على تعذيب آل الحسن ووفاتهم في سجن المنصور، فقال: فعلى المنصور ما يستحقه من عذاب الله ولعنته، قال في الهامش: (البداية 10/ 82)، وقال أيضاً في ص86: (بايع أهل المدينة محمداً على القتال معه ضد الظالم أبي جعفر..إلى قوله: أيد كثير من العلماء حركة النفس الزكية، منهم: عبدالله بن يزيد بن هرمز شيخ الإمام مالك، ومحمد بن عجلان، وكان موضع تقدير أهل المدينة، وله حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكانوا يلقبونه بـ(حسن البصري المدينة)، وأبو بكر بن أبي سبرة الفقيه، وعبدالله بن عامر الأسلمي القاري، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، كما أيده أحفاد الزبير بن العوام، وكانوا فرساناً علماء كالمنذر بن محمد، ومصعب بن ثابت، كما أيدته القبائل العربية المجاورة للمدينة جهينة، ومزينة، وأسلم، وغفار، وخرج معه من الطالبيين المشهورين: موسى وعبدالله ابنا جعفر الصادق، والحسن، ويزيد وصالح بنو معاوية بن عبدالله بن جعفر، والحسين وعيسى ابنا زيد بن علي، وعلي وزيد ابنا الحسن بن زيد بن الحسن).
قال في الهامش: ويلاحظ من هذا التعيين أن أهل المدينة بشكل عام كانوا يؤيدون محمداً في حركته حيث نجد المخزومي والزهري والعُمَري والزبيري من أمرائه وقواده.
وقال في ص94 ما لفظه: إن عدد جيش المدينة الذي يدافع عنها قليل بالنسبة إلى الجيش العباسي، ولكنهم عوضوا عن هذه القلة بالبطولة الفردية، التي تقف أمام العشرات وتتغلب عليهم، وفي اليوم الأول قاد المدافعين عن المدينة عيسى بن زيد بن علي، وقاتل هو بنفسه قتالاً شديداً استمر من الصباح حتى الظهيرة، ووقعت جراحات كثيرة في صفوف أهل المدينة، ويظهر أن فرقة الرمي بالنُّشاب في الجيش العباسي كانت تقوم بدورها على أحسن وجه.(1/85)