مؤلفاته عليه السلام
قال الإمام أبو طالب: وله كتاب (السير) المشهور، وسمعت جماعة من فقهاء أصحاب أبي حنيفة وغيرهم يقولون: إن (محمد بن الحسن) نقل أكثر مسائل السير عن هذا الكتاب.
أولاده: عبدالله الأشتر: قتل بكابل، وله عقب، وعلي والحسن: قتلا بفخ، والحسين: ذكره غير الطالبيين، انتهى باختصار من الإفادة.(1/76)


ظهور العباسية
وفي عصره ظهرت العباسية، وذلك أنه لما قتل يحيى بن زيد عليهما السلام، خرج أبو مسلم الخراساني زاعماً أنه آخذ بثأر أهل البيت، ثم وضع الملك في العباسية، وسلط الله عليه الملك الثاني فقتله.
وكان عدة ملوك بني العباس سبعة وثلاثين ملكاً، أولهم أبو العباس السفاح، واسمه كاسم أخيه عبدالله، وقد سبق نسبهم، وهو الذي أنشده بعض الشعراء - وكان أبقى من بني أمية بقية بعد أن رفع عنهم السيف - هذه الأبيات:
أصبح الملك ثابت الآساس .... بالبهاليل من بني العباس

إلى أن قال:
لا تُقِيلَنْ عبد شمس عثاراً .... واقطَعَن كل رقلة وغراس
خوفهم أظهر التودد فيهم .... وبهم منكمُ كحر المواسي
أقصهم أيها الخليفة واقطع .... عنك بالسيف شافة الأرجاس
واذكروا مصرع الحسين وزيداً .... وقتيلاً بجانب المهراس
..إلى آخرها.
ثم قتلهم، ولم يبق إلا من له فسحة في الأجل، وانتقم الله منهم، ?وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا? [الأنعام:129]، وبعد أن تمكنوا، وقع منهم الإغلاظ على آل محمد، والقتل والتشريد، كما قال أبو فراس:
ما نال منهم بنو حربٍ وإن عظمت .... تلك الجرائم إلا دون نيلكم(1/77)


وامتد زمن العباسية إلى أن خرج التتر إلى بغداد، فسلطهم الله عليهم، وقتلوا المستعصم العباسي، في اليوم الذي قتل فيه الإمام المهدي أحمد بن الحسين عليه السلام، والمستعصم آخر ملوك بني العباس، وقتل التتر في بغداد ونواحيها ألف ألف وثمانمائة ألف، وأخربوا أكثر الأرض، وقد أشار إلى خروجهم الوصي صلوات الله عليه في بعض خطبه.
وكانت مدة ملك العباسية خمسمائة سنة، ثم من بعد صار الملك في الجراكسة والأتراك، وكان ظهور علوي البصرة في أيام المهتدي العباسي، وهو الرابع عشر من بني العباس، وعلوي البصرة هو: علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي السجاد بن الحسين بن علي، ولم يرتض أهل البيت سيرته، سلطه الله على ظلمة بني العباس قتل من جنودهم مائتي ألف وخمسين ألفاً، وقيامه سنة ست وخمسين ومائتين.(1/78)


محبس الهاشمية ومن قتل فيه من أهل البيت عليهم السلام
وفي أيام أبي الدوانيق الملك الثاني من بني العباس، قتل: عبدالله بن الحسن بن الحسن، سنة خمس وأربعين ومائة، عن خمس وسبعين سنة. وأقام في الحبس ثلاث سنين، أفاده في المقاته.
وفيه بسند صحيح عن يحيى بن عبدالله بن الحسن، قال: لما حبس أبي عبدالله بن الحسن وأهل بيته جاء محمد بن عبدالله إلى أمي، فقال: يا أم يحيى ادخلي على أبي السجن، وقولي له: يقول لك محمد بأنه يقتل رجل من آل محمد خير من أن يقتل بضعة عشر رجلاً، فأتيته، فدخلت عليه السجن، فإذا هو متكئ على برذعة في رجله سلسلة، قالت: فجزعت من ذلك، فقال: مهلاً يا أم يحيى فلا تجزعي فما بت ليلة مثلها، قالت: فأبلغته قول محمد، قالت: فاستوى جالساً، ثم قال: حفظ الله محمداً، لا ولكن قولي له: فليأخذ في الأرض مذهباً فوالله ما نحتج عند الله غداً إلا أنا خلفنا وفينا من يطلب هذا الأمر.
وفيه بسنده قال: حدثني عيسى بن زيد، قال: حدثني صاحب محمد بن عبدالله أن محمداً وإبراهيم كانا يأتيان أباهما معتمين في هيئة الأعراب فيستأذنانه في الخروج، فيقول: لا تعجلا حتى تملكا، ويقول: إن منعكما أبو جعفر أن تعيشا كريمين، فلا يمنعكما أن تموتا كريمين.(1/79)


وفي الهامش: ابن الأثير (5/11)، والطبري (9/ 194)، وفيه قال: حدثني أحمد بن محمد بن سعيد، قال: أخبرنا يحيى بن الحسن، قال: حدثنا غسان بن أبي غسان من بني ليث، قال: حدثني أبي عن الحسن بن زيد، قال: دخلنا على عبدالله بن الحسن بن الحسن بعثنا إليه رياح نكلمه في أمر ابنيه، فإذا به على حقيبة في بيت فيه تبن، فتكلم القوم حتى إذا فرغوا من كلامهم أقبل عليَّ، فقال: يا بان أخي والله لبليتي أعظم من بلية إبراهيم صلى الله عليه وآله وسلم، إن الله عز وجل أمر إبراهيم أن يذبح ابنه، وهو لله طاعة، قال إبراهيم: إن هذا لهو البلاء المبين، وإنكم جئتموني تكلموني في أن آتي بابنيَّ هذا الرجل فيقتلهما وهو لله جل وعز مصيبة، فوالله يا ابن أخي لقد كنت على فراشي فما يأتيني النوم، وإني على ما ترى أطيب نوماً.
حدثنا علي بن العباس، قال: أنبأنا بكار بن أحمد، قال: حدثنا الحسن بن الحسين عن سليمان بن نهيك، قال: كان موسى وعبدالله ابنا جعفر عند محمد بن عبدالله، فأتاه جعفر فسلم، ثم قال: تحب أن يصطلم أهل بيتك، قال: ما أحب ذلك، قال: فإن رأيت أن تأذن لي فإنك تعرف علتي، قال: قد أذنت لك، ثم التفت إلى محمد بعد ما مضى جعفر إلى موسى وعبدالله ابني جعفر، فقال: الحقا بأبيكما فقد أذنت لكما، فانصرفا فالتفت جعفر فقال: ما لكما؟ قالا: قد أذن لنا، فقال جعفر: ارجعا فما كنت بالذي أبخل بنفسي وبكما عنه، فرجعا فشهدا محمداً.(1/80)

16 / 101
ع
En
A+
A-