الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
هو: أبو الحسن علي بن أبي طالب عبد مناف ـ وقيل في اسمه: المغيرة ـ بن عبد المطلب شيبة الحمد ـ وقد قيل في اسمه: عامر بن هاشم أبي نضلة عمرو العلاء ـ بن عبد مناف ـ وهو: المغيرة ـ بن قصي ـ وهو: زيد ـ بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن الب بن فِهْر بن مالك بن النَّضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نِزَار بن معد بن عدنان.
وأمه: فاطمة بنت أسد بن هاشم. فهو يلتقي مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى أهله مِنْ قِبَل الأب في عبد المطلب، ومن قِبَل الأم في هاشم، وهي أوَّلُ هاشمية وَلَدَت لهاشميّ.
وولدته صلوات اللّه عليه في الكعبة؛ لأنه لما ضربها الطَّلْقُ واشتد بها، لجأت إليها اعتصاما ببركتها، فولدته عليه السلام فيها، ثم أسلمت، وهي أول امرأة بايعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله لما دعا النساء إلى البيعة، وهاجرت إلى المدينة، وتوفيت بها، وكَفَّنها رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله بقميصه، واضطجع في لحدها، وقال: " أما قميصي فأمان لها يوم القيامة، وأما اضطجاعي في قبرها فليوسع اللّه ذلك عليها ".(1/21)
[مولده]
ذكر أصحاب التاريخ أنَّه عليه السلام ولد في اليوم السابع من أيلول، وأنشدني إسماعيل بن عباد أبو القاسم إسماعيل بن عباد نفع اللّه بصالح عمله في هذا المعنى لنفسه:
يا مُغْفِل التاريخ من جهله .... وليس معلومٌ كمجهولِ
إنَّ علي بن أبي طالب .... مَوْلِدُهُ سابعُ أيلولِ
وقال لي: كان يَزِلُّ هذا التاريخ عن حفظي؛ فأردت أن أقيده بالشعر فنظمته.
وسبق عليه السلام إلى الإسلام جميع الرجال، لأنه أسلم يوم الثلاثاء ثاني مبعث النبي صلى اللّه عليه وعلى أهله، وله اثنتا عشرة سنة، وقيل: ثلاث عشرة سنة، ولم يخالف في هذا إلا بعض من لا يعتد بقوله من معاندي النواصب، وكان النبي صلى اللّه عليه وعلى آله أخذه من أبي طالب تخفيفا عنه في سَنَةَ القَحْطِ، فربَّاه في حجره المطهر صلى اللّه عليه وعلى آله؛ فَتَخَلَّق بأخلاقه، وظهرت فيه آثار بركاته.
وَزَوَّجَه صلى اللّه عليه وعلى آله فاطمة صلوات اللّه عليهما في آخر صفر سنة اثنتين من الهجرة، وبنى بها بعد بدر بأربعة أشهر، وكان خطبها أبو بكر وعمر، فقال لهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله: " أنتظر القضاء ".(1/22)
بيعته عليه السلام
بويع له عليه السلام بالخلافة يوم الجمعة بعد العصر بالمدينة في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله، لثماني عشرة خلت من ذي الحجة ـ على أثبت الروايات ـ سنة خمس وثلاثين من الهجرة، وهو اليوم الذي قُتِلَ فيه عثمان، وبويع له أيضا من غداة يوم السبت، وروي أن البيعة امتدت ثلاثة أيام، وأن ابتداء البيعة كان في حائطٍ لبني مازن، وقد كان خرج إلى هناك هارباً مما كان يُلْتمَس منه من البيعة، ثم جاؤا إلى المسجد فبايعوا هناك البيعة العامة.
وأول من بايعه: طلحة، ثم الزبير، ثم من حضر من المهاجرين والأنصار والعرب والعجم، وقد كان يأخذ البيعة على النَّاس: عمار بن ياسر، وأبو الهيثم بن التَّيِّهان.(1/23)
صفته عليه السلام
قال أبو إسحاق السبيعي ـ فيما روينا عنه ـ: أدخلني أبي المسجد يوم الجمعة، فرفعني حتى رأيت علياً شيخ أصلع، ناتي الجبهة، عريض ما بين المنكبين، له لحية قد ملأت صدره، في عينه اطْرِغَاش ـ قال داود بن عبد الجبار راوي الخَبَر عن أبي إسحاق: يعني لِيْناً في العين ـ، فقلت لأبي: من هذا يا أبه؟ فقال: علي بن أبي طالب، ابن عم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله، وخَتَن رسول اللّه، وأخو رسول اللّه، وأمير المؤمنين.(1/24)
مدة خلافته عليه السلام بعد البيعة
كانت البيعة ـ كما ذكرنا ـ يوم الجمعة لثماني عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين من الهجرة، وضُرِبَ ليلة الجمعة لتسع عشرة خلت من شهر رمضان.
توفي ليلة إحدى وعشرين من الشهر على أثبت الروايات، سنة أربعين من الهجرة، فكانت هذه الخلافة أربع سنين وتسعة أشهر وأياما على أصح الروايات.(1/25)